08‏/02‏/2014

انعكاسات مقررات اتفاقية بازل III على النظام المصرفي الاسلامي



إن مشكلة المصارف الإسلامية مع معايير «بازل 3» لا تتعلق بالأخطار لأن هذه المصارف لا تغامر كالمصارف التقليدية ولا تبيع ما لا تملك لأن الشريعة لا تسمح لها بذلك، قد تمكن المشكلة في إدارة السيولة التي توصي بها معايير بازل الجديدة التي قد تتلاءم مع المصارف التقليدية أكثر، فالمصارف الإسلامية تملك أصولاً سائلة يمكن أن تغطي بها النسبة المطلوبة كالصكوك الإسلامية مثلاً، لكن بشرط أن تلقى الاعتراف من لجنة بازل لطبيعة هذه الأصول المختلفة، وسنتناول في هذا العنصر أهم انعكاسات مقررات بازل 3  على النظام المصرفي الاسلامي والتي نوجزها في النقاط التالية:
ü إن متطلبات مقررات بازل 3 ستدفع البنوك الاسلامية  إلى بذل جهود إضافية للالتزام بها، ومنه تحسين الجوانب الفنية وتعزيز ثقافة إدارة المخاطر بها؛
ü  تؤمن لها حماية أفضل من الخسائر أو أية تأثيرات سلبية لنقص السيولة؛
ü  تمكنها من تعزيز قدراتها التنافسية؛
ü  تعطيها حرية أكبر في تحديد المخاطر المتنوعة التي تواجهها؛
ü       إن مقترحات بازل 3 حول الإشراف على البنوك يمكن أن تقوي من وضع الميزانيات العمومية للبنوك الإسلامية، وأن تشعل أيضاً فتيل تغيرات أساسية في نماذج أعمالها وتسعير منتجاتها-وهذا حسب وكالة ستاندارد آند بورز -.[i]
ü       إن بعض الافتراضات في «بازل 3» يمكن أن تعوق بصورة حادة من سوق القروض بين البنوك الإسلامية حيث يمكن أن يؤدي ذلك إلى مزيد من التحديات فيما يتعلق بإدارة السيولة في البنوك الإسلامية، في وقت يتسم بالافتقار إلى فئات الموجودات السائلة وذات المخاطر المتدنية التي يمكن استخدامها من قبل هذه البنوك بهدف إدارة السيولة فيها- وهذا حسب وكالة ستاندارد آند بورز-. 
ü  انخفاض ربحية البنوك الإسلامية لاحتجاز نسب متزايدة منها للاحتياطات لاستخدامها في مواجهة الأزمات ؛
ü  ستزيد مقررات بازل 3 من السيولة غير الموظفة لدي البنوك الإسلامية ، مما يؤثر سلبا على نشاطها وربحيتها؛
ü يمكن لإطار بازل 3 أن يكون له أثر كبير في المتطلبات الرأسمالية للبنوك الاستثمارية الإسلامية، والتي بالنسبة إليها أصلاً تشكل مخاطر الأطراف التعاقدية المقابلة أكثر من 20 في المائة من إجمالي الموجودات النظامية الموزونة بحسب المخاطر.[ii]
ü  ستساهم مقررات لجنة بازل 3 في تحسين الشفافية وكفاية رأس المال في البنوك الاسلامية.
ü  إن البنوك الاسلامية ستستفيد كثيرا من هذه الاجراءات الاحترازية الجديدة لأنها أثبتت أنها يمكن أن تطبقها بكل سهولة، و أن هذه الاجراءات لا تعيق تماما أي وجه من أوجه التعامل البنكي الاسلامي نظرا لأنها تمتلك فائض سيولة مرتفعة والشكل رقم (05) يوضح ذلك، فبالنسبة لمتطلبات السيولة فقد قال محافظ البنك الوطني لماليزيا في مقابلة له مع مجلة Global Islamic Finance الصادرة في نوفمبر 2011 ، أن أغلبية المصارفي الاسلامية في ماليزيا تحتفظ بمستويات رأس مال أعلى بكثير من الحد الأدنى للتنظيمات الجديدة لبازل 3 وبالنسبة لنسبة تغطية السيولة (LCR) فمفهومها مشابه لإطار السيولة المعتمدة من قبل البنوك الإسلامية الماليزية ،[iii] ضف إلى ذلك أن النمو السريع لسوق الصكوك و توفر أدوات أخرى لتوفير السيولة ،يمكن البنوك الاسلامية من الوفاء بهذه النسبة،[iv]أما بالنسبة لنسبة صافي التمويل المستقر NSFR   فيتوقع عادل حرزي رئيس إدارة رأس مال - Dexia Credit Local – Dexia SA-أن NSFR لن تقيد المصارف الاسلامية وذلك لأنه بشكل عام أكثر من 50% من ودائع المصارف الإسلامية ذات آجال استحقاق أقل من سنة واحدة،وبالتالي فتأثير مقررات لجنة بازل 3 سيكون أقل تأثيرا بالنسبة للبنوك الاسلامية مقارنة بالبنوك  التقليدية ،[v] كما أن البنوك الإسلامية تصبح أكثر تنافسية في محيط يفرض التعامل بكل شفافية و لكن بحذر أكبر 

وفي المقابل يرى بعض المحللين عدم تلاؤم إدارة السيولة للبنوك الإسلامية مع المعايير التي توصي بها لجنة بازل 3، والتي قد تتلاءم مع العمل المصرفي التقليدي أكثر، فبالنسبة للوفاء بمتطلبات السيولة –النسب الجديدة -LCR و NSFR ،فإن المؤسسات المالية الاسلامية ونظرا لمحدودة استثماراتها قصيرة الأجل ،[i]ضف إلى ذلك عدم وجود سوق مالية اسلامية متقدمة سيؤثر على قدرتها بالوفاء بهذه المتطلبات،وبكل وضوح فإن النسبتين LCR و NSFR ليستا مصممتان للبنوك الاسلامية بل للبنوك التقليدية،فمقررات اتفاقية بازل 3 لم تأخذ في عين الاعتبار خصوصية الصناعة المصرفية الاسلامية عند اعتمادها لهاتين النسبتين ،فبالنسبة لنسبة تغطية السيولة LCR والمخصصة للمدى القصير ،فالبنوك الاسلامية تفتقد إلى أدوات مالية قصيرة الأجل تتوافق مع الشريعة الاسلامية للوفاء بهذه النسبة،اما بالنسبة لنسبة صافي التمويل المستقر  NSFR والمخصصة للمدى المتوسط والطويل فلا تتوفر البنوك الاسلامية على مطلوبات طويلة الأجل يمكن سحبها في الأجل القصير .[ii]
ü  عدم اعتراف لجنة بازل لطبيعة الأصول المختلفة كالصكوك الإسلامية. [iii]
ü إذا ما قارنا تأثيرات مقررات بازل 3 بين البنوك الاسلامية والتقليدية بالنسبة للوفاء بمتطلبات السيولة – النسبتين LCR و NSFR- فإننا نجد أن هناك تشويه كبير للمنافسة نظرا لعدم وجود سيولة قصيرة الأجل في أدوات التمويل الاسلامي وفي المقابل أن البنوك التقليدية ليست لديها أية قيود في الحصول على السيولة قصيرة الأجل.[iv]
ü أن مقررات لجنة بازل لم تأخذ في الاعتبار طبيعة المصارف الإسلامية، حيث يجب على المصارف الإسلامية أن تلتزم بنسبة كفاية أرس المال وهي 10.5%حتى تتمكن من الدخول للأسواق المالية العالمية.
الخاتمة
تتعرض البنوك الإسلامية كغيرها من البنوك لمجموعة من المخاطر المصرفية، وتتزايد حدة هذه المخاطر على البنوك الإسلامية نظرا لالتزامها بقواعد الشريعة الإسلامية وغموض علاقتها مع البنوك المركزية في أغلب البلدان التي تنشط فيها، وقد سعت البنوك الإسلامية للالتزام باتفاقيات مقررات لجنة بازل ، إلا أنها تواجه مشاكل عديدة في تطبيق نصوص هذه الاتفاقية نظرا لاختلاف طبيعة نشاطها عن البنوك التقليدية، واعتمادا على ما جاء في المحاور السابقة من تقييم لتأثير اتفاقية بازل 3 على النظام المصرفي الاسلامي ، قمنا بوضع وتسطير جملة من الاقتراحات والتوصيات التي رأيناها مناسبة ومن أهم هذه التوصيات والاقتراحات نذكر:
-  يجب على مجلس الخدمات المالية الاسلامية تعديل مقررات لجنة بازل 3 وفقا لخصوصية وطبيعة عمل البنوك الاسلامية،من أجل السماح للبنوك الإسلامية من اعتماد هذه المعايير الدولية الجديدة، بما يساعد على تطويرها وتعزيز تنافسيتها؛
-  أن تتمسك البنوك الإسلامية فعليا بقواعد الشريعة الإسلامية للصمود في وجه البنوك التقليدية؛ لأن الالتزام بقواعد الشريعة الإسلامية يعتبر ميزة تنافسية هامة بالنسبة لها في مواجهة منافسة البنوك التقليدية؛
-  محاولة العثور على بعض الحلول من أجل تحسين سيولة البنوك الاسلامية في الأجل القصيرة لتسهيل ادارة السيولة بها وللوفاء بمتطلبات السيولة  وفقا مقررات بازل 3، وهذا من خلال خلق أسواق مالية إسلامية تقدم خدمات وأدوات مالية متوافقة مع الشريعة الاسلامية، حيث تهدف هذه الأسواق إلى تعزيز تدفقات الاستثمار عبر الحدود، والروابط الدولية والاستقرار المالي،وتشجيع التعاون فيما بين البلدان الأعضاء في تطوير صناعة الخدمات المالية الإسلامية.
-     تعزيز الكوادر البشرية وتأهيلها للإشراف على مختلف المخاطر، وتطوير قدراتهم في هذا المجال؛
تطوير أدوات وأنظمة قياس المخاطر وفقا لطرق التقييم الداخلي،للاستفادة من مزايا هذه الطريقة من طرف البنوك الإسلامية


[i] -GLOBAL ISLAMIC FINANCE INDUSTRY,op cit, p37.
[ii]- Adel HARZI ,op cit, p 14.
[iii] - محمد بن بوزيان، بن حدو فؤاد، عبد الحق بن عمر، مرجع سابق.
[iv]-Adel HARZI ,op cit, p14.




[i] -محمد الخنيفر، مرجع سابق.

[ii] - المرجع السابق .

[iii] - Adel HARZI ,The impact of Basel III on Islamic banks:A theoretical study and comparison with conventional banks, Paper presented first time at the research chair ”ethics and financial norms” of University Paris 1 La Sorbonne and the King Abdul University (Jeddah), p14.
[iv] - GLOBAL ISLAMIC FINANCE INDUSTRY, Islamic Financial System and Financial Stability, GIFF 2012, p37
[v] - Adel HARZI ,op cit, p p14-15.