09‏/10‏/2018

كيف غيّر "علي بابا" مسار الأعمال في العالم؟

شهدت مجموعة "علي بابا" للتجارة الإلكترونية نموًا كبيرًا منذ تأسيسها عام 1999 على يد رجل الأعمال الصيني جاك ما، الذي أسس الشركة في منزله في مدينة هانغتشو قبل أن يطلق موقع "علي بابا" في وقت لاحق من ذلك العام، حسب ما ورد على موقع "هارفارد بيزنس ريفيو".

وشهدت الشركة نجاحًا مكنها من إطلاق المزيد من المواقع مثل موقع "تاوباو" عام 2003، ثم إطلاق منصة "علي باي" و"Aliwangwang"، وهو منصة للمراسلة الفورية لتسهيل عملية الشراء على موقع "تاوباو".

وفي عام 2007 أطلقت المجموعة منصة "علي ماما" كمنصة للإعلانات، وبدأت منصة "تاوباو" تحقق إيرادات في نفس العام، وفي العام التالي تم إطلاق "تي مول" للربط بين الشركات والمستهلكين.

كما أطلقت المجموعة منصة للحوسبة السحابية عام 2009، من أجل جعل البيانات الكبيرة أولوية وجزءا من استراتيجية الشركة، وفي سبيل تعزيز عملية الدفع عبر الجوال أطلقت المجموعة ثلاث منصات عام 2010 هي "Juhuasuan" و"علي إكسبريس" وتطبيق "تاوباو" على الجوال.

ونتيجة لتنوع أعمال المجموعة لم تعد "علي بابا" مجرد شركة للتجارة الإلكترونية، بل أصبحت شبكة واسعة تنسق العمليات بين البائعين والمسوقين ومقدمي الخدمات اللوجيستية والمصنعين.

وبعبارة أخرى أصبحت مجموعة "علي بابا" تقدم الخدمات التي تقدمها عدد من الشركات الكبيرة مثل "أمازون" و"إيباي" و"جوجل" و"باي بال" و"فيديكس".


الأسباب وراء نجاح "علي بابا"
السبب
التوضيح
1- نموذج عمل فريد


- تقدم "علي بابا" خدماتها بشكل أساسي للشركات الصغيرة والأفراد، مما يحرر القوة الإنتاجية للشركات الصغيرة ويوفر خيارات أكثر تنوعًا للمستهلكين.

- نجحت "علي بابا" من خلال منصاتها الثلاث: "1688" (منصة موجهة للشركات) و"تاوباو" و"YiDaTong" (أكبر وكيل للاستيراد والتصدير في الصين) في توفير الخدمات للمؤسسات الصغيرة وخلق قيمة لم يكن بإمكان الأفراد تحقيقها وحدهم، وقد بلغت قيمة الصفقات التي تم إجراؤها على منصة "علي بابا" 458 مليون دولار عام 2014.
 
2- نموذج ربح غير تقليدي


- تأتي أرباح "علي بابا" من الإعلانات والتسويق والدعم الفني، لكنها لا تفرض رسومًا على دخول الموقع مما يجعل لديها عددا ضخما من العملاء، وتمثل الإعلانات والتسويق 57% من إجمالي أرباح "علي بابا"، في حين تمثل الخدمات الفنية القائمة على البيانات الكبيرة لسلوك المستهلكين 25% من أرباحها.

- بفضل نموذج الربح غير التقليدي أصبح لدى "علي بابا" الآن أكثر من 500 مليون مستخدم مسجل، ويشمل ذلك أكثر من 230 مليون مشترٍ نشط وأكثر من 8 ملايين بائع نشط، وقد تجاوز عدد الطلبات السنوية عبر المنصة 11 مليار طلب.
 
3- نموذج معاملات موثوق


- ساهم النموذج الذي تتبعه "علي بابا" في بناء ثقة بينها وبين العملاء، إذ يجب على كل البائعين على المنصة اجتياز اختبار للتحقق من المعلومات الخاصة بهويتهم، مما يسمح بالإشراف على جميع البائعين وبالتالي التقليل من المعاملات غير القانونية.

- بالإضافة لذلك يتم تسجيل جميع المعاملات ويمكن تتبعها أيضًا من قبل البائعين والعملاء، مما يساعد العملاء على اختيار البائعين الأكثر موثوقية.

- تقدم المنصة ميزة فريدة تتمثل في تحويل مدفوعات المستهلكين إليها أولاً، ثم تقوم بمنحها للبائعين فقط عندما يقوم المشترون بالتأكيد على أنهم استلموا السلع بحالة جيدة.

- تشجع المنصة المستهلكين على ترك تعليقاتهم وآرائهم من خلال مكافآتهم بقسائم وكوبونات خصومات مقابل تعليقاتهم، مما يساعد العملاء الآخرين على اتخاذ قرارات الشراء الأفضل.
 
4- خدمات الدعم للحصول على رضا العملاء


 - تقدم "علي بابا" مجموعة من خدمات الدعم للبائعين، مما يساعدهم على الحفاظ على التفاعل الإيجابي مع المشترين وضمان رضا العملاء وبالتالي زيادة المعاملات والمبيعات.

- تشمل هذه الخدمات تقديم التدريب للبائعين، توفير نظام ترميز خاص لإدارة عدد كبير من المتاجر على المنصة، وتطوير أداة تواصل فورية لتحقيق أفضل تواصل بين البائعين والمشترين.
 
5- الاستفادة من الفرص


- تتميز "علي بابا" بالقدرة على تحديد أفضل الفرص واستغلالها، فعلى سبيل المثال نجحت المجموعة في تحويل مهرجان "Double 11" إلى مهرجان تسوق ضخم رغم أنه يُقام يوم 11 نوفمبر، وهو موعد يقع بين العيد الوطني الصيني وعيد الميلاد حيث يتجنب معظم العملاء التسوق خلال تلك الفترة.

- قد بلغ إجمالي قيمة المعاملات على منصة "تي مول" أكثر من 146 مليون دولار خلال الدقائق الثلاث الأولى من افتتاح المهرجان عام 2014، وخلال يوم واحد فقط بلغت أرباح "تاوباو" نحو 79 مليون دولار.

- خلال هذا المهرجان أصبح البائعون على منصة "تي مول" يحتاجون إلى الإعلانات وخدمات البرمجيات بشكل كبير، مما زاد من أرباح مجموعة "علي بابا".
 
6- أنماط معاملات جديدة


تتبنى مجموعة "علي بابا" أنماطًا جديدة للمعاملات تناسب احتياجات مختلف العملاء وذلك على النحو التالي:

- نموذج المعاملات بين المستهلكين والشركات "C2B"

يستهدف هذا النموذج خفض التكاليف المطلوبة في سلسلة التوريد التقليدية وتقليل الوقت اللازم لدوران المنتج، مما يزيد من رضا العملاء.

تجمع "علي بابا" العملاء ممن لديهم احتياجات متشابهة لتكوين مجموعة شراء يمكنها شراء المنتجات الفردية بسعر الجملة، كما أنها تقوم بجمع بيانات خاصة بسلوك المستهلك لتقديم منتجات تتناسب مع عادات المستهلكين.

- استراتيجية "أونلاين" و"أوف لاين"

وفقًا لنظام "علي بابا" يمكن للعملاء شراء منتج من خلال المسح الضوئي لرمز ثنائي الأبعاد، ويمكنهم الإشارة لاستلام منتج باستخدام رمز آخر، كما توفر المجموعة خدمات الدفع عبر الهاتف من خلال "Alipay Wallet" وتعقد شراكات مع البنوك لتوفير خدمات المسح الضوئي وتحويل المدفوعات إلكترونيًا.
 
 
 
نظام متكامل وخدمات متعددة

تستهدف مجموعة "علي بابا" أن تكون أكثر من مجرد منصة للتجارة الإلكترونية، ومن أجل ذلك تقوم بتنويع أعمالها والتوسع في مجالات عديدة مثل الخدمات الإعلانية واللوجيستية والمالية من خلال:

- "علي ماما"

- هي منصة إعلانات للأعمال الموجهة للشركات، ويمكن للمستخدمين عرض المواقع المخصصة للإعلانات على المنصة بحيث يقوم المعلنون بشرائها.

- البيانات الكبيرة

- تقوم "علي بابا" بدمج مصادر البيانات التي تغطي كل جوانب الحياة اليومية للعملاء، وذلك من خلال الاستحواذ على شركات البرمجيات في مجالات أخرى مثل السفر وسيارات الأجرة والموسيقى.
- تساعد هذه البيانات المعلنين على اختيار أنسب قنوات الإعلان عبر الإنترنت وأكثرها فاعلية للوصول إلى العملاء.

- " Taobao Ke"

- يتكون من مجموعة من الأشخاص الذين يساعدون التجار على الترويج لمنتجاتهم وفقًا لنموذج "التكلفة لكل عملية بيع"، حيث يحصلون على عمولة عندما يقنعون العملاء بإتمام عملية البيع.

- "علي مايكرو فاينانس"

- يمنح قروض وودائع صغيرة للشركات الصغيرة التي تواجه صعوبات في الحصول على قروض من البنوك التقليدية.

- يستخدم الموقع بيانات سلوك العملاء التي جمعتها منصة "علي بابا" وترتيب الشركات وفقًا لتصنيف ائتماني، لتحديد مدى أحقيتها للتقدم بطلب للحصول على قرض.

- مشروع شبكة الصين الذكي "CSN"

- هو مشروع أطلقته "علي بابا" بالتعاون مع أربع شركات خدمات لوجيستية في الصين، من أجل توصيل المنتجات للمشترين خلال 24 ساعة من عملية الشراء.

- يمكن للعملاء اختيار النوع الذي يفضلونه من أنواع التسليم (الأسرع، الأرخص، أفضل خدمة)، وستقوم "علي بابا" باختيار شركة الخدمات اللوجيستية المناسبة.

- روبوتات الدردشة "Chatbot "

- في عام 2016 بدأت "علي بابا" باستخدام روبوتات الدردشة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي للرد على استفسارات العملاء.

- يتضمن ذلك سياسة الإرجاع وتكاليف التوصيل وغيرها من الأسئلة الشائعة التي يطرحها العملاء.

كيف تتبنى الأسواق العالمية المنتجات الجديدة؟

ينبغي أن تضع الشركات التي تعمل في الأسواق الدولية في اعتبارها الاختلافات المحلية في اللغة والثقافة والمتطلبات القانونية والتنظيمية وقنوات التوزيع، وذلك حسبما ذكر موقع "تريدانديا".

ومن الممكن أن يؤدي تقديم المنتجات وفقًا لمعايير ثابتة في جميع الأماكن إلى فشل الشركة، ويحدث ذلك عندما لا تناسب المنتجات معايير السوق المحلية أو متطلباته أو لوائحه.

وتحتاج الشركات إلى اتباع العديد من الاستراتيجيات من أجل النجاح في الأسواق الدولية، ودفع هذه الأسواق إلى قبول منتجاتها، وفيما يلي جدول يضم العديد من الخطوات اللازمة لتحقيق هذه الأهداف.

كيف تتبنى الأسواق الدولية المنتجات الجديدة؟
النقطة
الشرح
1- إجراء البحث اللازم





- أول خطوة ينبغي أن تركز عليها الشركة هي إجراء البحوث اللازمة، فجعل المنتج مناسبًا لسوق ما ليست عملية عشوائية، لكنها تنطوي على جهد ووقت وموارد مالية لا ينبغي إهدارها.

- يجب أن تختار الشركة اللغة الملائمة للسوق العالمي، فهناك بعض المناطق التي لديها أكثر من لغة رسمية أو عشرات اللهجات المحلية.

- ولأن من الصعب ترجمة المحتوى التسويقي بكل هذه اللهجات، فإن هذه الأبحاث التسويقية تساعد على اختيار لغة مناسبة.

2- جعل الموقع الإلكتروني الخاص بالشركة وتطبيقاتها كالمحلية



- سوف يبحث الأشخاص الذين يفضلون الشراء عبر الإنترنت عن الموقع الإلكتروني للشركة والتطبيقات الخاصة بها، من أجل توفير وقتهم.

- لا تتم عملية الشراء على الفور، لكن يقضي المستهلكون بعض الوقت في تصفح الموقع الإلكتروني وقراءة الوصف الخاص بالمنتج، وقراءة معلومات عن العلامة التجارية وغيرها من المعلومات الضرورية.

- لذلك تحتاج الشركات التي تخطط للتوسع في دول أخرى أن تقوم بجعل موقعها الإلكتروني وتطبيقاتها ملائمة لأسواق هذه الدول، فتوفير ترجمة جيدة لمعلومات الموجودة على الموقع أمر مفيد جدًا في جعل هذا النشاط مربحًا.

3- تصميم المحتوى وفقًا لكل سوق





- من المهم أن يكون المحتوى التسويقي والحملات الترويجية والنشرات الإعلانية والمقالات ملائمة لمتطلبات المعايير المحلية.

- كما من المهم أيضًا أن تكون المعلومات المكتوبة على المنتج مكتوبة بشكل مفهوم للجمهور المستهدف.

- كما يجب أن تكون التصميمات والألوان الموجودة على عبوة تغليف المنتج ملائمة لثقافة الجمهور المستهدف، فقد يشكل اختيار صورة غير مناسبة عائقًا أمام قبول المستهلك للمنتج.

- وتحتاج الشركة عند كتابة المحتوى إلى التركيز على الاتجاهات والتعبيرات المستخدمة والشائعة في الدولة المستهدفة ولغة الدولة، فكلما كان المحتوى المستخدم قريبا من طريقة ولغة الجمهور المستهدف كان تأثيره أكبر.

4- طلب المساعدة من خبراء محليين





- تقوم معظم الشركات بتوظيف خبراء في اللغة قادرين على فهم المصطلحات واللهجة التي يستخدمها جمهور الدولة المستهدفة.

- فعلى سبيل المثال إذا أرادت شركة ما التوسع في فرنسا، يُفضل أن تطلب مساعدة مترجم فرنسي قادر على فهم لغة وثقافة مواطني الدولة، مما يساعد على وضع استراتيجية تسويقية دقيقة.

5- تكيف المنتج مع التفضيلات المحلية


- تلبي المنتجات الدولية الناجحة الأذواق المحلية المختلفة ومستويات الأسعار والتفضيلات الثقافية.

- يمكن تقليل تكاليف تطوير المنتج وفقًا لكل سوق محلي من خلال إنتاج منتج أساسي مع إصدار نسخ مختلفة من المنتج لمناطق محددة.

6- احترام ثقافة الجمهور المستهدف





- من المهم أن تحترم الشركات ثقافة الجمهور المستهدف، فقد تفشل الاستراتيجية التي تتبعها شركة أمريكية ما في الهند واليابان بسبب اختلاف نمط الحياة والتقاليد والأخلاقيات الخاصة بالملبس.

- ينبغي أن تتأكد الشركة أنها لا تقدم منتجًا يؤذي مشاعر مواطني الدولة، لأن ذلك سوف يؤثر بشكل مباشر على صورتها.

7- اللجوء إلى قنوات توزيع محلية




- من المرجح ألا يكون لدى الشركة التي ترغب في التوسع في أسواق دولية قنوات توزيع خاصة بها في هذه الأسواق، لذلك من المهم أن تستعين بوكلاء وموزعين محليين.

- ويتمتع هؤلاء بمعرفة السوق المحلية ولديهم شبكة من المعارف يمكنها مساعدة الشركة على الدخول والنمو داخل السوق المحلي بسرعة.

8- اتباع الاتجاهات الحالية




- من المهم أن تقوم الشركة بتحديث المحتوى الخاص بها وفقًا لأحدث الاتجاهات.

- فقد يكون محتوى الموقع الإلكتروني قديمًا، في حين يساعد المحتوى الذي يتم تحديثه دائمًا على ازدهار الشركة لفترة طويلة، لذلك فإن أفضل استراتيجية تتمثل في تحديث المحتوى واستراتيجية الترجمة من أجل الحصول على نتائج فورية بتكلفة معقولة.

9- تلقي آراء العملاء بشكل منتظم




- أفضل طريقة لمعرفة ما إذا كانت الشركة تستخدم استراتيجيات التواصل مع العملاء مناسبة أم لا تتمثل في تلقي آراء العملاء أنفسهم.

- يساعد ذلك الشركة على تطوير طريقتها في العمل وإجراء بعض التغييرات قبل فوات الأوان وقبل أن تتعرض لخسارة مالية كبيرة.

ما هو الاقتصاد الخفي؟

إذا حدث عطل في السباكة الخاصة بمنزلك وطلبت سباكا لإصلاحه وأعطيته أجره نقدا وهو –غالبا غير مرخص له بالعمل- كون ذلك بعيدا عن نطاق خدمته الرسمية فهذا يدخل تحت نطاق الاقتصاد الخفي أو الظل الذي لا تعلم الحكومة عنه شيئا.

نفس الأمر ينطبق على أعمال كثيرة مشابهة مثل الموظف الذي يتخذ من سيارة أجرة سبيلاً للحصول على دخل اضافي بعد دوامه، وكذلك من يعطي دروسا خصوصية لا يدفع مقابلها ضرائب، ومن تجهز الحلويات والمعجنات في بيتها وتبيعها لزبائن تتواصل معهم عن طريق الجوال.

وفي الوقت الذي تعد فيه ممارسة هذه الأعمال أمراً مشروعاً إلا أن وجودها خارج الإطار الرسمي لإحصاءات الدولة وتحصيل الضرائب يربك حساباتها وخططها المستقبلية، ويجعل بياناتها عن معدل البطالة، ومتحصلات الضرائب، والمداخيل مهترئة وباقي البيانات الاقتصادية غير معبرة عن الواقع الفعلي.

وعلى الرغم من خطورة ما تم الإشارة إليه سابقاً، إلا أن هناك نوعا يعد أشد خطراً يتمثل في ممارسة أعمال غير مشروعة بطريقة تتنافى مع القانون وتندرج تحت مظلة الاقتصاد الأسود مثل تجارة الأسلحة، الدعارة، تجارة البشر، الابتزاز، التربح من الوظيفة الحكومية، إجبار عمال تحت إمرتك في العمل على إنهاء أمورك ومتطلباتك الخاصة، التزوير في المستندات الرسمية مقابل الحصول على أموال، الرشاوي.

تحديد إطار ومفهوم المصطلح

المصطلح بحد ذاته يتضمن أكثر من توصيف مثل الاقتصاد الخفي، الظل، المستتر وغيرها من الدلالات التي تؤدي في النهاية إلى معنى واحد يتمثل في أنه ممارسة من جانب فرد أو كيان مؤسسي لنشاط غير مشمول ضمن إحصاءات الحكومة، ولا يدخل ضمن حسابات الناتج المحلي الإجمالي، ويتميز بالسرية التي تعني هنا عدم معرفة الجهات الرسمية بتحركه.

هذا بالتبعية يقود إلى إعلائه شعار الغاية تبرر الوسيلة التي تعد جوهر المبدأ الميكافيللي الشهير، فتجاوز القانون جائز ضمن نطاق هذا النوع من الاقتصاد بل حتمي في بعض أشكاله مثل تجارة المخدرات وتجارة البشر.

ولمزيد من التدقيق فإن اقتصاد الظل أو الاقتصاد الخفي ينطوى تحت سقفه نوعان يرفعان هذا الشعار أولهما يتعامل بسلع أو يقدم خدمات مسموحاً بها مثل ورشة غير مسجلة، نجار لا يحمل رخصة من الجهة المختصة، مدرس يعطي دروسا خصوصية دون علم الجهات المسؤولة وهو يسمى الاقتصاد غير الرسمي.

أما النوع الثاني فيقدم خدمات أو يتاجر في سلع غير مشروعة قانونا مثل تجارة الأسلحة، سرقة الآثار وبيعها، الرشاوي، تجارة الأعضاء البشرية، التهرب الضريبي ويسمى الاقتصاد الأسود، أو المشين أو اقتصاد الجريمة.

وهنا بالطبع يبرز دور عمليات غسيل الأموال التي تستهدف تعظيم الثروات بشكل غير مشروع عن طريق إخفاء طبيعة وهوية الأموال المحصلة من أنشطة غير مشروعة لإدخالها ضمن الإطار المشروع.

أسباب توسعه وانتشاره

فتش عن غياب العدالة الاجتماعية، ووجود أنظمة سياسية مستبدة أو جائرة والتي تخلف بدورها أطرا اقتصادية لا تقل عنها ظلما وجورا في هيكلها التنظيمي ومن ثم بيئة صالحة للتهرب من الضرائب، والعمل غير المتسق مع القوانين بشكل عام.

كما يساهم التفاوت الكبير في المداخيل، وعدم تغطية أجور الشرائح المتوسطة والأدنى منها لسبل معيشية كريمة لأصحابها في تشجيعها على البحث عن وظائف اضافية لسد الحاجة أو اتخاذ النهج غير المشروع في تلقي رشاوي أو القيام بأنشطة مخالفة للقانون.

أيضا غياب دور الحكومة فيما يتعلق بمعالجة حاسمة للفساد بكل أشكاله، وضعف تغطيتها لمراقبة حركة الأسعار ونقص السلع في الأسواق مما يشجع بعض الفئات على استغلال ذلك للقيام بدور تكميلي وتحقيق مكاسب طائلة خارج الإطار القانوني الرسمي للدولة.

كما أن ضعف مخرجات التعليم يساهم في توسع هذا النوع من الاقتصاد، حيث إن تزايد أعداد الخريجين غير المؤهلين يعني عدم توافقهم مع متطلبات سوق العمل في وظائف جيدة، ومن ثم يكونون على استعداد للعمل في أنشطة أقل كفاءة لا تتبع أطرا تنظيمية خاضعة لمراقبة السلطات.

دور التكنولوجيا في توسيع نطاقه

ساهم التطور المتسارع في مجال التكنولوجيا ووسائل الاتصال وتحويل الأموال عبر الانترنت، ومؤخرا استخدام الجوالات في الدفع الالكتروني في توسيع نطاق الاقتصاد الموازي أو الخفي لا سيما مع تزايد السرقات التي تتم عبر الانترنت.

وفي الوقت الذي توجد فيه قنوات شرعية معروفة عالميا لتحويل الأموال، وعقد واتمام الصفقات، تبقى هناك نوافذ لممارسة الأنشطة بأشكال غير مشروعة مثل النصب الإلكتروني، ووجود شركات سمسرة وهمية للتجارة في العملات والعديد من الأصول والتي تستهدف جمع الأموال عن طريق الخداع.

أيضا عمليات السطو الإلكتروني التي كان أشهرها مؤخرا ما تعرضت له "سوني بيكتشرز" في نوفمبر/تشرين الثاني العام الماضي من اختراق كلفها ملايين الدولارات، فيما شهدت شركات وبنوك عمليات قرصنة وكذلك مواقع لحكومات حول العالم عمليات مماثلة لأغراض متعددة لكن يبقى لها فاتورة اقتصادية في النهاية.

كيفية تقدير حجم الاقتصاد الخفي أو المستتر؟

تعد السرية– أي البعد عن عين الجهات التنظيمية- من الأسس التي يقوم عليها هذا الاقتصاد، لذا يكون من الصعب بمكان تحديد حجمه بدقة، لكن تظهر الدراسات أنه أكثر نشاطا وقوة في الدول النامية رغم أنه تواجده يشمل العالم بأسره.

وإجمالا توجد خمس طرق لحساب حجم هذا الاقتصاد تتمثل في التقدير المباشر عن طريق تحديد الأنشطة التي يعمل بها، وطريقة أخرى تعتمد على الناتج المحلي عن طريق الانتقال من الجزء إلى الكل وهي مطبقة في الولايات المتحدة.

أما الطريقة الثالثة فتعتمد على الاستقصاء المعتمد على بيانات مداخيل وإنفاق فئة معينة من المستهلكين ومقارنتها مع فئات أخرى، ويكون الفارق بين المداخيل والإنفاق الحقيقي ممثلا للاقتصاد الخفي.

وهناك طريقة تعتمد على متابعة مؤشرات جزئية لتحديد الفارق بين ما هو مطلوب استخدامه من خدمات لتحقيق دخل معين والمستهلك فعليا ليمثل حجم هذا الاقتصاد، وأخرى تعتمد على إحصاءات تخص قوة العمل والإنتاجية.

وتشير التقديرات إلى ارتفاع حجم هذا الاقتصاد كنسبة من الناتج المحلي في أمريكا إلى 8.4% عام 2007 من 6.7% عام 1990، و15.3% في ألمانيا من 11.8% خلال نفس الفترة، لكنها تقفز إلى أكثر من ربع حجم الناتج المحلي في ايطاليا وتحديدا عند 26.8% من 22.8%.

ما يخلفه توحش هذا الاقتصاد من سلبيات

يبقى راسخا لدى البعض أن الاقتصاد الخفي أو الظل يعد تطورا لما خلفته الرأسمالية، حيث دفع "جشعها" الذي يعلي من شأن صاحب رأس المال ويتودد إليه "بتفصيل" كل شيء على مقاسه سواء من الحكومات أو حتى أصحاب المشروعات إلى زيادة الفجوة في توزيع الثروات ومن ثم انعكاسات سلبية على المجتمع يمكن ذكر بعضها فيما يلي:

- تضليل البيانات الحكومية الرسمية عن طريق إعطاء نسب غير صحيحة للمؤشرات الاقتصادية ومن ثم ايقاع الضرر بالخطط المستقبلية للدولة، وكذلك عدم تحديد إمكاناتها بشكل واقعي حقيقي.

- المساهمة في التهرب من دفع الضرائب ومن ثم تقليص ايرادات الدولة وتحجيم قدرتها على تقديم الخدمات وصيانة المرافق.

- قد لا يساهم هذا الاقتصاد في رفع الديون لكنه في المقابل يساعد في نمو النوعيات الأسوأ منها عن طريق الحصول على قروض باهظة التكلفة خصوصا من بنوك الظل المصرفي التي لا تخضع للرقابة.

- حدوث خلل في المنظومة الاجتماعية عن طريق تفشي الجرائم وارتفاع أعداد المجرمين وما يتبع ذلك من ارتفاع تكاليف النفقات الأمنية.

وعلى الرغم من ذلك توجد بعض الآثار الايجابية لهذا النوع من الاقتصاد يتمثل أهمها في المساهمة في حل مشكلة البطالة دون الحاجة إلى اعداد خطط قد تستغرق زمنا لارتباطها بخطط تحتاج لمدى زمني كبير.

كما يساهم أيضا في تخفيف أعباء الطبقات المتوسطة وما دونها عن طريق توفير مداخيل اضافية لدعم استقرارها اجتماعيا.