04‏/03‏/2014

هذه قصيدة رثاء المتنبي لإم سيف الدولة

1 نُعِدُّ المَشرَفِيَّةَ وَالعَوالي *** وَتَقتُلُنا المَنونُ بِلا قِتالِ
2 وَنَرتَبِطُ السَوابِقَ مُقرَباتٍ *** وَما يُنجينَ مِن خَبَبِ اللَيالي
3 وَمَن لَم يَعشَقِ الدُنيا قَديمًا *** وَلَكِن لا سَبيلَ إِلى الوِصالِ
4 نَصيبُكَ في حَياتِكَ مِن حَبيبٍ *** نَصيبُكَ في مَنامِكَ مِن خَيالِ
5 رَماني الدَهرُ بِالأَرزاءِ حَتّى *** فُؤادي في غِشاءٍ مِن نِبالِ
6 فَصِرتُ إِذا أَصابَتني سِهامٌ *** تَكَسَّرَتِ النِصالُ عَلى النِصالِ
7 وَهانَ فَما أُبالي بِالرَزايا *** لِأَنّي ما اِنتَفَعتُ بِأَن أُبالي
8 وَهَذا أَوَّلُ الناعينَ طُرًّا *** لِأَوَّلِ مَيتَةٍ في ذا الجَلالِ
9 كَأَنَّ المَوتَ لَم يَفجَع بِنَفسٍ *** وَلَم يَخطُر لِمَخلوقٍ بِبالِ
10 صَلاةُ اللَهِ خالِقِنا حَنوطٌ *** عَلى الوَجهِ المُكَفَّنِ بِالجَمالِ
11 عَلى المَدفونِ قَبلَ التُربِ صَونًا *** وَقَبلَ اللَحدِ في كَرَمِ الخِلالِ
12 فَإِنَّ لَهُ بِبَطنِ الأَرضِ شَخصًا *** جَديدًا ذِكرُناهُ وَهُوَ بالي
13 وَما أَحَدٌ يُخَلَّدُ في البَرايا *** بَلِ الدُنيا تَؤولُ إِلى زَوالِ
14 أَطابَ النَفسَ أَنَّكِ مُتِّ مَوتًا *** تَمَنَّتهُ البَواقي وَالخَوالي
15 وَزُلتِ وَلَم تَرَيْ يَومًا كَريهًا *** تُسَرُّ الروحُ فيهِ بِالزَوالِ
16 رِواقُ العِزِّ حَولَكِ مُسبَطِرٌّ *** وَمُلكُ عَلِيٍّ اِبنِكِ في كَمالِ
17 سَقى مَثواكَ غادٍ في الغَوادي *** نَظيرُ نَوالِ كَفِّكِ في النَوالِ
18 لِساحيهِ عَلى الأَجداثِ حَفشٌ *** كَأَيدي الخَيلِ أَبصَرَتِ المَخالي
19 أُسائِلُ عَنكِ بَعدَكِ كُلَّ مَجدٍ *** وَما عَهدي بِمَجدٍ عَنكِ خالي
20 يَمُرُّ بِقَبرِكِ العافي فَيَبكي *** وَيَشغَلُهُ البُكاءُ عَنِ السُؤالِ
21 وَما أَهداكِ لِلجَدوى عَلَيهِ *** لَوَ انَّكِ تَقدِرينَ عَلى فَعالِ
22 بِعَيشِكِ هَل سَلَوتِ فَإِنَّ قَلبي *** وَإِن جانَبتُ أَرضَكِ غَيرُ سالي
23 نَزَلتِ عَلى الكَراهَةِ في مَكانٍ *** بَعُدتِ عَنِ النُعامى وَالشَمالِ
24 تُحَجَّبُ عَنكِ رائِحَةُ الخُزامى *** وَتُمنَعُ مِنكِ أَنداءُ الطِلالِ
25 بِدارٍ كُلُّ ساكِنِها غَريبٌ *** طَويلُ الهَجرِ مُنبَتُّ الحِبالِ
26 حَصانٌ مِثلُ ماءِ المُزنِ فيهِ *** كَتومُ السِرِّ صادِقَةُ المَقالِ
27 يُعَلِّلُها نِطاسِيُّ الشَكايا *** وَواحِدُها نِطاسِيُّ المَعالي
28 إِذا وَصَفوا لَهُ داءً بِثَغرٍ *** سَقاهُ أَسِنَّةَ الأَسلِ الطِوالِ
29 وَلَيسَت كَالإِناثِ وَلا اللَواتي *** تُعَدُّ لَها القُبورُ مِنَ الحِجالِ
30 وَلا مَن في جَنازَتِها تِجارٌ *** يَكونُ وَداعُها نَفضَ النِعالِ
31 مَشى الأُمَراءُ حَولَيها حُفاةً *** كَأَنَّ المَروَ مِن زِفِّ الرِئالِ
32 وَأَبرَزَتِ الخُدورُ مُخَبَّآتٍ *** يَضَعنَ النِّقْسَ أَمكِنَةَ الغَوالي
33 أَتَتهُنَّ المُصيبَةُ غافِلاتٍ *** فَدَمعُ الحُزنِ في دَمعِ الدَلالِ
34 وَلَو كانَ النِساءُ كَمَن فَقَدْنا *** لَفُضِّلَتِ النِساءُ عَلى الرِجالِ
35 وَما التَأنيثُ لاِسمِ الشَمسِ عَيبٌ *** وَلا التَذكيرُ فَخرٌ لِلهِلالِ
36 وَأَفجَعُ مَن فَقَدنا مَن وَجَدنا *** قُبَيلَ الفَقدِ مَفقودَ المِثالِ
37 يُدَفِّنُ بَعضُنا بَعضًا وَتَمشي *** أَواخِرُنا عَلى هامِ الأَوالي
38 وَكَم عَينٍ مُقَبَّلَةِ النَواحي *** كَحيلٍ بِالجَنادِلِ وَالرِمالِ
39 وَمُغضٍ كانَ لا يُغضي لِخَطْبٍ *** وَبالٍ كانَ يُفكِرُ في الهُزالِ
40 أَسَيفَ الدَولَةِ اِستَنجِد بِصَبرٍ *** وَكَيفَ بِمِثلِ صَبرِكَ لِلجِبالِ
41 فَأَنتَ تُعَلِّمُ الناسَ التَعَزّي *** وَخَوضَ المَوتِ في الحَربِ السِجالِ
42 وَحالاتُ الزَمانِ عَلَيكَ شَتّى *** وَحالُكَ واحِدٌ في كُلِّ حالِ
43 فَلا غيضَت بِحارُكَ يا جَمومًا *** عَلى عَلَلِ الغَرائِبِ وَالدِّخالِ
44 رَأَيتُكَ في الَّذينَ أَرى مُلوكًا *** كَأَنَّكَ مُستَقيمٌ في مُحالِ
45 فَإِن تَفُقِ الأَنامَ وَأَنتَ مِنهُمْ *** فَإِنَّ المِسكَ بَعضُ دَمِ الغَزالِ