17‏/05‏/2016

مقدمه في التحليل الاقتصادي الكلي



التحليل الاقتصادي الجزئي والتحليل الاقتصادي الكلي :-
    علم الاقتصاد Economics هو "العلم الاجتماعي الذي يهتم بكيفية استخدام المجتمع لموارده المحدودة لإشباع حاجاته الغير محدودة".  وينقسم التحليل الاقتصادي إلى فرعان رئيسيان هما : التحليل الاقتصادي الجزئي الذي قمنا بدراسته في مادة مبادئ الاقتصاد الجزئي(101)، والتحليل الاقتصادي الكلي الذي سيكون محل دراستنا في هذه المادة. الاقتصاد الجزئي Micro-economics يتعامل مع الوحدات الفردية في الاقتصاد، وهي عادة الفرد أو الأسرة Household و المنشأة Firm، حيث يركز على سلوك المستهلك و بالكيفية التي توزع بها الأسرة دخلها بالإنفاق على مختلف السلع و الخدمات.  كما يهتم الاقتصاد الجزئي بتحديد مستوى الإنتاج الذي يمكن المنشأة من تعظيم أرباحها. وعلى النقيض من ذلك نجد الاقتصاد الكلي يتناول دراسة المواضيع الاقتصادية ذات الحجم الكبير، فيتعامل مع الاقتصاد القومي في مجموعه متجاهلاً الوحدات الفردية، وكثير من المشاكل التي تواجهها. وبالتركيز على الاقتصاد القومي في مجمله، فإن الاقتصاد الكلي يهتم بالناتج الكلي للاقتصاد و المستوى العام للأسعار وليس بالناتج ومستوى الأسعار في كل منشأة على حدة.
    وهناك فرق أيضاً بين الاقتصاد الجزئي والكلي من حيث المنهجية، فالاقتصاد الجزئي يفترض بشكل عام أن الناتج الكلي والمستوى العام للأسعار محددان ومن ثم فهو يحاول شرح كيفية تحديد الناتج والأسعار للسلع كل على حدة. هذا ويفترض التحليل الكلي استقرار توزيع الناتج والأسعار النسبية، ويعامل الناتج الكلي والمستوى العام للأسعار كمتغيرين محاولاً شرح كيفية تحديدهما. وقد يصعب عملياً إدراك هذا الاختلاف بينهما حيث أن التغير في المتغيرات الجزئية قد يؤثر بقوة على المتغيرات الكلية والعكس بالعكس. فارتفاع سعر سلعة كالنفط مثلاً يؤثر بدون شك على النشاط الاقتصادي العالمي أو على الأقل النشاط الاقتصادي لدولة معينة، وعليه فإن المشكلة الجزئية تؤثر على الاقتصاد الكلي.


أهمية النظرية الاقتصادية الكلية
   لم يحتل التحليل الكلي مكانته الحالية في النظرية الاقتصادية إلا منذ زمن قريب وفي منتصف هذا القرن بفضل الاقتصادي البريطاني "جون مينـرد كينز" J.M.Keynes (1883-1946) لكن هذا لا يعني عدم وجود التفكير الكلي في المشكلات الاقتصادية قبل ذلك. اهتم التجاريون في القرن السابع عشر بتحقيق مصلحة الدولة وليس مصلحة الفرد أو الطبقات كل على حدة في داخل الدولة، كما نادوا بالتدخل الاقتصادي للدولة
وعدم ثقتهم في قدرة النشاط الاقتصادي الفردي على تحقيق مصلحة الدولة بمفرده.  وفي عام 1758م جاء "فرانسوا كيناي" مؤسس أول مدرسة اقتصادية (مدرسة الطبيعيين)  وصاحب أول مؤلف اقتصادي يتناول دراسة الظواهر الاقتصادية الكلية في المجتمع (الجدول الاقتصادي Economic Table ) مؤكداً للعلاقات التبادلية بين القطاعات كوحدة مترابطة الأجزاء.  قدم بعد ذلك الاقتصادي الفرنسي "جان باتست ساي" أفكاراً متعلقة بالتحليل الكلي، والتي عرفت بقانون ساي Say's Low (النظرية التقليدية).
    أما عن "كارل ماركس" مؤسس الاشتراكية العلمية فكان صاحب أول محاولة لتناول مشكلات النظام الاقتصادي ككل، ولرسم صورة متكاملة عن الحياة الاقتصادية والعلاقات الكلية التي تشتمل عليها هذه الحياة (النظرية الاشتراكية العلمية). كانت نقطة الأساس والتحول نحو التحليل الاقتصادي الكلي المعروف لدينا في الوقت الحاضر هي عند نشر "كينز" لمؤلفه (النظرية العامة في التوظف والفائدة والنقود).

    ويعتبر موضوع الاقتصاد الكلي مهماً وممتعاً في نفس الوقت، إذ تخصص الصحف اليومية والمجلات والدوريات صفحات منها لطرح ومناقشة موضوعات الاقتصاد الكلي كتلك المتعلقة بالرفاهية الاقتصادية ومستوى الدخل والتوظف والبطالة وغيرها، وكذلك تعمل برامج الإذاعة والتلفاز. والسبب في ذلك أهمية موضوع الاقتصاد الكلي الذي يتناول مسائل تهم جميع أفراد المجتمع. وعلى ضوء الدراسات الاقتصادية تتحدد قدرة الأفراد على الاستهلاك و مدى استطاعتهم على تحسين أوضاعهم المعيشية، كما يتعرفون على تأثير ارتفاع مستوى الناتج القومي على الوضع الاقتصادي والأسعار والأجور، وأمور أخرى كثيرة.
    و بالتركيز على الاقتصاد القومي في مجموعه، فإنه يمكننا تلخيص الموضوعات التي يهتم بها الاقتصاد الكلي (محل دراستنا) في النقاط التالية:-
1- دراسة وتحليل المتغيرات الاقتصادية الكلية كالناتج الكلي في الدولة،الدخل القومي والعمالة،


المستوى العام للأسعار والمستوى العام للأجور.
2- يتناول الطلب الكلي في المجتمع والمتمثل في الإنفاق الكلي، ويتناول العرض الكلي والمتمثل في الناتج الكلي من السلع والخدمات، وبالتالي كيفية تحديد الدخل التوازني.
3- تحليل ودراسة المشكلات المتعلقة بالتضخم والبطالة ومحاولة تقديم الحلول الخاصة بها، كما يدرس المشاكل المتعلقة بالنمو الاقتصادي وميزان المدفوعات.
4- دراسة دور الدولة في النشاط الاقتصادي عن طريق السياسات النقدية والمالية والمتعلقة بتحقيق الاستقرار الاقتصادي.


المتغيرات الاقتصادية الكلية
النظرية الاقتصادية و السياسة الاقتصادية:-
النظرية الاقتصادية Economic Theory هي مجموعة النظريات الخاصة بشرح سلوك الظواهر الاقتصادية المختلفة. وتعرف بأنها "هي التي تضع القواعد و المبادئ الاقتصادية و التي تكون بمثابة مرشد في اتخاذ القرارات في ظل مجموعة من الظروف".  فهناك الكثير من الظواهر الاقتصادية التي يمكن أن نشاهدها والتي تجعلنا نتساءل عنها وعن العلاقة التي نجدها بين شيئين أو أكثر فيها.  وترتبط تلك الظواهر مع بعضها بعلاقات متشابكة ينبغي اكتشافها والتعرف على حركتها وكيفية التأثير فيها، ويكون ذلك من خلال النظرية. والنظرية الاقتصادية تتكون كأي نظرية علمية من:-


أولاً- مجموعة من التعاريف Definitions التي توضح المقصود من التعبيرات والمفاهيم المختلفة المستخدمة.


ثانياً- مجموعة من الفروض الشرطية Assumptions والتي تحدد الظروف التي لابد من توافرها حتى تنطبق النظرية.


ثالثاً- واحد أو أكثر من الفروض الاحتمالية Hypotheses عن كيفية سلوك بعض الظواهر.  ولكي تكتمل النظرية فلابد من اختبار هذه الفروض لمعرفة فيما إذا كان هناك من المشاهدات ما يؤيد الفروض لكي يتم قبول النظرية، و إن لم يكن ترفض النظرية.


    أما السياسة الاقتصادية فهي Economic Policy "اتخاذ قرارات معينة في ظل ظروف معينة". ولو أنه من المستحسن أن تتبع سياستنا الاقتصادية النظرية الاقتصادية،إلا أنه كثيراً ما تعدل السياسة الاقتصادية بواسطة السياسات الاجتماعية أو الحربية أو الظروف و الأحداث السياسية. فقد ترى النظرية الاقتصادية وجوب الأخذ بمبدأ الحرية التجارية و إلغاء القيود على المبادلات الدولية، و لكن نظراً لضغوط سياسية معينة تتبع الحكومة سياسة اقتصادية من شأنها زيادة القيود المفروضة على التجارة الخارجية.


ما هي أهداف السياسة الاقتصادية؟
يذكر الاقتصاديون غالباً أن هناك أربعة أهداف أساسية للسياسة الاقتصادية، تتمثل في التالي:-  
  1. العمالة الكاملة.          
  2. استقرار الأسعار.  
  3. النمو الاقتصادي.         
  4. التوازن الخارجي.
              
الطلب الكلي و العرض الكلي:-
   الطلب الكلي Aggregate Demand هو"إجمالي الإنفاق المخطط لكافة المشترين في اقتصاد معين". أما العرض الكلي Aggregate Supply فهو "مجموعة السلع و الخدمات التي ينتجها المجتمع خلال فترة زمنية معينة".  ويتحقق التوازن Equilibrium في الاقتصاد بتساوي الطلب الكلي مع العرض الكلي. فإذا ما حدث وزاد الطلب عن العرض عند مستوى التوظف الكامل أدى ذلك إلى حدوث تضخم Inflation. أما إذا حدث قصور في الطلب عن عرض التوظف الكامل فسيؤدي ذلك إلى ظهور ما يعرف بالركود Depression (AD  =  AS).
   وإذا كنا نقول بان التوازن يعني تعادل القوى المتضادة في فترة زمنية معينة، فإن عدم تساوي الطلب الكلي مع العرض الكلي أو بعبارة أخرى حدوث عدم تعادل للقوى المتضادة يعرف بالاختلال.


الدخل القومي والناتج القومي:-
يعد الناتج القومي الإجماليGross National Product  من أكثر المقاييس شيوعاً واستخداماً لقياس الأداء الاقتصادي ومقدرة الاقتصاد على إنتاج مختلف السلع والخدمات. وعندما نحاول إعطاء قيمة نقدية للسلع والخدمات المنتجة من قبل اقتصاد معين خلال فترة معينة، فإن مجموع تلك القيم هو ما يعبر عنه بالناتج القومي. ولكي نتوصل إلى مفهوم الدخل والناتج القومي ينبغي لنا أن نستعرض أولاً ما يعرف بنموذج "حلقة التدفق الدائري للدخل" Circular Flows of Income والذي يوضح العلاقات المتشابكة بين القطاعات الأربعة المكونة للاقتصاد الوطني ( العائلي، الإنتاجي، الحكومي والعالم الخارجي).
1-  ينفق القطاع العائلي جزء من دخله الذي يحصل عليه على استهلاك السلع والخدمات المنتجة، هذا الجزء يذهب مباشرة إلى قطاع المنتجين.
2-  يدخر القطاع العائلي جزء من دخله ويوجهه إلى السوق المالي كالبنوك والتي من وظيفتها إمداد المستثمرين بالقروض التي يستخدمونها في شراء سلع استثمارية من القطاع الإنتاجي.
3-  يدفع القطاع العائلي صافي الضرائب للقطاع الحكومي والذي يستخدمها بدوره في تمويل إنفاقه على ما يشتريه من سلع نهائية وخدمات من قطاع المنتجين. هذا علماً بأن صافي الضرائب هو عبارة عن إجمالي الضرائب التي يدفعها القطاع العائلي مطروحاً منها ما يتسلمه هذا القطاع من مدفوعات الضمان الاجتماعي.
4-  يقوم القطاع العائلي بدفع قيمة وارداته من السلع والخدمات الغير متوفرة محلياً للعالم الخارجي، ومقابل ذلك نجد المنتجين يحصلون على قيمة السلع والخدمات المنتجة محلياً من قطاع العالم الخارجي.


   ومن خلال ما تقدم نعرف الناتج القومي بأنه هو " القيمة السوقية لجميع السلع النهائية و الخدمات التي أنتجها المجتمع خلال فترة زمنية معينة هي في الغالب سنة". أما الدخل القومي National Income فهو"مجموع دخول عناصر الإنتاج التي ساهمت في العملية الإنتاجية خلال فترة زمنية معينة هي في الغالب سنة". ويعرف الإنفاق الكلي Total Expenditure بأنه عبارة عن " الطلب الكلي في المجتمع والمتمثل في إنفاق القطاعات الأربعة المكونة للاقتصاد". لتكون تلك القطاعات الأربعة هي:


  1. القطاع العائلي (قطاع المستهلكين).
  2. قطاع رجال الأعمال ( القطاع الإنتاجي).
  3. القطاع الحكومي.
  4. قطاع العالم الخارجي.


(4) الواردات                قطاع العالم الخارجي                الصادرات


              (3) صافي الضرائب              القطاع الحكومي                  الإنفاق العام
                          (2) الادخار             السوق المالي              الاستثمار
  (بنوك، اسهم..)


القطاع العائلي                (1) إنفاق استهلاكي خاص                       القطاع الإنتاجي
الدخل القومي
(أجور+ريع+فوائد+أرباح)


نموذج التدفق الدائري للدخل في اقتصاد ذي أربع قطاعات
طرق قياس الناتج القومي
يمكن قياس الناتج القومي بثلاث طرق هي:-   1- طريقة الناتج
                                               2- طريقة الإنفاق
                                               3- طريقة الدخل.
أولاً – طريقة الناتج:-
ـــــــــــ  
    تقوم هذه الطريقة على أساس قياس قيمة كل السلع النهائية والخدمات التي أنتجت خلال العام. ولكي يتم تجميع كافة المنتجات من سلع وخدمات لابد من جمع القيم السوقية لتلك المنتجات، حيث قيمة السلعة عبارة عن الكمية مضروبة في الثمن.
GNP = Q1 * P1  +   Q2 * P2    +  Q3 * P3   ………….. + Qn * Pn
هذا ولتجنب الإزدواجية والتكرار في الحساب يتعين حساب الناتج القومي الإجمالي باتباع أحد الأسلوبين التاليين:-


أ- أسلوب المنتج النهائي:  و هو أسلوب يقضي بجمع قيم جميع السلع النهائية المنتجة والخدمات، و عدم إدخال أي عمليات وسيطة عند حساب الناتج القومي الإجمالي.


ب- أسلوب القيمة المضافة:  القيمة المضافة Value-Added هي "المساهمة الصافية في الناتج القومي". أي هي قيمة إنتاج المشروع مطروحاً منه مشتريات المشروع من الغير، أو بعبارة أخرى:-
القيمة المضافة =  قيمة الإنتاج  –  مستلزمات الإنتاج.


ثانيا- طريقة الإنفاق
ـــــــــــ
    تقتضي هذه الطريقة بجمع كافة أنواع الإنفاق اللازم للحصول على السلع و الخدمات النهائية أو تامة الصنع. وحيث أن القطاعات الأساسية في الاقتصاد هي القطاعات الأربعة السابق ذكرها والتي تقوم كل منها بنوع معين من الإنفاق بحيث يشكل في مجموعه إجمالي الإنفاق الكلي الفعلي(الإنفاق الاستهلاكي، الإنفاق الاستثماري، الإنفاق الحكومي، إنفاق العالم الخارجي) والذي لابد وأن يتساوى مع إجمالي الناتج القومي.
GNP = Total Expenditure = C + Ig + G + (E – M)
Ig (gross investment) = In (net investment) + D (replacement of worn-out capital stock)
NE (net export) = E (export) – M (net import)


ثالثاً – طريقة الدخل
ــــــــــ
    عرفنا الدخل القومي National Income بأنه عبارة عن "مجموع دخول عناصر الإنتاج التي ساهمت في العملية الإنتاجية خلال فترة زمنية معينة هي في الغالب سنة".  وبذلك تتمثل طريقة الدخل في إمكانية الحصول على الناتج القومي الإجمالي من خلال الدخول التي تولدت من الناتج، فالقيام بالعملية الإنتاجية يتطلب تضافر عوامل الإنتاج ومساهمتها في الإنتاج، والحصول على خدمات هذه العوامل يستدعي دفع أثمان لها. وكأن قيمة الناتج القومي هنا تتجلى في صورة أجور وريع و فوائد وأرباح.
صافي الناتج بسعر التلكلفة= أجور + ريع + فوائد + أرباح
YN (Net Product by producer Cost) = Wages + Rent + Interest + Profit  
صافي الناتج بسعر السوق = صافي الناتج بسعر التكلفة + ضرائب غير مباشرة – إعانات إنتاج
Net national product = YN + Tin + Su
الناتج القومي الإجمالي = صافي الناتج بسعر السوق + اهتلاك رأس المال
GDP = NNP + D


بعض المفاهيم المتعلقة بالدخل والناتج


الدخل الشخصي والدخل المتاح:
الدخل الشخصي Personal Income: يختلف الدخل الشخصي أو الدخل المستلم فعلاً عن الدخل القومي أو المكتسب، حيث أن الدخل الشخصي هو عبارة عن "الدخل القومي بعد خصم العوائد التي لم يستلمها العنصر الإنتاجي". أي أن الدخل الشخصي
= الدخل القومي – (ضرائب أرباح الشركات + الأرباح المحتجزة + صافي مدفوعات التحويلات).
YP =  YN –(Corporate retained earnings + corporate income taxes + net transfer payments(


الدخل المتاح Disposable Income: هو "الدخل الذي يمكن التصرف فيه بإنفاقه على الاستهلاك والادخار". فالحكومات عادة ما تقوم بفرض ضرائب على دخول الأفراد تعرف بالضرائب المباشرة أو ضرائب الدخل Income Taxes، فإذا خصمنا هذه الضرائب من الدخل الشخصي نحصل على الدخل المتاح، أي أن:-
الدخل المتاح = الدخل الشخصي – الضرائب المباشرة على الدخل.
Yd =  YP – Td
وعليه فإن الدخل المتاح هو" الدخل الشخصي بعد خصم الضرائب المباشرة منه".


الادخار الشخصي:
لما كان المستهلكون يوزعون دخلهم المتاح بين إنفاقهم الاستهلاكي و مدخراتهم، فإن الادخار يكون عبارة عن "ما يتبقى من الدخل المتاح بعد خصم الاستهلاك متضمناً الفائدة المدفوعة بواسطة المستهلكين".
الإدخار الشخصي =   الدخل المتاح  –  الإنفاق الاستهلاكي متضمناً فوائد المستهلكين.
S (Saving) = Yd  - C


الناتج القومي والناتج المحلي:
يختلف الناتج القومي الإجمالي عن الناتج المحلي الإجمالي في كون هذا الأخير يعني بقيمة ما انتجه المجتمع باستخدام عناصر الإنتاج المحلية (الوطنية) فقط. أي أن الناتج القومي المحلي(GDP) = الناتج القومي الإجمالي– صافي عوائد عناصر الإنتاج الخارجية.
= الناتج القومي الإجمالي– عوائد عناصر الإنتاج المحمولة من الخارج  
                         + عوائد عناصر الإنتاج المحولة إلى الخارج.


الناتج الحقيقي والناتج النقدي:
الناتج الحقيقي هو عبارة عن الناتج النقدي (الناتج القومي الإجمالي الذي تم حسابه) مقسوما على المستوى العام للأسعار، أي أن الناتج الحقيقي هو عبارة عن الناتج القومي مقوما بالأسعار الثابتة والذي يتم الحصول عليه باستبعاد أثر تغيرات الأسعار عن طريق قسمة الناتج القومي بالأسعار الجارية على الرقم القياسي للأسعار.  ويقاس هذا الأخير بقسمة أسعار سنة المقارنة على أسعار سنة الأساس مضروبة في 100%، أي أن:
Real GDP (constant prices) = Nominal GDP (current prices) / price index number


Prices index number (PI) =  (prices in successive year / prices in reference year)* 100%


ويعاب على الرقم القياسي البسيط للأسعار أنه يعطي جميع السلع نفس القدر من الأهمية متجاهلا اختلاف الأهمية النسبية لكل سلعة من السلع. ولذلك هناك طريقة أخرى لاستخراج الرقم القياسي للأسعار، وهي أن نحصل فيها على الرقم النسبي الغير مرجح Un-weighted index number والذي يقوم على أساس حساب منسوب السعر لكل سلعة من السلع ثم يؤخذ متوسط هذه المناسيب. وتعتبر هذه المناسيب أرقاما قياسية لكل سلعة من السلع أي عبارة عن السعر في سنة المقارنة منسوبا إلى السعر في سنة الأساس. ولأخذ الأهمية النسبية للسلع في الحسبان يتم حساب الرقم القياسي المرجح والذي تستخدم فيه الكميات التي تم استهلاكها من السلع المختلفة كأوزان.
1- الرقم القياسي المرجح "لاسبير"         
2- الرقم القياسي المرجح "باش"           
3- الرقم القياسي المرجح "فيشر"           


مشكلات تركيب الارقام القياسية للأسعار:
من المشكلات التي يمكن أن تواجهنا عند تركيب الأرقام القياسية ما يلي:
  1. الهدف من الرقم القياسي: هناك العديد من الأرقام القياسية التي يمكن تركيبها، والمشكلة في تصميم الرقم القياسي بالشكل الذي يمكن من الإجابة على أسئلة محددة، فقد نرغب في قياس مستوى أسعار السلع الاستهلاكية أو أسعار السلع المعمرة..إلخ. ولابد من تحديد الهدف من تركيب الرقم القياسي قدر الإمكان وبوضوح ثم تصميم الرقم بناء على ذلك.
  2. اختيار السلع التي يتضمنها الرقم القياسي: إن عدد السلع التي نرغب في تحديد مسار أسعارها قد يصل إلى الآلاف ومن الضروري هنا إتباع أسلوب العينة لاختيار مجموعة منها تمثل جميع السلع سواء من حيث الأهمية النسبية أو من حيث التغيرات التي تطرأ على الأسعار.
  3. اختيار الأوزان: بالرغم من الحرية التي نتمتع بها في اختيار الأوزان فإنه بوسعنا أن نتساءل عن إمكانية استخدام أوزان محددة أو أوزان متغيرة باستمرار(كميات سنة المقارنة أو كميات سنة الأساس). وعادة ما يفضل استخدام سنة الأساس لسببين، أولهما أن كميات سنة المقارنة تختلف من سنة لأخرى، أما كميات سنة الأساس فهي واحدة عند اختيار سنة معينة. أما السبب الثاني فيتعلق بصعوبة تفسير الأرقام القياسية ذات الأوزان المتغيرة في حالة المقارنة بين سنتين غير سنة الأساس.
  4. اختيار سنة الأساس: يتوجه الاهتمام في اختيار سنة الأساس إلى اختيار سنة عادية حيث لا تكون الأسعار شديدة الارتفاع أو الانخفاض لتفادي استخدام الأرقام القياسية بصورة خاطئة بواسطة بعض مستخدميها الذين يحاولون إضفاء معنى اقتصادي للقيمة المطلقة للرقم القياسي.
  5. أخطاء وتحيزات الأرقام القياسية: هناك بعض التحيزات التي قد تلحق بالرقم القياسي وتؤثر عليه إما في الاتجاه الصعودي أو التنازلي، وأسبابها يمكن أن ترجع إلى: التحيز النوعي، أو التحيز المتصل بالأوزان، أو مصادر أخرى للتحيز. يظهر التحيز النوعي نتيجة استخدام المتوسط الحسابي والذي يضفي تحيزا صعوديا على الرقم القياسي. هذا ويمكن تلافي التحيز النوعي باستخدام المتوسط الهندسي.
Arithmetic Mean      


Geometric Mean    


أما فيما يخص التحيز المتصل بالأوزان، فإن استخدام كميات سنة الأساس عند حساب الرقم القياسي المرجح يتضمن تحيزا صعوديا، في حين يتضمن استخدام كميات سنة المقارنة تحيزا تنازليا خاصة عندما تتجه الأسعار للارتفاع. هذا وتؤدي التغيرات في جودة المنتجات وظهور سلع جديدة إلى إحداث مشكلات في تركيب الأرقام القياسية للأسعار تؤدي بصورة أو بأخرى إلى وجود قدر معين من التحيز.


الدوال الاقتصادية الكلية
تعرف الدالة بأنها علاقة تربط بين كل عنصر في مجموعة تسمى "مجال الدالة" وعنصر واحد فقط في مجموعة أخرى تسمى "مدى الدالة". وهناك أنواع مختلفة من الدوال كالخطية والأسية واللوغاريتيمة..إلخ. نتناول فيما يلي أمثلة لبعض الدوال التي يكثر استخدامها في مجال التحليل الاقتصادي الكلي والتي من أهمها الدوال الخطية، حيث تعد من أبسط الدوال التي يمكن التعامل معها رياضيا وبيانيا، والتي تغلب على الدوال التي سنتعامل معها خلال دراستنا للتحليل الاقتصادي الكلي، كدالة الاستهلاك، دالة الاستثمار، دالة الطلب على العمل وغيرها.


فدالة الاستهلاك مثلا تمثل في صورتها العامة بالدالة الخطية: ، حيث : تمثل الاستهلاك الكلي، : مقطع الدالة والمعبرة عن الاستهلاك الثابت أو التلقائي والذي لا يتأثر بالدخل، : تمثل الاستهلاك التبعي الذي يتأثر طرديا بالدخل المتاح ويتغير مع تغيراته.
تعتمد درجة تغير الاستهلاك نتيجة لتغيرات الدخل على قيمة والممثلة للميل الحدي للاستهلاك (ميل الدالة الخطية= المقابل/المجاور) كما في الرسم البياني المقابل.


النماذج الاقتصادية الكلية
يستخدم الاقتصاد الرياضي الأساليب الرياضية المختلفة لتحليل النظريات الاقتصادية، وعليه لا يعد فرعاً مستقلاً من فروع علم الاقتصاد إنما هو مدخلاً للتحليل الاقتصادي يتمكن الاقتصادي من خلاله استخدام الأدوات الرياضية في صياغة المشاكل الاقتصادية في شكل معادلات جبرية أو متباينات أو رسوم هندسية وتحليلها، ومن ثم توفير الحلول لتلك المشاكل عن طريق استخدام الأفكار الرياضية. وقد بدء التطور الأكثر وضوحاً في الاقتصاد الرياضي منذ 1930م، أو بالأصح مع التطورات التي حدثت في الحاسبات الإلكترونية إبان الحرب العالمية الثانية، وما صاحبها من استخدام أوسع للتقنيات الرياضية وتطورات تالية في الاقتصاد الرياضي متفرعة إلى المذهب التجريبيExperimentation  (الاقتصاد القياسي Econometrics)، وبناء النماذج الاقتصادية الرياضية في جميع فروع التحليل الاقتصادي.
النموذج الاقتصادي Economic Model  فهو "مجموعة من العلاقات الاقتصادية التي توضع عادة بصيغ رياضية تسمى المعادلة ( أو مجموعة من المعادلات) Equations  التي تشرح سلوكية أو ميكانيكية هذه العلاقات التي تبين عمل اقتصاد أو قطاع معين". فالنموذج الاقتصادي ما هو إلا صورة مبسطة توضح طبيعة النشاط الاقتصادي لقطاع معين، أو دولة معينة خلال فترة زمنية معينة على شكل رموز وقيم عددية. هذا ويعرف النموذج الاقتصادي أيضاً بأنه عبارة عن "تمثيل أو تصوير مبسط لنسق اقتصادي معين أو مشكلة اقتصادية معينة في قالب رياضي يشمل عدداً من العلاقات الدالية التي تمثل أو تصور سلوك النسق أو طبيعة المشكلة والترابط بين أجزائها".


هناك أنواع عديدة من النماذج تختلف باختلاف طبيعة التقسيم، فهناك النماذج الوصفية والنماذج المعيارية، أو النماذج الساكنة والنماذج المقارنة، أو النماذج الكلية والنماذج الجزئية، أو النماذج المغلقة والنماذج المفتوحة وغير ذلك. تختلف النماذج الاقتصادية وفقاً لطبيعة بناء و توصيف النموذج إلى نماذج رياضية Mathematical Models  و نماذج قياسيةEconometric Models . والنموذج الاقتصادي هوعبارة عن إطار نظري لا يشترط أن يكون نموذجاً رياضياً، ولكن إذا حدث وكان رياضياً فإنه عندها يعطي ترجمة للعلاقات النظرية بين عدد من المتغيرات في صورة معادلات أو متباينات. أي سوف يتكون النموذج من معادلات تصف هيكل النموذج وتربط المتغيرات بعضها ببعض. ويتمثل بناء النموذج Model Building   أو ما يعرف بتوصيف النموذج Specification في كيفية التعبير عن النظرية الاقتصادية أو صياغة العلاقات الاقتصادية محل الدراسة بأسلوب رياضي، أي في صورة معادلة أو مجموعة من المعادلات أو المتباينات.
على مستوى الاقتصاد الكلي تهدف السياسات الاقتصادية إلى تحقيق نمو الناتج (الدخل)، واستقرار المستوى العام للأسعار. و تستخدم هذه السياسات في تفادي تقلبات الاقتصاد الحادة والناجمة عن تعاقب دورات الأعمال، وهي دورات يتقلب فيها الاقتصاد بين ذروة النشاط الاقتصادي والركود الكساد. وبداية لدراسة تحديد المستويات التوازنية للناتج والسعر وتقييم السياسات الاقتصادية المختلفة تستخدم أدوات التحليل الاقتصادي. وهذه الأخيرة يتم التوصل إليها عن طريق تطوير نماذج اقتصادية كلية كنموذج كينز المبسط، نموذج IS/LM، ونموذج الطلب الكلي/العرض الكلي AD/AS، والتي نتناولها باختصار فيما يلي:


1- نموذج كينز المبسط: يصور الجانب الحقيقي في الاقتصاد والمتمثل في سوق السلع والخدمات فقط لوصف الاقتصاد. ويتحدد التوازن وفقا لهذا الاقتصاد بتساوي جانب الطلب الكلي (الإنفاق الكلي) مع جانب العرض الكلي (الدخل)، والمعبر عنه بيانيا في الشكل المقابل بتقاطع دالتي الدخل (العرض) والانفاق (الطلبِ) .  
يتحدد التوازن عند نقطة التقاطع E وعليه يكون مستوى الدخل التوازني هو Y*.   وكما سبق لنا دراسته في مبادئ الاقتصاد الكلي، فإن هذا المستوى هو المستوى التوازني لدخل والذي غالبا ما يتغير ويختل التوازن نتيجة لتغيرات الطلب أو الإنفاق الكلي والذي ينتج بدوره عن تغيرات الاستثمار أو السياسات المالية. يتغير الطلب بالارتفاع فينتقل منحنى الطلب الكلي على أعلى، أو ينخفض فينتقل المنحنى إلى أسفل.
هذا ويعاب على هذا النموذج كونه يتجاهل جانب العرض والذي يتحدد في أسواق عناصر الإنتاج ومن أهمها سوق العمل. ومن جانب آخر يقتصر النموذج على السلع والخدمات في جانب الطلب دون التعرض لسوق النقود وهو السوق الذي تتم فيه التدفقات النقدية لمواجهة الطلب على السلع والخدمات.
2- نموذج IS/LM: يعد هذا النموذج امتدادا لنموذج كينز المبسط، مضيفا السوق النقدي إلى جانب الطلب الكلي. وعليه يتحقق التوازن بتساوي بتوازن السوقين السلعي والنقدي معاً. أي أنه بناءاً على هذا النموذج يتوازن السوق السلعي بتساوي الطلب الكلي على السلع والخدمات مع المعروض منها من خلال منحنى يعرف بمنحنى IS، في حين يتوازن السوق النقدي بتساوي الطلب على النقود مع المعروض منها من خلال ما يعرف بمنحنى LM.  ويشكل سعر الفائدة في هذا النموذج حلقة الوصل بين السوقين كما سنتناول وبتفصيل في أجزاء لاحقة من الدراسة. ويعاب على هذا النموذج كما في النموذج الكنزي إغفاله لجانب العرض وبالتالي عدم التعرض لكيفية تحدد السعر في الاقتصاد.


3- نموذج الطلب الكلي/العرض الكلي: يمثل نموذج الطلب الكلي/العرض الكلي النموذج الأكثر شيوعا وتطورا بين النماذج الثلاثة، حيث يعالج جانبي الطلب والعرض معا وكيفية تحدد السعر والدخل في الاقتصاد فضلا عن تفسير تقلبات هذين الأخيرين. يتحدد الطلب من خلال سوقي السلع والنقود معبرا عنه بالطلب الكلي، كما يتحدد العرض الكلي من خلال السوقين. وعلى ذلك يتحدد التوازن بتساوي الطلب الكلي والعرض الكلي. ومن ثم فإن مستوى الطلب الكلي يعتمد على السعر ويتحدد بالمنحنىAD الموضح بيانيا بالعلاقة العكسية بين الكمية المطلوبة والسعر. هذا وتؤدي زيادة الإنفاق إلى زيادة الناتج والتوظف ما لم يكن الاقتصاد قد وصل إلى مستوى التوظف الكامل، فإن الأسعار عندها تتجه للارتفاع (تضخم). أما مستوى العرض الكلي والمتحدد بالمنحنى LM على الرسم فيمثل العلاقة الطردية بين الكمية المعروضة والسعر. وكما هو معروف لدينا من واقع دراسة مبادئ الاقتصاد، فإن ارتفاع الطلب لن يؤدي إلى ارتفاع ملحوظ في الأسعار، حيث يمكن زيادة الإنتاج (الدخل) لمواجهة زيادة الطلب. أما عند ارتفاع الطلب وكان الاقتصاد قريبا من مستوى التوظف الكامل فإنه يصعب زيادة الإنتاج زيادة ملحوظة دون المخاطرة بإحداث تضخم. وقد يحدث أن ينتقل منحنى العرض يسارا بالانخفاض بسبب تأثير السياسات المالية وصدمات العرض كما حدث في السبعينات وبداية الثمانينات من القرن الماضي عندما أدى الحظر النفطي إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج في الدول الصناعية فانخفض العرض الكلي مما أحدث كسادا واسع النطاق مصحوبا بتضخم متسارع عرف وقتها بظاهرة التضخم الركوديStagflaction  والتي كانت ظاهرة جديدة لم يعهدها الاقتصاد من قبل.


المشكلات الاقتصادية الكلية
تعرف المشكلة الاقتصادية بأنها مشكلة ذات شقين: تعدد و لا محدودية الحاجات الإنسانية، وندرة نسبية في الموارد الاقتصادية اللازمة لاشباع الحاجات الإنسانية. ولولا هاتان الحقيقتان لما كان لدراسة علم الاقتصاد أي مبرر. فندرة الموارد من ناحية وتعدد الحاجات من ناحية أخرى هما أساس علم الاقتصاد والسببان الرئيسيان للمشكلات الاقتصادية المختلفة سواء على المستوى الجزئي أو الكلي. ولعل أهم الظواهر أو المشكلات الاقتصادية الكلية ذات التأثير المباشر على حياة الأفراد ومستوى رفاهيتهم ومعيشتهم ظاهرتي التضخم والبطالة واللتان ستكونان محلا للدراسة والتحليل فيما بعد. وكما نعلم أن التضخم ظاهرة عالمية شملت الاقتصاديات المتقدمة والنامية على السواء،  وهي تعبير يطلق عندما تسود حالة من الارتفاع المستمر في المستوى العام للأسعار. في حين تظل البطالة من أهم القضايا الاجتماعية التي تحتل مكانة مهمة في وسائل الاإعلام وأحاديث الناس اليومية لما لهذه الظاهرة من آثار حادة على المجتمعات الاإنسانية ، ويقصد بالبطالة التعطل الجبري لجزء من قوة العمل في المجتمع برغم القدرة والرغبة في العمل والإنتاج.