21‏/12‏/2012

الرهن العقاري ... قصة قصيرة

الرهن العقاري ... قصة قصيرة
يعيش "سعيد أبو الحزن" مع عائلته في شقة مستأجرة وراتبه ينتهي دائما قبل نهاية الشهر. حلم سعيد أن يمتلك بيتاً في "أمرستان"، ويتخلص من الشقة التي يستأجرها بمبلغ 700 دولار شهرياً. ذات يوم فوجئ سعيد بأن زميله في العمل، نبهان السَهيان، اشترى بيتاً بالتقسيط. ما فاجأ سعيد هو أن راتبه الشهري هو راتب نبهان نفسه، وكلاهما لا يمكنهما بأي شكل من الأشكال شراء سيارة مستعملة بالتقسيط، فكيف ببيت؟ لم يستطع سعيد أن يكتم مفاجأته فصارح نبهان بالأمر، فأخبره نبهان أنه يمكنه هو أيضاً أن يشتري بيتا مثله، وأعطاه رقم تلفون المكتب العقاري الذي اشترى البيت عن طريقه.
لم يصدق سعيد كلام نبهان، لكن رغبته في تملك بيت حرمته النوم تلك الليلة، وكان أول ما قام به في اليوم التالي هو الاتصال بالمكتب العقاري للتأكد من كلام نبهان، ففوجئ بالاهتمام الشديد، وبإصرار الموظفة "سهام نصابين" على أن يقوم هو وزوجته بزيارة المكتب بأسرع وقت ممكن. وشرحت سهام لسعيد أنه لا يمكنه الحصول على أي قرض من أي بنك بسبب انخفاض راتبه من جهة، ولأنه لا يملك من متاع الدنيا شيئا ليرهنه من جهة أخرى. ولكنها ستساعده على الحصول على قرض، ولكن بمعدلات فائدة عالية. ولأن سهام تحب مساعدة "العمال والكادحين" أمثال سعيد فإنها ستساعده أكثر عن طريق تخفيض أسعار الفائدة في الفترة الأولى حتى "يقف سعيد على رجليه". كل هذه التفاصيل لم تكن مهمة لسعيد. المهم ألا تتجاوز الدفعات 700 دولار شهريا.
باختصار، اشترى سعيد بيتاً في شارع "البؤساء" دفعاته الشهرية تساوي ما كان يدفعه إيجاراً للشقة. كان سعيد يرقص فرحاً عندما يتحدث عن هذا الحدث العظيم في حياته: فكل دفعة شهرية تعني أنه يتملك جزءا من البيت، وهذه الدفعة هي التي كان يدفعها إيجارا في الماضي. أما البنك، "بنك التسليف الشعبي"، فقد وافق على إعطائه أسعار فائدة منخفضة، دعما منه "لحصول كل مواطن على بيت"
مع استمرار أسعار البيوت في الارتفاع، ازدادت فرحة سعيد، فسعر بيته الآن أعلى من الثمن الذي دفعه، ويمكنه الآن بيع البيت وتحقيق أرباح مجزية. وتأكد سعيد من هذا عندما اتصل ابن عمه سحلول ليخبره بأنه نظرا لارتفاع قيمة بيته بمقدار عشرة آلاف دولار فقد استطاع الحصول على قرض قدره 30 ألف دولار من البنك مقابل رهن جزء من البيت. وأخبره أنه سينفق المبلغ على الإجازة التي كان يحلم بها في جزر الواق واق، وسيجري بعض التصليحات في البيت. أما الباقي فإنه سيستخدمه كدفعة أولية لشراء سيارة جديدة.

القانون لا يحمي المغفلين
إلا أن صاحبنا سعيد أبو الحزن وزميله نبهان السهيان لم يقرآ العقد والكلام الصغير المطبوع في أسفل الصفحات. فهناك فقرة تقول إن أسعار الفائدة متغيرة وليست ثابتة. هذه الأسعار تكون منخفضة في البداية ثم ترتفع مع الزمن. وهناك فقرة تقول إن أسعار الفائدة سترتفع كلما رفع البنك المركزي أسعار الفائدة. وهناك فقرة أخرى تقول إنه إذا تأخر عن دفع أي دفعة فإن أسعار الفائدة تتضاعف بنحو ثلاث مرات. والأهم من ذلك فقرة أخرى تقول إن المدفوعات الشهرية خلال السنوات الثلاث الأولى تذهب كلها لسداد الفوائد. هذا يعني أن المدفوعات لا تذهب إلى ملكية جزء من البيت، إلا بعد مرور ثلاث سنوات.
بعد أشهر رفع البنك المركزي أسعار الفائدة فارتفعت الدفعات الشهرية ثم ارتفعت مرة أخرى بعد مرور عام كما نص العقد. وعندما وصل المبلغ إلى 950 دولاراً تأخر
سعيد في دفع الدفعة الشهرية، فارتفعت الدفعات مباشرة إلى 1200 دولار شهريا. ولأنه لا يستطيع دفعها تراكمت عقوبات إضافية وفوائد على التأخير وأصبح سعيد بين خيارين، إما إطعام عائلته وإما دفع الدفعات الشهرية، فاختار الأول، وتوقف عن الدفع. في العمل اكتشف سعيد أن زميله نبهان قد طرد من بيته وعاد ليعيش مع أمه مؤقتا، واكتشف أيضاً أن قصته هي قصة عديد من زملائه فقرر أن يبقى في البيت حتى تأتي الشرطة بأمر الإخلاء. مئات الألوف من "أمرستان" عانوا المشكلة نفسها، التي أدت في النهاية إلى انهيار أسواق العقار.
أرباح البنك الذي قدم قرضا ل
سعيد يجب أن تقتصر على صافي الفوائد التي يحققها من هذا القرض، ولكن الأمور لم تتوقف عند هذا الحد. قام البنك ببيع القرض على شكل سندات لمستثمرين، بعضهم من دول الخليج، وأخذ عمولة ورسوم خدمات منهم. هذا يعني أن البنك كسب كل ما يمكن أن يحصل عليه من عمولات وحول المخاطرة إلى المستثمرين. المستثمرون الآن يملكون سندات مدعومة بعقارات، ويحصلون على عوائد مصدرها مدفوعات سعيد ونبهان الشهرية. هذا يعني أنه لو أفلس سعيد أو نبهان فإنه يمكن أخذ البيت وبيعه لدعم السندات. ولكن هؤلاء المستثمرين رهنوا هذه السندات، على اعتبار أنها أصول، مقابل ديون جديدة للاستثمار في شراء مزيد من السندات. نعم، استخدموا ديونا للحصول على مزيد من الديون! المشكلة أن البنوك تساهلت كثيرا في الأمر لدرجة أنه يمكن استدانة 30 ضعف كمية الرهن. باختصار، سعيد يعتقد أن البيت بيته، والبنك يرى أن البيت ملكه أيضاً. المستثمرون يرون أن البيت نفسه ملكهم هم لأنهم يملكون السندات. وبما أنهم رهنوا السندات، فإن البنك الذي قدم لهم القروض، بنك "عماير جبل الجن"، يعتقد أن هناك بيتا في مكان ما يغطي قيمة هذه السندات، إلا أن كمية الديون تبلغ نحو 30 ضعف قيمة البيت!
أما
سحلول، ابن عم سعيد، فقد أنفق جزءا من القرض على إجازته وإصلاح بيته، ثم حصل على سيارة جديدة عن طريق وضع دفعة أولية قدرها ألفا دولار، وقام بنك "فار سيتي" بتمويل الباقي. قام البنك بتحويل الدين إلى سندات وباعها إلى بنك استثماري اسمه "لا لي ولا لغيري"، الذي احتفظ بجزء منها، وقام ببيع الباقي إلى صناديق تحوط وصناديق سيادية في أنحاء العالم كافة. سحلول يعتقد أنه يمتلك السيارة، وبنك "فار سيتي" يعتقد أنه يملك السيارة، وبنك "لالي ولا لغيري" يعتقد أنه يمتلك السيارة، والمستثمرون يعتقدون أنهم يملكون سندات لها قيمة لأن هناك سيارة في مكان ما تدعمها. المشكلة أن كل هذا حصل بسبب ارتفاع قيمة بيت سحلول، وللقارئ أن يتصور ما يمكن أن يحصل عندما تنخفض قيمة البيت، ويطرد سحلول من عمله!

القصة لم تنته بعد!

بما أن قيمة
السندات السوقية وعوائدها تعتمد على تقييم شركات التقييم هذه السندات بناء على قدرة المديون على الوفاء، وبما أنه ليس كل من اشترى البيوت له القدرة نفسها على الوفاء، فإنه ليست كل السندات سواسية. فالسندات التي تم التأكد من أن قدرة الوفاء فيها ستكون فيها أكيدة ستكسب تقدير "أأأ"، وهناك سندات أخرى ستحصل على "ب" وبعضها سيصنف على أنه لا قيمة له بسبب العجز عن الوفاء. لتلافي هذه المشكلة قامت البنوك بتعزيز مراكز السندات عن طريق اختراع طرق جديدة للتأمين بحيث يقوم حامل السند بدفع رسوم تأمين شهرية كي تضمن له شركة التأمين سداد قيمة السند إذا أفلس البنك أو صاحب البيت، الأمر الذي شجع المستثمرين في أنحاء العالم كافة على اقتناء مزيد من هذه السندات. وهكذا أصبح سعيد ونبهان وسحلول أبطال الاقتصاد العالمي الذي تغنى به الكاتب "توماس فريدمان". في النهاية، توقف سعيد عن سداد الأقساط، وكذلك فعل نبهان وسحلول وغيرهم، ففقدت السندات قيمتها، وأفلست البنوك الاستثمارية وصناديق الاستثمار المختلفة. أما الذين اشتروا تأمينا على سنداتهم فإنهم حصلوا على قيمتها كاملة، فنتج عن ذلك إفلاس شركة التأمين "أي آي جي". عمليات الإفلاس أجبرت البنوك على تخفيف المخاطر عن طريق التخفيض من عمليات الإقراض، الأمر الذي أثر في كثير من الشركات الصناعية وغيرها التي تحتاج إلى سيولة لإتمام عملياتها اليومية، وبدأت بوادر الكساد الكبير بالظهور، الأمر الذي أجبر حكومة أمرستان على زيادة السيولة عن طريق ضخ كميات هائلة لإنعاش الاقتصاد الذي بدأ يترنح تحت ضغط الديون للاستثمار في الديون! أما "توماس فريدمان" فقد قرر أن يكسب مزيدا من الملايين حيث سينتهي من كتابة قصة سعيد أبو الحزن عما قريب.
د. أنس بن فيصل الحجي

وضع المال في البنك ، وأخذ الفائدة عليه ، والتصرف بها

بسم الله الرحمن الرحيم
وضع المال في البنك ، وأخذ الفائدة عليه ، والتصرف بها

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
وبعد
فقد جمعنا مجلسٌ علمي مع بعض أفاضل إخواننا ، وكان من ضمن الأسئلة التي تدوولت في اللقاء : السؤال عن مدى جواز وضع المال في البنوك الربوية ؟ وهل يجوز لمن اضطر لوضعها أن يخذ الفائدة والزيادة الربويَّة ؟ وأين يتم تصريفها بعد أخذها ؟

وكان من رأيي : أنه لا يجوز للإنسان المسلم ابتداءً أن يضع ماله في البنوك الربويَّة ، وأنه كما أنه يأمن على أهله في البيت ، فإنه من باب ولى أن يأمن على ماله ، إلا إذا كان المال أعز عنده من أهله !
ولم نسمع عن دعوة لوضع الأهل في مكان حين خروج الواحد من أصحاب الأموال خارج بيته !
لذا لا يجوز وضع المال ابتداءً إلا في حال الضرورة القصوى والت يخاف فيها الإنسان على نفسه وأهله وماله .
وقد تيسرت في هذا الزمان وسائل كثيرة لحماية الأموال لم تكن معروفة في الأزمنة الغابرة مع كثرة الأموال فيما مضى .

وأما الجواب عن الثاني : فهو أنه من اضطر لوضع ماله في البنك فإنه ( يجب ) ! عليه أن يأخذ ما يكون في رصيده من المال الربوي الزائد ، وأنه ( لا يجوز ) له أن يمكن الكفرة أو الفجرة من هذا المال لا لشخصهم ولا لمؤسستهم .

وأما الجواب عن الثالث : فهو أنه يجوز أن يتصرف في المال في ( جميع ) وجوه الخير من غير إلزام بجانب معين ، وذلك لعدم وجود الفرق فضلا عن الدليل بين جوانب الخير .
فيجوز دفعها طعاماً للفقراء ، أو كسوة للعرايا ، أو قضاءً لدين المدينين ، أو إعانة للمجاهدين .  والله أعلم


ثم وجدت بعد مجلسنا ذاك بعض فتاوى لكبار علمائنا بمثل ما ذكرت فأحببت ذكرها للفائدة .
والحمد لله على توفيقه
قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
أما ما أعطاك البنك من الربح : فلا ترده على البنك ولا تأكله ، بل اصرفه في وجوه البر كالصدقة على الفقراء ، وإصلاح دورات المياه ، ومساعدة الغرماء العاجزين عن قضاء ديونهم ، …  " فتاوى إسلامية " ( 2 / 407 ) .

سئل الشيخ ابن جبرين حفظه الله :
هل جائز شرعاً أن أودع مالي وأخذ فائدة عليه ، وأعطي الفائدة للمجاهدين مثلاً ؟
فأجاب :
حيث عرف أن هذه البنوك تتعاطى الربا ، فإن الإيداع عندها : فيه إعانة لها على الإثم والعدوان ، ننصح بعدم التعامل معها .
لكن إن اضطر إلى ذلك ولم يجد مصرفاً أو بنكاً إسلاميّاً : فلا بأس بالإيداع عندها ، ويجوز أخذ هذا الجعل الذي يدفعونه كربح أو فائدة ! لكن لا يدخله في ماله ، بل يصرفه في وجوه الخير على الفقراء والمساكين والمجاهدين ونحوهم ، فهو أفضل من تركه لمن يَصرفه على الكنائس والدعاة إلى الكفر والصد عن الإسلام . 
" فتاوى إسلامية " ( 2 / 408 ، 409 ) .

وسئل الشيخ ابن جبرين حفظه الله :
كيف أتخلص من الفوائد الربويَّة شرعاً ؟
فأجاب :
أرى وأستحسن أخذها من البنوك ، وصرفها في وجوه البر وفي الأعمال الخيرية من مساجد ومدارس خيرية في بلاد إسلامية محتاجة لذلك بدلاً من أن يأكلها أهل البنط وهم السبب ، فيدخل في حديث " لعن الله آكل الربا وموكله " .  " فتاوى إسلامية " ( 2 / 409 ) .
صرف الفوائد الربوية
اتفقت كلمة المشتركين في الملتقى على أن فائدة البنوك هي ربا أما السؤال أنه هل يسحب مبلغ الفائدة من البنوك أو لا يسحب وإذا سحب فما هي مصارفه ؟ فقد اتخذ القرار التالي بهذا الصدد لا يترك في البنوك ما تعطي من المبالغ باسم الفائدة بل يسحب وينفق في المصارف التالية :
أولا : ينفق مبلغ الفائدة الحاصلة من البنوك على الفقراء والمساكين بدون نية الثواب اتفقت على هذا كلمة المشاركين جميعا
ثانيا : لا يجوز صرف هذا المبلغ في المساجد وشؤونها
ثالثا : ذهب معظم المشاركين في الملتقى إلى أن مبلغ الفائدة يجوز صرفه في الأعمال الخيرية ماعدا مصارف الصدقات الواجبة وذهب الآخرون إلى أن يصرف تماما على الفقراء والمساكين لا غير *
مجمع الفقه ( الهند ) قرار ( 5 ) .

تعليق : رضا أحمد صمدي
الأخ إحسان العتيبي حفظه الله ، والأخوة الكرام المشاركين ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
أرجو أن تسمحوا لي بإضافة بعض المفاهيم لتوضيح مأتى الفتوى التي أجمعت عليها المجامع الفقهية بضرورة عدم ترك الفوائد للبنوك الربوية وبخاصة التي أسهمها ملك للأجانب .
فأصل الفائدة أو الربا أنه ملك لدافعه ، والواجب رده إليه ، والدافع للربا ليس البنك شرعا وقانونا ، فالبنك عبارة عن شركة مساهمة ، والدافعون للربا هم المساهمون في البنك وكذلك المقترضون ، وقد استقر في عرف الاقتصاد جهالة صاحب الربا المدفوع عينا ، فصار الربا أو الفائدة التي يدفعها البنك لعملائه في حكم اللقطة التي لا مالك لها ، ولما رأى أهل العلم أن غالب البنوك تتصرف في الربا المتروك من أهل التقوى بغير ما أحل الله ، كما تفعله البنوك النصرانية من إنفاق تلك الفوائد المتروكة في بناء الكنائس ونحو ذلك أفتى علماء الأمة في العصر الحديث ولم أعلم لهم مخالفا بعدم جواز ترك الفائدة للبنك ، بل يجب أخذها من باب المصلحة المرسلة ( وهي التي لم يات في الشرع كلام بإثباتها أو نفيها كحالتنا هذه ) ، ويعلم من ذلك أنه لا تعارض بين أخذ تلك الفائدة وبين قول الله تعالى : فلكم رؤؤس أموالكم ..
لإن الله تعالى سكت عن ذلك الربا فيما لو لم يكن له صاحب ، إذ لو كان له صاحب فهو أحق به ولا ريب ، ولكن قد علم أن الفائدة المتروكة لن تعود إلى أربابها بل سينفقها البنك فيما يراه صالحا وقد تنفقه بعض البنوك في إقامة حفلات تشرب فيها الخمور وتفعل فيها المنكرات ، فوجب درء المفسدة أو تقليلها كما وجب جلب المصلحة أو تكميلها وهذه هي قاعدة الشرع المطردة ، فالشرع جاء بذلك ووجب رعاية مقاصد الشريعة وعدم الوقف عند النصوص لأنها تدور مع العلة وجودا وعدما .
وفي الجملة فترك الفوائد الربوية حرام لا يجوز ، كما أن الإيداع بدون ضرورة حرام لا يجوز ، والضرورة لها صورة ، وقد تنزل الحاجة منزلة الضرورة كحالة بعض الشركات التي لايمكن أن تمارس التجارة كالاستيراد والتصدير والتوريد إلا بخطابات ضمان واعتماد فهذه يرخص لها التعامل مع البنك ولكن يجب البحث عن البنك الإسلامي أي الذي يعمل قوانين الشرع فهو أولى من غيره ، وغالب البنوك ألإسلامية فيها قصور وتقصير ولكنها على أي حال أفضل من غيرها والمسئولية ستقع على اللجنة المراقبة ، فوجب التنبيه على هذا ، كما أن الضرورة تقدر بقدرها ، فلا يجوز التوسع في التعامل مع البنك متى كفى التعامل معه بالقدر المحتاج إليه .
وختاما أسال الله تعالى أن ينقي أموال المسلمين من الحرام ، وأن يرزقنا الحلال الطهور ، إنه ولي ذلك والقادر عليه ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

رد : إحسـان العتيـبي
الأخ الفاضل رضا
قلت : ((، ولما رأى أهل العلم أن غالب البنوك تتصرف في الربا المتروك من أهل التقوى بغير ما أحل الله ، كما تفعله البنوك النصرانية من إنفاق تلك الفوائد المتروكة في بناء الكنائس ونحو ذلك أفتى علماء الأمة في العصر الحديث ولم أعلم لهم مخالفا بعدم جواز ترك الفائدة للبنك )) .
وأخبرك أن الشيخ ابن عثيمين رحمه الله يخالف في هذا !
قال الشيخ رحمه الله :
... فإن دعت الضرورة إلى ذلك بحيث يخشى الإنسان على ماله أن يسرق أو ينهب ، بل ربما خشي على نفسه أن يقتل ليؤخذ ماله : فلا بأس أن يضعها في البنك للضرورة .

ولكن إذا وضعها للضرورة : فلا يأخذ شيئاً في مقابل هذا الوضع ، ويحرم عليه أن يأخذ شيئاً ؛ لأنه إذا أخذ شيئاً : فإنه يكون ربا ، وإذا كان ربا : فقد قال الله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين . فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رؤوس موالكم لا تظلمون ولا تُظلمون } [ البقرة / 278 ، 279 ] .
والآية صريحة وواضحة بألا نأخذ شيئاً منها ……الخ
" فتاوى البيوع " ( ص 47 ) .
ولكلام الشيخ رحمه الله تتمة تعاجزت عن كتابتها ، وفيها ( 8 ) وجه في المنع !

الأخ الفاضل جعفر
تسميتهم هذا البيع " بيع المرابحة " ليس هو على ما أراده الفقهاء قديماً ، فهي تسمية محدثة بمعنى محدث لا أصل له – على الصورة المشتهرة - .
فبيع المرابحة هو بيع الأمانة وهي التي يحدد فيها الثمن بمثل رأس المال ، أو أزيد ، أو أنقص.
وسميت بيوع الأمانة بهذا الاسم لأنه يؤتمن فيها البائع في إخباره برأس المال ، وهو على ثلاثة أنواع :
1. بيع المرابحة : وهو البيع الذي يحدد فيه الثمن بزيادة على رأس المال .
2. بيع التولية : وهو البيع الذي يحدد فيه رأس المال نفسه ثمنا بلا ربح ولا خسارة .
3. بيع الوضيعة : - أو : الحطيطة ، أو : النقيصة - : وهو بيع يحدد فيه الثمن بنقص عن رأس المال - أي : بخسارة - .
وإذا دققت النظر علمت أن الصورة لا تنطبق على بيع المرابحة بالمعنى الذي قاله الفقهاء .
فإن قلتَ : إن المشتري يأتي للبنك ويتفق معه على ربح معين يضيفه البنك على رأس ماله :
قلت لك : إن البنك أثناء هذا الاتفاق ليس مالكاً للسلعة !!
وإن رأس مال البضاعة : ليس هو على معرفة به ، بل الذي يحدد رأس المال هو " المشتري " !! نعم هو المشتري وهو الذب يذهب ويماكس صاحب البضاعة ليأتي بأدنى سعر !
هذه حقيقة العقد ، دعك من ظاهره
أخي الفاضل
اجتماع من ذكرت على حل البيع لا يعني أنه إجماع ! وكيف يكون كذلك وقد خالف في جواز هذا البيع إمامان من أئمة الدنيا وهما : الشيخ الألباني والشيخ ابن عثيمين ؟؟
وهذا البيع مخالفاته للشرع كثيرة ، ومنها :
1. بيع ما لا يملك
حيث يشتري البنك من غير مالك البضاعة الشرعي !!
كيف ؟
أنا أقول لك – وقد حصل هذا معي ! –
إذا أراد أحدٌ شراء سيارة من " الحراج " – وهي الصورة التي حدثت معي – فإنه يذهب لسوق الحراج ، فإذا رأى سيارة وأعجب بها : ماكس صاحبها حتى يحصِّل أدنى سعر
فإن فعل : اشترى ودفع " عربوناً " وأخذ السمسار عمولته !
ويفترقان على أن يكون التسجيل للسيارة في الغد أو بعده
والآن : من هو المالك الشرعي ! – لا القانوني – للسيارة ؟
إنه " المشتري "
ويذهب الاثنان بعدها إلى " البنك الإسلامي " لتتميم البيع هناك وقبض البائع ! الثمن
فكيف يتم الاتفاق في البنك ؟
ومن الذي يبيع البنك ؟
وممن يشتري البنك ؟
وممن يشتري المشتري !! مرة أخرى ؟؟
الذي يحصل :
أن البنك يشتري السيارة من " البائع " !!!!! وهو لا يملك السيارة ، وكف يملكها وهو الذي باعني إياها بالأمس ؟؟؟
ثم إذا اشترى البنك منه ! باعني إياها !!
وكيف يبيعني إياها وأنا مالكها الشرعي !؟
فالبنك اشترى ممن لا يملك ! والبائع باع ما لا يملك !! والمشتري اشترى ما يملك !!!
2. ربح ما لم يضمن
وقد نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم
والبنك لا تمر عليه لحظة " ضمان " يضمن فيها البضاعة المشتراة !
فأثناء وجودنا في " الحراج " لا علاقة له بالسيارة ولا بخرابها ولا بتلفها ، وأثناء مجيئنا إليه : كذلك ، وأثناء إإتمام الصفقة في البنك : كذلك !
فيشتري البنك ويبيع ويربح وهو لم يضمن لحظة واحدة ، بل ضمانها إما على البائع وإما على المشتري !
3. البيع قبل الحيازة
والبنك لا يحوز البضاعة لرحله ، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم التجار أن يبيعوا السلع حتى يحوزها أحدهم إلى رحله .
وهذا ما لا يفعله البنك
ففي بعض الأحيان يؤتى بالبضاعة عنده عند " باب البنك " !
وفي أحيان قليلة " يقوم " معه الموظف ليرى البضاعة في " محلها " !
وأما قول بعضهم : إن هذا خاص بالطعام :
فيرد عليه من وجهين :
أ . عموم قوله " السلع " .
ب . قول ابن عباس " ولا أحسب غير الطعام إلا مثله " .
والمعروف أن ذكر بعض أفراد العموم بحكم موافق لا يخصص الحكم ، فذكر " الطعام " في حديث آخر بحكم موافق لا يجعل الحكم خاصا في الطعام كما هو واضح بيِّن .
4. فتح باب شر
والشرور والمفاسد المترتبة على مثل هذه الصور كثيرة ، ومنها :
أن بعض التجار صار يبيع " الفواتير " دون البضاعة ، وهذا يعلمه البنك ، لكن هم تجار كذلك – كما صرح مدير فرع لهم - ولا يهمهم سوى الربح !
وقد جاء بعض إخواننا التجار ليسألني عن حكم بيع الفواتير للبنك الإسلامي !
فلما استفسرت منه قال : إن كثيراً من الناس لا يريدون الشراء الحقيقي ، فيذهبون للتاجر ويتفقون معه على بضاعة وهمية يوقعون الاتفاق عليها ثم يرجعونها إلى التاجر نفسه !
فإذا استلم التاجر ثمنها من البنك : أعطاها للمشتري وأخذ منها نسبة تصل لـ 10 % !
والتاجر أخذ هذه النسبة على " البارد المبرد " فبضاعته عنده ، ومال المشتري والبنك في جيبه !!
وإذا كانت لك " واسطة " في البنك : فإن بضاعتك لا تتحرك من مكانها !!!
وقد حصلت قصة طريفة عندنا كما في الصورة السابقة ، وهي أن التاجر انقلب على المشتري فلم يعطه المبلغ لطمعه به ، وألزمه بالبضاعة فلم يكن للمشتري رغبة بها ، فقال له التاجر : دع البضاعة عندي ، وأتني كل آخر شهر لأعطيك قسط البنك تدفعه لهم !!
5. مشابهة بني إسرائيل في الحيل
والمقصود الحقيقي من هذا العقد : هو ديْن يريده المشتري من البنك ، لكن البنك لأن اسمه ! " الإسلامي " ! لا يعطيه قرضاً حسناً ولا سيئاً يأخذ عليه ربا
فاحتالوا بهذه الطريقة للوصول إلى هذا المقصود
وللعلم
فقد أعلن عن صفقة مولها بعض البنوك الإسلامية لشراء طائرة !!
فأسألك بالله هل ذهب البنك ورآها فضلا أن يكون حازها ؟؟
إن الذي يحصل في هذه الصورة من العقد هو الحرام بعينه وهي الحيلة بعينها
وكثير من التجار يشترون بضائعهم من الخارج ويتفقون مع المصانع ويدفعون العربون فإذا بقي التمويل والدفع جاء دور البنك !!
فهل هذا البنك من التجار !!؟؟
ومما يدل على أنه ليس من التجار :
أن موظف هذا القسم يشتري أي بضاعة ! فهل مر عليك " رجل " يفهم في " كل شيء " ؟؟
إن هذا الموظف لا يعدو دوره عن شراء " فواتير " وبيع لفقير لا يملك المال .
وقد يكون فيه إضافة أو زيادة
لكني أكتب بأصبع واحدة ! فلا أستطيع التكملة
وقد لا أرد لأن الأمر واضح وأرجو أن يتضح لك ولغيرك
وأذكرك أن العبرة في العقود بمعانيها وحقيقتها لا بألفاظها وظاهرها .
والله أعلم
إحسان بن محمد بن عايش العتيبـي

18‏/11‏/2012

مفهوم البنوك الإلكترونية وانماطها وخيارات القبول والرفض


مفهوم البنوك الإلكترونية وانماطها وخيارات القبول والرفض .
 الخدمات المالية على الخط أساس فكرة البنوك الإلكترونية
     يستخدم  تعبير او اصطلاح البنوك الإلكترونية ( Electronic Banking  ) او بنوك الإنترنت  (Internet Banking  ) كتعبير متطور وشامل للمفاهيم التي ظهرت مع مطلع التسعينات كمفهوم الخدمات المالية عن بعد او البنوك الالكترونية عن بعد ( Remote Electronic Banking ) أو البنك المنزلي (Home Banking) او البنك على الخط
 ( Online Banking) او الخدمات المالية الذاتية ( Self – Service Banking ) ، وجميعها تعبيرات تتصل بقيام الزبائن بادارة حساباتهم وانجاز اعمالهم المتصلة بالبنك عن طريق المنزل او المكتب او أي مكان آخر وفي الوقت الذي يريد الزبون ، ويعبر عنه بعبارة ( الخدمة المالية في كل وقت ومن أي مكان ).
        وقد كان الزبون عادة يتصل بحساباته لدى البنك ويتمكن من الدخول اليها واجراء ما تتيحه له الخدمة عن طريق خط خاص ، وتطور المفهوم هذا مع شيوع الانترنت اذ امكن للزبون الدخول من خلال الاشتراك العام عبر الانترنت ، لكن  بقيت فكرة الخدمة المالية عن بعد تقوم على اساس وجود البرمجيات المناسبة داخل نظام كمبيوتر الزبون ، بمعنى ان البنك يزود جهاز العميل ( الكمبيوتر الشخصي PC  ) بحزمة البرمجيات – اما مجانا او لقاء رسوم مالية – وهذه تمكنه من تنفيذ عمليات معينة عن بعد ( البنك المنزلي ) ، او كان العميل يحصل على حزمة البرمجيات اللازمة عبر شرائها من الجهات المزودة ، وعرفت هذه الحزم باسم برمجيات الادارة المالية الشخصية  (Personal-Financial-management PFM  ) مثل حزمة ( Microsoft’s Money ) وحزمة (ntuits Quicken  ) وحزمة ( Meca’s Managing Your Money  ) وغيرها، وهذا المفهوم للخدمات المالية عن بعد هو الذي يعبر عنه واقعيا ببنك الكمبيوتر الشخصي ( PC  banking ) وهو مفهوم وشكل قائم ولا يزال الاكثر شيوعا في عالم العمل المصرفي الإلكتروني .
تطور فكرة الخدمة عن بعد وميلاد البنوك الإلكترونية بمعناهـا الحديث
   في ظل وجود شبكة الانترنت وشيوعها وازدياد مستخدميها ، وفي ظل التطور الهائل في تقنيات الحوسبة والاتصال التي حققت تبادلا سريعا وشاملا للمعلومات ضمن سياسة وخطط الانسياب السلس للبيانات ومفهوم المعلومة على الخط  ، وترافق ذلك مع استثمار الانترنت في ميدان النشاط التجاري الإلكتروني ضمن مفاهيم الاعمال الالكترونية والتجارة الالكترونية  ، ومع الاعتماد المتزايد على نظم الحوسبة في ادارة الانشطة وازدياد القيمة الاقتصادية للمعلومات ككيان معنوي امسى هو المحدد الاستراتيجي للنجاح في قطاعات الاعمال والمال والاستثمار المالي ، في ظل ذلك كله ، تطور مفهوم الخدمات المالية على الخط ، لتتحول الفكرة من مجرد تنفيذ اعمال عبر خط خاص ومن خلال برمجيات نظام كمبيوتر العميل ، الى بنك له وجود كامل على الشبكة ويحتوى موقعه كافة البرمجيات اللازمة للاعمال المصرفية ، وفوق ذلك تطور مفهوم العمل المصرفي من اداء خدمات مالية خاصة بحسابات العميل الى القيام بخدمات المال والاستشارة المالية وخدمات الاستثمار والتجارة والادارة المالية وغيرها .
        إن البنوك الالكترونية - وتعرف ايضا ببنوك الانترنت او بنوك ( الويب )    (Internet Banking او Web Banking   ) - برغم علاقتها بالكمبيوتر الشخصي ، فانها لم تاخذ كافة سماتها ومحتواها من مفهوم بنك الكمبيوتر الشخصي المتقدم الاشارة اليه ، فالبرمجيات التي تشغل البنك الالكتروني ليست موجودة في نظام كمبيوتر الزبون ، والفائدة من ذلك كبيرة ، فالبنك او مزود البرمجيات ليس ملزما بارسال الاصدارات الجديدة والمتطورة من البرمجيات للعميل  كلما تم تطويرها ، ويمكن بفضل ذلك ايضا ان يدخل العميل الى حساباته والى موقع البنك وخدماته من أي نظام آخر في أي مكان او أي وقت وليس فقط من خلال كمبيوتره الخاص كما هو الحال في فكرة البنك المنزلي او البنك على الخط . كما ان تعلم استخدام البرمجيات لم يعد متطلبا كالتزام على البنك ، فالموقع يتيح ذلك والعديد من مواقع البرمجيات الشبيهة تقدم مثل هذا التعريف ، وفوق  ذلك كله  فان البنك عبر الانترنت ، او بنك الموقع ، يتيح مداخل للزبون باتجاه مواقع حليفة او شبيهة او مكملة لخدماته ، كمواقع اصدار وادارة البطاقات المالية  ، او امن المعلومات المتبادلة ، او مواقع مؤسسات شهادات التعاقد والتوثيق، او مواقع تداول الاسهم او أي مواقع اخرى تقدم أي نمط او نوع من الخدمات المالية او الاستشارية عبر البنك المستضيف او شركائه .
        والبنوك الالكترونية بمعناها الحديث ليست مجرد فرع لبنك قائم يقدم خدمات مالية وحسب ، بل موقعا ماليا تجاريا اداريا استشاريا شاملا ، له وجود مستقل على الخط ، فاذا عجز البنك نفسه عن اداء خدمة ما من بين هذه الاطر كان الحل اللجوء الى  المواقع المرتبطة التي يتم عادة التعاقد معها للقيام بخدمات عبر نفس موقع البنك ، بل ان احد اهم تحديات المنافسة في ميدان البنوك الالكترونية ان مؤسسات مالية تقدم على الشبكة خدمات كانت حكرا على البنوك بمعناها التقليدي او بمعناها المقرر في تشريعات تنظيم العمل المصرفي ، وليس غريبا ان نجد مؤسسات تجارية او مؤسسات تسويقية تمارس اعمالا مصرفية بحتة نتجت عن قدراتها المتميزة على ادارة موقع مالي على الشبكة ، واصبحت بنكا حقيقيا بالمعنى المعروف بعد ان كانت تعتمد – عبر خطوط مرتبطة بها – على البنوك القائمة ، فبعض مواقع التسوق الالكتروني ، كمتاجر بيع الكتب ، اعتمدت على بنوك تجارية قبلت انفاذ عمليات الدفع النقدي وتحويل الحسابات ، ووجدت هذه الشركات نفسها بعد حين تمتلك وسائل الدفع النقدي التقنية وتستطيع انشاء قواعد حسابات بنكية خاصة بعملائها ، وتمنحهم ضمن سياساتها التسويقية تسهيلات في الوفاء بالتزاماتهم نحوها ، ومن حيث لم تكن تريد امست مؤسسات تمارس اعمالا مصرفية ، فتح الحساب ، ومنح الاعتماد ، وادارة الدفع النقدي ، ونقل الاموال ، واصدار بطاقات الائتمان والوفاء الخاصة بزبائنها ، وغيرها.
         وهذا - من جهة اخرى - خلق امام المؤسسات التشريعية القائمة تحديا كبيرا حول مدى السماح للمؤسسات غير المصرفية القيام باعمال مصرفية ، وما اذا كانت قواعد الرقابة واجراءاتها المناطة عادة بمؤسسات الرقابة المصرفية كالبنوك المركزية ونحوها ، تنطبق على هذه المؤسسات ، الى جانب تحدي الزام هذه المؤسسات بمراعاة المعايير والقواعد المقررة من جهات الاشراف المصرفي .
        وعليه ، ووفقا لما تقدم فان البنك الالكتروني يشير الى النظام الذي يتيح للزبون الوصول الى حساباته او اية معلومات يريدها والحصول على مختلف الخدمات والمنتجات المصرفية من خلال شبكة معلومات يرتبط بها جهاز الحاسوب الخاص به او اية وسيلة اخرى .
في أنماط البنوك الالكترونية وخدماتها .
ليس كل موقع لبنك على شبكة الانترنت يعني بنكا الكترونيا ، وسيظل معيار تحديد البنك الالكتروني مثار تساؤل في بيئتنا العربية الى ان يتم تشريعيا تحديد معيار منضبط في هذا الحقل . ووفقا للدراسات العالمية وتحديدا دراسات جهات الاشراف والرقابة الامريكية والاوروبية .
 فان هناك ثلاثة صور اساسية للبنوك الالكترونية على الانترنت :
أ. الموقع المعلوماتي ، Informational وهو المستوى الاساسي للبنوك الالكترونية او ما يمكن تسميته بصورة الحد الادنى من النشاط الالكتروني المصرفي ، ومن خلاله فان البنك يقدم معلومات حول برامجه ومنتجاته وخدماته المصرفية.
ب. الموقع التفاعلي او الاتصالي Communicative بحيث يسمح الموقع بنوع ما من التبادل الاتصالي بين البنك وعملائه كالبريد الالكتروني وتعبئة طلبات او نماذج على
الخط او تعديل معلومات القيود والحسابات .
ج. الموقع التبادلي  Transactional  وهذا هو المستوى الذي يمكن القول ان البنك فيه يمارس خدماته وانشطته في بيئة الكترونية ، حيث تشمل هذه الصورة السماح للزبون بالوصول الى حساباته وادارتها واجراء الدفعات النقدية والوفاء بقيمة الفواتير واجراء كافة الخدمات الاستعلامية واجراء الحوالات بين حساباته داخل البنك او مع جهات خارجية .
        وكما سنرى تاليا لدى استعراض واقع العمل المصرفي الالكتروني ، فان غالبية البنوك في العالم قد انشات بشكل او باخر مواقع معلوماتية تعد من قبيل المواد الدعائية ، واتجهت معظم المواقع الى استخدام بعض وسائل الاتصال التفاعلي مع الزبون ، على عكس المواقع التبادلية ، التي لا تزال اتجاهات البنوك نحوها تخضع لاعتبارات عديدة ، فهذه المواقع تعني قدرة الزبون على التعامل مع الخدمة المصرفية عن بعد ومن خلال الانترنت ، ولعل هذا ما يجعلنا نتمسك بالقول الذي نوضحه لاحقا من ان البنوك الالكترونية انما هي البنوك التي تقع في نطاق النمط الثالث من الانماط المتقدمة .
والفهم الصحيح لكل مستوى من المستويات المتقدمة يتطلب الوقوف على الخدمات التي يباشرها البنك في كل مستوى .
تغير القناعة بشأن أمن الإنترنت أساس تنامي القناعة بالبنوك الالكترونية
    من فترة قصيرة مضت لم نكن نسمع احدا يقر ان شبكة الإنترنت بيئة آمنة ، وربما لا نزال نحن مع القول ان تحقيق درجة مقبولة من الامن على الشبكة امسى اهم متطلبات التوائم مع استحقاقاتها ، وتصبح مشكلة امن المعلومات اكثر حدة بالنسبة لعمليات التحويل النقدي باشكالها المختلفة .
     غير ان الاتجاه نحو قبول الانترنت كواسطة تبادل يزداد يوما فيوما ، ربما بسبب شيوع الاهتمام بامنها ، وتحديدا عبر الإبداع المتزايد في ميدان وسائل امن التقنية وامن المعلومات ، الى جانب الاهتمام التشريعي والتنظيمي لتوفير الحماية لبيانات ومعلومات الانترنت ، وربما ، بسبب ان البنوك الفاعلة الكبرى دخلت المعركة وشيئا فشيئا تضيق فرص الاختيار بين العمل على الشبكة او البقاء خارجها ، وتتجه عوامل السوق واستراتيجيات التسويق والادارة نحو استثمار الانترنت بيئة للعمل ، لانها تحتل مكانا يتسع يوما فيوم في ميدان النشاط التجاري والمالي .
    إن المستخدمين تتزايد قناعاتهم بتحقق مستوى من الامن ، لكن خياراتهم تتوقف على مدى فعالية اجراءات الامن ، ومن هنا كان التحدي الاول لصناع القرار هو امن المعلومات وتحصين مواقع العمل من الاختراقات الخارجية والداخلية ، ولعل من اكثر العوامل مساهمة في الاتجاه نحو قبول التعامل المالي على الشبكة نشوء ووجود بوالص تامين على مخاطر العمل عبر الشبكة ، وكلنا يعلم انه بقدر توفر التأمين من الخطر تتلاشى الخشية من حصوله ، لان المال مضمون ، ان لم يكن بسبب ما تفرضه وتتطلبه شركات التامين من اجراءات سلامة وامن ، فبفضل وجود التعويض عند تحقق الخطر .

لماذا البنوك الالكترونية

      ان الزبون بحاجة للحصول على حل لمشكلته وليس مشاهدة عرض يقدم له ، هذه اول الحقائق التي يمثل ادراكها مبرر وجود البنك الالكتروني بل اساس نجاحه  ، لهذا كان موقع شركة  E- Loan المتخصصة بالاقراض الالكتروني – على سبيل المثال -  مميزا بين سائر المواقع الشبيهة ويميزها عن جهات الاقراض غير الالكترونية ، لانه ليس مجرد  موقع يعرض الاقراض بالوسائل التقنية ، بل لانه يساعد المستخدمين على تحديد وحساب احتياجاتهم وخياراتهم المتطلبة لحل مشاكلهم ثم يقدم حزمة من العروض والخدمات التي تتفق مع رغبة وطلب العميل .
     إن أول قاعدة هي ان السؤال الخاطئ بشان الخدمة المطلوبة يؤدي الى مخرجات خاطئة ، وهو ما يعني ان بناء موقع البنك الإلكتروني يتعين ان ينطلق من مدخلات صحيحة ، فاذا سالنا زبون البنك ما هو طلبك ، فكان جوابه اريد اجراء دفع على الخط او اريد خيارات اخرى بشان حساب الشيكات خاصتي او اريد فتح اعتماد او او اريد معاملة اقراض سريعة ، فان ذلك سؤال خاطيء بالنسبة لمستقبل العمل والتميز في الخدمة  ، لكن ان سألناه ، ما هي مشكلتك التي ترغب بان نقدم حلا لها ، ربما كان جوابه انه قلق على تعليم ابنائه او تطوير تجارته او خائف من التقاعد او نحو ذلك ، وعندها يكون ما نقدمه حلا متفقا مع طلب العميل متكاملا شاملا ينطوي على اكثر من خدمة ،،
     ان البنوك غير الالكترونية ، تقدم جزءا من الحلول لمشكلات الزبون لكنها لا تقدم حلولا شاملة او تقدم حلولا جزئية بكلف عالية  ، فاذا علمنا ان التنافس على اشده في سوق العمل المصرفي ، وعنوانه الخدمة الشاملة والاسرع بالكلفة الاقل ، فان البنوك الالكترونية فرصة لتحقيق معدلات افضل للمنافسة والبقاء في السوق ، وببساطة ، فان الظن ان البنك الالكتروني مجرد ادارة لعمليات مصرفية وحسابات مالية ظن خاطئ ، لان التقنية تتيح للزبون بذاته ان يدير مثل هذه الاعمال ولا يأبه بها ، ان وجود البنك الالكتروني مرهون بقدرته على التحول الى موقع للمعلومة ومكان للحل المبني على المعلومة الصحيحة ، انه مؤسسة للمشورة ، ولفتح آفاق العمل ، انه مكان لفرص الاستثمار وادارتها ، مكان للخدمة المالية السريعة باقل الكلف ، مكان للادارة المتميزة لاحتياجات الزبون مهما اختلفت ، مكان لما يمكن ان تسميه ، وقفة التسوق الواحدة ( One – stop shopping )  . كموقع   Intuit  Quicken. Com اذ يلحظ المستخدم ان هذا الموقع  يقدم خدمات مالية وضريبية واستشارية واستثمارية ويعرض حزما من الخدمات الشاملة تتلاقى مع متطلبات الزبائن لحل مشكلاتهم .
       كما ان الاتجاه نحو الدفع النقدي الالكتروني المصاحب لمواقع التجارة والاعمال الالكترونية يقدم مبررا لبناء البنوك الالكترونية ، فشركات التامين  النفط ، الطيران ، الفنادق ، …الخ تتجه بخطى واثقة نحو عمليات الدفع عبر الخط او الدفع الالكتروني ، وهي  عمليات تستلزم - ان لم يكن موقع الشركة يوفر وسائل الدفع النقدي - وجود حسابات بنكية او حسابات تحويل او نحوها ، وترك الساحة دون تواجد يعني دفع القطاعات المشار اليها الى ممارسة اعمال مالية على الخط لسد احتياجاتها التي لا توفرها جهات العمل المصرفي المتخصصة .
    واللجوء الى البنوك الالكترونية ، لجوء لاحد وسائل المنافسة ودرء مخاطر المنافسة المضادة، وهو ايضا لجوء الى تقديم خدمات شاملة بوقت قصير من عدد محدود من الموظفين ولقاء كلف اقل ، باعتبار ان البنك الالكتروني يوفر في كلفة موجودات الوجود الفعلي للبنك ( المقر والموظفين والمصروفات والفروع وغيرها )  لكن علينا ان نعلم ان الوفرة في تكلفة تقديم الخدمة لا يتعين ان تعود للبنك نفسه ، فهذا لا يقيم فرقا بينها وبين الخدمات غير الالكترونية ، لهذا  تقوم البنوك الالكترونية على قاعدة رئيسة اخرى وهي ان الوفرة في كلفة الخدمة عائد تشاركي بين البنك والعميل ، ومن هنا كانت بدلات تقديم الخدمة للعميل اقل بكثير مما يؤديه بالنسبة للخدمات الشبيهة غير الالكترونية .
      قد لا يكون صحيحا قول احد اشهر باحثي البنوك الالكترونية ان الاتجاه الحتمي نحو البنوك الالكترونية  يوجه رسالة الى البنوك التقليدية – كما يسميها – مضمونها ان اللعبة قد انتهت ، ( Game is Over ) ، ربما في ذلك مبالغة ، فلا يزال العمل البنكي – سيما ضمن محاولاته اللحاق بركب التقنية واستثمار التكنولوجيا – قائما ومزدهرا ، لكن الخشية من تطورات دراماتيكية في وقت لا تتوفر لنا القدرة ولا الخيارات للتوائم معها ، او ربما نكون عندها قد تاخرنا كثيرا في ظل حقيقة ان الوجود المبكر على الشبكة عامل هام من عوامل النجاح .

08‏/11‏/2012

الفرج بعد الشدة

الفرج بعد الشدة
 من كرم الله علينا أنه سبحانه ما خلقنا عبثا و أوجدنا في هذه الحياة الدنيا مُكرمين وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ﴿٧٠الإسراء .
و تأتي الابتلاءات للإنسان لتكفير ذنوبه و رفع درجاته و صقل إيمانه لكن من كرم الله سبحانه أنه لا يضيع أجرا لصابر علي بلاء أو منتظراً فرجا بعد شدة فإن انتظار الفرج نوع من العبادة كما ذكر العلماء .
و لقد ذُكر الكرب في القرآن مفردا دون وصف له مرة واحدة في قوله تعالي : قُلِ اللَّـهُ يُنَجِّيكُم مِّنْهَا وَمِن كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنتُمْ تُشْرِكُونَ ﴿٦٤الأنعام.
و جاء ذكر الكرب مقترنا بوصف العظيم أي"الكرب العظيم" في موضعين بالقرآن الكريم في قوله تعالي : وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ ﴿٧٦الصافات.
و قد جاءت الآية الأولي عقب قوله تعالي: قُلْ مَن يُنَجِّيكُم مِّن ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَّئِنْ أَنجَانَا مِنْ هَـٰذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ ﴿٦٣الأنعام.
ثم الآية التي بعد آية فك الكرب قوله تعالي قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَىٰ أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ ۗ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ ﴿٦٥الأنعام.
إنها إشارة واضحة أن كاشف الهم و الكرب هو الله القادر سبحانه و تعالي. قال الحسن البصري في قوله : قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَىٰ أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ ۗ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ ﴿٦٥الأنعام. قال هذه للمشركين .
و قوله وَنُوحًا إِذْ نَادَىٰ مِن قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ ﴿٧٦الأنبياءإشارة نصرة الله لنبيه و رسوله نوح عليه السلام حين كذبه قومه فدعا ربه فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ ﴿١٠القمرفكان النجاة من الكرب الذي وصفه الحق سبحانه و تعالي : "بالكرب العظيم" و أهلك قومه الذين كفروا به و بالله عز وجل.
و قد جاء نقس الوصف في سورة الصافت خاصا بنوح و أهله أيضا وَنُوحًا إِذْ نَادَىٰ مِن قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ ﴿٧٦الأنبياء، بعد أن ذكر الله دعاء و نداء نوح لربه حين كذبه قومه وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ ﴿٧٥الصافات. إنه فضل الله يؤتيه من يشاء من عباده .
و لقد رُوي عن علي بن أبي طالب (ض)قوله : (سبع آيات من قرأها لم يحرم ما بعدها و عند الله المزيد):
الأولي :وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَـٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴿٨٧﴾ الأنبياء.ما قرأها مكروب إلا فرج الله عنه .
الثانية :وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا ۖ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا ۖ وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا ۚ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي ۖ إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴿١٥﴾ الأحقاف.
الثالثة :الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّـهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ﴿١٧٣الأنعام.
الرابعة :فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ ۚوَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّـهِ ۚ إِنَّ اللَّـهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ﴿٤٤غافر.
الخامسة :وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّـهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ ۖ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴿١٧الأنعام.
السادسة :فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ﴿٥إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا﴿٦الشرح.
السابعة :مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّـهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ۖ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّـهِ وَرِضْوَانًا ۖ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ۚ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ۚ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ۗ وَعَدَ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﴿٢٩الفتح.
و قد روي أيضا عن جعفر الصادق (ض) أنه قال : من قرأ هذه السبع الآيات في يومه كفاه الله كل بلية و دفع عنه كل شكية و بلغه كل أمنية .
الأولي : قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّـهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا ۚ وَعَلَى اللَّـهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴿٥١التوبة.
الثانية : وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّـهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ ۖ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴿١٧الأنعام.
الثالثة : وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّـهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا ۚ كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ﴿٦﴾ هود.
الرابعة : إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّـهِ رَبِّي وَرَبِّكُم ۚ مَّا مِن دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا ۚ إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴿٥٦هود.
الخامسة : وَكَأَيِّن مِّن دَابَّةٍ لَّا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّـهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ ۚ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴿٦٠العنكبوت.
السادسة: مَّا يَفْتَحِ اللَّـهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا ۖ وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴿٢ فاطر.
السابعة : وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّـهُ ۚ قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّـهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ ۚ قُلْ حَسْبِيَ اللَّـهُ ۖ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ﴿٣٨الزمر.
و قال الإمام الحسن البصري: عجباً لمكروب غفل عن خمس آيات من كتاب الله عز وجل وعلم فوائدها. قال تعالى :
 • وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ﴿١٥٥الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّـهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴿١٥٦أُولَـٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ۖ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴿١٥٧البقرة.
 • فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّـهِ ۚ إِنَّ اللَّـهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ﴿٤٤فَوَقَاهُ اللَّـهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا ۖ وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ﴿٤٥غافر.نهاية الحوار الرائع بين مؤمن آل فرعون وقومه.
 • الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّـهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ﴿١٧٣فَانقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّـهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّـهِ ۗ وَاللَّـهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ﴿١٧٤ آل عمران.
 • وقال تعالى ليونس عليه السلام:وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَـٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴿٨٧فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ۚ وَكَذَٰلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴿٨٨الأنبياء.
 • وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴿٨٣فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ ۖ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَىٰ لِلْعَابِدِينَ ﴿٨٤الأنبياء.
و روي عن الحسن قوله في تلك الآيات السابقة : من لزم قراءة هذه الآيات في الشدائد كشفها الله عنه لأنه قد وعد و حكم فيهن بما جعله لمن قالهن و حكمه لا يبطل و وعده لا يخلف .
و لقد روي عن عن علي بن هشام الكاتب قال :
سمعت أبا عبد الله الباقطائي ، يقول : سمعت عبيد الله بن سليمان ، يقول في وزارته : قال : لي أبي :كنت يوما في حبس محمد بن عبد الملك الزيات ، في خلافة الواثق ، آيس ما كنت من الفرج ، وأشد محنة وغما ، حتى وردت علي رقعة أخي الحسن بن وهب ، وفيها شعر له :
محن أبا أيوب أنت محلها
فإذا جزعت من الخطوب فمن لها
إن الذي عقد الذي انعقدت به عقد المكاره فيك يحسن حلها
فاصبر فإن الله يعقب فرجة ولعلها أن تنجلي ولعلها
وعسى تكون قريبة من حيث لا ترجو وتمحو عن جديدك ذلها
قال : فتفاءلت بذلك ، وقويت نفسي ، فكتبت إليه :
صبرتني ووعظتني وأنا لها
وستنجلي بل لا أقول لعلها
ويحلها من كان صاحب عقدها ثقة به إذ كان يملك حلها
قال : فلم أصل العتمة ذلك اليوم ، حتى أطلقت ، فصليتها في داري ، ولم يمض يومي ذاك ، حتى فرج الله عني ، وأطلقت من حبسي.
وروي أن هاتين الرقعتين وقعتا بيد الواثق ، الرسالة والجواب ، فأمر بإطلاق سليمان ، وقال والله ، لا تركت في حبسي من يرجو الفرج ، ولا سيما من خدمني ، فأطلقه على كره من ابن الجراح الزيات لذلك .
و لقد حدث للحسن البصري أيام الحجاج أمر جلل لكن الله يدافع عن الذين آمنوا فلقد دخل الحسن البصري على الحجاج واسط فرأى بناءه فقال:
" الحمد لله ان هؤلاء الملوك ليرون في أنفسهم عبرا، وانا لنرى فيهم عبرا، يعمد أحدهم إلى قصر فيشيده، وفرس فيتخذه ، وقد حف به ذباب طمع وفراش نار.
ثم يقول ألا فانظروا ما صنعت فقد رأينا يا عدو والله ما صنعت، فماذا يا أفسق الفاسقين، أما أهل السماء فمقتوك، وأما أهل الأرض فلعنوك، ثم خرج وهو يقول: إنما أخذ الله الميثاق على العلماء ليبيننه للناس ولا يكتمونه.
فتغيظ الحجاج عليه غيظا شديدا وقال يا أهل الشام: هذا عبيد أهل البصرة، يدخل على فيشتمني في وجهي فلا يكون له مغير ولا نكير والله لأقتلنه، فمضى أهل الشام إلى الحسن فحملوه إلى الحجاج وعرف الحسن ما قاله، فكان طول طريقه يحرك شفتيه.فلما دخل وجد السيف
النطع بين يدي الحجاج وهو متغيظ، فلما رآه الحجاج كلمه بكلام غليظ فرفق به الحسن ووعظه، فأمر الحجاج بالسيف والنطع فرفعا ولم يزل الحسن يمر في كلامه حتى دعا الحجاج بالطعام فأكلا، وبالوضوء فتوضأ، وبالغالية فغلفه بيده وصرفه مكرما.
قال صالح بن مسمار: فقيل للحسن بم كنت تحرك شفتيك؟ قال قلت: يا غياثي عند دعوتي، ويا عدتي في ملتي، ويا ربى عند كربتي، ويا صاحبيفي شدتي، ويا ولي في نعمتي، ويا إلهي وإله إبراهيم، وإسماعيل، وإسحاق،ويعقوب، والأسباط، وموسى، وعيسى، ويا رب النبيين كلهم أجمعين، ويا رب كهيعص، وطه، وطس، ويس، ويا رب القرآن الكريم، صل على محمد وآله الطيبين الطاهرين، وارزقني مودة عبدك الحجاج وخيره ومعروفه، واصرف عنى أذاه وشره ومكروهه ومعرته، قال صالح: فما دعونا بها في شدة إلا فرج عنا.
و هذا نبي الله يونس بعثه الله إلي أهل نينوي من أرض الموصل فدعاهم إلي عبادة الله وحده فكذبوه و تمردوا عليه و لم يؤمنوا به فلما طال عليه ما أمرهم غضب عليهم و خرج من بين أظهرهم و وعدهم بعذاب الله يلحق بهم بعد ثلاث. و ذهب يونس (ص) مغاضبا بسبب قومه و ركب سفينة في البحر و ذلك دون ان يأتيه الأمر من الله فاضطربت السفينة و ماجت و أوشكت علي الغرق بمن عليها و كان من عادة أهل هذا الزمان في تلك الحالة أن يقترعوا فمن وقعت عليه القرعة ألقي في البحر لأنه قد يكون عاصيا و لكي تخف حمولة السفينة و ينجو الباقون . فلما اقترعوا وقعت القرعة علي نبي الله يونس فلم يسمحوا به فأعادوها ثانية فوقعت عليه أيضا فلم يرضوا بأن يلقي في البحر و أعادوا الثالثة فوقعت عليه أيضا فعلم يونس أنه هو المقصود و أن الله أراد به أمرا فألقى بنفسه في البحر ، فلما ألقى يونس بنقسه في البحر أمر الله حوتا عظيما من البحر فالتقمه و أمره الله تعالي ألا يأكل له لحما و لا يهشم له عظاما فأخذه و طاف به البحار و قيل أنه ابتلع ذلك الحوت حوتا أكبر منه ، و لما استقر يونس في بطن الحوت و وجد نفسه سليما و سمع تسبيح الحيتان لله في البحر و رأي ما فيه من الكرب و الغم و الضيق و الضر و البلوي لهج لسانه بالتسبيح لله رب العالمين و أقر بذنبه و طلب العفو و المغفرة من الله فقال : لا أله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين .
قال تعالي : وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴿١٣٩إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ ﴿١٤٠فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ ﴿١٤١فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ ﴿١٤٢فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ ﴿١٤٣لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴿١٤٤فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ ﴿١٤٥وَأَنبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِّن يَقْطِينٍ ﴿١٤٦وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَىٰ مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ ﴿١٤٧فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَىٰ حِينٍ ﴿١٤٨الصافات.
خرج ابن إسحاق والبزار وابن جرير عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله: " لما أراد الله حبس يونس عليه السلام في بطن الحوت أوحى الله إلى الحوت أن خذه ولا تخدش له لحما ولا تكسر له عظما فأخذه ثم أهوى به إلى مسكنه في البحر فلما انتهى به إلى أسفل البحر سمع يونس حسا فقال في نفسه: ما هذا ! فأوحى الله إليه وهو في بطن الحوت: إن هذا تسبيح دواب الأرض فسبح وهو في بطن الحوت فسمعت الملائكة عليهم السلام تسبيحه فقالوا: ربنا إنا نسمع صوتا ضعيفا بأرض غربة قال: ذاك عبدي يونس عصاني فحبسته في بطن الحوت في البحر قالوا: العبد الصالح الذي كان يصعد إليك منه في كل يوم عمل صالح ؟ قال: نعم فشفعوا له عند ذلك فأمره فقذفه في الساحل كما قال الله وهو سقيم.و هكذا نجا الله يونس من الغم و أمر الحوت أن يلقيه بالساحل و أنبت عليه شجرة من يقطين تظلله و تغذيه .
قال بعض العلماءفي إنبات القرع عليه حكم جمة؛ منها: أن ورقه في غاية النعومة، وكثير وظليل، ولا يقربه ذباب، ويؤكل ثمره من أول طلوعه إلى آخره، نياً ومطبوخاً وبقشره وببزره أيضاً. وفيه نفع كثير، وتقوية للدماغ، وغير ذلك.
و أما عن دعاء يونس فقد قال عنه (ص) (اسم الله الذي إذا دعي به أجاب و إذا سئل به أعطي دعوة يونس بن متى).
سمعت سعد بن مالك -وهو ابن أبي وقاص - يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "اسم الله الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى: "دعوة يونس بن متى".
قال: فقلت يا رسول الله:هي ليونس خاصة أم لجماعة المسلمين؟
قال: هي ليونس خاصة وللمؤمنين عامة إذا دعوا بها. ألم تسمع قول الله تعالى:.. فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَـٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴿٨٧ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ۚ وَكَذَٰلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ﴿٨٨فهو شرط من الله لمن دعاه به.
و يحكي عن الوليد بن عبد الملك بن مروان ، كتب إلى صالح بن عبد الله المزني، عامله على المدينة، أن أنزل الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، فاضربه في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، خمسمائة سوط، قال: فأخرجه صالح إلى المسجد، ليقرأ عليهم كتاب الوليد بن عبد الملك، ثم ينزل فيضرب الحسن، فبينما هو يقرأ الكتاب، إذ جاء علي بن الحسين عليهما السلام ، مبادراً يريد الحسن، فدخل والناس معه إلى المسجد، واجتمع الناس، حتى انتهى إلى الحسن فقال له: يا ابن عم، ادع بدعاء الكرب . فقال : وما هو يا ابن عم قال: قل: لا إله إلا الله الحليم الكريم، لا إله إلا الله العلي العظيم، سبحان الله رب السماوات السبع، ورب العرش العظيم، والحمد لله رب العالمين. قال: وانصرف علي، وأقبل الحسن يكررها دفعات كثيرة. فلما فرغ صالح من قراءة الكتاب ونزل عن المنبر، قال للناس: أرى سحنة رجل مظلوم، أخروا أمره حتى أراجع أمير المؤمنين، وأكتب في أمره . ففعل ذلك ، ولم يزل يكاتب ، حتى أطلق . قال: وكان الناس يدعون ، ويكررون هذا الدعاء ، وحفظوه . قال: فما دعونا بهذا الدعاء في شدة إلا فرجها الله عنا بمنه .
و قصص الفرج بعد الشدة بفضل الله كثيرة لا تحصي و لكن لنا معها وقفات أخري بإذن الله .
د.عمر عبد الكافي