26‏/04‏/2022

كيفيّة صلاة قيام الليل في رمضان

تُعرَف صلاة التراويح بأنّها قيام الليل في شهر رمضان، وتُصلّى مَثنى مَثنى؛ أي ركعتَين ركعتَين،[١] وكُلّ نافلة تُصلّى بعد العشاء تُسمّى قيام ليل، إلّا أنّ العُرف جرى بين الناس على تسميتها في رمضان بصلاة التراويح، ويُسَنّ أداؤها جماعة في المسجد،[٢] وقد ذهب العُلماء إلى سُنّية صلاة التراويح؛ واستدلّوا على ذلك بما ثبت بالسّنة وبإجماع أهل العلم؛ فمن السنة قول النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (عليكم بقيامِ الليلِ؛ فإنَّه دَأْبُ الصالحينَ قبلَكم، وهو قُرْبةٌ إلى ربِّكم، ومَكْفَرةٌ للسِّيِّئاتِ، ومَنْهاةٌ عن الإثمِ)،[٣] وقد نُقِل الإجماع عن عدد من العُلماء، ومنهم: الإمام النووي، وابن حجر، وابن عبد البرّ، على سُنّية قيام الليل في حقّ الأُمّة.[٤] للمزيد من التفاصيل حول كيفية قيام الليل الاطّلاع على المقالات الآتية: ((كيفية أداء صلاة قيام الليل)). ((كيفية قيام ليلة القدر)). عدد ركعات صلاة قيام الليل في رمضان لا تنحصر صلاة قيام الليل، وصلاة التراويح بعدد مُعيّن من الركعات؛ لأنّ النصّ جاء من عند الله -تعالى- بصيغة المُطلَق؛ بقوله: (وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا)،[٥] فالله لم يُحدّد لها عدداً مُعيَّناً، ولا يجوز تقييدها بعدد مُعيَّن، أمّا ورد عن السيّدة عائشة -رضي الله عنها- من أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- ما كان يزيد عن إحدى عشرة ركعة فهو محمول على الغالب من صلاته؛ فقد ورد عنها أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- كان يُصلّي عدداً آخر غير الإحدى عشرة ركعة، وذلك في قولها: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُوتِرُ مِن ذلكَ بخَمْسٍ)،[٦][٧] ويرى جمهور الفُقهاء من الحنفية، والشافعية، والحنابلة أنّ عدد ركعات صلاة التراويح عشرون ركعة؛ مُستدلّين بعمل عُمر بن الخطاب -رضي الله عنه- حين جمع الناس على عشرين ركعة،[٨] أمّا المالكية فيرون أنّ الأمر مُوسَّع في ذلك؛ فتجوز صلاة التراويح عشرين ركعة، أو ستّاً وثلاثين؛ مُستدلّين بفِعل عمر بن الخطاب، وفِعل عمر بن عبدالعزيز -رضي الله عنهما-.[٩] للمزيد من التفاصيل حول عدد ركعات القيام والتراويح الاطّلاع على مقالة: ((كم عدد ركعات صلاة القيام في رمضان)). أفضل أوقات قيام الليل في رمضان تجوز صلاة الليل في أيّ وقت من أوقاته؛ سواءً كان في أوّله، أو أوسطه، أو آخره؛ لقول أنس -رضي الله عنه-: (ما كنَّا نشاءُ أن نرى رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في اللَّيلِ مصلِّيًا إلاَّ رأيناهُ ولاَ نشاءُ أن نراهُ نائمًا إلاَّ رأيناه)،[١٠] أمّا أفضل أوقاتها فيكون في الثُّلث الأخير من الليل؛ لأنّ الله -عزّ وجلّ- ينزل إلى السماء الدُّنيا فيه، فيستشعر العبد رحمة الله -تعالى-، ويتعرّض لنفحاته، ويكون أقرب إلى إجابة الدُّعاء.[١١] للمزيد من التفاصيل عن مقالات ذات علاقة الاطّلاع على المقالات الآتية: ((متى تبدأ صلاة القيام في رمضان)). ((أفضل وقت لقيام الليل)). أعمال يُستحَبّ أداؤها في صلاة قيام الليل في رمضان هُناك بعض الأعمال التي يُستحَب للمُسلم فِعلها إذا أراد قيام الليل، ومنها أن: ينوي المسلم قيام الليل عند نومه إذا أراده بعد النوم؛ وذلك لحديث النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (من أتى فراشَهُ وَهوَ ينوي أن يقومَ فيصلِّيَ منَ اللَّيلِ فغلبتْهُ عينُهُ حتَّى يصبحَ كتبَ لَهُ ما نوى وَكانَ نومُهُ صدقةً عليْهِ من ربِّهِ).[١٢][١٣] ينام المُسلم على طهارة، وفي وقت مُبكِّر بعد العشاء؛ ليتمكّن من القيام نشيطاً.[١٤] يقوم المسلم في صلاته مع قدرته عليها، ويُستحَبّ أن يزيد من طول الركوع والسجود فيها أكثر من طول القيام.[١٥] يستفتح المسلم قيامه بركعتَين خفيفتَين؛ لما رواه أبو هريرة عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (إذا قامَ أحَدُكُمْ مِنَ اللَّيْلِ، فَلْيَفْتَتِحْ صَلاتَهُ برَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ)،[١٦][١٧] وأن يُسلِّم بعد كُلّ ركعتَين.[١٨] يستريح المسلم بعد كُلّ أربع ركعات، وقد اتّفق الفقهاء على مشروعيّتها؛ لورودها عن السَّلَف، وذهب الحنفيّة إلى استغلال هذه الاستراحة بالسكوت، أو الصلاة الفرديّة، أو قراءة القُرآن، أو ذِكر الله -تعالى-، أمّا الحنابلة فقالوا بجواز ترك الاستراحة بين كلّ ترويحتَين، ولا يُسَنّ دعاء مُعيَّن لها؛ لعدم ورود ذلك.[١٩] يخصّص المسلم لنفسه عدداً مُعيَّناً من الركعات؛ فإن نام عنها فيُسَنّ له أن يقضيَها شَفعاً في النهار، ويُسَنّ أن يكون قيامه في البيت، ويُوقظ أهله؛ ليُصلّي بهم، ويكون قيامه بحسب نشاطه، ويجوز له الجهر والإسرار بالقراءة فيها، ويُسَنّ له إذا مرَّ بآيات الرحمة أن يسأل الله -تعالى- فيها الرحمة، وإذا مرَّ بآيات التسبيح سبّح، وإذا مرّ بآيات العذاب استعاذَ منه.[٢٠] يُطيل المسلم في القيام بحسب استطاعته، والتطويل يشمل كُلّ أجزاء الصلاة من الركوع، والسجود، والذِّكر، وغيرها، وقد ورد عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّ أفضل صلاة القيام ما كان أطول، وقد ثبت عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: (أنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ حتَّى تَتَفَطَّرَ قَدَمَاهُ).[٢١][٢٢] يكون القيام في جماعة المسجد أفضل، وتجوز صلاتها في البيت مُنفرداً أو جماعة، فإن كان يُصلّي وحده فيجوز له التطويل بحسب استطاعته، وإن كان يُصلّي في جماعة فيُستحَبّ له التخفيف عليهم؛ إذ جاء عن الإمام أحمد أنّه كان يَؤُمّ الناس ويُخفّف عليهم، أمّا إن كانت الجماعة التي يُصلّي بهم راضين بالتطويل فيجوز له أن يُطيل بهم.[٢٣] يُحسّن المسلم صوته بقراءة القرآن ويُرتّل فيها؛ لقوله -تعالى-: (وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً)،[٢٤] ويُستحَبّ له أن يتغنّى بالقراءة جهراً؛ حتى يكون له تأثير أكبر في القلب؛ لقول النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (ما أذِنَ اللَّهُ لِشيءٍ ما أذِنَ لِنَبِيٍّ حَسَنِ الصَّوْتِ يَتَغَنَّى بالقُرْآنِ يَجْهَرُ بهِ).[٢٥][٢٦] يتدبّر المُسلم ما يقرؤه من الآيات، ويُحاول البكاء في صلاته، فإن لم يستطع فإنّه يتباكى؛ اقتداءً بفعل النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-؛ إذ ورد أنّ الصحابة كانوا يسمعون من النبيّ وهو يقرأ صوتاً كأزيز المِرجل من شدّة البُكاء، ففي الحديث: (رأَيْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُصلِّي وفي صدرِه أزيزٌ كأزيزِ المِرجَلِ مِن البكاءِ).[٢٧][٢٨] يُكثر المسلم من الدعاء، وخاصّة وقت السَّحَر؛ سواءً كان الدعاء في الصلاة، أو خارجها؛ لقول النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (في اللَّيلِ ساعةٌ لا يوافِقُها رجلٌ مسلمٌ يسأَلُ اللهَ خيرًا مِن الدُّنيا والآخرةِ إلَّا أعطاه إيَّاه)،[٢٩] وأن يتحرّى مواطن إجابة الدعاء، كالسجود، قال -عليه الصلاة والسلام-: (أَقْرَبُ ما يَكونُ العَبْدُ مِن رَبِّهِ، وهو ساجِدٌ، فأكْثِرُوا الدُّعاءَ).[٣٠][٣١]   المرجع