11‏/07‏/2012

حافظ إبراهيم وأحمد شوقي


أحمد شوقي :
قُـمْ للمعلّمِ وَفِّـهِ التبجيـلا كـادَ المعلّمُ أن يكونَ رسولا

أعلمتَ أشرفَ أو أجلَّ من الذي يبني وينشئُ أنفـساً وعقولا

سـبحانكَ اللهمَّ خـيرَ معـلّمٍ علَّمتَ بالقلمِ القـرونَ الأولى

أخرجـتَ هذا العقلَ من ظلماتهِ وهديتَهُ النـورَ المبينَ سـبيلا

وطبعتَـهُ بِيَدِ المعلّـمِ ، تـارةً صديء الحديدِ ، وتارةً مصقولا

أرسلتَ بالتـوراةِ موسى مُرشداً وابنَ البتـولِ فعلَّمَ الإنجيـلا

وفجـرتَ ينبـوعَ البيانِ محمّداً فسقى الحديثَ وناولَ التنزيلا

علَّمْـتَ يوناناً ومصر فزالـتا عن كلّ شـمسٍ ما تريد أفولا

واليوم أصبحنـا بحـالِ طفولـةٍ في العِلْمِ تلتمسانه تطفيـلا

من مشرقِ الأرضِ الشموسُ تظاهرتْ ما بالُ مغربها عليه أُدِيـلا

يا أرضُ مذ فقدَ المعلّـمُ نفسَه بين الشموسِ وبين شرقك حِيلا

ذهبَ الذينَ حموا حقيقـةَ عِلمهم واستعذبوا فيها العذاب وبيلا

في عالَـمٍ صحبَ الحيـاةَ مُقيّداً بالفردِ ، مخزوماً بـه ، مغلولا

صرعتْهُ دنيـا المستبدّ كما هَوَتْ من ضربةِ الشمس الرؤوس ذهولا

سقراط أعطى الكـأس وهي منيّةٌ شفتي مُحِبٍّ يشتهي التقبيـلا

عرضوا الحيـاةَ عليه وهي غباوة فأبى وآثَرَ أن يَمُوتَ نبيـلا

إنَّ الشجاعةَ في القلوبِ كثيرةٌ ووجدتُ شجعانَ العقولِ قليلا

إنَّ الذي خلـقَ الحقيقـةَ علقماً لم يُخـلِ من أهلِ الحقيقةِ جيلا

ولربّما قتلَ الغـرامُ رجالَـها قُتِلَ الغرامُ ، كم استباحَ قتيلا

أوَ كلُّ من حامى عن الحقِّ اقتنى عندَ السَّـوادِ ضغائناً وذخولا

لو كنتُ أعتقدُ الصليـبَ وخطبَهُ لأقمتُ من صَلْبِ المسيحِ دليلا

أمعلّمي الوادي وساسـة نشئـهِ والطابعين شبابَـه المأمـولا

والحامليـنَ إذا دُعـوا ليعلِّمـوا عبءَ الأمانـةِ فادحـاً مسؤولا

وَنِيَتْ خُطـَى التعليمِ بعـد محمّدٍ ومشى الهوينا بعد إسماعيـلا

كانت لنا قَدَمٌ إليـهِ خفيفـةٌ ورَمَتْ بدنلوبٍ فكان الفيـلا

حتّى رأينـا مصـر تخطـو إصبعاً في العِلْمِ إنْ مشت الممالكُ ميلا

تلك الكفـورُ وحشـوها أميّةٌ من عهدِ خوفو لم تَرَ القنديـلا

تجدُ الذين بـنى المسلّـةَ جـدُّهم لا يُحسـنونَ لإبرةٍ تشكيلا

ويُدَلّـلون َ إذا أُريـدَ قِيادُهـم كالبُهْمِ تأنسُ إذ ترى التدليلا

يتلـو الرجـالُ عليهمُ شهواتـهم فالناجحون أَلَذُّهـم ترتيـلا

الجهـلُ لا تحيـا عليـهِ جماعـةٌ كيفَ الحياةُ على يديّ عزريلا

واللـهِ لـولا ألسـنٌ وقرائـحٌ دارتْ على فطنِ الشبابِ شمـولا

وتعهّـدتْ من أربعيـن نفوسـهم تغزو القنـوط وتغـرسُ التأميلا

عرفتْ مواضعَ جدبـهم فتتابعـتْ كالعيـنِ فَيْضَـاً والغمامِ مسيلا

تُسدي الجميلَ إلى البلادِ وتستحي من أن تُكافـأَ بالثنـاءِ جميـلا

ما كـانَ دنلـوبٌ ولا تعليمـُه عند الشدائـدِ يُغنيـانِ فتيـلا

ربُّوا على الإنصافِ فتيانَ الحِمـى تجدوهمُ كهفَ الحقوقِ كُهـولا

فهوَ الـذي يبني الطبـاعَ قـويمةً وهوَ الذي يبني النفوسَ عُـدولا

ويقيم منطقَ كلّ أعـوج منطـقٍ ويريه رأياً في الأمـورِ أصيـلا

وإذا المعلّمُ لم يكـنْ عدلاً مشى روحُ العدالةِ في الشبابِ ضـئيلا

وإذا المعلّمُ سـاءَ لحـظَ بصيـرةٍ جاءتْ على يدِهِ البصائرُ حُـولا

وإذا أتى الإرشادُ من سببِ الهوى ومن الغرور ِ فسَمِّهِ التضـليلا

وإذا أصيـبَ القومُ في أخلاقِـهمْ فأقـمْ عليهـم مأتماً وعـويلا

إنّي لأعذركم وأحسـب عبئـكم من بين أعباءِ الرجـالِ ثقيـلا

وجدَ المساعـدَ غيرُكم وحُرِمتـمُ في مصرَ عونَ الأمهاتِ جليـلا

وإذا النسـاءُ نشـأنَ في أُمّـيَّةٍ رضـعَ الرجالُ جهالةً وخمولا

ليـسَ اليتيمُ من انتهى أبواهُ من هـمِّ الحـياةِ ، وخلّفاهُ ذليـلا

فأصـابَ بالدنيـا الحكيمـة منهما وبحُسْنِ تربيـةِ الزمـانِ بديـلا

إنَّ اليتيمَ هـوَ الذي تلقـى لَـهُ أمّاً تخلّـتْ أو أبَاً مشغـولا

مصـرٌ إذا ما راجعـتْ أيّامـها لم تلقَ للسبتِ العظيمِ مثيـلا

البرلـمانُ غـداً يـمدّ رواقَـهُ ظلاً على الوادي السعيدِ ظليلا

نرجو إذا التعليم حرَّكَ شجـوَهُ إلاّ يكون َ على البـلاد بخيـلا

قل للشبابِ اليومَ بُورِكَ غرسكم دَنتِ القطوفُ وذُلّـِلَتْ تذليـلا

حَيّـوا من الشهداءِ كلَّ مُغَيّـبٍ وضعوا على أحجـاره إكليـلا

ليكونَ حـظَّ الحيّ من شكرانكم جمَّـاً وحظّ الميتِ منه جزيـلا

لا يلمس الدستورُ فيكم روحَـه حتّى يـرى جُنْديَّـهُ المجهـولا

ناشدتكم تلك الدمـاءَ زكيّـةً لا تبعثـوا للبرلمـانِ جهـولا

فليسألنَّ عن الأرائـكِ سائـلٌ أحملنَ فضـلاً أم حملنَ فُضـولا

إنْ أنتَ أطلعتَ الممثّلَ ناقصـاً لم تلقَ عند كمالـه التمثيـلا

فادعوا لها أهلَ الأمانـةِ واجعلوا لأولي البصائر منهُـمُ التفضيلا

إنَّ المُقصِّرَ قد يحول ولن تـرى لجهالـةِ الطبـعِ الغبيِّ محيـلا

فلرُبَّ قولٍ في الرجالِ سمعتُـمُ ثم انقضى فكأنـه ما قيـلا

ولكَمْ نصرتم بالكرامـة والـهوى من كان عندكم هو المخـذولا

كَـرَمٌ وصَفْحٌ في الشبـابِ وطالمـا كَرُمَ الشبابُ شمائلاً وميـولا

قوموا اجمعوا شُعَبِ الأُبُوَّةِ وارفعوا صوتَ الشبابِ مُحبَّبَاً مقبولا

أدّوا إلى العـرشِ التحيّةَ واجعلـوا للخالقِ التكبيرَ والتهليـلا

ما أبعـدَ الغايـاتِ إلاّ أنّنـي أجِدُ الثباتَ لكم بهنَّ كفيـلا

فكِلُوا إلى اللهِ النجـاحَ وثابـروا فاللهُ خيرٌ كافلاً ووكيـلا


حافظ إبراهيم



قول شوقي ومادرى بمصيبتي              قم للمعلم وفه التبجيلا

اقعد فديتك هل يكون مبجلا                 من كان للنشء الصغار خليلا

إني يحيرني الامير بقوله                    كاد المعلم أن يكون رسولا

لو جرب التعليم شوقي ساعة              لقضى الحياة كآبة وخمولا

حسب المعلم غمة وكآبة                  مرآى الدفاتر بكرة وأصيلا

مائةعلى مائة إذاهي صححت             وجد العمى نحو العيون سبيلا

لئن كان في التصحيح نفع يرتجى         وأبيك لم أك بالعيون بخيلا

لكن أصحح غلطة نحوية                  مثلا وأتخذ الكتاب دليلا

مستشهدا بالغر من آياته                أوبالحديث مفصلا تفصيلا

وأغوص في الشعرالقديم فأنتقي            ماليس ملتبسا ولامنحولا

وأكاد أبعث سيبويه من الفنا                    وذويه من أهل القرون الاولى

وأرى حمارا بعد ذلك كله                  رفع المضاف إليه والمفعولا

لاتفزعو إن صحت يوما صيحة             فوقعت ما بين الفصول قتيلا

الأم مدرسة إذا أعددتها                    أعددت شعبا طيب الأعراق