مقدمة:
باعتبار أن لكل نظام من الأنظمة الاقتصادية منطلقات نظرية،
والاقتصاد الإسلامي أحدها، تتميز السياسة النقدية في الاقتصاد الإسلامي في ظل هذه
المنطلقات عن غيرها من السياسات، حيث يمكن تعريفها بأنها: مجموعة الإجراءات والتدابير التي تتخذها الدولة عن طريق
سلطاتها النقدية، والمستمدة من أصول ومبادئ المذهب الاقتصادي للمجتمع، من أجل
إدارة كل من النقد والائتمان وتنظيم السيولة اللازمة للاقتصاد الوطني" ([i]).
هذا يعني أن الاقتصاد الإسلامي يأخذ في الاعتبار كونها غير
حيادية، على خلاف السياسة النقدية التي تستمد إجراءاتها من الأصول المذهبية
للاقتصاد التقليدي، حيث يوجد اختلاف في نوعية الإجراءات المتخذة في كلا النظامين.
وتتميز أدوات السياسة النقدية في الاقتصاد
الإسلامي بفعالية أكبر من مثيلتها في الاقتصاديات القائمة على أساس سعر الفائدة،
وذلك للعديد من الأسباب أهمها:
*اعتمادها على أداة نسبة التشارك بدلا من سعر الفائدة.
*إن التقلبات التي تحدث في الاقتصاديات الربوية من تضخم
وكساد لا مبرر
لوقوعها في الاقتصاد
الإسلامي.
*اختلاف ثقافة المجتمع الإسلامي عن ثقافة المجتمعات غير
الإسلامية.
I.
أدوات السياسـة النقديـة في الاقتصاد
الإسلامي
يهدف
البنك المركزي الإسلامي من خلال إدارة وتوجيه السياسة النقدية إلى تحقيق أهداف
الاقتصاد الإسلامي, من خلال مجموعة من الأدوات، تتنوع في هذا الإطار الذي يحرم
التعامل بالربا ويحل قاعدة المشاركة كبديل لسعر الفائدة بين مجموعتين من الأدوات،
المجموعة الأولى وهي أدوات السياسة النقدية المحايدة بمعنى أنها لا تتعارض مع
قاعدة المشاركة، ويمكن استخدامها أو تطبيقها في الاقتصاد الإسلامي دون حرج، والمجموعة
الثانية، عبارة عن أدوات قائمة على أساس سعر الفائدة بحاجة إلى تطوير بما يتلاءم وقاعدة المشاركة .
1-
أدوات السياسة النقدية المحايدة والتي لا تتعارض مع قاعدة المشاركة.
ضمن المجموعة الأولى من أدوات السياسة
النقدية المحايدة والتي لا تتعارض مع قاعدة المشاركة يمكن التمييز بين أدوات كمية وكيفية
وأخرى مساعدة والتي تعتبر معاونة للأدوات الأخرى.
1.1-
أدوات كمية وكيفية محايدة.
تهدف الأدوات الكمية إلى التأثير على كمية
أو حجم الائتمان في مجموعه بغض النظر عن وجوه الاستعمال الموجهة إليه، أما الأدوات
الكيفية فغرضها التأثير على كيفية استخدام الموارد التي تحصل عليها البنوك
التجارية من البنك المركزي، وتهدف إلى توجيه الائتمان إلى أوجه الاستعمال المرغوب
فيها.
1.1.1-
الأدوات الكمية المحايدة.
تشمل الأدوات الكمية المحايدة: الاحتياطي النقدي،
نسبة السيولة، الحد الأعلى لإجمالي التمويل.
#-
الاحتياطي النقدي الجزئي والكامل: إن
من أدوات السياسة النقدية في الاقتصاد التقليدي، عملية تعديل نسبة الاحتياطي
النقدي زيادة أو نقصانا، حسب الحالة الاقتصادية السائدة([ii]).
وتعرف نسبة الاحتياطي القانوني بأنها تلك
النسبة من النقود التي يجب على البنوك التجارية الاحتفاظ بها لدى البنك المركزي من
حجم الودائع التي تصب في تلك البنوك ([iii]). فتزداد هذه النسبة
عندما يرغب البنك المركزي تقييد كمية الائتمان التي تمنحها البنوك التجارية،
وتنخفض عندما يريد البنك المركزي حث البنوك على التوسع في الائتمان ([iv]).
أما في الاقتصاد الإسلامي فقد اهتم عدد من
الاقتصاديين بتطوير نماذج للعمل المصرفي الإسلامي، فقد تمخض عن ذلك نموذجين
متكاملين هما([v]):
- النموذج الأول:
يعتمد على المشاركة في الربح بين جانبي أصول وخصوم ميزانية المصرف من خلال ما يعرف
بالمضاربة المزدوجة، فهذا النموذج يصور دخول المودعين في تعاقد مع المصرف لاقتسام
ما يتحقق من أرباح أعماله. ويقوم المصرف بدوره بالتعاقد مع طرف ثالث
"المنظم" ويكون مستعدا لاقتسام الربح مع المصرف وفق نسبة معينة، وتخلط
أرباح البنك من مختلف أنشطته ثم تقسم بينه وبين المودعين وحملة الأسهم وفقا
للعقود.
ووفقا لهذا النموذج يحق للمصرف قبول ودائع
تحت الطلب دون فوائد على المودعين، بل قد يطلب المصرف من أصحاب هذه الودائع دفع
بعض التكاليف الإدارية، وبالرغم من أن هذا النموذج يفترض أن يكون المصرف مستعدا
لصرف أي مبلغ من الودائع الجارية إلا أن هذا النموذج لا يلزم المصارف الاحتفاظ باحتياطي
قانوني محدد، بل يشترط احتفاظ المصرف بقدر قليل من هذه الاحتياطات ليحول دون
نضوبها تحت أي ظرف، ويفترض النموذج التزام المصرف بتقديم قروض حسنة لآجال قصيرة في
حدود جزء من إجمالي الودائع الجارية.
- النموذج الثاني:
يقسم جانب الخصوم في ميزانية المصرف إلى نافذتين: إحداهما خاصة بالودائع الجارية
والأخرى بالودائع الاستثمارية. ويرجع اختيار النافذة إلى المودع، وهذا النموذج
يطالب المصارف بالمحافظة على احتياطي قانوني نسبته 100% مقابل الودائع الجارية ولا
يطالب المصرف بالاحتفاظ بأي احتياطي للودائع الاستثمارية، وقد بني ذلك على أساس أن
الودائع الجارية هي أمانات يجب أن تغطى باحتياطي نسبته100%، فهي أموال تخص
المودعين وليس هناك ما يعطي البنك الحق في استغلالها لاشتقاق ودائع اعتمادا على الاحتياطي
الجزئي، وإن الودائع الاستثمارية تودع مع علم المودعين أنها ستستثمر في مشاريع
تنطوي على بعض المخاطر، لذلك فليس هناك ما يبرر منحهم ضمانا لقيمة الودائع أو
الأرباح المتوقعة.
وفي هذا النموذج قد يطلب المصرف من
المودعين دفع رسوم لتقديمه خدمات لحسابات الودائع الجارية. ووفقا لهذا النموذج يجب
قصر تقديم القروض الحسنة للمحتاجين إليها في حدود الودائع المخصصة لهذا الغرض
بواسطة المودعين، الذين قد يعتبرون أن المصارف أقدر على تحقيق هذه الغاية ولا
تستخدم الودائع الاستثمارية لهذا الغرض.
وإنه من الواضح لدى المفكرين المسلمين أن
العقد في الشريعة الإسلامية يتشدد في تحريم استغلال الودائع وهذا عكس مفهوم
الوديعة في الغرب، إذ لا تكتف مؤسسات الإيداع بحفظ الوديعة، بل تستغلها لأغراض
تجارية، فحق الملكية في الإسلام –الذي يعد من الأمور الأساسية في فهم الاقتصاد
الإسلامي- يضع قيدا على استخدام الودائع.
#-
تعديل نسبة السيولة: تلتزم المصارف بالاحتفاظ
بنسبة معينة من التزاماتها في شكل نقد سائل سواء كانت أموالا نقدية في الصندوق أو
أموالا نقدية في طور التحصيل والأرصدة تحت الطلب المودعة لدى المصارف الأخرى وكذا
الأرصدة الموجودة لدى البنك المركزي، وتتحدد هذه النسبة عادة بالنظر إلى عدة
مؤشرات أهمها ([vi]): درجة تطور
العادات المصرفية وزيادة التعامل عن طريق المصارف...وحدود استعمال النقود السائلة في
المعاملات، ووقت تحصيل الشيكات…إضافة إلى حاجة الاقتصاد الوطني والمقدرة عن طريق
السلطة النقدية، ممثلة في البنك المركزي الذي يحدد النسبة القانونية التي يجب على
البنوك أن تحتفظ بها في شكل سائل.
وبما أن استبعاد التعامل بالفائدة –
الربا- يشكل المعلم الرئيسي للبنك الإسلامي وبدونها يصبح البنك أي شيء آخر غير
كونه بنكا إسلاميا([vii])،
فإنه من الممكن الحفاظ على مطلب نسبة السيولة كأداة للسياسة النقدية في ظل النظام
اللاربوي ولكن مع إجراء تغيير وحيد، هو أن السندات المحتفظ بها في محافظ أوراق
المصارف، يجب أن لا تحمل فائدة، إذ بعد إلغاء الفائدة يطلب من المصارف أن تستبدل
ما في حيازتها من سندات حكومية وسندات أخرى متعددة تحمل فائدة بمثل تلك الأدوات
المالية التي تسمح بها أحكام الشريعة الإسلامية وتوافق عليها الحكومة لغرض تلبية
مطلب السيولة([viii]).
#-
الحد الأعلى لإجمالي التمويل: قد تضع الإدارة
النقدية سقوفا إجمالية لعمليات الإقراض والاستثمار للحد من توسع البنوك التجارية
في تقديم الائتمان وجعله في المستوى المناسب في ضوء أهداف الخطة الوطنية للاستثمار
والإنتاج وميزان المدفوعات([ix]).
وعند توزيع هذه السقوف على البنوك
التجارية يجب توجيه الاهتمام الكافي للتحقق من أن ذلك لا يضر بالمنافسة الصحية
بينهما ([x]).
ففي ظل الأنظمة
الربوية، تعاقب البنوك التي تتجاوز السقف المحدد بإيداع مبلغ لدى المصرف المركزي
يعادل مبلغ التجاوز بدون فائدة، وأحيانا تفرض فائدة جزائية على المبلغ الذي يتجاوز
به السقف، حتى تكون عمليته الائتمانية غير مربحة ويحقق خلالها خسارة لكي لا يقدم
مرة أخرى على التجاوز ([xi]).
أما
في ظل نظام المشاركة فيمكن فرض غرامة مالية، أو أي جزاء عقابي –عند تجاوز هذه
السقوف بحيث تتناسب مع المقدار الذي يزيد عن السقف الائتماني([xii]).
2.1.1-الأدوات
الكيفية المحايدة:
تتمثل الأدوات الكيفية المحايدة للسياسة
النقدية والتي لا تتعارض مع قاعدة المشاركة في تحديد أنواع ونسب الاحتياطات
النقدية المقبولة لدى المصرف المركزي وإلزام المصارف بموانع وحدود للتوظيف في
قطاعات معينة.
#-
تحديد أنواع ونسب الاحتياطات النقدية المقبولة لدى المصرف المركزي ([xiii]): بإمكان
المصرف المركزي إيجاد سلة من الإجراءات تصاغ ضمن خطة يتم تنفيذها بالتنسيق مع
الجهاز المصرفي التجاري، ومن بين الإجراءات التي يتم بواسطتها توزيع الائتمان بما
يتناسب وطبيعة الوضع الاقتصادي السائد، هو ربط مكونات الاحتياطي النقدي بأنواع
ومجالات الائتمان المقدم من قبل المصارف، بحيث ترتفع نسبة المكونات غير المرغوب
فيها قطاعيا أو زمانيا بغية تشجيع اتجاه الائتمان إلى الاستخدامات المطلوبة.
#-
التزام المصارف بموانع وحدود للتوظيف في قطاعات معينة: قد يستخدم البنك المركزي تدابير مختارة –نوعية أو كمية– لتوجيه الائتمان
لتحقيق أهداف محددة في مختلف القطاعات، وطالما أن هذه التدابير لا ترتبط بالربا
فيمكن للبنك المركزي الإسلامي أن يستمر في استخدامها لتنظيم وتوجيه الائتمان
([xiv]).
ففي ظل نظام المشاركة يمكن للمصرف
المركزي ممثلا للسلطة النقدية في الاقتصاد الوطني أن يضع سقوفا وضوابط مرشدة بغية
التوجيه الرشيد للائتمان بما يتلاءم وأهداف المجتمع([xv]).
فطالما كان الائتمان المصرفي يأتي من أموال الجمهور، فيجب توزيعه بطريقة تساعد على تحقيق الرفاهية
الاجتماعية العامة ([xvi]).
2.1-
أدوات وأساليب التدخل المباشر المحايدة.
يلجأ البنك المركزي إلى هذا النوع من
الأدوات عندما تعجز الأدوات الأخرى غير المباشرة عن تحقيق الأهداف المرجوة وذلك عن
طريق: الإقناع الأدبي، التعليمات المباشرة والأوامر الملزمة، الرقابة المباشرة وأخيرا الإجراءات الزجرية .
1.2.1-
الإقناع الأدبي.
يقوم هذا الأسلوب على قيام البنك المركزي
ممثلا للسلطة النقدية في الاقتصاد بمحاولة إقناع البنوك التجارية بما يلزم إتباعه
لمواجهة مشاكل الاقتصاد، وما يتعين عليهما القيام به في هذا الشأن ([xvii])،
وإلغاء نظام الفائدة لا يؤثر على ممارسة المصرف المركزي لهذه الوسيلة ([xviii]).
حيث يمكن للمصرف المركزي في النظام الإسلامي
أن يعتمد هذا الأسلوب مع المصارف التجارية بقصد جذبها إلى صيغة المساهمة في تنفيذ
السياسة التي يراها، فالمصارف التجارية هي وسيطة بين أصحاب الأموال وأصحاب
المشاريع، وتستطيع أن توجه الأموال إلى النشاط الذي ترغبه، وبخاصة أموال القطاع
الخاص، لأن ودائع القطاع الخاص هي في الغالب ودائع عامة لا يخصصها أصحابها للاستثمار
في مجال محدد، ومن هنا يستطيع المصرف التجاري توجيه هذه الأموال الوجهة التي قد لا
يرغبها المصرف المركزي الذي لا يمكنه فعل شيء بسبب الحرية التي تتمتع بها المصارف
التجارية في استثمار الودائع بالشكل الذي تراه مناسبا لها ولأصحاب تلك
الودائع، ولا يمكن للمصرف المركزي توجيه
الودائع إلى استثمارات معينة، إلا فيما يتعلق بودائعه هو لدى هذه المصارف، وعليه
يبقى الأسلوب الأمثل لجرها إلى صفه هو عملية الإقناع الأدبي، وذلك([xix]):
- إما
مباشرة عن طريق الاجتماع بمديري المصارف التجارية، ومناقشة أوضاع الاقتصاد معها،
والسياسات النقدية التي يتعين سلكها، إما للحفاظ على هذه الوضعية أو لتغييرها
ونوعية الإسهامات المنتظرة من المصارف التجارية.
- وإما أن يكون الإقناع
الأدبي بأسلوب غير مباشر عن طريق إطلاع تلك المصارف دوريا بواسطة النشرات على حالة
الاقتصاد وسوق النقد والإجراءات التي يجب اتخاذها للمحافظة على الوضعية أو
تغييرها، خاصة وأنه يمثل رأي الدولة وطاعتها واجبة فيما ليس فيه معصية.
2.2.1-
التعليمات المباشرة والأوامر الملزمة.
بمقتضى هذا الأسلوب يصدر البنك المركزي
القرارات الملزمة للبنوك التجارية، بما يتماشى مع متطلبات الإدارة النقدية التي
تستهدف تحقيق أغراض السياسة النقدية([xx]).
ويتخذ
هذا الأسلوب صورة القرارات ملزمة التنفيذ ، كأن يحدد البنك المركزي نصيب كل بنك في
تمويل الصناعات الصغيرة، وتخفيض القروض المقدمة لقطاع الصناعات الكمالية ...الخ،
أي اتخاذ البنك المركزي لأي قرار "إلزامي التنفيذ" يرى من شأنه أن يدعم
السياسة الاقتصادية العامة للدولة ويحقق الأهداف المسطرة([xxi]).
ولا يتأثر هذا الأسلوب بإلغاء نظام الفائدة بشكل عام، رغم اختلاف طبيعة التعليمات
الصادرة من قبل البنك المركزي في ظل نظام المشاركة، عن تلك المستخدمة في ظل النظام
الربوي التقليدي([xxii]).
3.2.1-
الرقابة المباشرة.
تتم عن طريق رقابة البنك المركزي لأحوال
البنوك التجارية ونشاطها، حتى يتمكن من توجيهها والتأثير في عملياتها وإجراءاتها
في الوقت المناسب، بما يضمن التناسق داخل النظام المصرفي لمصلحة الاقتصاد ككل وهذا
الإجراء خاصية لازمة للنظام المصرفي الإسلامي([xxiii]).
3.2.1-
الإجراءات الزجرية.
يعتبر هذا الأسلوب الأخير الذي يلجأ إليه
البنك المركزي لضمان تنفيذ السياسات النقدية من قبل البنوك التجارية، وتجاوبها مع
إجراءات البنك المركزي والتزامها بتعليماته ([xxiv]).
وتبقى هذه الوسيلة ممكنة التطبيق في ظل
نظام المشاركة، حيث يلجأ البنك المركزي للجزاءات لضمان التقيد بتنفيذ إجراءات
سياسته من قبل المصارف الإسلامية، فمن جهة يمارس حوافز الجزاءات الإيجابية، ومن
جهة أخرى يفرض إجراءات الجزاءات السلبية على المصارف التي تتهاون، ولا تتقيد
بالتوجيهات الملزمة([xxv]). والإجراءات الزجرية تكون متدرجة، بحيث لا توقع عقوبة قاسية
من المرة الأولى، فيمكن أن تتبع التسلسل التالي([xxvi]):
-
لفت
انتباه المصارف بوجوب التقيد بتعليمات المصرف المركزي، والإشارة إلى الاختراقات التي
قامت بها هذه المصارف.
-
توجيه
إنذار إلى المصارف التي تتمادى في تجاهل تعليمات المصرف المركزي، والدعوات الموجهة
لها بوجوب التقيد بالسياسة المقترحة .
-
توقيع
عقوبات مالية في شكل مبلغ معين على تماديها في تجاهل الإنذارات .
-
غلق
حسابات الودائع المركزية لديها، إلى حين تعهدها كتابة بالتزامها بتوجيهات المصرف
المركزي كغيرها من المصارف، وهذا الإجراء شديد الوطأة على المصرف التجاري، باعتبار
أن الودائع المركزية تشكل المصدر الرئيس للحصول على المال اللازم. لتلبية طلبات
رجال الأعمال.
2-
تطوير أدوات السياسة النقدية القائمة على أساس سعر الفائدة.
ليست كل أدوات
السياسة النقدية، ممكنة الاستخدام في الاقتصاد الإسلامي بما أنها محايدة بمعنى
أنها لا تتعارض مع قاعدة المشاركة أو تتوافق معها، بل هناك مجموعة أخرى من الأدوات
الكمية والكيفية قائمة على أساس الربا، وبحاجة إلى تطوير أو إصلاح حتى يمكن
استخدامها وبالتالي تحقيق أهداف السياسة النقدية في الاقتصاد الإسلامي .
1.2-
تطوير الأدوات الكمية القائمة على أساس سعر الفائدة.
من بين الأدوات الكمية للسياسة النقدية
القائمة على أساس سعر الفائدة، والتي هي بحاجة إلى تطوير بما يتلاءم أو حتى لا
تتعارض مع نظام المشاركة، سعر إعادة الخصم، عمليات السوق المفتوحة، الودائع
المركزية .
يعرف سعر إعادة الخصم على أنه سعر الفائدة
الذي يتقاضاه البنك المركزي مقابل إعادة خصمه الأوراق التجارية التي تقدمها البنوك
التجارية لخصمها والاقتراض منه، باعتباره الملاذ الأخير للإقراض ([xxvii]).
لكن أحكام الشريعة الإسلامية ترفض رفضا قاطعا لا لبس فيه استخدام سياسة سعر الخصم،
نظرا لاعتمادها على سعر الفائدة المحرم شرعا ([xxviii]).
وفي النموذج الإسلامي المقترح يهيمن المصرف
المركزي على أغلبية الودائع الاستثمارية، ومن هنا يستطيع أن يعدل من نسبة التشارك
بالشكل الذي يراه مناسبا لسير النشاط الاقتصادي في الحالات التالية ([xxix]):
#-
ميل الاقتصاد نحو الركود : عندما يميل
الاقتصاد نحو الركود يحتاج إلى الإنعاش، وفي هذه الحالة يقوم المصرف المركزي
بتخفيض نسبة التشارك على ودائعه لدى المصارف التجارية، فينخفض معدل التشارك
السوقي، لأنه إذا كان الممولون الآخرون في القطاع الخاص لا يريدون أن يتنازلوا عن
النقود التي في حوزتهم، فإن المصارف التجارية وسعيا منها لتوفير المال لرجال
الأعمال، تلجأ إلى المصرف المركزي لتوفير هذا التمويل بالمعدل المخفض، فيقل الطلب
على أموال القطاع الخاص، فيضطر إلى القبول بالنسبة التي قررها المصرف المركزي، وإلا فإن الزكاة
ستأخذ جزءا من هذا المال، وهكذا سيصبح المعدل الذي قرره المصرف المركزي هو المعدل
السوقي.
ولا يمكن القول أن النظرة التشاؤمية لرجال
الأعمال قد تحد من فعالية هذه الأداة، فهذا غير صحيح، لأن
الوضع هنا ليس مثل الوضع في النظام الرأسمالي،
ففي النظام الرأسمالي إذا لم ينجح المشروع، فإن صاحبه سيخسر جهده ويبقى
مطالبا بالقروض التي اقترضها، سواء من المصارف التجارية أو من أية جهة أخرى وذلك
طيلة حياته .
أما في النظام الإسلامي فقد لا يخسر شيئا
غير جهده، كما هو الحال في المضاربة إذا لم يثبت تعديه وإذا كان صاحب المشروع
عبارة عن شركة فلا يخسر إلا بمقدار نسبة التشارك في رأس المال، وفي كل الحالات
فإنه لن يبق مدينا برأس مال المشروع لأية جهة .
#-
ميل الاقتصاد نحو التضخم : يعني ميل الاقتصاد
نحو التضخم وجود كتلة نقدية فائضة، وبالتالي يستطيع المصرف المركزي أن يرفع من
نسبة التشارك على ودائعه، فيقل الطلب على رؤوس الأموال لاستثمارها، ومادام هو كذلك
فيعتبر من جهة أخرى طالبا للأموال من خلال شهادات الاستثمار الحكومية، فيقلل طلبه
كذلك على الأموال لاستثمارها بتقليل عرضه لشهادات الاستثمار الحكومية، وحتى لو عرض
القطاع الخاص أمواله بنسب تشارك قليلة، فإنه لا يستطيع أن يلبي كافة طلبات رجال
الأعمال، ومن ثم لابد أن ترتفع نسبة التشارك في القطاع الخاص ومن ثم في السوق .
2.1.2-
أسهم المشاركة كبديل لعمليات السوق المفتوحة في إطار نظام المشاركة.
عمليات السوق المفتوحة وسيلة مباشرة تؤثر
على حجم الائتمان بالتوسع والانكماش، وقد تتأثر هذه العمليات بسعر الفائدة السائدة
في السوق، وهي تؤثر فيه خاصة في الأجل الطويل([xxx]).
وفي
مقابل عمليات السوق المفتوحة في النظام الربوي، تستخدم في ظل نظام المشاركة وسائل
متعددة ضمن عمليات السوق، تجعله أكثر تنوعا وشمولا مما يسهل من مهمة البنك المركزي
في التأثير على حجم الائتمان وكمية النقود حسبا لمتطلبات الوضع الاقتصادي([xxxi]).
وحتى يتم تبيان هذا التنوع لابد من
الإشارة بشكل موجز إلى أهم الأوراق المالية ممكنة التداول في السوق المفتوحة في ظل
نظام المشاركة، وذلك حتى يتم إزالة بعض الغموض الذي جعل البعض يرى بأن فعالية
السوق المفتوحة في اقتصاد إسلامي ضعيفة ([xxxii]).
ذلك أنها تقتصر على بيع وشراء الأوراق المالية لأسهم الشركات التي تعمل وفقا
لأحكام الشريعة الإسلامية في سوق ضيق محدود النشاط، مما يؤدي في نظر البعض إلى عدم
فعالية سياسة السوق المفتوحة في الدول الإسلامية وخاصة في الوقت الحاضر([xxxiii]).
لكن يمكن القول بأن الأسواق الحالية
والأنظمة الاقتصادية المطبقة والمذاهب الاقتصادية المستندة إليها، مستوردة وغريبة
عن البلاد الإسلامية، وإذا تم التحدث عن البديل، فإنما يقصد به البديل الذي يترافق
مع استرجاع الأمة لسيادتها الاقتصادية وعودتها إلى تطبيق السياسات والإجراءات
للقيام بالإصلاحات الضرورية لوضع الحياة الاقتصادية في مسارها الحضاري الصحيح، لذا
فالسوق المفتوحة في هذا الإطار ليست هي السوق الحالية في المجال التطبيقي الواقعي،
بل التي يمكن إيجادها عندما يتم تطبيق البديل الإسلامي والتخلص من المناهج
الغربية، وبتفحص الوسائل والأدوات المالية المتاحة في السوق المالية المراد
إيجادها يمكن التمييز بين عدد هام من تللك الأدوات أهمها([xxxiv]):
#-
الوسائل والأدوات المالية القائمة على الملكية :
هناك أدوات متنوعة قائمة على الملكية تمكن
من تداول وثائق أو مستندات التملك –ممثلة في الأسهم والسندات- التي هي في الواقع
ملكية أعيان محددة ومعينة، وهي تخضع لقوى السوق في تحديد أسعارها، وبالتالي فإنه
يمكن بيع تلك الوثائق والمستندات بسعر السوق الذي قد يزيد أو ينقص أو يتساوى مع
ثمن شرائها أو إصدارها الأول، وأما العائد الذي ينشأ عن المستندات، فهو ما ينشأ عن
التغيرات السوقية في أسعار الأعيان، وهو ما يسمي بالعائد الرأسمالي. ومن هذه الأدوات : صكوك الإجارة، وأسهم المشاركة،
وأسهم المضاربة، وأسهم الإنتاج. وتتميز الأدوات
القائمة على الملكية بقابليتها للتداول "بأسعار تحددها قوى السوق"، دون
التقيد بالقيمة الاسمية لها، وهذا مما يمكن من قيام سوق ثانوية لها .
كما أنها لا تعتبر عبئا على الحكومة،
لأنها لا تشكل مديونية فهي من أنواع التمويل المنساب من خارج الميزانية العمومية،
وجميع تلك الأدوات ترتبط بمشروع حقيقي واستثمار مادي وليس استثمار رمزي صوري، كما
أن هذه الأدوات تتميز بأنها نوعا من الخوصصة في الملكية دون القرار الاستثماري،
فضلا عن ذلك فإن عرضها على الاكتتاب العام
يعد نوعا من أنواع الممارسة الديمقراطية
في المجتمع في مجال الاستفادة من المشروعات الحكومية.
#-
الوسائل والأدوات المالية القائمة على المديونية : ترتكز هذه الأدوات على المديونية
التي قد تنشأ عن القرض أو عن البيوع وأهمها: سندات البيع، وسندات الاستصناع،
وسندات السلم، وسندات الإجارة. وتتميز هذه الأدوات بارتباطها بالإنتاج
المادي للسلع والخدمات، ويمكن أن تقدم الضمانات اللازمة والرهون المناسبة لحامل
هذه السندات.
إن
هذا التنوع يبين بأنه يمكن ترتيب إصدار الأدوات الاستثمارية الإسلامية للمشاريع المبتدئة،
كذلك يمكن ترتيب هذا الإصدار لبعض المشاريع القائمة، وخاصة في الحالات التي تحتاج
فيها الدولة لتمويل عجز الميزانية، حيث يمكن إصدار سندات خزينة، متفقة مع الشريعة
الإسلامية بدلا من طرح سندات القروض العامة، التي تأكل فوائدها المدفوعة النسبة
العالية من زيادة الإيرادات العامة .
ومما سبق يتبين بأن البنك المركزي في ظل
نظام المشاركة، يتدخل عن طريق عمليات السوق المفتوحة لبيع وشراء الأوراق المالية،
حسبا لمقتضيات الأوضاع الاقتصادية بشكل يمكنه من التحكم في حجم التمويل، وعرض
النقود واتجاهات الاستثمار بمدى أكثر اتساعا من المدى الذي تتحرك فيه المصارف
المركزية في الأنظمة الربوية، وبتوافق تام مع المبادئ المذهبية للاقتصاد الإسلامي،
وذلك بأن تداول هذه الأدوات الاستثمارية بالبيع والشراء باعتبارها حصصا شائعة في
موجودات المشروع المعني، إنما يمثل بيعا وشراءا للحصة التي تمثلها هذه الأدوات
نسبيا في مجموع الموجودات الخاصة بذلك المشروع، وإن هذا البيع والشراء يكون من
التجارة الحلال شرعا.
3.1.2-
الودائع المركزية([xxxv]):
عند احتفاظ المصارف التجارية بنسبة 100 % كاحتياطي
قانوني على الودائع الجارية، فإنه لا يمكن لتلك المصارف اشتقاق النقود انطلاقا من
الودائع الجارية لديها، بحيث تستبدل نقود الودائع هناك –في النظام الرأسمالي-
بالنقود القانونية هنا–في النظام الإسلامي– وتكون الوسيلة إلى هذا هو قيام المصرف
المركزي بفتح حساب خاص به لدى المصارف التجارية يسمى حساب الودائع المركزية، وهي
ودائع موجهة للاستثمار عن طريق نظام المشاركة، سواء مضاربة أو مشاركة أو غيرهما،
ويقتسم المصرف المركزي الأرباح والخسائر مع المصارف التجارية والمستثمرين حسب نسبة
التشارك السائدة في السوق .
وتستعمل الودائع المركزية كأداة للتأثير
في حجم المعروض من النقود، فإذا رأى المصرف المركزي أن ظروف الاقتصاد تستدعي توفير
مزيد من النقود، أضاف إلى حجم ودائعه الكمية التي يراها مناسبة، أما إذا رأى أن
ظروف الاقتصاد تستدعي التقليل من حجم النقود المتداولة، قام بسحب الكمية المناسبة من ودائعه التي حل أجلها أو تصفيتها .
2.2-
تطوير الأدوات الكيفية القائمة على أساس سعر الفائدة .
يهدف البنك المركزي من استخدام الوسائل
والأدوات الكيفية في إطار نظام المشاركة إلى التحكم في حجم الائتمان، وتحريكه عبر
الوسائل الاستثمارية الكثيرة والمتنوعة كالمشاركات، المضاربات، والمرابحات ...الخ،
لتغطية المجالات الاستثمارية بمختلف قطاعات الاقتصاد الوطني، حسبا للأوضاع
الاقتصادية السائدة، وتوزيعا على الفترات الزمنية المناسبة لكل أداة ووسيلة استثمارية،
وبمساهمة الجميع لتحقيق أهداف المجتمع في هذا الميدان وعن
طريقه، ومن بين الأدوات الكيفية القائمة على أساس سعر الفائدة والتي هي بحاجة إلى
تطوير حتى لا تتعارض مع نظام المشاركة، التمييز في سعر إعادة الخصم، وطبيعة الأصول
ممكنة الخصم.
1.2.2-
الاستعمال التفضيلي لنسب المشاركة.
يتخذ المصرف المركزي من سعر الخصم وسعر
الفائدة وسيلة يغري من خلالها المصارف التجارية التقليدية، ويجعلها ترغب بتقديم الائتمان
في مجال معين وتحجم عن تقديمه في مجال آخر، وهذا الأمر يتم على ضوء الأولويات التي
تحددها السياسة النقدية، وعليه يتم تخفيض سعر الفائدة على الائتمان المخصص للأنشطة
ذات الأولوية ويرفع نسبيا على الائتمان الممنوح للأنشطة الأقل أولوية، ونفس الشيء
بالنسبة لأسعار الخصم للأوراق التجارية حيث يمكن تغييرها لتشجيع النشاط المتولد
عنه ([xxxvi]).
هذه الوسيلة لا يمكن تطبيقها على المصارف
الإسلامية كما هي، لأنها لا تنسجم مع آليات المصرفية الإسلامية([xxxvii]).
لكنها تصبح مقبولة إذا ما تم تحديد نسب المشاركة في الربح والخسارة، أو على الأقل
وضع حد أدنى وحد أعلى في مختلف ميادين النشاط الاقتصادي حسبا لأهميتها، مما يجعل الائتمان
يتجه إلى المجالات المراد تنميتها، وذلك على مستويين([xxxviii]):
المستوى
الأول :
تحديد نسبة مشاركة المصرف المركزي في
التمويل الذي يقدمه للمصارف عند إعادة تمويلها، فتنخفض هذه النسبة، إذا كان
التمويل موجها إلى المجالات المطلوبة، وترتفع تدريجيا كلما قلت أهمية النشاط
الممول، فنلاحظ بأنه في هذه الحالة يرتفع هامش الربح عند تخفيض هذه النسبة مما
يشجع المصارف على توجيه الجهود التمويلية إلى تلك الأنشطة، والعكس إذا ارتفعت
النسبة ضمن هذا النشاط المراد تمويله، مما يؤدي إلى انخفاض هامش ربح المصرف، فتحجم
عن التوسع في الالتجاء إلى المصرف المركزي لتمويل هذا النوع ويلتجأ إلى الأنواع
الأخرى التي تعظم مصلحته .
المستوى
الثاني :
تغيير الحد الأدنى والأعلى لنسب المشاركة
في ربح المصارف الأخرى حسب أهمية النشاط الاقتصادي، على أن يكون المدى بين الحد
الأدنى والحد الأعلى ليس عريضا، فهذا سيؤثر على الهوامش الربحية لمن يستخدمون
أموال المصارف، الأمر الذي يجعل الطلب عليها يتحرك تدريجيا إلى الفروع والأنشطة
المراد تنميتها والتي يرتفع فيها هامش الربح، وبالتالي يمكن القول بأن : التمييز
بين المشاركة في الربح حسب الأنواع المختلفة لأوجه النشاط الاقتصادي، يؤدي –فضلا
عن ذلك- إلى التأثير على تخفيض الموارد بما يتماشى مع أهداف السياسة الوطنية .
2.2.2-
تحديد حصص الاستثمار في كل نشاط.
إن وضع ضوابط وحدود لتحريك الائتمان عبر
مختلف الوسائل الاستثمارية المتاحة يعتبر مهمة ضرورية للمصرف المركزي في ظل نظام
المشاركة، حتى لا تتجه الأموال وتنساب عبر بعض الوسائل الاستثمارية كالمرابحات
للأنشطة التجارية قصيرة المدى ([xxxix]).
ففي العادة لا تضع المصارف التجارية كل
الودائع التي توجد في حوزتها في نوع واحد من النشاطات، بل تقوم بتنويع النشاطات
التي تمولها، فتكون حافظة استثماراتها مكونة من أوراق مالية "أسهم وحسب"
موزعة على العديد من المشاريع في نشاطات عديدة، حتى إذا فشل أي مشروع في نشاط معين
وتعرض للخسارة، فإن أرباح المصرف من المشاريع الأخرى تعوض هذه الخسارة، وكذلك إذا
فشل الاستثمار في نشاط أو في قطاع بكامله، فإن الأرباح العائدة من النشاطات الأخرى،
أوالقطاعات الأخرى تعوض هذه الخسارة. ومن خلال التوزيع
الاقتصادي للأموال على مختلف المشاريع
والذي تقوم به كل إدارة راشدة في أي قطاع للتمويل، يستطيع المصرف المركزي
أن يؤثر في اتجاه التمويل، بحيث يمكنه أن يطلب من المصارف التجارية أن تغير النسب
التي تشكل حافظتها الاستثمارية لصالح قطاع معين، أو تخفض نسبة التمويل لقطاع آخر([xl]). ذلك أن قطاعات الاقتصاد الوطني وأنشطته وفروعه
ليست على درجة واحدة من التطور، وبالتالي فإن احتياجاتها للتمويل تختلف([xli]).
وهكذا يبقى حجم التمويل الخاص بالاقتصاد
ككل على ما هوعليه، وإنما الذي يتغير هو أن بعض النشاطات تأخذ حصة أكبر من ذي قبل،
بينما النشاطات الأخرى تأخذ حصة أقل من ذي قبل، وقد تكون هناك أنشطة أخرى لا تتغير
حصتها ([xlii]).
3.2.2-
ضبط العلاقة بين نسبة الإقراض ونسبة إعادة التمويل.
تعرف نسبة الإقراض على أنها النسبة
المئوية من الودائع تحت الطلب التي تقدمها المصارف كقروض حسنة للمتعاملين معها
وللحكومة، أما نسبة إعادة التمويل، فهي نسبة التمويل التي يقدمها المصرف المركزي
لمساعدة المصارف الأخرى، بالمقارنة مع حجم التمويل الذي قدمته هذه المصارف كقروض
حسنة وخاصة للدولة ([xliii]).
وإن إحداث ربط واقعي وشرعي بين هاتين
العلاقتين من شأنه أن يحفز المصارف على زيادة حصة ما توجهه كقروض حسنة للمجالات
التي تضمن لها نسبة كبرى من إعادة التمويل، وكل ذلك في إطار الحرية التامة للمصارف
دون قيود بيروقراطية معيقة، فإذا أوجب المصرف المركزي بأن كل مصرف يقدم قروضا
لمشروعات معينة محددة تقوم بها الدولة،
سيضمن.له نسبة مرتفعة من إعادة تمويل أنشطته قد تفوق حجم التمويل الممنوح حسبا
لأهمية النشاط، فإن هذا من شأنه أن يحرك تلك الودائع إلى المجالات التي تخدم
المجتمع، وتحقق أهدافه، ويجعل الاستفادة منها ليست مقتصرة على المصرف المستقطب
لتلك الودائع، بل يستفيد منها الاقتصاد الوطني ككل ([xliv]
مسعودة نصبة. دلال بن طبي
[i] صالح صالحي، السياسة النقدية
والمالية في إطار نظام المشاركة في الاقتصاد الإسلامي.المنصورة:دار الوفاء
للطباعة والنشر والتوزيع، 1421/2001 ،ص 17.
[ii] عدنان خالد التركماني، السياسة النقدية والمصرفية في
الإسلام. بيروت: مؤسسة الرسالة للطبع والنشر والتوزيع، 1409/1988، ص 70 .
[iii] عبد الحميد عبد المطلب، السياسات الاقتصادية –تحليل جزئي
وكلي-. القاهرة: مكتبة زهراء الشرق، 1997، ص301 .
[iv] محمد إبراهيم أبو شادي، الوظيفة الرقابية للبنوك الإسلامية
"الرقابة النقدية والشرعية"، القاهرة: دار النهضة العربية،
1420/2000، ص 54
[v] محسن خان وعباس ميراخور، الإدارة
النقدية في اقتصاد إسلامي. جدة: مجلة جامعة الملك عبد العزيز: الاقتصاد
الإسلامي، م14، 2002، ص 11.
[vii] عبد الله بن محمد بن أحمد الطيار، البنوك الإسلامية بين
النظرية والتطبيق. الرياض: دار الوطن للطباعة، توزيع مؤسسة الجريسي للتوزيع
والإعلان، 1414، ط2، ص 92 .
[viii] مجلس الفكر الإسلامي في الباكستان، "عمليات المصرف
المركزي والسياسات النقدية". في كتاب: قراءات في الاقتصاد الإسلامي، جدة:
مركز النشر العلمي لجامعة الملك عبد العزيز، 1407/1987، ص 297.
[x] محمد عمر شابرا، نحو نظام نقدي عادل. دراسة للنقود والمصارف
والسياسة النقدية في ضوء الشريعة الإسلامية، الولايات المتحدة الأمريكية:
المعهد العالمي للفكر الإسلامي، ط2، 1410/1991، ص 269 .
[xii] عبد الفتاح عبد الرحمن عبد المجيد، اقتصاديات النقود –رؤية
إسلامية- القاهرة : النسر الذهبي، 1996، ص 277.
[xix] الطيب لحليح، النقود والمصارف والسياسات النقدية في اقتصاد
إسلامي. السودان: هيئة الأعمال الفكرية، 2002، ص 108 .
[xxi] عبد الحق بوعتروس، مدخل للاقتصاد النقدي والمصرفي.
الجزائر: مطبوعات جامعة منتوري، 2003/2004، ص70.
[xxiii] محمد عبد المنعم عفر, السياسات المالية والنقدية ومدى
إمكانية الأخذ بهما في اقتصاد إسلامي. القاهرة: مطابع الاتحاد الدولي للبنوك
الاسلامية، بدون تاريخ ، ص95.
[xxvii] عبد المجيد قدي، المدخل إلى السياسات الاقتصادية الكلية –دراسة
تحليلية تقييميه. الجزائر: ديوان المطبوعات الجامعية، 2003، ص 87 .
[xxviii] عوف محمود الكفراوي، بحوث في الاقتصاد الإسلامي،
الإسكندرية: مؤسسة الثقافة الجامعية، 2000، ص 412 .
[xxxiii] عوف محمد الكفراوي، السياسة المالية والنقدية في ظل
الاقتصاد الإسلامي –دراسة تحليلية مقارنة. الإسكندرية: مكتبة الإشعاع للطباعة
والنشر والتوزيع، 1997، ص 196 .