31‏/12‏/2016

الشهور الميلادية

    شهور الهجرية

    1محرم7رجب
    2صفر8شعبان
    3ربيع أول9رمضان
    4ربيع ثاني10شوال
    5جماد أول11ذو القعدة
    6جماد ثاني12ذو الحجة

26‏/12‏/2016

جميل بن معمر شاعرٌ حجازيٌ من قبيلة عذرة


وذكر صاحب اغاني أن كثير عزة كان راوية جيمل، وجميل كان راوية هدبة بن خشرم وهدبة راويةالحطيئة، والحطيئة راوية زهير بن أبي سلمى وابنه كعب بن زهير.
ومن شعر جميل من جملة أبيات
وخبرتمانـي أن تـيمـاء مـنـزل

لليلى إذا ما الصيف ألقى المراسيا
فهذي شهور الصيف عنا قد انقضت

فما النوى ترمي بليلى المـرامـيا
ومن الناس من يدخل هذه الأبيات في قصيدة مجنون ليلى، وليست له وتيماء خاصة: منزل لبني عذرة، وفي هذه القصيدة يقول جميل:  
وما زلتم يابثن حتى لـو انـنـي

من الشوق استبكي الحمام بكى ليا
ومازادني الواشون إلا صـبـابة

ولا كثرة الناهـين إلا تـمـاديا
وما أحدث النأي المفرق بـينـنـا

سلوا ولا طول الليالي تـقـالـيا
ألم تعلمي ياعذبة الـريق أنـنـي

أظل إذا لم ألق وجهـك صـاديا
لقد خفن ان أقى المنـية بـغـتة

وفي النفس حاجات إليك كما هيا
وكان كثير عزة يقول: جميل والله أشعر العرب حيث يقول:  
وخبرتماني أن تـيمـاء مـنـزل

لليلى إذا ما الصيف ألقى المراسيا
ومن شعره:  
إني لأحفظ سركم ويسرنـي

لو تعلمين بصالح أن تذكري
ويكون يوم لا أرى لك مرسلا

أو نلتقي فيه علي كأشهـر
ياليتني أقلى المنـية بـغـتة

إن كان يوم لقائكم لم يقـدر
ومنها:
يهواك ماعشت الفؤاد وإن أمت

يتبع صداي صداك بين الأقبر
ومنها:  
إني إليك بما وعدت لـنـاظـر

نظر الفقير إلى الغي المكثـر
يقضي الديون وليس ينجز موعداً

هذا الغريم لنا وليس بمعـسـر
ما أنت والوعد الذي تعدينـنـي

إلا كبرق سحابة لم تـمـطـر
زمن شعره من جملة قصيدة:  
إذا قلت ما بي يا بثـينة قـاتـلـي

من الوجد قـالـت ثـابـت ويزيد
وإن قلت ردي بعض عقلي أعش به

بثينة قالـت ذاك مـنـك بـعـيد
ومن شعره أيضاً:  
وإني لأرضى من بثـينة بـالـذي

لواستيقن الواشي لقرت بلابـلـه
بلا وبألا أستطـيع وبـالـمـنـى

وبالأمل المرجو قد خاب آمـلـه
و بالنظرة العجلى وبالحول تنقضي

أوآخره لا نـلـتـقـي وأوائلـه
وله أيضاً:  
وإني لأستحيي من النـاس أن أرى

رديفاً لوصـل أو عـلـي رديف
وأشرب رنقا منـك بـعـد مـودة

وأرضى بوصل منك وهو ضعيف
وإني للماء المخـالـط لـلـقـذى

إذا كـثـرت وراده لـعــيوف
وله م أبيات أيضاً  
بعيد على من ليس يطلب حاجةً

وأما على ذي حاجة فقـريب
بثينة قالت يا جميل أريتـنـي

فقلت كلانا يابـثـين مـريب
وأريبنـا مـن لا يؤدي أمـانة

ولا يحفظ الأسرار حين يغيب

25‏/12‏/2016

مختارات من شعر جميل بثينة 2


قافية العين
ديـار ليـلى إذ نحلّ بهـا معـا * * * وإذ نحن منها بالمودّة نطمـع
إلى الله أشكو لا إلى الناس حبها * * * ولا بد من شكوى حبيب يروّع
ألا تتقيـن الله فيمـن قتلـتـه * * * فأمسى إليكم خاشعـا يتضـرّع
فإن يك جثمـاني بأرض سواكم * * * فإن فـؤادي عندك الدهر أجمع
ألا تتقين الله في قتـل عاشـق * * * لـه كبـد حرّى عليـك تقطّـع
فيا ربّ حببنـي إليهـا وأعطني * * * المـودّة منها أنت تعطي وتمنع
وإلا فصبّرني وإن كنت كارهـا * * * فإني بها يـا ذا المعارج مولـع
 تمتّعْتُ منها يوم بانـوا بنظـرة * * * وهل عاشـقٌ من نظـرةٍ يتمتّع
كفى حزنا للمرء ما عاش أنه * * * ببين حـبـيـب لا يـزال يـروّع
فوا حزني لو ينفع الحزن أهله * * * ويا جزعي إن كان للنفس مجزع
 فأي قلـوب لا تذوب لما أرى * * * وأي عيـون لا تجـود فتـدمـع
أبت مقلتـي كتمان ما بي وبيّنت * * * مكان الذي أخفي وفـاض المدامع
غداة لقيناهـا على غير موعـد * * * بأسفـل خيـم والمطيّ خواضـع
وأومت بجفن العين واحتار دمعها * * * لتقتلنـي مملوحـة الـدّلّ مانـع
كمت دمعها عين الصحيح وبيّنت * * * مكان ذوي الشوق العيون الدوامع
ورقرقت دمـع العيـن ثم ملكته * * * مجال القذى فالدمع في الجفن ناقع
أحقّا عبـاد الله أن لست زائـرا * * * بثينـة إلا أُصْغِيَتْ لي المسـامـع
 وإلا عدانـي دون بثنـة أعيـنٌ * * * حـداد ولامتها النسـاء الهلامـع
قافية الفاء
أتاركتي للمـوت أنـت لميّـتٌ * * * وعندك لي لو تعلميـن شفـا
 فوا كبدي من حبّ من لا يحبّني * * * ومن عثـرات ما لهن شفـا
فما سرت من ميل ولا سرت ليلة * * * من الدهر إلا اعتادني منك طائف
ولا مرّ يوم مذ ترامت بكِ النـوى * * * ولا ليلـة إلا هـوى منك رادف
أهـمّ سلـوّا عنـك ثـم تردّنـي * * * إليك وتثنيني عليـك العواطـف
فلا تحسبنّ النـأي أسلى مودتـي * * * ولا أن عيني ردّها عنك عاطف
 وكم من بديـل قد وجدنا وطرفـة * * * فتأبى عليّ النفس تلك الطرائف
قافية اللام
بثينة من صنف يقلّبن أيدي * * * الرماة وما يحملن قوسـا ولا نبلا
ولكنما يظفرن بالصيـد كلما * * * جلون الثنايا الغر والأعين النجلا
 يخالسن ميعادا يرعن لقولها * * * إذا نطقـت كانت مقالتها فصـلا
وقالوا: تراها يا جميل تبدّلت * * * وغيّرها الواشي فقلت: لعلها
أظن هواها تاركي بمضيعة * * * من الأرض لا مال لديّ ولا أهل
 ولا أحد أوصي إليه وصيّتي * * * ولا وارث إلا المطيّة والرّحـل
تصدّ إذا ما النّاس بالقول أكثروا * * * علينا وتجري بالصّفـاء الرسائل
فإن غفل الواشون عدنا لوصلنا * * * وعاد التّصـافي بيننا والتّراسـل
فيا حسنها إذ يغسل الدمع كحلها * * * وإذ هي تذري الدّمع منها الأنامل
عشيّة قالت في العتاب : قتلتني * * * وقتلـي بما قالـت هناك تحـاول
فقلت لها: جودي! فقالت مجيبة * * * أللجدّ هذا منك أن أنـت هـازل؟
لقد جعل الليل القصيـر لنا بِكُمْ * * * عليّ لروعات الهـوى يتطـاول
 ألا رُبَّ لاحٍ لو بلا الحبّ لم يَلُمْ * * * ولكنته من سورة الحـب جاهـل
فما هكذا أحببت من كان قبلها * * * ولا هكذا فيما مضى كنت تفعل
 فيا قلـب دع ذكرى بثينة إنها * * * وإن كنت تهواها تضنُّ وتبخل
فما غاب عن عيني خيالك لحظة * * * ولا زال عنها والخيال يزول
أتتني و العـوائـد مسنداتي * * * فقالت: صحّ جسمك يا جميل
 فقلت لها: وأنت جزيت خيرا * * * فأنت العائد الحَسَنُ الجميـل
ألا ليت قلبي عن بثينة يذهل * * * ويبدو له الهجران أو يتبدّل
أريد لأنسى ذكرها فكأنما * * * تمثّل لي ليلى بكل سبيل
ولو أن ألفاً دون بثنة كلهم * * * غيارى وكل حارب مزمع قتلـي
 لحاولتها إما نهارا مجاهرا * * * وإما سرى ليل ولو قطعت رجلي
فلا تقتليني يا بثين ولم أصب * * * من الأمر ما فيه يحِلّ لكم قتلـي
 فأنت لعينـي قرّة حين نلتقي * * * وذكرك يشفيني إذا خدرت رجلي
يقولون: مهلا يا جميـل وإنني * * * لأقسم ما لي عن بثينـة من مهـل
إذا ما تراجعنا الذي كان بيننـا * * * جرى الدمع من عيني بثينة بالكحل
فلو تركت عقلي معي ما طلبتها * * * ولكن طلابيها لما فات من عقلـي
 خليليّ فيما عشتما هل رأيتمـا * * * قتيـلا بكى من حـبّ قاتلـه قبلي
ولست على بذل الصفاء هويتها * * * ولكن سبتني بالدّلال مع البخل
أيا ريح الشمـال أما تريني * * * أهيم وأنني بادي النحول
هبي لي نسمة من ريح بثنٍ * * * ومُنّي بالهبوب إلى جميل
 وقولي يا بثينة حسب نفسي * * * قليلك أو أقل من القليـل
وإني ليرضيني قليل نوالكم * * * وإن كنت لا أرضى لكم بقليل
أشاقتـك المعـارف والطلول * * * عَفَوْنَ وخفّ منهـنّ الحمـول
نعم فذكـرت دنيـا قد تقضّت * * * وأيّ نعيـم دنـيـا لا يـزول
أسائـل دار بثنـة أين حلّـت * * * كأن الـدار تخبـر ما أقـول
فمـن هـذا يبلّغهـا رسـولاً * * * كذاك لكـل ذي حاج رسـول
فيسألهـا وينظـر هل إليهـا * * * لخلـوة ساعـة منها سبيـل
وقلت لها: اعتللت بغير ذنـب * * * وشرّ الناس ذو العلل البخيـل
ففاتيني إلى حَكَـمٍ من اهلـي * * * وأهلـك لا يحيـف ولا يميـل
فقالـت: أبتغي حكما من اهلي * * * ولا يدري بنا الواشي المحول
فولّينـا الحكومـة ذا سجوف * * * أخـا دنيـا له طـرف كليـل
فقلنـا: ما قضيـت به رضينا * * * وأنت بما قضيـت بـه كفيـل
قضـاؤك نافـذ فاحكـم علينا * * * بما تهـوى ورأيـك لا يفيـل
فقلـت لـه: قُتِلْتُ بغير جـرم * * * وغِبُّ الظلـم مرتعـه وبيـل
فسل هذي: متى تقضي ديوني * * * وهل يقضيك ذو العلل المطول؟
فقالـت: إن ذا كـذب وبطـل * * * وشـرّ من خصومتـه طويـل
أأقلتـه ومـا لي من سـلاح * * * ومـا بي لـو أقاتلـه حويـل؟
ولـم آخـذ لـه مـالا فيلفى * * * لـه ديـن علـيّ كمـا يقـول
وعند أميـرنا حكـم وعـدل * * * ورأي بعـد ذلـكـم أصـيـل
فقال أميـرنا: هاتوا شهـودا * * * فقلـت: شهيـدنا الملك الجليل
فقـال يمينهـا وبذاك أقضي * * * وكـل قضائـه حسـن جميـل
فبتّت حلفـة مـا لي لديهـا * * * نقـيـر أدّعيـه ولا فـتـيـل
فقلت لها وقد غلب التّعزّي : * * * أما يُقضى لنا يا بثـن سـول؟
فقالـت ثم زجّت حاجبيهـا * * * أطلت ولسـت في شيء تطيـل
 فلا يجدنّك الأعـداء عنـدي * * * فتثـكـلنـي وإيـاك الثكـول
أبثين إنك قد ملكـت فأسجحي * * * وخذي بحظّك من كريـم واصل
فلربّ عارضـة علينا وصلها * * * بالجـدّ تخلطه بقـول الهـازل
فأجبتهـا بالقـول بعد تستّـر * * * حبّي بثينة عن وصالك شاغلي
لو كان في صدري كقدر قلامة * * * فضـل وصلتك أو أتتك رسائلي
ويقلن: إنك قد رضيـت بباطل * * * منها فهل لك في اجتناب الباطل
ولبـاطل ممن أحـبّ حديثـه * * * أشهى إليّ من البغيـض الباذل
ليزلن عنك هـواي ثم يصلنني * * * وإذا هويـت فما هـواي بزائل
صادت فؤادي يا بثين حبـالكم * * * يوم الحجون وأخطأتـك حبائلي
منّيتنـي فلويت مـا منّيتنـي * * * وجعلت عاجل ما وعدت كآجـل
وتثاقلـت لما رأت كلفي بهـا * * * أحبـب إليّ بـذاك من متثاقـل
وأطعـت فيّ عواذلا فهجرتني * * * وعصيت فيك وقد جهدن عواذلي
حاولنني لأبتّ حبـل وصالكم * * * مني ولست وإن جهـدن بفاعـل
فرددتهنّ وقد سعيـن بهجركم * * * لمّا سعيـن لـه بأفوق ناصـل
يمشيـن حول عقيلة منسوبة * * * كالبـدر بيـن دمالـج وخلاخـل
نصح الحميم يجول في أقرابها * * * حول الحباب إلى الحباب الجائل
يعضضن من غيظ لعيّ أنامـلا * * * ووددت لو يعضضن صمّ جنادل
ويقلـن : إنك يا بثين بخيلـة * * * نفسي فـداءك من ضنين باخل
ولن ألفتك أو وصلـت حبالكم * * * لعلى المودّة من ضمير الواصل
 فصلي بحبلك يا بثيـن حبائلي * * * وعدي مواعـد منجز أو ماطل
قافية الميم
أتوهـا بقـولٍ لم أكـن لأقولـه * * * وكلّهـم حـرف عليّ ظلـوم
بقولٍ جزيت النـار إن كنت قلته * * * وكلّ جـزاء الظالميـن أليـم
لكِ الخير هلاّ عجت حتى تفهمي * * * وذو اللّب في كل الأمور فهيم
 فتستيقني أن لم يكن من خلائقي * * * وذلك أمـر يا بثيـن عظيـم
ألا ليتني أعمى أصمّ تقودني * * * بثينة لا يخفى عليّ كلامها
قافية النون
شهـدت بأني لم تغيّر مودّتي * * * وأني بكم حتى الممات ضنين
وأن فؤادي لا يلين إلى هوىً * * * سواكِ وإن قالوا : بلى سيلين
 وإني لأستغشي وما بي نعسةٌ * * * لعلّ لقـاءً في المنـام يكون
أرى كل معشوقين غيري وغيرها * * * يلذّان في الدنيـا ويغتبطان
وأمشي وتمشي في البـلاد كأننا * * * أسيـران للأعـداء مرتهنان
أصلي فأبكي في صلاتي لذكرهـا * * * لي الويل مما يكتب الملكان
ضمنت لها أن لا أهيـم بغيرهـا * * * وقد وثقت مني بغير ضمان
ألا يا عبـاد الله قوموا لتسمعوا * * * خصومة معشوقين يختصمان
وفي كـل عـام يستجدّان مـرة * * * عتابا وهجـرا ثم يصطلحان
 يعيشان في الدنيـا غريبين أينما * * * أقاما وفي الأعوام يلتقيـان
فما لك لمّا خبّر الناس أنني * * * أسأت بظهر الغيب لم تسليني
فأبلي عذرا أو أجيء بشاهد * * * من الناس عدل أنهم ظلموني
 تجنّى عليّ الذّنب أهلي وأهلها * * * ولو عرفوا وجدي بها عذروني
قافية الهاء
خليليّ إن قالـت بثينـة : ما له * * * أتانا بلا وعدٍ؟ فقولا لها : لها
أتى وهو مشغولٌ لعظـم الذي به * * * ومن بات يرعى السّها سهـا
بثينة تزري بالغزالة في الضحى * * * إذا برزت لم تبث يوما بِها بَها
لها مقلة كحـلاء نجـلاء خلقة * * * كأن أباها الظّبي أو أمّها مهـا
 دهتني بودّ قاتـل وهـو متلفي * * * وكم قتلت بالودّ من ودّها دها
أبلغ بثينـة أني لست ناسيهـا * * * ما عشت حتى تجيب النّفس داعيها
بانت فلا القلب يسلو من تذكّرها * * * يوما ولا نحن في أمـر نلاقيهـا
على الـدار التي لبست بلاهـا * * * قفـا، يـا صاحبيّ، فسائلاهـا
ومـا يبكيـك من عرصات دار * * * تقـادم عهدهـا وبـدا بلاهـا
ذكـرت بها التي ترمي فتوري * * * إذا ما أرسلت سهمـا شواهـا
أتيحـت لـي ونفسي قد تجّلت * * * عمايـة غيّهـا ورأت هداهـا
وزايلها السفاه فليـس منهـا * * * وتـاب الحلم واجتنبت صباهـا
وقـد طالبتهـا حتـى مللنـا * * * مواعدهـا وأعيانـا منـاهـا
فما جـادت لنـا حتى وردنـا * * * حياض المـوت أو كدنا نراها
ذكرتـك إذ رأينـا أم خشـف * * * بذي ضـال تريع إلى طلاهـا
رأتنـا قاصديـن لهـا فولّـت * * * أمام الخشف مضطربا حشاها
وقـد حفّ الرّمـاة بجانبيهـا * * * وكلّهـم على حنـق يـراهـا
فجالـت ساعـة ثم استظلّـت * * * إلى سنـد تحـاول ملتجاهـا
إليه تـارة تـرمـي بطـرف * * * وأخرى نحونا قلقـا حشاهـا
وقد آليـت خشيتهـم عليهـا * * * اكلّـم منهـم رجـلا رماهـا
فقالوا: ما دهاك؟ فقلت: نفسي * * * وبيـت الله تعلم ما دهـاهـا
وما بي فاعلموا من حبّ ظبيٍ * * * ولكنّي ذكـرت بهـا سواهـا
ألا يا شبـه ذات الخـال قرّي * * * بأرضك لن تراعي في رباهـا
فقد أشبهـت ذات الخـال إلا * * * مناط القـرط منهـا أو شواها
وساقـك حمشة والسّاق منها * * * خدلّجة يغـضّ بهـا براهـا
ولو ماشيتهـا لعجلـت عنها * * * وذات الخال مقصور خطاهـا
 ولكنّ الـذي أشبهـتِ منهـا * * * مقلّدهـا العتيـق ومقلتاهـا
قافية الياء

أعدّ الليالي ليلة بعد ليلة * * * وقد عشت دهرا لا أعدّ اللياليا
ألم تعلمي يا عذبـة المـاء أنني * * * أظلّ إذا لم أُسقَ مـاءك صاديا
وودت على حبّي الحيـاة لو أنّها * * * يزاد لها في عمرها من حياتيا
فما زادني الواشـون إلا صبابـة * * * ولا زادني النّاهون إلا تماديـا
وقالـوا بـه داء عيـاء أصابـه * * * وقد علمت نفسي مكان دوائيا
هي السّحـر إلا أنّ للسّحـر رقية * * * وإنّي لا ألفي لها الدّهـر راقيا
 أحبّ من الأسماء ما وافق اسمها * * * وأشبهه أو كان منـه مدانيـا

مختارات من شعر جميل بثينة 1


قافية الدال
أقـول ولما تجز بالـود طائلا * * * جزى الله خيـرا ما أعف وأمجـدا
فقالت: بغيري كنت تهتف دائبا * * * وكنت صبـورا للغـواني مصيـدا
فقلت: فمن ذا تيّم القلب غيركم * * * وعوّده غيـر الذي كـان عـوّدا
فقالت لتربيها لتصديق قولهـا: * * * هلما اسمعها منه المقالة واشهدا
 فقالت: وهل في ذاك بأس وإنما * * * أريـد لكيما تسعـداني وتحمـدا
لا لا أبوح بحب بثنة إنها * * * أخذت علي مواثقا وعهودا
حلّـت بثينة من قلبـي بمنزلة * * * بين الجوانح لم ينزل بها أحد
يا ليتنا – والمنى ليست مقربة * * * أنا لقيناك والأحراس قد رقدوا
فيستفيـق محـبّ قد أضرّ به * * * شوق إليك ويشفى قلبه الكمد
 وعاذلون لَحَوني في مودّتهـا * * * يا ليتهم وجدوا مثل الذي أجد
إذا قلتُ: ما بي يا بثينـة قـاتـلـي * * * من الوجـد، قالت: ثابت ويزيد
وإن قلتُ: ردّي بعض عقلي أعش به * * * مع الناس، قالت: ذاك منك بعيد
فمـا ذُكـر الخـلان إلا ذكـرتـهـا * * * ولا البخل إلا قلتُ: سوف تجود
إذا فكرَتْ قـالـت : قد أدركـت ودّه * * * وما ضرّني بخـلٌ ففيم أجـود
علقت الهـوى منهـا وليـدا فلم يزل * * * إلى اليوم ينمي حبّهـا ويزيد
يمـوت الهـوى مني إذا ما لقيتهـا * * * ويحيـا إذا فارقتـهـا فيعـود
 يقولـون جاهـد يا جميـل بغـزوة * * * وأي جهـاد غيـرهـن أريـد
ونغّص دهر الشّيب عيشي ولم يكن * * * ينغّصه إذ كنت والرأس أسود
 نخصّ زمـان الشّيـب بالذّم وحده * * * وأي زمـان يا بثينـة يحمـد
ليت شعري أجفوة أم دلال * * * أم عـدوّ أتى بثنـة بعـدي
 فمريني أطعك في كل أمر * * * أنت واللهِ أوجه الناس عندي
يكاد فضيض الماء يخدش جلدها * * * إذا اغتسلت بالماء من رقة الجلد
فلا تكثرا لومي، فما أنا بالذي * * * سننت الهوى في الناس أو ذقته وحدي
قافية الراء
ومما شجاني أنها يـوم ودّعـت * * * تولّت وماء العين في الجفن حائر
فلمّا أعـادت من بعيـد بنظـرة * * * إليّ التفاتا أسلمتـه المحـاجـر
يقولون لا تنظـر وتلـك بليّـة * * * بلى كلّ ذي عيـن لا بدّ نـاظـر
 أُلامُ إذا حنّت قلوصي من الهوى * * * ولا ذنب لي في أن تحـنّ الأباعر
والحـب أول ما يكون لجـاجـة * * * تأتي به وتسوقه الأقـدار
 حتى إذا اقتحم الفتى لجج الهوى * * * جاءت أمور لا تطاق كبار
لا والذي تسجد الجباه له * * * ما لي بما دون ثوبها خبر
 ولا بفيها ولا هممت بـه * * * ما كان إلا الحديث والنّظر
أقلّب طرفي في السّماء لعله * * * يوافق طرفي طرفها حين تنظر
إني عشيّة رُحْتُ وهي حزينة * * * تشكو إليّ صبابة لصبور
وتقول: بِتْ عندي فديتك ليلة * * * أشكو إليك فإنّ ذاك يسير
غرّاء مبسـام كأن حديثهـا * * * درّ تحدّر نظمـه منثـور
 لا حسنها حسـنٌ ولا كدلالها * * * دلٌّ ولا كوقارها توقيـر
ألا قاتل الله الهوى كيف قادني * * * كما قيد مغلول اليدين أسير
وكان التفرّق عند الصباح * * * عن مثل رائحة العنبر
 خليـلان لم يقربا ريبـة * * * ولم يستخفا إلى المنكر
يقولـون: مسحـور يجنّ بذكرها * * * فأقسم ما بي من جنون ولا سحر
* * *
تجـود علينـا بالحديـث وتـارة * * * تجود علينا بالرضاب من الثّغـر
فلو سألـت مني حيـاتي بذلتهـا * * * وجدت بها إن كان ذلك من أمري
هي البـدر حسنا والنساء كواكب * * * وشتّان ما بين الكواكـب والبـدر
 بقد فُضِّلتْ حُسْنا على الناس مثلما * * * على ألف شهرٍ فُضِّلتْ ليلة القدر
عليها سلام الله من ذي صبابـة * * * وصبّ معنّى بالوسـاوس والفكـر
مضى لي زمـان لو أخيّر بينـه * * * ويبن حياتي خـالدا آخـر الدهـر
لقلـت: ذروني سـاعـة وبثينـة * * * على غفلة الواشين ثم اقطعوا أمري
مفلّجـة الأنيـاب لـو أن ريقهـا * * * يُداوى به الموتى لقاموا من القبـر
 إذا ما نَظَمْتُ الشّعْرَ في غير ذكرها * * * أبى وأبيها أن يطـاوعني شعـري

وآخر عهدٍ لي بها يوم ودّعـت * * * ولاح لها خـدّ مليـح ومحجـر
عشّية قالـت لا تضيعنّ سرّنـا * * * إذا غبت عنّا وارعه حين تدبـر
وطرفـك إما جئتنـا فاحفظنّـه * * * فزيغ الهـوى باد لمن يتبصّـر
وأعرض إذا لاقيت عينا تخافها * * * وظاهـر ببغـضٍ إن ذلك أستـر
فإنك إن عرّضت بي في مقالـة * * * يزد في الذي قد قلت واشٍ مكثّر
وينشر سرّاً في الصديق وغيره * * * يعزّ علينا نشـره حيـن ينشـر
وما زلت في إعمال طرفك نحونا * * * إذ جئت حتى كاد حبّـك يظهـر
لأهليَ حتى لامنـي كل ناصـح * * * شفيـق لـه قربى لدينـا وأيصر
وقطّعني فيك الصديـق ملامـة * * * وإني لأعصي نهيهـم حين أُزْجَر
وما قلـت هذا فاعلمـنّ تجنّبـا * * * لصرم ولا هذا بنـا عنـك يقصر
ولكنني –أهلي فـداءك- أتقـي * * * عليك عيـون الكاشحيـن وأحذر
وأخشى بني عمّي عليـك وإنما * * * يخـاف ويبقي عرضـه المتفكّر
وأنت امرؤ من أهل نحد وأهلنا * * * تهـام ومـا النجـدي والمتغـوّر
غريـب إذ ما جئت طالب حاجة * * * وحولي أعـداء وأنـت مشهّـر
وقد حدّثوا أنا التقينا على هوى * * * فكلهـم من حمله الغيـظ موقـر
فقلت لها: يا بثن أوصيت حافظا * * * وكل امـرئ لم يرعه الله معـور
فإن تك أم الجهم تشكي ملامـة * * * إليّ فما ألفـي من اللـوم أكثـر
سأمنح طرفي حين ألقاك غيركم * * * لكيما يروا أن الهـوى حيث أنظر
وأكني بأسمـاء سـواك وأتقي * * * زيـارتكـم والـحـبّ لا يتغيّـر
 فكم قد رأينـا واجـدا بحبيبـه * * * إذا خاف يبدي بغضه حين يظهر

مختارات من شعر جميل بثينة 3


قافية الهمزة
أتاركتي للموت أنت فميّت * * * وعندكِ لي، لو تعلمين، شفاؤها
لقد أورَثَتْ قلبـي وكان مصحـحـا * * * بثينـةُ صدغا يـوم طار رداؤهـا
إذ خَطَرَتْ من ذكر بـثـنـة خطرةٌ * * * عصتني شؤون العين فانهلّ ماؤها
فإن لم أزرها عادني الشوق والهوى * * * وعاود قلـبـي من بثينـة داؤها
وكيف بنفـس أنتِ هيّجتِ سقمهـا * * * ويمنع منها يـا بثيـن شفـاؤهـا
لقد كنت أرجـو أن تجـودي بنائل * * * فأخلف نفسـي من جداك رجاؤهـا
فلو أن نفسـي يا بثيـن تطيعـني * * * لقد طال عنكم صبرهـا وعزاؤهـا
ولكن عصتـني واستبدّت بأمرهـا * * * فأنتِ هـواهـا يا بثيـن وشاؤها
فأحيي –هداك الله- نفسـاً مريضةً * * * طويـلاً بكم تهْيامُها وعـنـاؤهـا
وكم وَعَدَتْنا من مواعد –لو وفـت * * * بوأيٍ- فلم تنجَزْ قليـلٍ غنـاؤهـا
وكم لي عليها من ديـونٍ كثيـرةٍ * * * طويـلٍ تقاضيهـا بطيءٍ قضاؤهـا
 تجـود بـه في النّـوم غير معرّدٍ * * * ويحـزن أيقاظـاً عليها عطاؤهـا
قافية الباء
تعالي نَبِعْ في العام يا بثن ديننا * * * بدنيـا فإنا قابلا سنـتـوب
 فقالت : لَعَـنَّا يا جميـل نبيعه * * * وآجالنا من دون ذاك قريـب
وأول ما قاد المـودّة بينـنـا * * * بوادي بغيضٍ يا بثين سِبابُ
 وقلت لها قولاً ، فجاءت بمثله * * * لكل كـلامٍ يا بثيـن جوابُ
ألا أيّها النـوّام وَيْحَـكُمُ هُبّوا * * * أُسائِلُكُمْ هل يَقْتُلُ الرّجلَ الحُبُّ؟
 فقالوا : نعم حتّى يَسُلَّ عظامه * * * ويتركه حيـران ليس له لُـبُّ
أعاتب من يحلو لديّ عتابه * * * وأترك من لا أشتهي وأجانبه
ارحميني فلقد بليت فحسبي * * * بعض ذا الدّاء يا بثينة حسبي
لامني فيك يا بثينة صحبي * * * لا تلوموا لقد أقرح الحب قلبي
 زعم النـاس أن دائي طبّي * * * أنـتِ والله يا بثيـنـة طبّي
وقالوا: يا جميل أتى أخوها * * * فقلت أتى الحبيبُ أخو الحبيبِ
قافية التاء
حلفـت يمينـا يا بثينـة صادقـا * * * فإن كنت فيها كاذبـا فَعَميتُ
إذا كان جلـد غير جلـدكِ مسّني * * * وباشرني دون الشّعار شريتُ
حلفـت لهـا بالبدن تدمى نحورها * * * لقد شَقِيَتْ نفسي بكم وعنيتُ
ولو أن راقي الموت يرقي جنازتي * * * بمنطقها في الناطقين حييتُ
 وما بكتِ النساء على قتيلٍ * * * بأشرفَ من قتيل الغانياتِ
قافية الحاء
حلفت لكي تعلمن أني صادق * * * وللصدق خير في الأمور وأنجح
لتكليم يـوم من بثينـة واحد * * * ورؤيتهـا عندي ألـذ وأملـح
 من الدهر لو أخلو بكنّ وإنما * * * أعالج قلبـا طامحا حين يطمح
وبثنـة قد قالت و كل حديثها * * * إلينا ولو قالت بسـوء مملـح
رجال ونسـوان يودون أنني * * * وإياكَ نخزى يابْن عمي ونفضح
وحولي نساء إن ذُكِرْتُ بريبة * * * شمتـن وما منهن إلا سيفـرح
أتقرح أكباد المحبيـن كالذي * * * أرى كبدي من حـب بثنة يقرح
 فوالله ثـم الله إني لصـادق * * * لذكرك في قلبـي ألـذ وأملـح
هل الحائم العطشان مسقًى بشربة * * * من المزن تروي ما به فتريح
فقالت: فنخشى إن سقيناك شربة * * * تخبِّر أعـدائـي بهـا فتبـوح
 إذن فأباحتني المنـايـا و قادني * * * إلى أجلي عضب السلاح سفوح

أظل نهـاري لا أراهـا وتلتقي * * * مع الليل روحي في المنام وروحها
 فهل لي في كتمان حبي راحة ؟ * * * وهل تنفعني بوحـة لو أبـوحهـا