في إطار ما يحدث حولنا من تغيرات وتطورات جد سريعة ومتتالية في مختلف
المجالات على المستوى المحلي والإقليمي و العالمي، فإننا نرى حقيقة واضحة
تؤكد لنا أننا نعيش في عالم غير مستقر. وعالم المنافسة الشرسة والمتغيرات
المتعاظمة والتطورات التكنولوجية التي تجعل المؤسسات في موقف صعب، حيث لا
يكفي مستوى الأداء العادي لمواجهة .أعاصير التغيير والمنافسة وتطلعات
الزبائن المتصاعدة ، وبالتالي يجب على المؤسسات أن تكون يقظة باستمرار
لمواكبة تلك التغيرات والتعامل معها بلباقة ، خصوصا وأن مؤسساتنا دخلت في
القرن الحادي والعشرون فوجدت نفسها في عالم تغير كثيرا عن ذلك الذي كان في
الربع الأخير من القرن العشرين ،
عالم هذه أهم خصائصه :
- من أسواق محلية إلى أسواق عالمية أنشأتها الجات والتكتلات الإقليمية .
- من مؤسسات متنافسة في ساحة الأعمال المحلية أو العالمية إلى مؤسسات متحالفة .
-
وتحول العميل من عميل محلي إلى عميل عالمي بفعل ثورة التكنولوجيا وسطوة
الانترنت التي نقلت العميل أينما كان إلى كل البائعين في العالم بضغطات
على فأرة جهاز الحاسوب .
-
وتحولت معايير الجودة من معايير محلية يضعها جهاز المواصفات والمقاييس
المحلي بكل دولة إلى معايير عالمية "ISO" تضعها المنظمة العالمية للتقييس.
وفي
الوقت الذي يزداد فيه الصراع بين المتنافسين واتساع الفجوة بين الدول
المصنعة والدول المستهلكة . كيف تخرج الجزائر من هذا المأزق؟ . وهل ترضى
أن تبقى بعيدة عن التقدم التكنولوجي وتعمل فقط على استيراد التكنولوجيا؟
و
تشير الخبرة العامة إلى أن المؤسسات الاقتصادية الجزائرية بصفة عامة
والصناعية منها بشكل خاص أبعد ما تكون عن السكون و إن أي مؤسسة مهما كانت
إمكانيتها أو قدراتها لا تستطيع المحافظة على موقعها التنافسي في السوق
بالركون إلى ذات الأساليب والإستراتيجيات التقليدية على عصر الثورة
التكنولوجية ، حتى ولو كانت ناجحة بل لا بد للمؤسسات - لكي تبقى- في ساحة
التنافس أن تتميز بالإبداع التكنولوجي الذي يعتبر أحد أهم الركائز لبناء
وتعزيز القدرة التنافسية لهذه المؤسسات ، إذ أن الإبداع التكنولوجي يمكن
المؤسسات من :
- تقديم تيارات مستمرة ومتدفقة من المنتجات الجديدة.
- إنتاج منتجات عالية الجودة وبتكاليف منخفضة، وتسليمها في الآجال المحددة.
-
تطوير وسائل وآليات ونظم للإنتاج تتسم بالسرعة والمرونة ووفرة الإنتاج
وارتفاع الجودة، مما يتيح لإدارة المؤسسات فرصا وإمكانيات غير مسبوقة في
تنويع الإنتاج وتطوير خطوط المنتجات وإدخال التنويعات اللانهائية في
مواصفات المنتوج التي تتقدم بها للسوق في أوقات قياسية .
- تطوير وسائل ومنافذ جديدة لتوزيع المنتجات والوصول بها إلى المستهلكين أينما كانوا وفي كل وقت
- تسيير المعاملات الاقتصادية في البيع والشراء وتبادل المعلومات وتكامل الخدمات وهذا كله من خلال شبكة الانترنت.
- التوسع في نظم الشراء والإنتاج في الوقت المحدد (just-in-time ) .
وبالتالي
يمكن القول بأن الإبداع التكنولوجي يمنح للمؤسسات ميزة تنافسية طويلة
المدى، وفى الجزائر نجد بأن المؤسسات الوطنية هي تسعى جاهدة من أجل القيام
بالإبداع التكنولوجي، وذلك من خلال لجوءها إلى العديد من المصادر، إذ
تمكنت هذه المؤسسات من تكوين إرث تكنولوجي معتبر و إنشاء العديد من
القواعد التكنولوجية و العلمية ، لكن هذا يبقى قليل أمام الثورة
التكنولوجية المتسارعة. وبالتالي يجب على المؤسسات الاقتصادية في الدول
النامية بشكل عام، وفي الجزائر بشكل خاص القيام ببلورة سياسة حقيقية
للإبداع التكنولوجي من أجل بلوغ المركز التنافسي الاستراتيجي المرموق.
وجاء
هذا المقال ليسلط الضوء على موضوع الإبداع التكنولوجي و دوره في تعزيز
تنافسية المؤسسات الوطنية و ذلك من خلال العناصر التالية:
- مفهوم الإبداع التكنولوجي
- تعريف التنافسية و الميزة التنافسية.
- تأثير الإبداع التكنولوجي على: التكلفة، التمييز، التركيز.
- تأثير الإبداع التكنولوجي على المنافسة السوقية.
- واقع الإبداع التكنولوجي في مؤسسة صناعة الكوابل الكهربائية ببسكرة (ENICAB).
1.مفهوم الإبداع التكنولوجي:
كثيرا
ما يتم استعمال كلمة الإبداع للدلالة على كل شيء جديد و فريد من نوعه،
بالإضافة إلى ذلك فإنه يشمل الأفكار البارعة و النيرة و الفنون الرائعة. و
ما يجب الإشارة إليه هو أن الإبداع ليس هبة منحت لمجموعة قليلة مختارة من
الأفراد، فكل فرد يولد و بداخله طاقة إبداعية هائلة .
إذن
يمكن القول أن الإبداع هو" كل الأعمال التي يقوم بها الأفراد و المؤسسات
بطريقة مباشرة أو غير مباشرة للحصول على نتائج إيجابية في كافة الميادين "1.
أما
في ما يخص كلمة التكنولوجيا فإنها تشير إلى "جملة المعارف و الخبرات
والممارسات التقنية و العلاقات المتبادلة بين الأنظمة الفرعية للعمل، حيث
تطبيقها يساهم في إشباع الحاجات الإقتصادية والإجتماعية، الحقيقية
والمتوقعة" 2.
إذن
بعدما تطرقنا إلى تعريف الإبداع و التكنولوجيا كلا على حدا، الآن يمكن أن
نعرف الإبداع التكنولوجي على أنه كل جديد أو كل تحسين صغير أو كبير في
المنتجات وأساليب الإنتاج الذي يحصل بمجهود فردي أو جماعي، والذي يثبت
نجاحه من الناحية الفنية أو التكنولوجية وكذلك فعاليته من الناحية
الإقتصادية (تحسين الإنتاجية وتخفيض التكاليف)3.
ومن خلال ما سبق يمكن استخلاص خصائص الإبداع التكنولوجي وهي :
-
إن الإبداع التكنولوجي هو نتيجة تطبيق معارف فنية أو تكنولوجية معترف
بها، و معنى هذا أن كل جديد يقوم على معلومات غير دقيقة و بالتالي يؤدي
إلى نتائج غير فعالة لا يمكن اعتبارها إبداعا تكنولوجيا.
-
أن يكون الإبداع مرتبطا بالإنتاج والإنتاجية، أي أن كل إبداع لا يؤدي إلى
تحسين عملية الإنتاج أو استخدام عناصر الإنتاج، ولا حتى في توفير منتجات
جديدة أو تحسين المنتجات المتواجدة لا يعتبر إبداعا تكنولوجيا بالمعنى
الصحيح.
-
إن الإبداع التكنولوجي بدون انتشاره في الأسواق يكون محدود الفعالية و
الكفاءة حسب النظرة الشومبيترية، فإن الإبداع التكنولوجي هو عامل أساسي في
المنافسة و بالتالي في ديناميكية السوق الحرة، وحتى تتحقق التنمية
الاقتصادية الشاملة لا بد من أن يكون له أثار أوسع .
-
إن المجهودات الإبداعية التي تؤدي إلى عدم التحكم في التكاليف ليست
إبداعات تكنولوجية، و النقطة الأساسية هنا هي أن الإبداع التكنولوجي يحمل
في طياته المنافسة في التكلفة النهائية.
2. تعريف التنافسية و الميزة التنافسية:
2-1 تعريف التنافسية :
يعد
مصطلح التنافسية خاصة في أيامنا هذه من بين المصطلحات الأكثر تداولا لدى
المفكرين الاقتصاديين و السياسيين بل أكثر من ذلك لدى مختلف الأفراد مهما
اختلفت مهنهم، فالأهمية المتزايدة لهذا المصطلح لن تمر دون إثارة العديد
من التساؤلات لدى الباحثين و الكثير من الانشغالات والاهتمامات لدى كافة
المجتمعات المدنية.
و
من الملاحظ بأن النقاش حول مسالة التنافسية تم التطرق له خلال الثمانينات
من القرن العشرين في الولايات المتحدة الأمريكية عقب أزمة الإنتاجية التي
آل إليها الاقتصاد الأمريكي، وكان لهذه الأزمة السبب في تقهقر المؤسسات
الأمريكية أمام منافسيها الأوربية والأسيوية4.
وما يجب الإشارة إليه هو أن ليس هناك تعريف محدد ودقيق للتنافسية ويمكن
توضيح ذلك من خلال العديد من الكتابات والنقاشات التي قام بها العديد من
المفكرين حيث نجد: 5
×
هناك من يعرف التنافسية على أنها : " القدرة على تزويد المستهلك بمنتجات
وخدمات بشكل أكثر كفاءة وفعالية من المنافسين الآخرين في السوق الدولية ".
×
كما أنها تعرف أيضا : بأنها : " القدرة على إنتاج السلع والخدمات
بالنوعية الجيدة, والسعر المناسب, وفي الوقت المحدد, وهذا يعني تلبية
حاجات المستهلكين بشكل أكثر كفاءة من المؤسسات الأخرى."
في
حين نجد Ricardo Petrella في مقالة :" L’évangile de la compétitivité "
أن التنافسية لا تعدو وأن تكون أسلوب يسلكه الاعوان الإقتصاديين في محيط
الأسواق التنافسية , وكل عون وعلى وجه الخصوص – المؤسسة- تبحث عن وضعيات
ومزايا تنافسية في ظل احترام القواعد المحددة ومع توفر كافة الشروط
العادلة للجميع.6
ويعتبر
تعريف Laura D’andrea Tyson من أكثر تعريفات التنافسية رواجا حيث أن : "
التنافسية هي قدرتنا على إنتاج منتجات وخدمات تنجح في اختبار المنافسة
الدولية في حين يتمتع مواطنونا بمستوى معيشة متنام ومستديم على حد سواء7.
إذن
في الحالة العامة نجد بأن التنافسية هي قدرة المؤسسة على تحقيق ميزة
تنافسية على منافسيهـا, هذا إما عن طريق السيطرة بالتكاليف أو عن طريق
التمييز، وفي هذا السياق حاول مايكل بورتر أن يبرهن على التكلفة المنخفضة
والتمييز يمكن اعتبارهما استراتيجيتين أساسيتين لخلق القيمة وتحقيق
المزايا التنافسية في مجال صناعي معين، وطبقا لما قاله بورتر, نجد أن
المزايا التنافسية تتوافر مع المؤسسات القادرة على خلق قيمة متفوقة, ولا
شك أن السبيل لخلق هذه القيمة يتجسد في خفض معدلات هيكل التكلفة أو تمييز
المنتج بطريقة تؤدي بالمستهلكين أن يولونه مزيدا من القيمة, ومن ثم
استعدادهم لدفع سعر عالي .8
2.2- مفهوم الميزة (الأفضلية) التنافسية:
أحد
المصطلحات المرتبطة بالتنافسية والذي ظهر خلال الثمانينات أيضا من القرن
الفارط هو الميزة التنافسية إذ تعتبر هذه الأخيرة المنهاج الأمثل والأحسن
لتحسين وتعزيز القدرة التنافسية للمؤسسات الإقتصادية هذا في ظل التحولات
والتطورات الكبيرة التي يشهدها محيط المؤسسات في الوقت الحالي. ولذلك فإن
المؤسسات تحاول جاهدة الحصول على هاته المزايا ( تحقيق مزايا تنافسية)
وهذا بعد تجنيدها لكافة الوسائل والإمكانيات، ويمكن تعريف الميزة
التنافسية على أنها تمتع المؤسسات بقدرة خاصة ناشئة عن امتلاكها موردا
متميزا يكون مرشدا أساسيا في اختيار قوتها الدافعة عند صياغة
الإستراتيجية المناسبة وهذا ما يُمَكِنْ المؤسسة من تقديم منتجات ذات
قيمة ومنافع للعملاء وتفضل عما يقدمه المنافسون الآخرون فتأكد التمييز و
الاختلاف عنه.9
و
هناك من يعرف الميزة التنافسية على أنها التحكم الجيد والسيطرة التامة
على عامل أو أكثر من عوامل النجاح بشكل يكون أفضل من المنافسين.10
وكذلك
فأن الميزة التنافسية هي ميزة أو قيمة لمنتج أو مؤسسة،وإنها ميزة أو سمة
متميزة أو فريدة, وهكذا تتيح تفوقا للمؤسسة في السوق وتمكنها من تعزيز
قدرتها التنافسية.11
بالإضافة
إلى ذلك فإن الميزة التنافسية لمؤسسة ما هي القوة الدافعة أو قيمة أساسية
تتمتع بها المؤسسة, وتؤثر على سلوك العملاء في إطار تعامله معها, وقد
تستمر لفترة طويلة بغض النظر عن طول أو قصر دورة حياة السلعة أو الخدمة
التي تقدمها هذه المؤسسة.12
وبشكل
عام نجد بأن جل الإدارات العليا في كافة المؤسسات الصناعية تسعى جاهدة
إلى تحقيق المزايا التنافسية من خلال ما تقدمه العمليات, إذ تشير الميزة
التنافسية على وجه العموم إلى المقدرة على تحقيق حاجات المستهلك أو القيمة
التي يتمنى الحصول عليها من ذلك المنتج.
3. تأثير الإبداع التكنولوجي على التكلفة، التمييز، التركيز :
بالنظر
من زوايا عديدة يعتبر الإبداع التكنولوجي أحد أهم الركائز الأساسية في
بناء المزايا التنافسية للمؤسسات . فإذا أرادت هاته الأخيرة أن لا تتخلف
عن السباق التنافسي فإنه يتعين عليها اتخاذ خطوات وإجراءات لتقديم منتجات
أو لتطوير تقنيات جديدة لإنتاج هذه المنتجات بكل ثقة ومقابل تكلفة منخفضة .
وبالتالي
يمكن القول بأن الإبداع التكنولوجي هو الخيار الإستراتيجي الأكثر ضمانا
للمؤسسات في مواجهة مختلف الاضطرابات المحتملة في المحيط .
إذن
نجد بأنه على مدار مدة معقولة من الزمن يمكن النظر إلى المنافسة في كثير
من المجالات الصناعية على أنها عملية موجهة بواسطة عنصر الإبداع وان
المؤسسات التي تبادر بمنتجات جديدة وعمليات أو استراتيجيات جديدة يمكنها
غالبا تحقيق أرباح ضخمة . وهذا الاحتمال يمنح المؤسسات حافزا قويا للسعي
وراء منتجات أو عمليات و استراتيجيات مبتكرة وجديدة . وعلى سبيل المثال
لنلاحظ معدل النمو الكبير والسريع لمؤسسات عديدة مثل " آبل كمبيوتر ، ودل
كمبيوتر، وتويز يو أس ، وول مارت، وبطريقة أو بأخرى كانت كل هذه المؤسسات
تتميز بالإبداع التكنولوجي، فمؤسسة ( آبل ) كان لها السبق في تقديم
الحاسوب الشخصي، و أما مؤسسة ( دل ) قد ابتكرت أسلوب جديد لبيع الحاسبات
الشخصية ( عن طريق البريد ) ، وانفردت مؤسسة تويز يو أس بأسلوب جديد لبيع
اللعب ( من خلال محلات الخصم الكبير لبيع اللعب ) ، كما ابتكرت مؤسسة (
وول مارت ) مفهوم المتاجر الكبيرة التي تبيع وفق خصومات و أسعار منخفضة.13
وفيما يلي سنتطرق بشكل مفصل لتأثير الإبداع التكنولوجي على :التكاليف، التمييز ، التركيز .
3-1 التأثير على التكاليف:إن
الإبداع التكنولوجي الناجح يحدث ثورة في هيكل المنافسة، والعقد الأخير
شهد أشهر نتائج تلك العملية ألا وهو خفض التكاليف الثابتة للإنتاج، ومن ثم
تخفيض عوائق الدخول وتهيئة الفرصة لمؤسسات جديدة أصغر لدخول مجال
المنافسة مع مؤسسات أخرى كبيرة . في هذه الحالة يجب على المؤسسة أن تركز
جهودها على مجال البحث والتطوير من أجل تطوير المنتجات وتطوير العمليات
بغية تخفيض التكاليف، بدلا من التركيز على إبداع منتوج ذو تكاليف عالية
والذي لا يضمن تحقيق النجاح . إذن يمكن القول بأن البعد الحقيقي والفعلي
لعملية الإبداع التكنولوجي هو التخفيض في التكاليف بصفة عامة والتكلفة
الوحدوية بصفة خاصة.
لأنه
في ظل المنافسة الشرسة والحرة يحدث وان تتسابق المؤسسات على تصميم منتجات
بحيث يسهل تصنيعها وذلك بتقليل عدد الأجزاء المكونة للمنتوج والتخفيض من
الوقت اللازم لتجميع الأجزاء بما يساعد على رفع مستوى إنتاجية العامل
وتخفيض تكلفة إنتاجية الوحدة. فعلى سبيل المثال فإن " شركة تكساس انستر
ومنت" أعادت تصميم جهاز الرؤية بالأشعة تحت الحمراء الذي كانت تورده
للبنتاجون الأمريكي ليصبح مكون من 12 جزء بدلا من 47 جزء وخفضت خطوات
التجميع من 56 خطوة إلى 13 خطوة ومن ثم تخفيض الوقت المستغرق في صنع
الجهاز من 757 دقيقة إلى 219 دقيقة فقط والنتيجة بالطبع هي حدوث إنخفاض
جوهري في تكاليف الإنتاج، ومن هنا نجد من الضروري وجود تنسيق مستمر بين
جهاز الإنتاج ووحدة البحوث والتطوير لضمان رفع كفاءة التصميم وتخفيض
التكاليف .
والمجال الثاني :
الذي يستطيع الإبداع التكنولوجي بأن يساهم من خلاله في تعزيز تنافسية
المؤسسة هو أن يجعل المؤسسة رائدة في تطوير عمليات التصنيع بحيث تساعد
عمليات التطوير هذه في إعطائها ميزة تنافسية، فمثلا في صناعة السيارات نجد
بأن الميزة التنافسية لشركة تويوتا ( TOYOTA ) ترتكز جزئيا على إبداعها
لعمليات صناعية جديدة مرنة ساعدتها في تخفيض جانب كبير من التكاليف
الثابتة وإعطائها ميزة في التكلفة على منافسيها. 14
وما
يجب الإشارة إليه هو أنه إذا قامت المؤسسات العاملة في نفس المجال
الصناعي التي تعمل فيه المؤسسة محل الدراسة إلى تقديم أسعار مشابهة
لمنتجاتها، فإن المؤسسة التي تتحكم في تكاليفها ( الرائد في مجال التكلفة )
ستستمر في تحقيق أرباح أعلى من منافسيها نظرا لما تتمتع به من مزايا
التكلفة المنخفضة، وإذا ما زادت حدة المنافسة داخل مجال الصناعي، وبدأت
المؤسسات تتنافس على الأسعار نجد بأن المؤسسات ذات التكلفة الأقل( أي
المؤسسات التي تتحكم في تكاليفها) تكون قادرة على تحمل المنافسة بشكل أحسن
من المؤسسات الأخرى، نظرا لانخفاض في تكاليفها ، وإذا ما ظهرت منتجات
بديلة في السوق فإننا نجد بأن المؤسسة التي تتمتع بتكاليف منخفضة تستطيع
أن تخفض من أسعارها لحسم المنافسة لصالحها والاحتفاظ بحصة من السوق وضمان
البقاء والاستمرار.
وأخيرا يمكن القول بأن المزايا التي تحصل عليها في مجال التكاليف من جراء القيام بالإبداع التكنولوجي قد تساهم في إرساء عوائق الدخول.
3-2. التأثير على التمييز
: يتعين على المؤسسة لكي تتبنى إستراتيجية التمييز تطوير الكفاءة المتميزة
خصوصا في مجال البحث والتطوير وذلك من أجل إنتاج تشكيلة واسعة من
المنتجات تخدم شرائح أكثر من السوق، أين تمثل الخصائص والتصاميم الإبداعية
والأساليب الفنية الجديدة مصدرا لتمييز المنتجات و إنتاج سلع مميزة بجودة
عالية وتقديم خدمات مميزة وسريعة تختلف عما يقدمه المنافسين، وهاته
العوامل تعطي مبررا يدفع العملاء ( الزبائن) لدفع أسعار عالية ومميزة لهذه
السلع أو الخدمات تغطي التكاليف التي تتكبدها المؤسسة لتثبت هذه الصورة.
.15
وخلاصة القول
إن التمييز في السلع والخدمات, الذي تحققه المؤسسة من جراء قيامها
بالإبداع التكنولوجي يمكن أن يحميها من منافسيها لدرجة قد تصل إلى خلق
الولاء للعلامة من قبل الزبائن حيال منتجاتها. إذ يعتبر مبدأ الولاء
للعلامة مصدر قوة ذات قيمة كبيرة لأنه يوفر الحماية للمؤسسة في كل الأسواق
أو على كل الجبهات ويستطيع المنتجون المتميزون فرض زيادات على الأسعار،
وهذا راجع إلى أن الزبائن لديهم الاستعداد لدفع أسعار استثنائية عالية.
وفي
الأخير يمكن القول بان التمييز والولاء للعلامة قد يساهمان في خلق عوائق
الدخول في وجه المؤسسات الأخرى التي تسعى إلى الدخول في نفس المجال
الصناعي.
3-3. التأثير على التركيز
: إن الإبداع التكنولوجي يمكّن المؤسسات من تركيز جهودها على شريحة معينة
من المستهلكين وهذا من خلال التركيز على الإبداع في خطوط الإنتاج، أو
الإبداع في المنتجات أو في سوق محددة من أجل تلبية حاجتهم ورغباتهم على
أكمل وجه.
فبعدما
تنتهي المؤسسة من عملية اختيار شريحة معينة من السوق تتجه للسعي وراء
استراتيجية التركيز من خلال أسلوب التمييز أو أسلوب التكلفة المنخفضة،
فعندما تستخدم المؤسسة أسلوب التركيز على التكلفة المنخفضة فهي بذلك تدخل
في منافسة ومواجهة رائد التكلفة.
وإذا
اتجهت المؤسسة إلى استخدام أسلوب التركيز على التمييز، فإنه يصبح في
متناولها كل وسائل التمييز المتاحة للمنتج المتميز. وما يجدر الإشارة
إليه هنا هو أن المؤسسة التي تتبنى مفهوم التركيز تنافس المنتج المتميز في
شريحة واحدة أو في عدد قليل من الشرائح، فلو أخذنا شركة بورش للسيارات
نجدها تتبنى مفهوم التركيز، وهي تنافس شركة جنرال موتورز في صنف السيارات
الرياضية في سوق السيارات .
وأخيرا
نجد بأن المؤسسات التي تتبنى مفهوم التركيز تميل إلى تطوير منتجات ذات
جودة متميزة بنجاح وذلك راجع لمعرفتها وخبرتها بالمجال المستهدف. بالإضافة
إلى ذلك يمكن القول بأن المؤسسة التي تركز على نطاق محدود من المنتجات
فإن عملية قيامها بالإبداع التكنولوجي تكون أسرع بكثير مما يستطيع المنتج
الذي يتبنى إستراتيجية التمييز، إلا أن المنتجات التي تقدمها هذه المؤسسة
هي موجهة إلى شريحة معينة في السوق.
فكما
سبق وأن ذكرنا بأن الإبداع التكنولوجي له دور كبير في تخفيض التكاليف
ومساهمته في تمييز المنتجات إذن يمكن القول بأن الإبداع التكنولوجي له
تأثير أيضا على إستراتيجية التركيز ( إما من خلال التركيز على التكاليف أو
التركيز على التمييز)، ففي حالة قيام المؤسسة بالإبداع التكنولوجي من أجل
تركيزها على التكاليف لكي تحصل على ميزة تنافسية في السوق المستهدفة فيجب
عليها أن تستعمل كافة الأساليب الفنية الجديدة في عملية الإنتاج، نفس
الأمر بالنسبة للمؤسسة التي تقوم بالإبداع التكنولوجي بهدف التركيز على
تمييز منتجاتها في السوق المستهدفة، فإنها لكي تحقق ذلك يجب عليها استخدام
كافة الخصائص والتصاميم الإبداعية وطرق وأساليب العمل المختلفة.16
4. تأثير الإبداع التكنولوجي على المنافسة السوقية :
يعمل
الإبداع التكنولوجي غالبا على تكثيف القوى التنافسية في سوق المنتجات،
وتنبثق قوة الإبداع التكنولوجي على إثارة المنافسة السوقية وذلك من خلال 17:
1. الـتأثير على القوة التنافسية بين المنافسين الأقوياء.
2. التأثير على إمكانية دخول المنتجين الجدد إلى الصناعة.
3. التأثير في القوة التنافسية للمشترين والعملاء.
4. التأثير في القوة التنافسية للمنتجين والعارضين.
5. التأثير في قوة تهديد السوق بالمنتجات البديلة.
وسوف نتناول كل عامل بشيء من التفصيل كما يلي :
4-1. الإبداع التكنولوجي والقوة التنافسية بين المتنافسين الأقوياء:
1.
عندما تؤدي الإبداعات التكنولوجية إلى تخفيض التكلفة، فإنه نجد بأن
الضغوط تنمو وتزيد من أجل تخفيض الأسعار، بحيث يستطيع المنتجين (المؤسسات)
منخفضي التكلفة إستخدام سلاح الأسعار لجذب العملاء بعيدا عن منافسيهم،
وقد تحاول المؤسسات مرتفعة التكلفة الدفاع عن مساهمتها السوقية عن طريق
تخفيض الأسعار، إلا أنه تواجد مشكلة انخفاض هامش الربح، وربما تنزلق إلى
تحقيق خسائر، وبالتالي فإن التكنولوجيات المخفضة للتكاليف تدعم
الإستراتيجية التنافسية التي تستهدف الإنتاج بأقل تكلفة ممكنة على مستوى
الصناعة بأسرها، إذن إذا كانت الإبداعات التكنولوجية من النوع الذي يمكن
الحفاظ عليه بالسرية أو بحقوق الاختراع، فإن الطريق يصبح مسدودا أمام
المنافسين للحصول على تكنولوجيا مماثلة أو محاكاتها.
2.
عندما يساهم الإبداع التكنولوجي في تدعيم جودة المنتجات والمزايا
المرتبطة بأداء السلع، فإنه من يتبنى هذه الإبداعات التكنولوجية يستطيع
كسب العملاء من المنافسين بإتباع إستراتيجية قائمة على جاذبية منتجاته،
وكلما تبنت المؤسسة هذه الإبداعات مبكرا, كلما مكن ذلك من الاستفادة من
هذه الميزة, وذلك إذا لم يستطع المنافسين أن يقوموا بالتنفيذ السريع
للإبداعات التكنولوجية المناظرة.
4-2. الإبداع التكنولوجي وإمكانية الدخول المحتمل إلى السوق :
إذا
ما تمكنت المؤسسات القائمة من بناء الولاء للعلامة لمنتجاتها، وذلك من
خلال قيامها بالإبداع التكنولوجي المستمر فإن هذا الأمر يترتب عليه تقليص
المخاطر المرتبطة بدخول المنافسين الجدد على الصناعة، وعندما تتدنى تلك
المخاطر يمكن للمؤسسات القائمة أن تفرض أسعارا عالية وان تحقق أرباحا
كبيرة. ومن الواضح أنه من مصلحة المؤسسات أن تسعى وراء استراتيجيات
إبداعية تكنولوجية تتوافق مع ظهور وزيادة العوائق في وجه المؤسسات التي
تحاول دخول مجال الصناعة وفي الحقيقة هناك دليل على أن ارتفاع وقوة عوائق
الدخول يعد بمثابة المحدد الأكثر أهمية لمعدلات الربح في مجال من المجالات
الصناعية بشكل معقول . وهناك أمثلة تتعلق ببعض المجالات الصناعية التي
تبرز فيها عوائق الدخول ومن بينها نذكر مجال صناعة الدواء والطائرات وفي
الحالتين الأولى والثانية نلاحظ تمييز المنتوج والذي تم تحقيقه من خلال
نفقات كبيرة تم رصدها لعمليات البحث والتطوير والإعلان، قد أدى بدوره إلى
تحقيق الولاء للعلامة، مما صعب الأمر على المؤسسات الجديدة في دخول هذه
المجالات الصناعية بشكل مؤثر .
بالإضافة
إلى ذلك هناك العديد من الطرق التي من خلالها يستطيع الإبداع التكنولوجي
التأثير على إمكانية دخول مؤسسات جديدة إلى السوق ونذكر منها:
1.
يمكن القول بأن الإبداعات التكنولوجية تمكن المؤسسة من زيادة حواجز
الدخول إلى السوق وذلك إذا كان من الممكن الإنفراد بأساليب الإنتاج
الجديدة من خلال الاستحواذ على حقوق ملكية الإبداعات التكنولوجية. أما إذا
كان من السهل الاستحواذ على المعارف الفنية والخبرات التكنولوجية يكون من
السهل على المؤسسات الجديدة الدخول إلى السوق في ذلك الجزء من الإنتاج
المتعلق بالإبداع التكنولوجي.
2.
إن الإبداع التكنولوجي في أساليب الإنتاج يمكن المؤسسة من تغيير
الإحتياجات الرأسمالية اللازمة لدخول الصناعة وذلك من خلال :
×
حاجات المؤسسة إلى الاستثمار بكثافة وبشكل مستمر في البحوث والتطوير حتى
تستطيع أن تساير الإبداعات التكنولوجية الجديدة المتدفقة.
×
التأثير على الاستمرار الرأسمالي اللازم لبناء وتجهيز مرافق الإنتاج
الجديدة, حيث كلما زادت الإحتياجات الرأسمالية التي تستلزمها الإبداعات
التكنولوجية في الإنتاج كلما ارتفعت حواجز الدخول أمام المؤسسات الخارجية.
3.
يستطيع الإبداع التكنولوجي أن يجعل من الصعب أو من السهل على المنتجات
الصناعية منخفضة الجودة اللحاق بالمنتجات الصناعية العالية الجودة .
وفي
الحقيقة إن الإبداع التكنولوجي إذا أدى إلى رفع أو خفض حواجز الدخول أمام
المؤسسات الجديدة, فإن ذلك يعتمد على المدى الذي تستطيع عنده المؤسسات
المتقدمة تكنولوجيا من أن تمنع محاكاة تكنولوجيتها من جانب المؤسسات
المنافسة فعندما تتولد إبداعات تكنولوجية داخل المؤسسات يكون من السهل
حمايتها من التقليد و الإنفراد باستخدامها بواسطة براءات الاختراع. والجدير
بالذكر إذا كانت هذه التكنولوجيات من النوع الذي يخفض التكلفة أو يحسن من
جودة المنتج فإن المؤسسات المبتكرة تتمتع بقدرة تنافسية عالية.
4-3. تأثير الإبداع التكنولوجي على قوة المشترين ( الزبائن) :
في بعض الحالات يستطيع الإبداع التكنولوجي أن يغير من نطاق المفاوضة بين الموردين والزبائن, كما في الحالات التالية:
1.
إذا أدى الإبداع التكنولوجي إلى تنميط مجتمع معين, فإن هذا يُمَكِنْ
الزبائن من تحويل طلباتهم إلى موردين ( منتجين) آخرين بسهولة وبتكلفة أقل،
الأمر الذي بدوره يؤدي إلى زيادة قوة المفاوضة للعملاء مع البائعين حيث
يتجه الزبائن إلى الموردين الذين يقدمون أفضل الشروط.
2.
إذا ساهم الإبداع التكنولوجي في إضافة خصائص جديدة إلى المنتجات, إذ
تعتبر هذه الخصائص الأساس الذي يعتمد عليه الزبائن في اختيار المنتجات,
فسوف يؤدي ذلك إلى خلق تفضيل قوي من جانب المشترين مما يؤدي إلى تضييق
نطاق المفاوضة بين الموردين ( المنتجين) والزبائن .
4-4. تأثير الإبداع التكنولوجي على قوة المنتجين ( الموردين) :
كما
سبق الحديث عن التأثير الذي يفرضه الإبداع على قوة الزبائن, فإننا نجد
بأن الإبداع التكنولوجي له تأثيرا أيضا على القوة التفاوضية للمنتجين (
الموردين), كما في الحالات الآتية :
1.
إذا كان الإبداع التكنولوجي في مجال المنتوجات أو في أساليب الإنتاج متاح
أمام عدد كبير من الموردين فإن تنقل الزبائن من مورد لآخر يكون منخفض,
الأمر الذي يزيد من شدة المنافسة بين الموردين, ويضعف القوة التفاوضية
للموردين أمام الزبائن.
2.
إذا كان يتوفر لدى الموردين تكنولوجيات معينة متصلة بأداء سلعة أو بخصائص
محددة بها تستطيع أن تغم الزبائن على الشراء من هؤلاء الموردين, فإن ذلك
يضعهم في قمة المنافسة ويمنحهم قوة تفاوضية كبيرة مع عملائهم.
4-5. أثر الإبداع التكنولوجي على قوة تهديد السوق بالمنتجات البديلة :
قد
يساهم الإبداع التكنولوجي في تحفيز المؤسسات على إحلال أحد المداخلات محل
مدخل آخر يكون دالة لكل من : الأسعار النسبية للمدخلات, وأداء المدخلات
الجديدة, وتكلفة الإحلال بين المدخلات، أو بعبارة أخرى يساهم الإبداع
التكنولوجي في صناعات أخرى بشكل كبير في إنتاج منتجات تقدمها هاته
الأخيرة و تفي باحتياجاتها للمستهلكين بأسلوب يشبه الأسلوب الذي تفي به
منتجات الصناعة محل الدراسة .
وعلى
سبيل المثال : تنافس المؤسسات العاملة في مجال صناعة القهوة بطريقة غير
مباشرة مع أولئك العاملين في مجال صناعة الشاي و المشروبات الخفيفة ، وكل
هذه الصناعات الثلاثة تخدم المستهلكين الذين يحتاجون إلى مشروبات و إن
الأسعار التي يمكن أن تحددها المؤسسات العاملة في صناعة القهوة تتأثر
بوجود بدائل من الشاي و المشروبات الخفيفة، فإذا ارتفع ثمن القهوة بشكل
مبالغ فيه مقارنة بثمن الشاي و المشروبات الخفيفة، فلا شك أن من يشربون
القهوة فسوف يتحولون إلى البدائل الأخرى، ولقد حدثت هذه الظاهرة عندما دمر
الجو البارد كثيرا من محصول البن البرازيلي في عامي 1975 و 1976 و ارتفع
سعر البن بشكل قياسي و هذا بسبب نقص المحصول ، وبدأ المستهلكون يتحولون
إلى الشاي بأعداد كبيرة .
و
بالتالي يمكن القول بأن الإبداع التكنولوجي يمكن أن يسمح بخلق بدائل
قوية ودقيقة تمثل تهديدا تنافسيا كبيرا ، ويشكل قيودا على السعر الذي
تفرضه المؤسسة ، ومن ثم تتأخر ربحيتها . أما إذا كانت منتجات المؤسسة
ليس لها بدائل قوية إلا بشكل قليل (( بمعنى أن البدائل تشكل عامل
تنافسي ضعيف )) ومع فرض تساوي كل الأمور الأخرى ، فهنا تتهيأ الفرصة أمام
المؤسسة لرفع الأسعار وجني أرباح إضافية .
5. واقع الإبداع التكنولوجي في مؤسسة ENICAB :
1.5- التكنولوجيا المستوردة ودورها في الإبداع التكنولوجي :
إن
الجزائر بدأت في عملية استيراد التكنولوجيا مع بداية سياسة التصنيع. ولهذا
الاعتبار أقامت عدة علاقات مع العديد من الدول, وخاصة الغربية منها
للاستفادة من هاته التكنولوجيا. وفي هذا الإطار قامت مؤسسة صناعة الكوابل
الكهربائية ببسكرة منذ نشأتها في 1980 بالحصول على التكنولوجيا بشتى
أنواعها من الدول الأجنبية من أجل إنتاج منتجات متنوعة وذات جودة عالمية.
ومن أهم الموردين الذين تتعامل معهم المؤسسة في حصولها على التكنولوجيا نذكر :
SKET
وهي شركة ألمانية اهتمت بدراسة وتجهيز المشروع بأجهزة الإنتاج وتدريب
اليد العاملة المحلية بألمانيا, بالإضافة إلى بعض الموردين الآخرين,
كإيطاليا, يوغوسلافيا....إلخ.
ويتمثل البرنامج التكنولوجي للمؤسسة في :
× تجهيز المؤسسة بكافة التقنيات والآلات .
× تبني سياسة جادة لتكوين اليد العاملة المحلية في ألمانيا من أجل التحكم في التكنولوجيات المستوردة حتى 1987.
× الحصول على المعرفة الفنية المتعلقة بتكنولوجيا المنتوج وأساليب الإنتاج.
× تنمية الموارد البشرية وتطويرها.
وكان
هدف مؤسسة صناعة الكوابل ببسكرة من وراء استيراد التكنولوجيا هو تطوير
سياسة الإبداع التكنولوجي للمؤسسة الذي من شأنه يعزز من قدرتها التنافسية.
وذلك من خلال :
· رفع الإنتاج أو تحسينه من حيث الكمية والنوعية.
· رفع المستوى الفني لليد العاملة المستعملة.
· دفع و تحفيز الطاقات على الإبداع انطلاقا من قاعدة فنية معترف بها.
· إنشاء هياكل للتفكير وخلق أجواء للإبداع الملائم للظروف والمعطيات المتعلقة بالمؤسسة.
· تحسين قدرات الاستقبال, بما في ذلك كفاءات وخبرات المسيرين والمهندسين الفنيين.
· ضمان وتحقيق أدنى تكلفة وحدوية للمنتجات.
· سرعة الاستجابة لحاجات الزبائن.
وبعد
استعراض واقع المؤسسة وجدنا بأن كل الطاقات التكنولوجية التي حصلت عليها
المؤسسة كان لها الدور الأساسي في تحقيق الأهداف المرجوة وذلك من خلال
إنتاج منتجات ذات جودة عالمية, وبأسعار تنافسية, وفي الآجال المحددة.
2.5- تقييم الإرث التكنولوجي للمؤسسة :
كما
سبق وأن أشرنا بأن التكنولوجيا هي جملة المعارف والخبرات المتراكمة
والمتاحة والأدوات والوسائل المادية والتنظيمية (الآلات) اللازمة لإنتاج
المنتجات قصد تلبية حاجات ورغبات المستهلكين، فمؤسسة صناعة الكوابل
الكهربائية ببسكرة تمتلك تكنولوجيا عديدة يمكن تقسيمها إلى :
أ.التقنيات:يوجد
لدى المؤسسة إرث كبير من التجهيزات والمعدات والآلات حيث أن أغلبها تم
اقتناءه في الثمانينات, وهذا ما يدل على أن العمر الإنتاجي لهاته الآلات
قد انتهى وبالتالي فالمؤسسة تقوم دائما بالصيانة المستمرة من أجل ضمان
السير العادي لهاته الأخيرة. ويمكن القول بأن هذه الآلات في حاجة إلى
استثمار لتجديد البعض منها. لكن في السنوات الأربعة الأخيرة شرعت المؤسسة
في شراء تقنيات جديدة متطورة من أجل إنتاج منتجات فريدة من نوعها.
ب. المعارف والخبرات
: نظرا للتكوين الذي تلقاه عمال مؤسسة صناعة الكوابل الكهربائية ببسكرة في
ألمانيا وهذا إثر عقود أبرمتها المؤسسة مع هاته الأخيرة المرافقة لعقود
إستيراد التكنولوجيا من نفس الدولة، بالإضافة إلى خبرة المؤسسة في هذا
المجال الصناعي, نجد بأن إطارات وعمال المؤسسة يمتلكون مهارات تقنية
وإنسانية وتنظيرية لا يستهان بها، هذا بالإضافة إلى توافرهم على معارف
إدارية معتبرة. وما يجب الإشارة إليه هو المؤسسة تقوم دائما بتحسين وتطوير
معارف ومهارات إطاراتها لكن هذا غير كافي أمام التطورات الحاصلة في
الميدان التكنولوجي.
ج. القدرة على الإدارة والتطوير
: إن قدرة المؤسسة على الإدارة هي جيدة وذلك على جميع الأصعدة. وهذا نظرا
لوجود مسيرين أكفاء متخصصين, وذوي كفاءات عالية في التسيير. أما بالنسبة
لقدرة المؤسسة على التطوير أو الإبداع التكنولوجي فهي حسنة وهذا نظرا
لمتطلبات السوق الوطنية. إذ أن المؤسسة تسعى جاهدة إلى تطوير منتجاتها من
أجل الإستجابة لحاجات الزبائن في السوق الوطنية والعالمية.
3.5- تصنيف التكنولوجيا الموجودة :
يمكن تقسيم التكنولوجيات التي بحوزة المؤسسة إلى :
أ. تكنولوجيا المنتوج
: تتميز بالتقادم حيث أن أغلبها يعود إلى 1985. لكن في السنوات الأربعة
الأخيرة شرعت مؤسسة صناعة الكوابل الكهربائية ببسكرة في اقتناء أجهزة
جديدة متطورة من أجل تقديم منتجات عالية الجودة للمستهلكين, وذات خصائص
ووظائف جديدة, كالبقاء والمرونة وقوة الاحتمال.
ب. تكنولوجيا أساليب الإنتاج
: إن المؤسسة محل الدراسة تتحكم بصفة جيدة في نظم وأساليب الإنتاج, وهذا
نظرا للخبرات والتكوينات التي تقوم بها المؤسسة من أجل إتقان استعمال
الوسائل الحالية, والتحكم في التكنولوجيات الجديدة التي تقوم على طرائق
حديثة للإنتاج.
لكن الشيء الملاحظ هو أن دورة التصنيع طويلة وهذا راجع إلى أن تكنولوجية إنتاج الكوابل تتطلب ذلك .
ج. تكنولوجيا الإعلام الآلي
: تقريبا أغلب وحدات وأقسام وإدارات المؤسسة مزودة بأجهزة الإعلام الآلي.
كما أن المؤسسة مزودة بشبكة الانترنت من أجل معرفة ما يجري حولها من
تطورات في المجال الصناعي وتعميق اتصالات
المصدر: أ. قريشي محمد
قسم علوم التسيير-- الجزائر, مجلة علوم انسانية السنة الخامسة: العدد 37: ربيع 2008