01‏/10‏/2022

تتبع المسار إلى المناعة، خلية واحدة في كل مرة

 تعمل اللقاحات بسحرها على إنتاج خلايا مناعية تدوم طويلاً -غالبًا لعقود- بفاعلية. إذ تُنتج هذه الخلايا حاجزًا واقيًا يمنع إعادة العدوى أو يقللها، وذاكرة تسمح لنا بالتعرف على الغزاة القدامى مثل الفيروسات، وقتلها قبل أن تسبب المرض.

إن الأجسام المضادة في دمائنا عبارة عن حاجز يتكون من “خلايا البلازما طويلة الأجل”، وعلى الرغم من أن أهمية هذه الخلايا معروفة دائمًا، إلا أن كيفية وتوقيت إنتاجها بعد التطعيم ظل لغزًا حتى الآن.

أظهر فريق بحثي بقيادة الدكتور ماركوس روبنسون والأستاذ دايفيد تارلنتون من مختبر الذاكرة المناعية بجامعة موناش في الوقت المناسب كيف تُخزن خلايا الذاكرة المناعية في نخاع العظام بمعدل خلية واحدة تقريبًا في الساعة لعدة أسابيع بعد التطعيم. نُشر عملهم في Science Immunology.

 استخدم الباحثون النظام الجيني في الفئران لرسم خريطة توضح التراكم التدريجي لهذه الخلايا. إذ يسمح هذا النظام الذي يُدعى “الطابع الزمني” للباحثين بوضع علامات لا تُمحى على جميع خلايا البلازما الموجودة في وقت محدد بعد التطعيم، ثم العودة لاحقًا وتحديد تلك التي نجت وبالتالي فهي طويلة الأجل. بإجراء هذا بانتظام بعد التطعيم، تمكن الباحثون من الكشف عن تاريخ تراكم الخلايا طويلة الأجل وتحديد متى تكونت وأين ذهبت بدقة.

بعد تلقي لقاح مرضٍ ما، نبقى محصنين إلى حدٍ كبير ضد هذا المرض لأن أجسامنا توفر  إمدادًا مستمرًا من الأجسام المضادة له -بشكل أساسي للتأكد من تزويدنا الكامل بهذه الأجسام المضادة. لقد حددنا الأماكن التي تُصنع فيها خلايا البلازما طويلة الأجل في الجسم (وتشمل العقد الليمفاوية، واللوزتان والأمعاء).

لكن سبب أن بعض اللقاحات تجعل هذه الخلايا تبقى لعقود على عكس الأخرى التي تختفي بعد بضعة أشهر  ليس معروفًا. وبالنظر إلى الاهتمام العالمي باللقاحات طويلة الأجل التي توفرها لقاحات كوفيد-19، هناك حاجة ملحة لفهم هذه العملية.

باستخدام نموذج فأر، أعلن الباحثون عن بروتين مضيء (يسمى TdTomato) موجود فقط وبالتحديد في الخلايا التي تنتج أجسامًا مضادة ضد لقاح معين. ولأن هذه الخلايا مضيئة، كان من الممكن تتبع الخلايا الفردية أثناء إنتاجها ومكان تخزينها. أيضًا استخدم الباحثون مجموعة من الأدوات لتحديد خلايا البلازما التي أنتجها اللقاح فقط.

عبرت جميع خلايا البلازما في نموذج الفأر عن بروتين (TdTomato)، ومن بين هؤلاء، حددوا تلك التي تعرفت على اللقاح. أخيرًا وباستخدام نظام الطابع الزمني، عرف الباحثون متى تكونت هذه الخلايا وبالتالي عمرها.

وفقًا للأستاذ تارلنتون، إن دراسة هذه الخلايا الفردية وهي تُولد، وتنمو وتُخزن لتحمينا ضد تكرار هجوم فيروسات أو بكتيريا معينة، “قد يفيد فهمنا عن كيفية إدارة خلايا البلازما طويلة الأجل”.

سمح تعقيد الدراسة للباحثين بتحديد جوانب أخرى لبناء مناعة محددة:

  • كيف تدخل خلايا البلازما نخاع العظام
  • هل تحل خلايا البلازما هذه مكان خلايا أخرى عندما تُخزن في مناطق مثل نخاع العظام
  • أو إذا وجدت هذه الخلايا مكانًا شاغرًا بسبب موت أو تحرك خلايا البلازما السابقة

أظهرت الخرائط الخاصة بهذه الخلايا أن لقاح واحد معين في الفأر يقود إلى إنتاج حوالي 40.000 خلية بلازما مستمرة في نخاع العظام. تنخفض هذه الخلايا، بعد الازدهار الأولي، بمعدل 0.1% في اليوم بنصف عمر، حوالي 700 يوم، ما يوفر تقديرًا لمدة الحماية وتحديد الخلايا طويلة الأجل لمزيد من الدراسة.

وفقًا للأستاذ تارلنتون، فإن فهم كيفية إنتاج خلايا البلازما طويلة الأجل، وعيشها وموتها، “قد يفيد قدراتنا لتعديل توظيفهم من خلال مجموعات مختلفة من اللقاحات أو استراتيجيات توصيل هذه اللقاحات- وأخيرًا السماح لنا بزيادة عمر المناعة.

في الواقع، هناك عمل مثير نُشر مؤخرًا في مجلة نيتشر Nature، يصف كيف يؤثر تغيير آليات التطعيم بشكل كبير على طبيعة الاستجابة المناعية، ونتنبأ بإنتاج هذه الخلايا الخاصة التي كانت محور عملنا”.

المصدر: https://medicalxpress.com

ترجمة: أماني علام

لينكد إن: amany-allam

مراجعة وتدقيق: زينب محم