طاهات، مروان أحمد م 2009
مقدمة :
نظراً لمحدودية الفكر الكينزي وعدم قدرته على تفسير ظاهرة التضخم التي زامنت ظاهرة الركود الاقتصادي ، ظهر فكر اقتصادي معاصر قائم في أساسه ومنهجه على أطروحات ونظريات المدرسة التقليدية على الخصوص وبدرجة أقل المدرسة الكينزية فتعتبر مدرسة شيكاغو " نظرية فريدمان" امتداد للفكر الاقتصادي التقليدي ولكن في ثوب جديد وبأدوات تحليلية أكثر نجاعة وواقعية زامنت هذه المدرسة ظهور أزمة اقتصادية تعايش خلالها التضخم والكساد في الولايات المتحدة الأمريكية بعد الحرب العالمية الثانية وحتى نهاية الخمسينات .
يمكن التمييز بين مرحلتين واجهت أوضاع النظم الرأسمالية ما بعد الحرب العالمية الثانية ،
المرحلة الأولى امتدت مع بداية الحرب العالمية الثانية إلى 1948 ؛
أما المرحلة الثانية فهي حقبة السبعينات ، حيث زاد معدل التضخم خاصة في البلدان الرأسمالية المتقدمة واستمرت الضغوط التضخمية في التزايد في فترة التسعينات .
في تحيلنا لأسباب ظاهرة تلازم التضخم مع الكساد التي عرفتها الدول الصناعية الكبرى منذ الحرب العالمية الثانية إلى وقتنا الحاضر ، فإننا نرى أن الفترة الأولى التي أعقبت الحرب وعرفت مثل هذه الظاهرة إنما ترجع كما يرى الكثير من الاقتصاديين إلى طبيعة وظروف الحرب وإلى اعتماد النموذج الكينزي القائم على تفضيل السياسة المالية وما يتبعها من تدخل للدول في زيادة حجم الإنفاق العام واعتماد ظاهرة النقود الرخيصة .
أما تفسير الظاهرة خلال السبعينات إلى التسعينات من القرن العشرين ، فإن الكثير من الاقتصاديين إنما يرجعون ذلك إلى الإجراءات والسياسات النقدية والمالية التي استخدمتها أمريكا وخاصة أزمة الدولار سنة 1971 ، حيث تخلت هذه الأخيرة عن تحويل الدولار إلى ذهب وما نتج عنه من انخفاض لقيمته 7.89% في نفس السنة ، لينخفض إلى 10% سنة 1973 .
انعكست سياسة تخفيض قيمة الدولار سلباً على مستوى أسعار الكثير من المواد الأولية والمواد الغذائية والسلع المصنعة الاستهلاكية والوسيطية والاستثمارية .
ويمكن الوقوف على آثار التضخم العالمي وانخفاض قيمة العملات الدولية على البلدان النامية ، ومنها حتى الدول العربية المصدرة للنفط من خلال الآثار التي انعكست على أسعار النفط .
إلا أن هذه الزيادات في أسعار النفط التي صاحبت هذه الظروف في حقيقة الأمر لا تمثل زيادة حقيقية ، بسبب ظاهرة التضخم العالمي وما نتج عنه من انخفاض لقيمة الدولار الذي يمثل العملة الرئيسية لقيمة صادرات الدول النفطية .
الطلب على النقود
سنرى في هذا المطلب نظرية الطلب على النقود ودالتها ومعادلة النظرية الكمية المعاصرة .
نظرية الطلب على النقود
في عام 1956 طور ميلتون فريدمان نظرية الطلب على النقود في مقالته الشهيرة بإعادة صياغة نظرية كمية النقود ، فنظرية الكمية المعاصرة هي تحليل لجانب الطلب على النقود بطريقة أكثر اتساعاً من التحليل الكلاسيكي والتحليل الكينزي ، فمن خلال فكر النظرية فإن طبيعة النقود تختلف باختلاف استخدامها وسبب حيازتها وشروط التنازل عنها .
وفي هذا يرى فريدمان أن دوافع الطلب على النقود وتتطلب دراسة وتحليل مفهوم الثروة والأسعار والعوائد من الأشكال الأخرى البديلة للاحتفاظ بالثروة في صورة سيولة والأذواق أو ما أطلق عليه اصطلاح ترتيب الأفضليات .
وقبل التعرض لمفهوم الثروة وعوائدها لابد من الإشارة إلى فرضيات النظرية المتمثلة إساساً فيما يلي:
- استقلال كمية النقود ( عرض النقود ) عن الطلب على النقود ؛
- استقرار دالة الطلب على النقود وأهميتها ؛
- رفض فكرة مصيدة السيولة عند بناء دالة الطلب على النقود ؛
- يتوقف الطلب على النقود على نفس الاعتبارات التي تحكم ظاهرة الطلب على السلع والخدمات.
ومن ثم فقد اعتبر " فريدمان " الطلب على النقود جزءاً من نظرية الثروة أو نظرية رأس المال والتي تهتم بتكوين الميزانية أو محفظة الأصول ، فميز بين حائزي الأصول النهائيين الذين تمثل النقود بالنسبة لهم شكلاً من أشكال الثروة يتم حيازتها ، وبين مشروعات رجال الأعمال الذين تمثل النقود بالنسبة لهم سلعة رأسمالية مثل الآلات والمخزونات [1].
1. الطلب على النقود عند حائزي الثروة النهائيين :
يرى فريدمان أن الطلب على النقود بالنسبة لحائزي الثروة النهائيين يعتمد على أربعة متغيرات نتناولها فيما يلي :
-الثروة الكلية :
هو مقدار معين ثابت في نقطة زمنية معينة ويعتبر فريدمان الثروة الكلية قيد ينظر قيد الميزانية في نظرية سلوك المستهلك ، فالثروة هي المقدار الكلي الذي يقسم بين أشكال مختلفة للأصول التي يقبل حائزي الثروة على حيازتها وبما أن تقديرات الثروة الكلية نادراً ما تكون متاحة فاستخدم فريدمان مؤشر بديل لها وهو الدخل الدائم وهو دخل متوسط يحسب اعتماداً على الدخول الجارية التي تغطيها عناصر الثروة المختلفة وهو دخل يتميز بالاستقرار وهذا الاستقرار هو ما يجعله صالحاً لاستخدامه كمؤشر للثروة وعلى هذا فإن طلب حائزي الثروة النهائيين على الأرصدة النقدية الحقيقية يعتمد على مستوى الدخل الدائم الذي يحصلون عليه من وراء هذه الثروة.
- تقسيم الثروة بين الثروة البشرية والثروة غير البشرية :
إن المقدرة الشخصية هي ثروة بشرية ويمكن استخدامها لاكتساب الدخل كمؤشر للثروة البشرية [2] وكلما كانت المقدرة الشخصية مرتفعة كلما زاد الطلب على النقود كأصل ضمن عناصر الثروة أو ضمن عناصر محفظة أصول الفرد ، ولهذا كانت الثروة البشرية التي يقتنيها حائزي الثروة النهائيين أحد محدددات الطلب على النقود . ويمكن تحويل الثروة البشرية إلى ثروة غير بشرية
ولكن في حدود ضيقة ، كأن يستخدم الفرد مقدرته على الكسب لاكتساب الدخل يستخدمه في شراء ثروة غير بشرية ( أراضي ، ملابس ، السلع المعمرة....الخ ).
كذلك يمكن للفرد أن يستخدم الثروة غير البشرية لتمويل اكتساب المهارة والمقدرة الشخصية العالية ، ونضراً لانخفاض قابلية الثروة البشرية للبيع في السوق ، فإن ارتفاع نسبة الثروة البشرية إلى الثروة غير البشرية في محفظة أصول الفرد يصاحبه زيادة الطلب على النقود .
-) العوائد المتوقعة على النقود والأصول الأخرى :
يناظر هذا المتغير الطلب على سلعة ما وأسعار السلع البديلة والمكملة في النظرية العادية لسلوك المستهلك ، إن معدل العائد الاسمي ما هو إلا مقدار ما يحصل عليه الفارد من دخل
( فائدة ) من وراء النقود مقسوماً على القيمة الاسمية للأصل ، ويمكن تقسيم معدل العائد على الأصول الأخرى على جزئين :
الأول : أي العائد أو التكلفة التي تدفع حالياً مثل الفائدة على السند أو الربح الموزع على السهم وتكاليف تخزين الأصول الطبيعية .
الثاني : التغيرات في الأسعار الاسمية للسلع وهذا الجزء له أهمية خاصة في ظل ظروف التضخم .
العائد الاسمي على الأصل + التغير في سعره الاسمي
معدل العائد = [3]
السعر الاسمي للأصل
وبالنسبة للنقود فإن معدل العائد الاسمي = معدل الفائدة على النقود + معدل التغير في القوة الشرائية للنقود .
فإذا كان المقصود بالنقود هي وحدات العملة فإن معدل الفائدة يساوي صفراً كما أن معدل التغير في القوة الشرائية للنقود يصبح سالباً في حالة التضخم ويصبح موجباً في حالة ميل الأسعار للانخفاض ومنه :
معدل العائد على وحدات العملة = صفر + مقدار سالب ذ مقدار سالب ( حالة تضخم ).
معدل العائد على وحدات العملة = صفر + مقدار موجب = مقدار موجب ( حالة انخفاض الأسعار ) .
إن ارتفاع معدل الفائدة على السندات ومعدل الربح الموزع على السهم سيفضي إلى انخفاض الطلب على النقود ، إلا أن فريدمان لم يرغب في التوصل إلى هذه النتيجة لأنه كان يريد التوصل إلى نفس النتيجة التي انتهى إليها فيشر وهي أن سعر الفائدة لا يؤثر على الطلب على النقود أو بلغة أدق أن الطلب على النقود غير حساس للتغير في سعر الفائدة ولكي يصل فريدمان إلى تلك النتيجة فإنه يضع الافتراض التالي : « تعتبر النقود بديل قريب للقيمة الحالية للثروة البشرية والقيمة الحالية لثروة أفراد القطاع المنزلي من السلع الاستهلاكية المعمرة ولكنها ليست بديل قريب للأصول الأخرى كالسندات » .
وبالتالي فإن سعر الفائدة على السندات له تأثير ضئيل على الطلب على النقود .
وحيث أن سعر الفائدة أو معدل العائد على رأس مال قطاع الأعمال والأصول المالية غير النقدية وهي الأصول التي اعتبرت أكثر أهمية عند كينز وهي متغير غير مشاهد ، فإن الدخل الدائم النقدي أو الدخل الدائم الحقيقي ومستوى الأسعار ومعدل التغير فيه يعكس العائد على اقتناء السلع الطبيعية التي تغير أسعارها مع التضخم .
-) متغيرات أخرى محددة للمنفعة المرتبطة بالخدمات التي تؤديها النقود بالنسبة للمنافع التي تؤديها الأصول الأخرى :
هذه المتغيرات مرتبطة بخاصية السيولة التي أشار إليها كينز ، وهناك متغير آخر وهو درجة الاستقرار الاقتصادي المتوقع أن يسود مستقبلاً إضافة إلى حجم التحولات الرأسمالية بالنسبة للدخل أي حجم مبادلات السلع الرأسمالية الموجودة في حوزة حائزي الثروة النهائية ، فكلما ارتفع معدل دوران السلع الرأسمالية قصر فترة مبادلتها بالنقود أو السلع الأخرى كلما ارتفعت نسبة النقود في محفظة الأصول أي بلغة أدق الطلب على النقود وهذا المتغير من المتغيرات التي أهملت في نظرية كمية النقود التي تمت صياغتها على يد فيشر أو مدرسة كمبريدج .
2. الطلب على النقود بواسطة مؤسسات الأعمال :
مؤسسات الأعمال هي كافة أشكال المنشآت التي تقوم بإنتاج سلعة أو تقديم خدمة ، هدفها هو تحقيق أقصى ربح ممكن ، وعند بحث طلب مؤسسات الأعمال على النقود عند فريدمان ، نلراه
يقر أن مؤسسات الأعمال لا تخضع لقيد الثروة الكلية من رأس المال المتجسد في الأصول الإنتاجية، وبما فيها النقود وهي متغيرات يمكن أن تحصل عليها المؤسسة لتعظيم عوائدها طالما أنها يمكن أن تحصل على رأسمال اضافي يطرح أسهم أو اصدار سندات في سوق رأس المال ،لذلك لا يوجد سبب عند فريدمان لإدخال الثروة الكلية أو الدخل الدائم كمقياس أو مؤشر للثروة الكلية وكمتغير في دالة الطلب على النقود بواسطة مؤسسات الأعمال ويرى فريدمان أنه قد يكون مرغوباً إدخال متغيراً مماثلاً لقيد الثروة الكلية والذي يتم التعبير عنه بالدخل الدائم في حالة الطلب على النقود بواسطة مؤسسات الأعمال وهذا المتغير هو حجم المؤسسة والذي يتحدد على أسس مختلفة وبالتحديد كمؤشر لقيمة إنتاجية .
وحدة النقود عند مختلف كميات النقود المتاحة للمؤسسة وعلى هذا فإن المتغير المناسب في هذه الحالة هو المعاملات الكلية ، القيمة المضافة الصافية ، الدخل الصافي ، رأس المال الكلي في صورة غير نقدية ، أو صافي حقوق الملكية ، وقصور البيانات قد يفسر قلة التقديرات التي أجريت بالنسبة لدالة طلب المؤسسات على النقود ومن ثم فإن التقديرات التي تتم تشمل مؤسسات الأعمال وحائزي الثروة النهائيين ، ولهذا فإن هنا عدم وضوح بالنسبة لأفضل المتغيرات الواجب إدخالها في دالة الطلب على النقود لمؤسسات الأعمال .
مثال :
تعتبر معدلات الفائدة على القروض غاية في الأهمية بالنسبة لمؤسسات الأعمال لإن قروض البنوك تمثل أحد الطرق التي تستخدمها مؤسسات الأعمال في حيازة رأس المال المتجسد في شكل أرصدة نقدية .[4]
دالة الطلب على النقود
حيث أن فريدمان حاول الإجابة على السؤال التالي :
لماذا يختار الأفراد حيازة النقود ؟
وفي إجابته على هذا السؤال لم يحلل فريدمان الدوافع الخاصة بحيازة النقود ولكنه حلل العوامل المحددة للطلب على النقود في إطار نظرية طلب الأصول ، فنظرية طلب الأصول تقرر أن الطلب
على النقود يجب أن يكون دالة الموارد المتاحة للأفراد أي ثرواتهم ومعدلات العائد المتوقعة على أصولهم مقارنة بالعائد المتوقع على النقود ،ومن هذا المنطق عبر فريدمان عنه صياغة دالة الطلب على الأرصدة النقدية الحقيقية كما يلي :
Md/p = f ( Yp.rb – rm , re –rm ,Œ – rm )
- - - +
حيث أن :
Yp: الدخل الدائم وهو مقياس للثروة عند فريدمان يعرف بأنه القيمة الحالية لكل المداخيل المتوقعة من وراء الثروة ، ولكنه بلغة أكثر عموماً يمكن وصف Yp على أنه متوسط الدخل المتوقع في الأجل الطويل .
Rm: العائد المتوقع على النقود ويشمل هذا العائد الخدمات التي تقدمها البنوك على الودائع التي يشملها العرض النقدي ومن هذه الخدمات تحصيل الشيكات والدفع الفوري للإيصالات المستحقة وهذه الخدمات تزيد مع التطور الاقتصادي ، كما يشمل العائد المتوقع على النقود الفائدة على الأرصدة النقدية المودعة في حسابات الادخار والودائع الأخرى التي يشملها العرض النقدي وكلما زادت الفائدة المدفوعة على تلك الودائع فإن العائد المتوقع على النقود يزيد .
rb: العائد المتوقع على السندات ويتكون من الفائدة الاسمية الثابتة على السند والمكسب الرأسمالي على السند ( التغير في السعر السوقي للسند عن السعر الاسمي نتيجة تغير سعر الفائدة الاسمي الثابت على السند ) .
re: العائد المتوقع على الأسهم ، ويتكون من الأرباح الموزعة على الأسهم بالإضافة إلى المكسب الرأسمالي على السهم الفرق بين سعر السهم السوقي وسعر إصدار السهم .
Œ: معدل التضخم المتوقع والذي يستخدم كمؤشر للعائد المتوقع من وراء السلع والأصول الحقيقية التي يرتفع سعرها مع التضخم إن الإشارة ( + ) تعني وجود علاقة طردية بين الطلب على الأرصدة النقدية الحقيقية وكل المتغيرات في الطرف الأيمن ، و( - ) تعني وجود علاقة عكسية .
أ) العلاقة بين الطلب على الأرصدة النقدية الحقيقية والدخل الدائم :
حيث أن العلاقة بين بينهما طردية ، فعند فريدمان يرتبط الطلب على النقود بمفهوم الثروة ، وحيث أن النقود أصل ، فإن الطلب النقدي يرتبط طردياً مع فكرة الثروة لفريدمان والدخل الدائم مؤشر لهذه الثروة الذي يتميز بصغر التقلبات قصيرة الأجل وعلى هذا يمكن صياغة القرض الأساسي التالي :
الطلب على النقود عند فريدمان لن تقلب كثيراً مع حركات الدورة التجارية سواء رواج أو كساد إن الطلب على النقود يرتبط بالدخل الدائم الذي يتأثر بدرجة صغيرة بالدورة التجارية فالدخل الدائم فكرة مستقرة لا يتعرض لتقلبات عنيفة في مستواه ومن ثم يصبح الطلب النقدي مستقراً ، وهذا النوع من التفكير يتناسق مع التفكير الكلاسيكي الذي يدور فيه التحليل حول استقرار دالة الطلب على النقود ، بافتراض ثبات سرعة دوران النقود واستبعاد تأثير سعر الفائدة على الطلب على النقود وهي نفس الأفكار التي سعر فريدمان إن يكون تحليله متناسقاً معها كما سنرى من تحليل العامل التالي المؤثر على الطلب على النقود .
ب) العلاقة بين الطلب على النقود وعوائد الأصول الأخرى :
فحيث أن الفرد يمكن أن يحوز ثروته في أشكال عدة بجانب النقود ، فإن فريدمان صنف هذه الأشكال في ثلاثة أنواع من الأصول وهي :
السندات وعائدها ، الأسهم العادية وعائدها ، والسلع وعائدها وهو معدل التضخم Œ ، فحوافز حيازة تلك الأصول بدلا من حيازة النقود تتمثل في العائد المتوفع على تلك الأصول بالمقارنة بالعائد المتوقع على النقود ، ويمكن أن نتوقع زيادة الطلب على تلك الأصول إذا ارتفع العائد المتوقع على تلك الأصول مقارناً بالعائد المتوقع على النقود ، ومن ثم تزيد كمية الأصول الأخرى في محفظة أصول الفردوحيث أن مقدار ثروة الفارد ثابت فإن زيادة كمية الأصول الأخرى في تلك الثروة يكون على حساب مقدار النقود في تلك الثروة بمعنى ان كمية النقود التي يحوزها الفرد ستقل [5]،
فقد بدأنا بارتفاع معدل العائد المتوقع على الأصول الأخرى بالمقارنة بالعائد المتوقع على النقود وانتهينا بانخفاض الطلب على النقود أي وجود علاقة عكسية بين الطلب على النقود ومعدل العائد المتوقع على الأصول الأخرى مع ثبات العوامل الأخرى ، ولقد قام فريدمان في دالته بمقارنة معدلات العوائد على الأصول الأخرى بالعائد على النقود فالحدود ( rb – rm ) ،
( re – rm ) تمثل العائد المتوقع على السندات والأسهم بالنسبة للعائد على النقود فإذا ما زادت كل من rb ، re بالنسبة لـ rm ظلت ثابتة أو زادت بنسبة أقل ، فإن العائد على النقود ينخفض أما الحد ( Œ – rm ) فهو يمثل العائد المتوقع على السلع والأصول المعمرة والعائد المتوقع من وراء حيازة السلع هو العائد المتوقع للمكاسب الرأسمالية والتي تحدث عندما ترتفع الأسعار ، ولذلك فهذا العائد المتوقع للمكاسب الرأسمالية يعادل معدل التضخم المتوقع Œ فلو أن معدل التضخم المتوقع = 10 % فإننا نتوقع أن ترتفع Œ بمعدل 10% وعندما ترتفع Œ بالنسبة لمعدل العائد على النقود ( rm ) التي هي ثابتة أو ترتفع بنسبة أقل فالعائد المتوقع على السلع بالنسبة للعائد المتوقع على النقود يرتفع ومن ثم ينخفض الطلب على الأرصدة النقدية الحقيقية ورغم ذلك يعود فريدمان فيقرر أن السندات والأسهم ليست بدائل قريبة للنقود وبالتالي فإن العائد على السندات والأسهم ليس له تأثير كبير بمعنى لها تأثير صغير على الطلب على النقود ولهذا يخلص فريدمان إلى النتيجة التالية :
إن الطلب على النقود غير حساس للتغير في سعر الفائدة ومن الواضح أن فريدمان أقر هذا الافتراض الذي ترتب عليه تلك النتيجة حتى يظل تحليله متناسقاً مع الإطار العام لنظرية كمية النقود التي تنهي إلى نفس النتيجة .[6]