08‏/10‏/2017

الهجرة الدولية، البطالة والتنمية المستدامة

الهجرة الدولية، البطالة والتنمية المستدامة

الملخص:
        من خلال هذا العمل سوف نحاول دراسة اثر الهجرة الدولية على التنمية الاقتصادية وذلك عن طريق البطالة. سوف نقوم في مرحلة  أولى بالرجوع إلى أسس ومبادئ هذه الفكرة والتي تعود أساسا إلى لويس في مقالته حول التنمية عن طريق عرض غير محدود من اليد العاملة سنة 1954 والذي أعطى أول نموذج تنمية اقتصادية والذي يعتمد على حركة اليد العاملة. في مرحلة ثانية، سوف نتعرض إلى اثر الهجرة الدولية على التنمية الاقتصادية للدول الأصلية بصفة عامة وعلى التخفيض من البطالة بصفة خاصة. وفي الأخير سنخصص جزء لدراسة التجربة الفيتنامية وإمكانية تطبيقها على الجزائر.
كلمات مفتاحيه: الهجرة الدولية ، تحويل الأموال، عودة المهاجرين، راس المال البشري والبطالة التنمية المستدامة
Abstract:
Dans ce travail, nous allons essayer de présenter une étude sur l’impact de la migration internationale sur le développement économique passant par le biais du chômage. Nous allons dans un premier temps revenir sur les principes et les origines de cette idée qui revient au compte de Lewis 1954 dans son article « development with unlimited supply of labour » qui a fournit le premier modèle de développement économique basé sur la mobilité de la main d’œuvre. Dans un second temps, nous allons présenter l’impacte de la migration internationale sur le développement économique des pays d’origine en général et la réduction du chômage dans ces pays en particulier. L’expérience vietnamienne et la possibilité de son adaptation sur l’Algérie fera l’objet de la dernière partie de ce travail.
Mots clés : migration internationale, transfert de fonds, migration retour, capital humain, chômage et développement durable 
الهجرة الدولية، البطالة والتنمية المستدامة
المقدمة:
يعتبر تحقيق التشغيل التام من الأهداف الأساسية للاقتصاد، حسب الديوان الوطني للإحصاء (ONS) فإن معدل البطالة في الجزائر قد بلغ 10 بالمائة في الثلاثي الأخير من سنة 2010، معدل لا يعكس حقيقة سوق العمل في الجزائر بالنسبة لمعظم الاقتصاديين. حديثا تطرق العلماء إلى ما يسمى بالاقتصاد الحديث لهجرة العمل (NELM) و الذي يرى أن للهجرة الدولية انعكاسات إيجابية على الدول الأصلي، بالنسبة لمؤسسي هذا التيار (Stark, Bloom, Taylor) تحويل الأموال، عودة المهاجرين و آفاق الهجرة تستطيع تعويض الخسائر الاقتصادية الناتجة عن هجرة الأدمغة و تدفع بالتالي عجلة التنمية الاقتصادية في الدول ألأصلية.
في نموذج للهجرة الدولية، بيين Kindelberger دور الهجرة في تقليص البطالة في الدول الأصلية. عمليا، في الجزائر و بمعدل هجرة 3.4  بالمائة حسب إحصائيات 2010 للبنك الدولي، إذا افترضنا أن المهاجرين ينتمون أصلا إلى اليد العاملة الناشطة البطالة، فان الهجرة قلصت معدل البطالة من 13.4 الى 10 بالمئة.
 فيما يخص العلاقة بين الهجرة البطالة والتنمية فإنها واسعة ومعقدة، نعتقد أنها ترتبط بحالة (بطالة أو عمل) وكفاءة اليد العاملة المهاجرة.
دائما بالنسبة ل Kindelberger تكون الدولة في حالة ربح دائم إذا استقبلت اليد العاملة الكفئة وصدرت اليد العاملة البطالة والأقل كفاءة. بالنسبة له فان هذا النموذج افتراضي، نعتقد أن الهجرة الدولية بين الجزائر وفرنسا جعلت منه نموذج حقيقي. أثناء حقبة الاستعمار، قامت فرنسا بتصدير ليس فقط يدها العاملة البطالة و الأقل كفاءة بل أيضا المساجين من اجل تعمير الجزائر. و بالمقابل، تميزت فترت ما بعد الاستقلال بامتصاص اليد العاملة الكفئة و التي دفعت الجزائر ثمن تكوينها من اجل تنميتها الاقتصادية.
سوف نتطرق من خلال هذا البحث إلى نقاط أخرى من بيتها تسليط الضوء على دور عودة المهاجرين في دعم راس المال البشري و دور تحويل الأموال من طرف المهاجرين في تمويل التعليم، الصحة، محاربة الفقر والتوزيع العادل للدخول.


سنحاول من خلال هذا البحث الإجابة على التساؤلات التالية:
·        ماهية الأصول النظرية للعلاقة بين الهجرة والتنمية الاقتصادية؟
·        كيف تؤثر الهجرة على التنمية الاقتصادية في الدول النامية؟
·        ما هي القنوات التي يمكن أن تقلص من البطالة وهاهي ديناميكية التأثير؟ 
·        هل تعتبر الهجرة الدولية محرك أو كابح لعجلت التنمية المستدامة؟
·        ما هي السياسات التي يمكن للحكومة تبنيها؟
ومنه تأتي الإشكالية الرئيسية كما يلي:
v    كيف تؤثر الهجرة الدولية على البطالة في الدول النامية؟ وهل هي محرك ام كابح لاقتصادياتها؟


كلمات مفتاحيه: الهجرة الدولية ، تحويل الأموال، عودة المهاجرين، راس المال البشري والبطالة التنمية المستدامة






الأصول النظرية:
ظهرت مفاهيم التنمية الاقتصادية منذ صدور أول كتاب في الاقتصاد لأدم سميث وباقي تلاميذه من المدرسة الكلاسيكية ثم جاءت من النظريات هارود دومار HAROD-DOMAR ، شمبيتر SHUMPETER  ورودان RODAN . تم نشر مقال "developpment with unlimited supply of labour   " أي "التنمية عن طريق عرض غير محدود من اليد العاملة" والذي يعود للاقتصادي ارتر لويس LEWIS سنة 1954 والذي وضح من خلاله أول نموذج تنمية اقتصادية مبني على حركة اليد العاملة. في هذا النموذج الافتراضي المبسط بين لويس أن البلدان السائرة في طريق النمو والتي يتميز اقتصادها في غالبية الأحيان بوجود قطاع زراعي معاشي واسع و قطاع صناعي وزراعي متطور إلى حد ما، توجه منتجاته إلى التجارة بهدف تحقيق الربح.
في المرحلة الابتدائية للتنمية، يفوق عرض العمل الطلب عليه مما يؤدي إلى بقاء الأسعار منخفضة وثابتة، خلال هذه الفترة تتم هجرة اليد العاملة الأمر الذي يدفع الى ارتفاع الأرباح وبالتالي ادخار اكبر وتراكم راس المال الذي هو عماد التنمية الاقتصادية. بالنسبة إليه، تنتهي هذه الفترة من التنمية عندما يتم امتصاص فائض العمل وترتفع الأسعار.
جاء هاريس و توداروHARRIS TODARO  سنة 1970 بنموذج اقتصاد كلي مماثل يعتمد على تنقل اليد العاملة بدافع الأجور المتوقعة مع الأخذ بعين الاعتبار احتمال تنقل اليد العاملة من القطاع الزراعي  في الناحية الريفية  إلى القطاع الصناعي  في المدن . هذا القطاع الأخير يتميز باجر أدنى ويتميز أيضا بالبطالة. من اجل تقارب النموذج بشكل متوازن لابد من تساوي الأجور المتوقعة في القطاع الصناعي مع الحد الأدنى للأجور المعدل بإمكانية الحصول على عمل.
ظهرت نظريات أخرى تدرس التنمية الاقتصادية ترتكز على عامل التعليم وأثره في دفع عجلة التنمية الاقتصادية كما اجتهد الاقتصاديون في تنظير الهجرة الدولية فكان منها نظرية الشبكات، النظرية الثنائية لسوق العمل ونظرية الاقتصاد الجديد.
فيما يلي سوف نتطرق لأثر الهجرة الدولية على اقتصاديات الدول المصدرة لليد العاملة.
         
اثر الهجرة على التنمية الاقتصادية للبلدان النامية:
تتميز اغلب الدول النامية بكونها دول مصدرة لليد العاملة بنوعيها المؤهلة والغير المؤهلة فاختلفت أراء الاقتصاديين في هذا المجال منذ الستينيات ويمكن تصنيفهم إلى ثلاث تيارات
التيار الأول والذي أطلق عليه اسم الاقتصاديين والذين يعتقدون في كون الهجرة الدولية ذات اثر ايجابي على الدول الموردة لليد العاملة. بالنسبة إليهم، المهاجرون يقومون بتحويل الأموال إلى البلد الأصلي كما انه في حالة عودة المهاجرين فأنهم يعودون بخبرات اكتسبوها في الخارج.
مع بداية السبعينات ظهر تيار جديد ذو نزعة تشاؤمية قاده الاقتصادي الكبير Bhagwati والذي قال أن الهجرة الدولية بصفة عامة وهجرة الدمغة بصفة خاصة مضرة باقتصاديات الدول النامية حيث آتها تبقيها في مصيدة الفقر. لهذا السبب قام هذا الاقتصادي في مقال اسماه « taxing the brain drain » باقتراح أن تفرض ضريبة على المهاجرين تدفع إلى الدولة الأصل وذلك لأنها لها الفضل في نشأة وتعليم هذا المهاجر.
ولد تيار جديد مع بداية التسعينات في إطار ما سمي بالاقتصاد الحديث لهجرة العمل (NELM) والذي حاول الوصول إلى الموازنة بين التيارين, بالنسبة لإتباع هذا التيار فان تحويل الأموال، عودة المهاجرين وراس المال البشري هي عوامل يمكن لها تعويض الدول النامية والمصدرة لليد العاملة عن الخسائر الناجمة عن هجرة اليد العاملة الأكثر كفاءة.
فيما يلي سوف نتطرق لهذه القنوات الثلاثة والتي حاولنا تلخيصها في المخطط الموالي والذي يبين بدوره الديناميكية الاقتصادية لآثار الهجرة الدولية لليد العاملة على اقتصاديات الدول الأصلية




اثر هجرة اليد العاملة على التنمية الاقتصادية في البلدان الأصلية


 


قوس متوسط مزدوج: • الاستهلاك
• الادخار
• الاستثمار
• القضاء على البطالة
• محاربة الفقر
• إعادة توزيع الدخول












من انجاز الباحث
تحويل الأموال:
          يعتبر تحويل الأموال أهم هذه العوامل وذلك لما له من اثر على الكثير من اقتصاديات الدول النامية فقد سجلت الإحصائيات الأخيرة أن تحويل رؤوس الأموال إلى الدول النامية قد فاق قيمة الإعانات الموجهة للتنمية الاقتصادية لهذه البلدان, من الناحية النظرية، درس (stark 1991 , brown 1997, poirine 1997, smith 2003)  أسباب تحويل الأموال فاجمعوا على أنها تتمحور في أربعة أقسام من التحويلات.
·        الأولى تعتمد على محفز دعم بقية أفراد العائلة في البلد الأصل ( (motivation altruiste مما ينتج عنه تحقيق إشباع عند المهاجر وذلك برفعه لمستوى رفاهية بقية أفراد العائلة في البلد الأصل.
·        المحفز التأني يعتمد على هدف شخصي والذي من خلاله يقوم المهاجر بتحويل أمواله حتى يضمن تواجد جزء على الأقل من أصوله في مكان امن وهو البلد الأصلي. توجه غالبا هذه التحويلات إلى الاستثمار في شراء عقارات أو أصول مالية والتي يمكن أن تدار من طرف أفراد العائلة.
·        ثالثا، اتفق بعض العلماء على ما سموه إعادة دفع مستحقات العائلة فبالنسبة لهم يعقد المهاجر عقدا واضحا بين أفراد عائلته الذين يهاجرون والآخرون الذين يبقون في البلد الأصل, على أن يدفع المهاجر بعد استقراره مستحقات التعليم وتكاليف الهجرة عن طريق التحويل.
·        رابعا ما يسمى بالتامين المتبادل coassurance والذي يعتر بدوره عقد عائلي يعتمد على la diversification des risques من اجل إبقاء العائلة في مأمن وتامين مدا خيل مختلفة.
لتحويل الأموال اثر كبير وواضح على اقتصاديات الدول النامية، فلها اثر على الاستهلاك، الادخار، الاستثمار، النمو، الفقر، وتوزيع الدخول. وقد وضع carling  سنة 2004 مخطط يشرح فيه ديناميكية تحويل رؤوس الأموال وأثرها على الاقتصاد.

          



اثر تحول رؤوس الأموال على التنمية الاقتصادية


الحاضر                                    المستقبل

 

















المصدر: كارلينغ 2004 Crling

في المخطط السابق حاول الاقتصادي كارلنغ أن يبين ويفصل في كيفية تأثير تحويل الأموال من طرف المهاجرين على اقتصاد الدولة الأصلية، فبالنسبة إليه ينقسم هذا الأثر إلى اثرين: اثر يتم في الوقت الحاضر أي على المدى القصير واثر أخر مستقبلي يتم على المدى الطويل.
بالنسبة إلي المدى القصير، التحويلات المالية الآنية تضخ مباشرة لترفع من الاستهلاك، الادخار ، الاستثمار الخاص والاستثمار الجماعي الذي يقصد به الاستثمار الذي يخص العائلة. كما انه ودائما في الأجل القصير يمول الادخار الخاص المشاريع الخاصة بالمستثمرين مرورا بالنظام البنكي.
على المدى الطويل وبعد توسع لاستثمارات الخاصة والجماعية والادخار، يوجه المهاجر التحويلات المالية مباشرة للاستهلاك كما أن أرباح الاستثمار الخاص وفوائد الادخار الخاص أيضا توجه هي الأخرى حسب الاقتصادي للاستهلاك. من ناحية أخرى، وفي المستقبل تظهر تمار كل من الاستثمار الخاص، الاستثمار الجماعي والأموال التي بحوزة المقاولين أو المستثمرين. مما يؤدي إلى إحداث تغيرات اقتصادية تعرف أو تؤدي إلى التنمية الاقتصادية.
يجدر بنا الإشارة إلى انه على المدى القصير فان هذه التحويلات المالية التي تضخ في كل من الادخار الخاص، الاستثمار الخاص والاستثمار الجماعي لها اثر ايجابي مباشر على تخفيض البطالة. فالادخار والاستثمار من شانه خلق فرص جديدة للتشغيل. أما على المدى الطويل فالأثر يكون اكتر عمقا واكتر ايجابية، فتراكم رؤوس الأموال المحولة من الخارج والتي تمر بالنظام البنكي على أيدي المستثمرين لابد لها من اثر اكبر في خلق مناصب شغل.
في هذا النموذج الديناميكي للتنمية الاقتصادية، تلعب البطالة دور وسيط جد هام. فالتحويلات المالية تشجع الادخار والاستثمار مما يؤدي إلى التقليص من البطالة المتفشية في الدول الأصلية وبالتالي إلى تنمية اقتصادية,  


عودة المهاجرين la migration retour

          درست الكثير من الأدبيات هذا الموضوع والذي يعتبر قديم قدم موضوع الهجرة. بالنسبة لأتباع هذا التيار فان عودة المهاجرين بعد العمل لسنوات في الخارج وخاصة في الدول المتطورة واكتسابهم لخبرات مهنية أو تعلمهم لمهن مختلفة أو حصولهم على شهادات تعليمية من شانه أتراء كفاءة راس المال البشري في الدول النامية.
في دراسة أجرها Dos Santos ; Viney 2003 بين من خلالها أن عودة المهاجرين إلى البلد الأصل في إطار نموذج نمو داخلي تقارب بين اقتصاديات الدول المستقبلة والدول المصدرة لليد العاملة. في نقس  الدراسة بين الاقتصاديين أن تركيبة اليد العاملة التي تعزم على الرجوع للبلدان الأصلية مرتبطة أساسا بالسياسة التي تتبعها الدول المستقبلة لليد العاملة. بمعنى أخر، إذا كانت الدول المستقبلة لليد العاملة تتبع سياسة انتقائية politique migratoire sélective فأنها سوف تسمح أو تستدعي اليد العاملة المكفئة، الأمر الذي من شانه أن يدفع باليد العاملة الأقل كفاءة بالرجوع إلى البلد الأصل. والعكس صحيح. وهذا مضر باقتصاديات الدول النامية.
نخلص في الأخير إلى أن عودة اليد العاملة إلى الدول الأصلية هي بدون شك مربحة لهذه الدول. لأنها قد تلقت خلال فترة إقامتها في الخارج الخبرة التي ستنشرها بعد عودتها في الدولة الأم ولكن وحسب رأينا تبقى الهجرة الدولية تكبد هذه الدول خسائر لا يمكن لها أن تعوض بأي من هذه القنوات الثلاثة.

         

رأس المال البشري.

فيما يخص رأس المال البشري أو ما يعرف بآفاق الهجرة الدولية و الذي يعتبر أحدث تيار يعمل في مجال الهجرة، فإن أتباع هذا التيار Montford ;  Stark ; Vidal ;  يرتكزون على فرضية أساسية فبالنسبة لهم فإن الهجرة تحفز ألأفراد في الدول النامية على الرفع من مستوى تعليمهم، و بصيغة أخرى فإن ألأفراد في الدول المصدرة لليد العاملة خاصة الشباب منهم يحاولون الرفع من مستواهم التعليمي بهدف الهجرة بعد حصولهم على شهادة جامعية، فالشباب الذين لا تسمح لهم الفرصة بالهجرة نظرا لسياسات الهجرة التي تتبعها الدول المستقبلة لليد العاملة، قهم يعتبرونه كربح للدول النامية و منه بالاعتماد على نظرية النمو الداخلي  التي تقول أن العامل البشري يمكن له أن يدفع بالدولة إلى تحقيق نمو و بالتالي تنمية اقتصادية تنتج فرص أكثر للشباب على التشغيل في البلد ألأصلي.
بالنسبة ألينا ومن منظورنا الخاص، فان هذا التيار وان صحة فرضيته ليس له إي أساس من الصحة على ارض الواقع. إذا كانت الدولة الأصلية كما هو في الجزائر تتكفل بدعم المواد الأساسية، تعليم وصحة الأفراد حتى يتحصل على شهادة جامعية فيحاولون الهجرة ولكن الدول الأصلية لا تقبل بهم لأنها قد قبلت من هم اكتر كفاءة فهؤلاء الأفراد يعتبرون ربحا بالنسبة للدولة الأصل؟
 هذا غير منطقي. نحن دائما نذكر بان هذا التيار لا يحتكم إلى القواعد العلمية وانه يحاول إيجاد طريقة ما وبأي ثمن لإثبات أن الهجرة الدولية للأدمغة مربحة للدول الأصلية وهذا حسب رأينا غير صحيح فالمنتج يمكن له خلق قيمة بدون راس المال أما راس المال فلا يمكن له خلق القيمة لوحده وهذا ما يجعل العامل البشري أكثر أهمية من راس المال.


الأثر المباشر لهجرة اليد العاملة على تقليص البطالة

فبالنسبة للجزائر فإن هجرة ثلاثة بالمائة من مجموع الشعب الجزائري سوف يكون له اثر تقليص معدل البطالة بنفس النسبة (ثلاثة بالمائة) أي انه وحسب إحصائيات البنك الدولي 2010 فان معدل البطالة يدور حول 13 بالمائة وحسب نفس المصدر فان معدل الهجرة هو 3 بالمائة، إذا افترضنا عدم وجود هجرة دولية في الجزائر فان معدل البطالة سيكون 16 بالمائة، إذا فان الهجرة الدولية تقلص عمليا من معدلات البطالة في الدول المصدرة لليد العاملة. وذلك طبعا بافتراض أن المهاجرين هم في ألأصل شباب عاطل عن العمل.
          يجدر بنا الإشارة في هذا الصدد إلى أن الجزائر دولة ذات ثلاث إبعاد فيما يخص الهجرة الدولية. البعد الأول وهو المعروف والذي نحن بصدد تناوله أنها دولة مصدرة لليد العاملة، بعدها الثاني وفي إطار الهجرة الغير الشرعية فهي تعتبر بلد معبر للمهاجرين الذي يأتون من الدول الإفريقية المجاورة بهدف الوصول إلى أوروبا والبعد الثالث كونها بلد مستقبل لليد العاملة.
إذا كلما ارتفع معدل الهجرة في الدول المصدرة لليد العاملة كلما انقص هذا من معدلات البطالة. ولكن هل هذا السبب كافي لان تتبنى الدولة سياسة تشجع من خلالها الأفراد على الهجرة مثلما يحدث في الفيتنام، الصين، تايوان و بنغلادش؟



الخاتمة

ففي الفيتنام تقوم الدولة بتشجيع الهجرة المؤقتة و ذلك يعود إلى عدة أسباب منها أن الهجرة تقلل مباشرة من البطالة، رؤوس ألأموال المحولة من  الدول الغنية تساعد على النمو الاقتصادي، كما أن المهاجرين يعودون بكفاءات من الخارج ينشرونها في الدولة الأصلية.  
بالنسبة إلى الجزائر وكما نظن فانه حتى و إن أنقصت الهجرة من معدل البطالة وجلبت أموال وخبرات محولة من الخارج فان هذه الدولة تحتوي على خيرات لابد من استثمارها، و هذه الدولة تمتلك أموالا لا تقارن بالتحويلات من الخارج لا تعرف كيف تستثمرها و ذلك لنقص الكفاءات البشرية و التي متواجدة أغلبيتها بالخارج.
بل نحن نظن العكس، على الدولة أن تتبع السياسة التي اتبعتها كوريا الجنوبية و الصين وذلك من اجل استقطاب الكفاءات البشرية الجزائرية المشتتة في الخارجAttraction des élites  والاستفادة من خبراتها من اجل الاستثمار بطريقة اقتصادية وعقلانية من شانها الدفع بعجلة الاقتصاد هو السبيل الوحيد لتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة.
أ.د. دربال عبد القادر بجامعة وهران
   سمير جلطي أستاذ مساعد بجامعة معسكر
  والله اعلم.     

قائمة المراجع:
ارتر لويس"التنمية بعرض غير محدود من اليد العاملة" جامعة مانشستر 1954
كيندلبارغر "الاقتصاد الدولي" اكونوميكا 1983
دوس سانتس وبوستل فيناي 2003
البنك العالمي 2010
س جلطي، "الهجرة الدولية: الاسباب والنتائج" مذكرة ماجستير: جامعة معسكر.