12‏/06‏/2012

الحوكمة المؤسسية للبنوك

 ملخص:
     نظرا للتزايد المستمر الذي يكتسبه الاهتمام بهذا المفهوم ،بعد تداعيات الانهيارات المالية لبعض أقطاب الشركات الأمريكية خلال سنة 2002،و ما قبلها في دول أخرى،فقد حرص عدد من المنظمات الدولية إلى تناول هذا المفهوم بالتحليل و الدراسة، لمساعدة الدول لتطوير الأطر القانونية و المؤسسية لتطبيق حوكمة المؤسسات.
  و يعد الاهتمام بالحوكمة المؤسسية في البنوك عنصرا رئيسيا في تحسين الكفاءة الاقتصادية، و سوء هذه الحوكمة يمكن أن يؤثر على الاستقرار الاقتصادي والمالي.و خير دليل على ذلك ما حصل في الأزمة الآسيوية.
مقدمـــة:
     غني عن البيان أهمية الشركات المساهمة ، والدور الاقتصادي الذي تلعبه في بناء الاقتصاد الوطني ونموه، حيث يعتبر أداؤها من أهم المؤشرات الاقتصادية، وتطورها هو دليل عافية الاقتصاد وتقدمه، وإن اقتصاد أي بلد يقاس بمؤشر أداء الشركات المساهمة فيه، وأن نظام الشركات المساهمة هو من أفضل طرق الاستثمار في العالم.
    وحتى يتمكن المواطن من بناء قراره بالتوظيف والاستثمار والاستهلاك، يجب أن يمتلك جملة من المعلومات الصحيحة والدقيقة، لذلك يتوجب على الشركات التي تطرح أسهمها للاكتتاب العام أن توفر هذه المعلومات، وأن تحدد محاذير هذه الاستثمارات ومخاطرها، وكل ذلك بوجود هيئات حكومية وخاصة لضمان التطبيق الصحيح لذلك.           
      ومن هنا، ومن خلال سعينا للحصول على معلومات من أجل التوصل إلى صيغة علمية صحيحة تضمن نجاح الشركات المساهمة، وتحقق المصالح المتبادلة بين هذه الشركات و الحكومة و الجمهور، وجدنا في الأدبيات الاقتصادية العالمية والتجارب العالمية انتشار مصطلح حوكمة الشركات، وهو نظام مطبق في العديد من الدول المتقدمة والنامية، ونشأ هذا المفهوم بعد أن عانت تلك الدول من أزمات مالية، وتعثر بعض الشركات وانتشار الفساد المالي فيها، وهو عبارة عن مجموعة متكاملة من المعايير ، والأسس التي يجب أن تراعى في الشركات المساهمة أولا، وفي الدولة والاقتصاد وثانيا، لضمان نجاح الشركات المساهمة وتحقيق غايتها، وضمان مساهمتها بشكل صحيح في نمو الاقتصاد الوطني بشكل عام.
   وقد تعاظم الاهتمام بحوكمة الشركات في العديد من الاقتصاديات المتقدمة، والناشئة خلال العقود القليلة الماضية، وخاصة في أعقاب الانهيارات الاقتصادية، والأزمات المالية التي شهدها عدد من دول شرق آسيا ، وأمريكا اللاتينية، وروسيا في عقد التسعينات من القرن العشرين، وكذلك ما شهده الاقتصاد الأمريكي مؤخرا من تداعيات الانهيارات المالية لعدد من أقطاب الشركات الأمريكية العالمية خلال عام 2002. ونظرا للتزايد المستمر الذي يكتسبه الاهتمام بهذا المفهوم، فقد حرص عدد من المؤسسات الدولية على تناول هذا المفهوم بالتحليل والدراسة، وعلى رأس هذه المؤسسات كل من صندوق النقد الدولي (IMF) والبنك الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية التي أصدرت عام 1999 مبادئ حوكمة الشركات، والمعنية بمساعدة كل من الدول الأعضاء، وغير الأعضاء بالمنظمة، لتطوير الأطر القانونية والمؤسسية لتطبيق حوكمة الشركات بكل من الشركات العامة أو الخاصة ، سواء متداولة أم غير متداولة بأسواق المال، من خلال تقديم عدد من الخطوط الإرشادية لتدعيم إدارة الشركات وكفاءة أسواق المال واستقرار الاقتصاد ككل، ويدعم هذا ما أكدت عليه المنظمة العالمية لمشرفي الأوراق المالية في ماي 2002، من أهمية انتهاج مبادئ حوكمة الشركات.
وتتعرض هذه الورقة للنقاط المفصلية التالية: مفهوم الحوكمة، الإطار النظري للحوكمة ، أهمية الحوكمة الجيدة في البنوك ،لجنة بازل و الحوكمة المؤسسية للبنوك، واقع الحوكمة المؤسسية للبنوك في بعض الدول العربية.
      مفهوم الحوكمة المؤسسية:
    عرفت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) عام 1999 الحوكمة بأنها نظام يتم بواسطته توجيه منظمات الأعمال والرقابة عليها، حيث تحدد هيكل وإطار توزيع الواجبات والمسؤوليات بين المشاركين في الشركة المساهمة، مثل مجلس الإدارة، والمديرين، وغيرهم من ذوي المصالح.وتضع القواعد والأحكام لاتخاذ القرارات المتعلقة بشؤون الشركة المساهمة. وبهذا الإجراء، فإن الحوكمة المؤسسية تعطي الهيكل الملائم الذي تستطيع من خلاله الشركة وضع أهدافها، والوسائل اللازمة لتحقيق هذه الأهداف، والعمل على مراقبة الأداء. ويجب أن تزود الحوكمة المؤسسية الجيدة الحوافز المعقولة لكل من مجلس الإدارة، والإدارة من أجل متابعة تحقيق الأهداف التي تكون لمصلحة الشركة (البنك) والمساهمين، وأن تسهل من عملية الرقابة الفعالة، وبالتالي تشجيع الشركات (البنوك) على استخدام مواردها المتاحة بشكل كفء (دهمش، اسحق أبو زر، 2003، ص27-30).
      وقد قامت هذه المنظمة بمراجعة وتعديل مبادئها الخاصة بحوكمة المؤسسات سنة2004، حيث أصبحت تتضمن المبادئ الستة التالية(Oman, Blum,2006.):
1-             وضع أسس نظام فعال لحوكمة المؤسسة: ينبغي على نظام حوكمة المؤسسة أن يساهم في تحقيق الشفافية وكفاءة الأسواق، وأن يكون متوافقا مع دولة القانون، ويحدد بشكل واضح توزيع المسؤوليات بين الهيئات المتخصصة في مجال الرقابة ، التنظيم، وتطبيق النصوص؛
2-             حقوق المساهمين وأهم وظائف أصحاب رأس المال: ينبغي لأي نظام حوكمة المؤسسة أن يحمي ويسهل ممارسة المساهمين لحقوقهم؛
3-             معاملة عادلة للمساهمين: ينبغي أن يضمن نظام حوكمة المؤسسة معاملة عادلة لكل المساهمين، بما فيهم الأقلية والأجانب. وكل المساهمين يجب أن يحصلوا على تعويض فعلي عند التعدي على حقوقهم؛
4-             دور مختلف أصحاب المصلحة في حوكمة المؤسسة: ينبغي أن يعترف نظام حوكمة المؤسسة بحقوق مختلف أصحاب المصلحة، وفقا  للقانون الساري أو وفقا للاتفاقيات المتبادلة، ويشجع التعاون الفعال بين الشركات ومختلف أصحاب المصلحة بهدف خلق الثروة ومناصب شغل، وضمان استمرارية المؤسسات ذات الصحة المالية؛
5-             الشفافية ونشر المعلومات: ينبغي عل نظام حوكمة المؤسسة أن يضمن نشر المعلومات الصحيحة، في الوقت المناسب، عن كل المواضيع الهامة المتعلقة بالمؤسسة، لاسيما الوضع المالي، النتائج، المساهمون وحوكمة المؤسسة؛
6-             مسؤولية مجلس الإدارة: ينبغي على حوكمة المؤسسة أن تؤمن قيادة استراتيجية للمؤسسة ورقابة فعلية للتسيير من قبل مجلس الإدارة، وكذلك مسؤولية وأمانة مجلس الإدارة تجاه الشركات ومساهميها.                                      وقد بينت المبادئ العالمية المذكورة للحوكمة بأن أعضاء مجلس الإدارة يضطلعون بنوعين من الواجبات عند قيامهم بعملهم وهما (سابا خوري، 2005،ص38-40):                 
-                                   واجب العناية اللازمة (Duty Of Care):
ويتطلب أن يكون مجلس الإدارة يقظا وحذرا وأن يبذل الجهد والحرص والعناية اللازمة في اتخاذ القرار، وأن يتوفر في الشركة إجراءات وأنظمة كافية وسليمة. وأن تكون الشركة ملتزمة بالقوانين والأنظمة والتعليمات الموضوعة.
-                                   واجب الإخلاص في العمل (Duty Of Loyalty):
ويشمل ذلك المعاملة المتساوية للمساهمين والمعاملات مع الأطراف ذات المصالح ووضع سياسات ملائمة للرواتب والمكافآت وغير ذلك.
وتدعو هذه المبادئ إلى تدريب وتثقيف أعضاء مجلس الإدارة وأن يكون لديهم خبرات ومهارات عند شغلهم عضويتهم من أجل تحسين أداء المجلس.
 ولقد تم تطوير ممارسات وآليات عمل لضمان قيام مجلس الإدارة بإصدار أحكام موضوعية مستقلة. خصوصا وقد تطورت الرقابة في الأسواق المالية، كما شهد العالم انهيارات عديدة ناجمة عن عدم استقلالية وموضوعية قرارات مجلس الإدارة. ومن أهم هذه الآليات إيجاد أعضاء مستقلين (غير تنفيذيين) في مجالس الإدارة.
 ومن المعروف أن هنالك مدرستين للرقابة والاشراف على إدارة الشركة (سابا خوري،2005، ص38-40) وهما:
-                                    المدرسة الأولى: وتدعو إلى تشكيل مجلس إشرافي مستقل  أو (لجنة رقابة مستقلة) تنتخب من المساهمين وتقوم بالرقابة بشكل مستقل عن الإدارة التنفيذية للشركة. هذا بجانب مجلس الإدارة المنتخب من المساهمين. وهذه المدرسة متبعة في بعض دول العالم مثل ألمانيا.
-                                    المدرسة الثانية: تدعو إلى تشكيل مجلس إدارة واحد يشمل أعضاء مستقلين بجانب الأعضاء التنفيذيين في المجلس، وهذه الآلية هي السائدة في الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا.
     وليس هناك اتفاق كامل على تعريف العضو المستقل في مجلس الإدارة في البلدان المختلفة، فمنهم من يعرفه بالشخص غير المدير أو الموظف في الشركة أو في شركة تابعة لها أو لدى أي فرد آخر له علاقة (في رأي مجلس الإدارة) تتداخل مع ممارسة العضو غير التنفيذي حكمه المستقل عند تحمله مسؤوليته كعضو في مجلس الإدارة.
 ليس جديدا أن البيانات المالية للشركة هي مسؤولية مجلس الإدارة بما في ذلك تحديد المكافآت والحوافز. إن وجود أعضاء مستقلين في مجلس الإدارة سوف يساهم في الحكم المستقل على هذه البيانات.غير انه ينبغي على مجلس الإدارة من أجل القيام بواجباته ومسؤولياته على أحسن وجه وانسجاما مع مبادئ الحوكمة أن ينشئ لجانا متعددة منبثقة عنه تكون مستقلة. وأن يحدد عدد أعضائها ومواصفاتهم وأهدافها وطريقة عملها، وأن يعطيها صلاحيات مناسبة للقيام بعملها، علما بأن إعطاء صلاحيات للجان لا يعفي مجلس الإدارة من المسؤولية.
ومن أهم هذه اللجان هي لجنة التدقيق ولجنة الرواتب والمكافآت. وتشرف لجنة التدقيق على مدى فعالية التدقيق الداخلي والخارجي في الشركة، وعلى العلاقة مع المدقق الخارجي ومدى عمله، ولها واجبات أخرى. أما لجنة الرواتب والمكافآت فهي تحدد الرواتب والمكافآت والحوافز لأعضاء الإدارة وفقا لأسس موضوعة مسبقا، والإفصاح عن المبالغ المدفوعة للأعضاء في التقرير السنوي لمجلس الإدارة.
وإضافة إلى ذلك، فقد اقترح البنك الدولي إرشادات وتوجيهات بالنسبة للحوكمة الجيدة في القطاع المالي، وذلك بسبب الدور الانتقادي لهذا القطاع كونه المجال الرئيسي للنمو الاقتصادي الذي يقيس السياسة المالية الفعالة (دهمش، اسحق أبو زر، 2003، ص27-30).كما أصدر صندوق النقد الدولي (IMF) دليلا للممارسة الجيدة للشفافية في السياسات المالية والنقدية بالنسبة للحوكمة المؤسسية حيث يطالب فيه من البنوك المركزية والهيئات المالية تبني سياسات أكثر وضوحا وشفافية والتي ستؤدي إلى إعطائها استقلالية أكبر وتجعل هذه المؤسسات مسؤولة بشكل أكبر أمام الجمهور. وكان الهدف من ذلك مساعدة الحكومات بالنسبة لتقييم وتحسين النواحي القانونية والإطار التنظيمي والمؤسسي للحوكمة المؤسسية في بلدانهم، ومن أجل تزويد إرشادات ومقترحات للأسواق المالية، والمستثمرين، والشركات المساهمة وغيرها من الأطراف التي لها دور في عملية تطوير حوكمة مؤسسية جيدة(دهمش، اسحق أبو زر، 2003،ص27-30).
كما تعرف الحوكمة بأنها مجموعة من المسؤوليات والممارسات التي يتبعها مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية بهدف تقديم توجيه استراتيجي وضمان تحقيق الأهداف والتحقق من إدارة المخاطر بشكل ملائم، واستغلال موارد المؤسسة على نحو مسؤول(المجمع العربي للمحاسبين القانونيين،2001).
كما صدر في الولايات المتحدة الأمريكية قانون Sarbanes-Oxley سنة 2002 لمحاربة الفساد المالي للشركات ،حيث يسمح لوزارة العدل اتخاذ إجراءات صارمة ضد مسيري المؤسسات والمسؤولين الآخرين الذين يستغلون مناصبهم من أجل الثراء على حساب أصحاب المصلحة الآخرين، وذلك بعد الفضائح المالية لانهيار شركات عملاقة مثل شركة (Enron , World Com)،مما ساهم في فقدان الثقة العامة في البيانات المالية المنشورة،و النظر بمزيد من الريبة في الأنظمة المحاسبية و الرقابية المعمول بها(السويطي،2005،ص ص27-28). ومن مضامين هذا القانون الذي يعد أكبر إصلاح لقانون الشركات في الولايات المتحدة منذ ستون سنة(Wray,2006) :
-                                    تقديم تصريح شرفي  من قبل المسؤولين الكبار في الشركة على صحة القوائم المالية وعلى أنها تعكس الصورة الوفية والصادقة للوضع المالي ونتائج الاستغلال؛
-                                    على المدققين ممارسة مسؤولياتهم عن طريق الفحص المستقل للقوائم المالية للمؤسسة والشهادة على صحتها واعتماديتها؛
-                                    حماية الأجراء ضد المضايقات والعقوبات التي قد يتعرضون لها بسبب كشفهم لممارسات مشبوهة.

2-            الإطار النظري للحوكمة :
    لقد جرى بين الباحثين أن تنسب نشأة مجال البحث حول حوكمة المؤسسة للنقاش الذي افتتحه كل من  A.Berle و G. Means (1932) حول آثار الفصل بين وظائف الملكية واتخاذ القرار الذي ميز شركات الأسهم الكبرى في الولايات المتحدة. ويترتب عن هذا الفصل خطر سلب حقوق صغار المساهمين من قبل المسيرين الذين يعملون على التملص من أية رقابة. وهو ما أدى إلى تدخل المشرع في الولايات المتحدة لحماية صغار المساهمين عن طريق إنشاء لجنة الأوراق المالية (SEC)
(Securities And Exchange Commission) ثم لجنة عمليات البورصة فيما بعد (Simon, Joffre,1997,P.1652). كما أن بداية النقاش حول حوكمة المؤسسة ركز على الفرضية الموالية: بإمكان مسيري المؤسسة أن يستحوذوا على ريوع وذلك على حساب المساهمين وأصحاب المصالح الآخرين في المؤسسة (Stakeholders) .وتهتم الحوكمة هنا باقتراح مجموعة من أدوات الرقابة والتحفيز للمسيرين من شأنها إعادة التوازن لصالح مختلف مجموعات أصحاب المصالح (المساهمون، الدائنون، الأجراء...الخ) ، والوصول إلى توزيع الثروة التي تم خلقها بطريقة أكثر عدالة بغرض تحسين فعالية المؤسسات (Bancel,1997,p.7) .
وبالرغم من وجود عدد من الأعمال السابقة، فإن الإطار النظري الحالي للحوكمة يجد أساسا مصدره في الأعمال المؤسسة لكل من A.Achain, H.Demtez (1972) و أعمال C. Jensen  و W.H.Nekling (1976)و أعمال E.F.Fama (1980) .
ويعتبر كل من  Alchain و  Demtez (1972)بأن المؤسسة هي عبارة عن مجرد "خيال قانوني" (Fiction Juridique) قائم على حقوق الملكية، وبداخلها عدد من الفاعلين الاقتصاديين (Acteurs) ، ولكل منهم دالة منفعة خاصة به، كما تربطهم مجموعة من العقود. وتعد المؤسسة بمثابة نمط تنظيم منافس للسوق، حيث تمكن من تخفيض عدد من التكاليف، لا سيما تكاليف الرقابة والإعلام المرتبطة بالتبادل على مستوى السوق(Bancel,1997,P.12).
أماM.C Jensen  وW.H.Meckling فإنهما وسعا من إطار التحليل السابق بإدخال مفهوم علاقة الوكالة(Relation d’agence) ، كتلك العلاقة التي تربط المساهمين باعتبارهم موكلين للمسير الذي يعد موكلا. ولا تعتبر المؤسسة هنا  مجرد "عقدة" "noeud" من العقود أو "خيال قانوني " . وبهدف البحث عن تفسير لسياسة التمويل في المؤسسة، درس M.C Jensen  وW.H.Meckling بصفة رئيسية، النزاعات بين المسير والمساهمين والدائنين. وينطلقان في ذلك من وضع أولي، حيث تكون المؤسسة ملكا قصريا لمسيرها. وفي حالة فتح رأس مال المؤسسة لمساهمين آخرين تنشأ علاقة وكالة وتعارض مصالح، تمثل مصدرا "لتكاليف وكالة". وهو ما يشجع المسير على زيادة خصوماته غير النقدية ويخفض من تحفيزه.
يستطيع المساهمون محاربة هذا السلوك المضر بهم عن طريق فرض وضع إجراءات رقابة (تدقيق، الرقابة على الموازنة...) أو حوافز (نظام مكافآت) .كما تلعب الأسواق دورا ضبطيا في هذا المجال، على أساس أن فقدان الرقابة على رأس المال
 (أي الأغلبية) يخضع المسيرون لضبط سوق العمل، حيث يمكن للمساهمين الجدد ذوي الأغلبية توظيف مسير آخر ، سواء بطريقة مباشرة عن طريق استخدام حق التصويت، أو بطريقة غير مباشرة بواسطة مجلس الإدارة.كما يخضع المسيرين لضبط السوق المالية،حيث بإمكان المساهمين التنازل على أسهمهم.
واللجوء إلى الاستدانة يسمح للمسير- المالك بالتملص من ضبط المساهمين الآخرين، لكن يؤدي إلى نشوء علاقة وكالة أخرى مع الدائنين ، ولحماية مصالحهم، يلجأ الدائنون إلى إدراج شروط تعاقدية أو أخذ ضمانات من المؤسسة، كما أن إجراءات الإفلاس تشكل هي الأخرى آلية رقابة.
وعلى خلاف M.C Jensen  وW.H.Meckling، فإن فاما E.F.Fama   يدرس الحالة الخاصة المتمثلة في الفصل بين الملكية والقرار. ويحتج من جهة، عن ملاءمة مفهوم الملكية، حيث يعترف سوى بملكية عوامل الإنتاج ويرى أن الرقابة على قرارات المسيرين لا تعد من اختصاص المساهمين. ومن جهة ثانية، يميز بوضوح بين وظائف الإدارة والمخاطر.وبالتالي يعتبر أن هناك عاملي إنتاج مختلفين في المؤسسة، يتمثل الأول في القدرة الإدارية للمسيرين، والثاني في القدرة على تحمل المخاطر وهي مناطة بالملاك. وعليه فإن المكونات الأساسية التي تشكل إطار تحليل حوكمة المؤسسة تتمثل في العناصر التالية
 (Simon, Joffre,1997,P1655):
-                                    المسير وهو مركز "عقدة" "Noeud" العقود، وهو يساهم بقدراته الإدارية ويتخذ القرارات طبقا لأهدافه الخاصة؛
-                                    إذا لم يكن المسير مالكا قصريا لرأس المال وفي حالة اللجوء إلى مساهمين آخرين أو دائنين، فإنه لا يتحمل كل المخاطر، وفي هذه الحالة ينشأ تعارض في المصالح وهو ما يعد مصدرا لتكاليف الوكالة؛
-                                    لمختلف الآليات الخارجية والداخلية للرقابة دورا في تخفيض تكاليف الوكالة.

3-أهمية الحوكمة الجيدة في البنوك:
     ويمكن تلخيص أهمية الحوكمة الجيدة في البنوك في النقاط التالية(دهمش، اسحق أبو زر، 2003، ص27-30):
-                                    تعتبر الحوكمة المؤسسية نظاما يتم بموجبه توجيه ورقابة العمليات التشغيلية للبنوك؛
-                                    تمثل الحوكمة المؤسسية الجيدة عنصرا رئيسيا في تحسين الكفاءة الاقتصادية وسوء هذه الحوكمة على العكس من ذلك وخاصة في البنوك يمكن أن يؤثر على الاستقرار الاقتصادي والمالي. وخير دليل على ذلك، ما حصل في الأزمة المالية الآسيوية؛
وهناك مسؤوليات رئيسية لمجلس الإدارة والإدارة العليا في مجال حوكمة البنوك(سنتطرق لها لاحقا)؛
-                                    للبنك المركزي دور في تعزيز وتشجيع الحوكمة المؤسسية في البنوك التجارية وذلك للأسباب التالية:
ü                                             إن تطبيق الحوكمة المؤسسية الجيدة يقع ضمن المسؤوليات الإشرافية للبنك المركزي؛
ü                                             إن البنوك التجارية تختلف عن غيرها من الشركات المساهمة لأن طبيعة عملها تحمل المخاطر، إضافة إلى كون هذه البنوك مسؤولة عن المحافظة على أموال الغير (المودعين) ؛
ü                                             نتيجة لتعرض البنوك لهذه المخاطر وبسبب تداول أسهمها في بورصة الأوراق المالية، فإن وجود الحوكمة المؤسسية مسألة مهمة وضرورية لهذه البنوك؛
ü                                             يحتاج أعضاء مجلس الإدارة في البنوك ضمان أن المخاطر التي تتعرض لها طبيعة أعمال البنوك تدار بشكل سليم، ,وأن لدى البنك المركزي المسؤولية القانونية للتأكد من ذلك؛
ü                                             وهذا لا يعني بأن مجلس الإدارة يجب عليه تكوين سياسات إدارة المخاطر بنفسه، ولكن يجب عليه التأكد والمصادقة على مثل هذه السياسات؛
ü                                             يجب أن نعترف بأنه ليس من السهل الحصول على أعضاء مجلس الإدارة مستقلين بشكل حقيقي، أو الأعضاء الذين يمكن أن يقفوا في وجه المساهمين المسيطرين على رأس مال البنك؛
ü                                             هناك أيضا المخاطر المتمثلة بتعيين أعضاء مجلس إدارة يطلق عليهم:"شبه مستقلين" لإعطاء انطباع خاطئ للحوكمة المؤسسية.

4-لجنة بازل والحوكمة المؤسسية للبنوك:
     أصدرت لجنة بازل للإشراف على البنوك في شهر سبتمبر 1999 نشرة بعنوان "
تحسين الحوكمة المؤسسية للبنوك"(Enhancing Corporate Governance For Banking Organisations) كجزء من الجهود المستمرة للتطرق لمواضيع الإشراف البنكي، وقد نشطت لجنة بازل للإشراف البنكي للحصول على الخبرة الإشرافية المجمعة من أعضائها وغيرهم والتي تمثلت في إصدار توجيه إشرافي من أجل  تسريع ممارسات بنكية آمنة ومعقولة.حيث لا يمكن أن يعمل الإشراف بشكل جيد إذا لم تكن الحوكمة المؤسسية تعمل حسب الإطار المخطط لها.وبالتالي فإن المشرفين في البنوك لهم مصلحة قوية في ضمان وجود حوكمة مؤسسية فعالة في كل منظمة بنكية، حيث أن الخبرة الإشرافية تشدد على ضرورة وجود المستويات المناسبة للمساءلة وفحص الأرصدة في كل بنك. فالحوكمة المؤسسية المقبولة تجعل من عمل المشرفين اكثر سهولة. كما أنها تمكن من أن تساهم في إيجاد علاقات عمل تعاونية بين إدارة البنك والمشرفين (دهمش، اسحق أبو زر، 2003، ص27-30) .
وقد أصدرت لجنة بازل عدة أوراق عمل حول مواضيع محددة، حيث تم فيها التركيز على أهمية الحوكمة المؤسسية وتشمل  هذه الأوراق مايلي (دهمش، اسحق أبو زر، 2003، ص27-30) :
1-             مبادئ إدارة مخاطر معدل الفائدة (سبتمبر1998)؛
2-              تحسين شفافية البنك (سبتمبر1998)؛
3-             إطار لنظم الرقابة الداخلية في المنظمات البنكية (سبتمبر1998)؛
4-             مبادئ إدارة مخاطر الائتمان (ماي 1998)؛
وقد بينت هذه الأوراق حقيقة أن الاستراتيجيات والأساليب الفنية والتي تعتبر أساسية للحوكمة المؤسسية السليمة داخل الجهاز المصرفي تتكون من عدة عناصر، نذكر منها (بنك الإسكندرية، 2003):
1-             توافر دليل عمل ومعايير للسلوك الملائم، ونظام لقياس مدى الالتزام بهذه المعايير؛
2-             توافر استراتيجية واضحة للمؤسسة، يتم  على ضوئها قياس نجاح المنشأة ككل، ومدى مساهمة الأفراد في هذا النجاح؛
3-             التوزيع السليم للمسؤوليات ومراكز اتخاذ القرار، متضمنا نظام هرمي لسلطات  الاعتماد المتدرجة بداية من الأفراد وحتى مجلس الإدارة؛
4-             وضع آلية للتعاون والتفاعل بين مجلس الإدارة والإدارة العليا ومراجعة الحسابات؛
5-             توافر نظم قوية للرقابة الداخلية، تتضمن وظائف المراجعة الداخلية والخارجية، ووظائف إدارة المخاطر؛
6-             رقابة خاصة لمراكز المخاطر في المواقع التي يتصاعد فيها احتمال تضارب المصالح، بما في ذلك علاقات العمل مع المقترضين المرتبطين بالبنك وكبار المساهمين والإدارة العليا ومتخذي القرارات الرئيسية في المؤسسة؛
7-             الحوافز المالية والإدارية للإدارة العليا والتي تحقق العمل بطريقة ملائمة، وأيضا بالنسبة للموظفين سواء كانت في شكل مكافآت أو ترقيات أو أي شكل آخر؛
8-             تدفق مناسب للمعلومات سواء إلى داخل البنك أو خارجه.
     كما أشارت ورقة أخرى صادرة عن لجنة بازل خاصة الحوكمة والإشراف عليها Corporate Governance And Oversight على مايلي (حشاد، 2004،ص189-190) :
- يجب الحصول على موافقة من مجلس إدارة البنك أو إحدى اللجان المختصة وكذلك من الإدارة العليا على كافة النواحي المادية لعمليات التصنيف والتقدير ويجب أن يكون لدى تلك الأطراف فهم عام عن نظام البنك لتصنيف المخاطر ومفهوم تفصيلي عن التقارير الإدارية المصاحبة.ويجب على الإدارات العليا أن تقدم إخطارا لمجلس الإدارة أو اللجنة المختصة له عن أي تغييرات مادية أو إستثناءات من السياسات المقررة قد تؤثر ماديا على عمليات نظام التصنيف الخاص بالبنك.
- يجب أن يكون لدى الإدارة العليا مفهوم جيد عن تصميم نظام التصنيف وكيفية عمله، كما يجب عليها أن توافق على الاختلافات المادية بين الإجراءات الموضوعة والممارسة الفعلية، ويجب على الإدارة أيضا أن تتأكد باستمرار من سلامة عمل النظام.
- يجب أن يكون التصنيف الداخلي جزءا أساسيا من عملية التقارير لتلك الأطراف. ويجب أن تضم التقارير شكل المخاطر وفقا للدرجة، والتغير فيما بين درجات التعرض، وتقدير المعايير ذات الصلة بالنسبة لكل درجة ، ومقارنة معدلات التعثر في مقابل التوقعات. وقد يختلف عدد مرات تقديم التقارير طبقا لأهمية ونوع المعلومات ومستوى الجهة التي تقدم إليها التقارير.

 

1.4-العناصر الأساسية لدعم التطبيق السليم للحوكمة داخل الجهاز المصرفي

 وقد أشارت هذه الأوراق إلى أن هناك مجموعة من العناصر الأساسية التي يجب توافرها لدعم التطبيق السليم للحوكمة داخل الجهاز المصرفي نستعرضها فيما يلي(بنك الإسكندرية ،2003):
1-             وضع أهداف استراتيجية ومجموعة القيم والمبادئ التي تكون معلومة لكل العاملين في المؤسسة المصرفية.
-                                    يصعب إدارة الأنشطة البنكية بدون تواجد أهداف استراتيجية أو مبادئ للإدارة يمكن الاسترشاد بها، لذا فإنه على مجلس الإدارة أن يضع الإستراتيجيات التي تمكنه من توجيه وإدارة أنشطة البنك، كما يجب عليه أيضا تطوير المبادئ التي تدار بها المؤسسة سواء تلك التي تتعلق بالمجلس نفسه أو بالإدارة العليا أو بباقي الموظفين، ويجب أن تؤكد هذه المبادئ على أهمية المناقشة الصريحة والآنية للمشاكل التي تعترض المؤسسة، وخاصة يجب أن تتمكن هذه المبادئ من منع الفساد والرشوة في الأنشطة التي تتعلق بالمؤسسة سواء بالنسبة للمعاملات الداخلية أو الصفقات الخارجية؛
-                                    يجب أن يضمن مجلس الإدارة قيام الإدارة العليا بتنفيذ سياسات من شأنها منع أو تقييد الممارسات والعلاقات التي تضعف من كفاءة تطبيق الحوكمة مثل:
·                                    منح معاملة تفضيلية لبعض الأطراف التي لها مكانة خاصة لدى البنك كمنح قروض بشروط مميزة، أو تغطية الخسائر المرتبطة بالمعاملات، أو التنازل عن العمولة؛
·                                    إقراض الموظفين وغير ذلك من أشكال التعامل الداخلي دون مراعاة للشروط الواجب توافرها عند منح القروض (فمثلا يجب أن يتم منح الإقراض الداخلي للعاملين بالمؤسسة وفقا لشروط السوق، و أن يقتصر على أنواع محددة من القروض، مع تقارير خاصة بعملية الإقراض لمجلس الإدارة على أن يتم مراجعتها من جانب المراجعين الداخليين والخارجيين.
2-             وضع وتنفيذ سياسات واضحة للمسؤولية في المؤسسة:
يجب على مجلس الإدارة الكفء أن يحدد السلطات والمسؤوليات الأساسية للمجلس وكذلك الإدارة العليا. وتعد الإدارة العليا مسؤولة عن تحديد المسؤوليات المختلفة للموظفين وفقا لتدرجهم الوظيفي مع الأخذ بعين الاعتبار أنهم في النهاية مسؤولون جميعا أمام مجلس الإدارة عن أداء البنك.
3-             ضمان كفاءة أعضاء مجلس الإدارة وإدراكهم للدور المنوط بهم في عملية الحوكمة، وعدم خضوعهم لأي تأثيرات سواء خارجية أو داخلية.
-                                    يعتبر مجلس الإدارة مسؤول مسؤولية مطلقة عن عمليات البنك وعن المتانة المالية للبنك، لذا يجب أن يتوفر لدى مجلس الإدارة معلومات لحظية كافية تمكنه من الحكم على أداء الإدارة، حتى يحدد أوجه القصور وبالتالي يتمكن من اتخاذ الإجراءات المناسبة.
-                                     يجب أن يتمتع عدد كاف من أعضاء المجلس بالقدرة على إصدار الأحكام بصفة مستقلة عن رؤية الإدارة وكبار المساهمين أو حتى الحوكمة. ويمكن تدعيم الاستقلالية والموضوعية من خلال الاستعانة بأعضاء غير تنفيذيين أو مجلس مراقبين أو مجلس مراجعين بخلاف مجلس الإدارة.
-                                    يمكن لهؤلاء الأعضاء الاستفادة من تجارب المؤسسات الأخرى في الإدارة والتي من شأنها تطوير استراتيجيات الإدارة في المؤسسة؛
-                                     في بعض الدول يفضل مجلس الإدارة في البنك تأسيس بعض اللجان المتخصصة مثل:
·                                    لجنة إدارة المخاطر: والتي تتولى الإشراف على أنشطة الإدارة العليا فيما يتعلق بإدارة المخاطر المتعلقة بالائتمان والسوق والسيولة وغير ذلك من أنواع المخاطر المختلفة. ويتطلب ذلك أن تتلقى اللجنة بصفة دورية معلومات من الإدارة العليا عن أنشطة إدارة المخاطر.
·                                    لجنة المراجعة: تتولى الإشراف على مراقبي البنك سواء من الداخل أو الخارج، حيث تكون لها سلطة الموافقة على تعيينهم أو الاستغناء عنهم، والموافقة على نطاق المراجعة ودوريتها، وكذلك استلام التقارير المرفوعة منهم، وأيضا التحقق من أن إدارة البنك تقوم باتخاذ إجراءات تصحيحية ملائمة في حينها لمواجهة ضعف الرقابة، والإخلال بتطبيق السياسات والقوانين واللوائح وغيرها من المشكلات التي يحددها المراقبون. ولتعزيز استقلالية هذه اللجنة، ينبغي أن تتضمن أعضاء من خارج البنك على أن تكون لهم خبرة مصرفية أو مالية.
·                                    لجنة المكافآت: تتولى الإشراف على مكافآت الإدارة العليا والمسؤوليات الإدارية الأخرى، وضمان أن تتفق هذه المكافآت مع أنظمة البنك وأهدافه وإستراتيجيته والبيئة المحيطة .
·                                    لجنة الترشيحات: تقوم بترشيح أعضاء مجلس الإدارة، وتوجه عملية استبدال أعضاء المجلس.
4-             ضمان توافر مراقبة ملائمة بواسطة الإدارة العليا:
تعد الإدارة العليا عنصرا أساسيا في الحوكمة، ففي حين يمارس مجلس الإدارة دورا رقابيا تجاه أعضاء الإدارة العليا، فإنه يجب على مديري الإدارة العليا ممارسة دورهم في الرقابة على المديرين التنفيذيين المتواجدين في كافة أرجاء البنك. وتتكون الإدارة العليا من مجموعة أساسية من مسئولي البنك وهذه المجموعة يجب أن تتضمن أفرادا مثل مدير الشؤون المالية ورؤساء الأقسام ومدير المراجعة.
5-             الاستفادة الفعلية من العمل الذي يقوم به المراجعون الداخليون والخارجيون في إدراك أهمية الوظيفة الرقابية التي يقومون بها.
يعد الدور الذي يلعبه المراجعون حيويا بالنسبة لعملية الحوكمة. لذا يجب على مجلس الإدارة والإدارة العليا إدراك أهمية عملية المراجعة والعمل على نشر الوعي بهذه الأهمية لدى كافة العاملين بالبنك، واتخاذ الإجراءات اللازمة لدعم استقلالية ومكانة المراجعين، وذلك برفع تقاريرهم مباشرة إلى مجلس الإدارة، أو لجنة المراجعة، والاستفادة بفعالية من النتائج التي توصل إليها المراجعون، مع العمل على معالجة المشاكل التي يحددها المراجعون، كذلك الاستفادة من عمل المراجعين في إجراء مراجعة مستقلة على المعلومات التي يتلقونها من الإدارة حول أنشطة البنك وأدائه.
6-             ضمان توافق نظم الحوافز مع أنظمة البنك وأهدافه واستراتيجيته والبيئة المحيطة.
يجب أن يصادق مجلس الإدارة على المكافآت الخاصة بأعضاء الإدارة العليا وغيرهم من المسؤولين، وضمان أن تتناسب هذه المكافآت مع أنظمة البنك وأهدافه واستراتيجيته والبيئة المحيطة، بما يحفز مديري الإدارة العليا وغيرهم من الشخصيات المسؤولة على بذل أقصى جهدهم لصالح البنك، كما يجب أن توضع نظم الأجور في نطاق السياسة العامة للبنك بحيث لا تعتمد على أداء البنك في الأجل القصير وذلك  لتجنب ربط الحوافز بحجم المخاطر التي يتحملها البنك.
7-             مراعاة الشفافية عند تطبيق الحوكمة:
لا يمكن تقييم أداء مجلس الإدارة والإدارة العليا بدقة في حالة نقص الشفافية ويحدث ذلك عندما لا يتمكن أصحاب المصالح والمتعاملين في السوق وعامة الناس من الحصول على المعلومات الكافية عن هيكل وأهداف البنك، بحيث يتمكن المشاركون في السوق من تقييم سلامة تعاملاتهم مع البنوك حيث يصبحون قادرين على معرفة وفهم أوضاع كفاية راس المال في البنوك في الأوقات المناسبة، وبالتالي سيتوجه المتعاملون إلى البنوك التي تطبق الممارسات السليمة للحوكمة والتي لديها الكفاية المالية اللازمة، بينما سينصرفون عن تلك البنوك التي تقوم بمخاطرات كبيرة دون أن تكون لها مخصصات كافية، وربما ينصرفون عن تلك البنوك التي لا تتحمل قسطا كافيا من المخاطر حتى تبقي على قدراتها التنافسية.
لذا فإن الشفافية مطلوبة لدعم التطبيق السليم للحوكمة، وبالتالي فإن الإفصاح يجب أن يشمل هيكل المجلس (العدد، العضوية، المؤهلات، اللجان)، وهيكل الإدارة العليا (المسؤوليات، المؤهلات، الخبرة) ، والهيكل التنظيمي الأساسي (الهيكل القانوني، الهيكل الوظيفي)، والمعلومات المتعلقة بنظام الحوافز الخاص بالبنك، وطبيعة الأنشطة التي تزاولها الشركات التابعة.
8-             دور السلطات الرقابية:
-                                    يجب أن تكون السلطات الرقابية على دراية تامة بأهمية الحوكمة وتأثيرها على أداء المؤسسة. ويجب أن تتوقع قيام البنوك بعمل هياكل تنظيمية تتضمن مستويات ملائمة من الرقابة، كما يجب أن تقوم السلطات الرقابية بالتأكد من أن مجلس الإدارة والإدارة العليا في المؤسسات المصرفية قادرين على القيام بواجباتهم ومسؤولياتهم كما ينبغي.
-                                    يعد مجلس إدارة البنك والإدارة العليا بالبنك مسؤولين بصفة أساسية عن أداء البنك، وبذلك فان السلطات الرقابية تقوم بالمراجعة للتأكد من أن البنك يدار بطريقة ملائمة، وتوجيه انتباه الإدارة لأي مشاكل قد تتكشف أثناء عملية الرقابة، كما ينبغي على السلطات الرقابية أن تضع مجلس الإدارة موضع المحاسبة وأن تطالب باتخاذ إجراءات تصحيحية في الوقت المناسب وذلك في حالة تعرض البنك لمخاطر لا يمكن قياسها أو السيطرة عليها.
     كذلك يجب أن تكون السلطات الرقابية يقظة لأي إشارات إنذار مبكر بالنسبة  للتدهور في إدارة أنشطة البنك، حيث يجب عليها مراعاة إصدار توجيهات إلى البنوك بشأن التطبيق السليم للحوكمة.
-                                    من الضروري قيام السلطات الرقابية بالتأكد من أن البنوك تقوم بإدارة أعمالها بالأسلوب الذي لا يضر بمصالح المودعين.
مما سبق يتضح أن المسؤولية الأساسية للتطبيق السليم للحوكمة في الجهاز المصرفي تقع على عاتق مجلس الإدارة والإدارة العليا للبنك، ومع ذلك تؤكد لجنة بازل على ضرورة توافر البيئة الملائمة لدعم التطبيق السليم للحوكمة في الجهاز المصرفي مثل القوانين والتشريعات التي تتولى الحكومة إصدارها والتي من شأنها حماية حقوق المساهمين، وضمان قيام البنك بنشاطه في بيئة خالية من الفساد والرشوة ووضع معايير للمراجعة...الخ.



5-            واقع حوكمة البنوك في بعض الدول العربية
     حظيت قضية الحوكمة باهتمام متزايد خلال السنوات الأخيرة بسبب زيادة تداخل الاقتصاديات العالمية عن طريق عولمة أسواق المال وتزايد الدور العام الذي يلعبه القطاع الخاص في مختلف الدول و منها الدول العربية.
1.5 - في مصر
   اعتبرت مصر أول دولة عربية يتم إجراء تقييم لممارسة حوكمة الشركات فيها من قبل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي سنة2001. وقد أشارت نتائج هذه التقييم إلى أن القواعد المنظمة لإدارة الشركات والمطبقة في مصر تتماشى مع المبادئ الدولية في سياق 40 مبدأ من إجمالي 48 مبدأ (بنك الإسكندرية،2003).
هذا وتشير الدراسات إلى أن تطبيق قواعد الحوكمة في مصر قد شهد تطورا ملحوظا في الفترة من عام 2000 إلى مارس 2003 ، حيث ارتفع تقييم مصر في الالتزام بمبادئ الحوكمة إلى 80% في مارس 2003 مقارنة بـ 62% في عام 2000 ، مما ترتب عليه تحسن في التقييم الإجمالي لمستوى هذه القواعد حيث ارتفع عدد المعايير التي تتسق تماما أو بدرجة كبيرة مع المعايير الدولية من 40 معيارا في تقييم سبتمبر 2001 الى45 معيارا في مارس 2003.
ويرى البعض أن أسلوب الحكومة تم تطبيقه في جميع البنوك المصرية وعلى رأسها البنوك العامة الكبرى وذلك من خلال إدارات التفتيش والمراجعة ويجري تحديث وتطوير الآليات اللازمة لذلك للوصول إلى تحقيق الأسلوب الأمثل لتطبيق الشفافية في العمل المصرفي،وقد شهدت السوق المصرفية بدء تنفيذ برنامج تحديث الجهاز المصرفي الذي أطلقته الحكومة بالتعاون مع البنك المركزي المصري خلال الربع الأخير من عام2002 ،حيث بدأ البرنامج بإجراء تغييرات واسعة في رؤساء و أعضاء مجالس إدارات البنوك العامة ليشغلها ذوي الكفاءات و الخبرات العالمية القادرة على تفعيل حركة التطوير الشاملة في الجهاز المصرفي بما يؤدي إلى رفع مستوى الأداء في البنوك (بنك الإسكندرية،2003 ).
2.5. في الجزائر
منذ سنـة 1990 شرعت السلطات العمومية في إجراء تعديلات هيكلية على القطاع المصرفي بهدف التهيئة للعمل وفق آليات اقتصاد السوق وتحقيق نوعية الخدمات المصرفية وخلق منافسة بين البنوك، ومن بين أهم البنوك التي ظهرت بعد هذه الفترة نجد الخليفة بنك و البنك الجزائري الصناعي و التجاري BCIA .لكن أهم ما ميز هذه المرحلة ضعف رقابة بنك الجزائر لهذه البنوك قبل وبعد بداية نشاطها ،مما أدى بهذه البنوك للوقوع في أزمات مالية هزت القطاع المصرفي الجزائري.
إن مشكلة هذين البنكين المالية هي نتاج للعديد من الأسباب أهمها فتح الاستثمار في القطاع المالي لأشخاص لا يمتلكون الخبرة في المجال البنكي (Guernaout , 2004,P.40 )،وكان ذلك حال بنك الخليفة الذي تأسس سنة 1998 من قبل صاحبه السيد الخليفة لعروسي وهو صيدلي حتى و إن كان على أساس المغامرة، وقد قدم هذا البنك خدمات ومنتجات بنكية لم يكن المودعون الجزائريون ليحصلوا عليها مثل معدلات الفائدة العالية على الودائع لأجل، بطاقات بنكية ،حسابات بالعملة الصعبة ، تسهيلات القروض ،بطاقات شراء( d’achats Cartes ) تعادل ضعف مرتب الزبون ....الخ، وهذا كله بغرض جذب أكبر عدد من الزبائن ،كما قدم هذا البنك  عروضا خاصة ومغرية على الودائع الخاصة بالمؤسسات العمومية والهيئات العامة والضمان الاجتماعي.
إن سوء الحوكمة  Mauvaise Gouvernance التي ميزت الوظيفة الرقابية لبنك الجزائر في بداية نشاط بنك الخليفة و BCIA تعتبر من أهم أسباب الأزمات المالية التي واجهها البنكين، وهذا حسب ما أشارت له اللجنة البنكية في إحدى مذكراتها والمتعلقة بنشاط الرقابة والتفتيش(Guernaout,2004,p.43).
وقد ظهرت  سوء الحوكمة من خلال النقائص التي تم تحديدها في المذكرة أعلاه بخصوص بنك الخليفة كمايلي:
-                                    عدم احترام الاجراءات المحاسبية للمؤسسة؛
-                                     التأخر في تقديم التقارير لبنك الجزائر؛
-                                     المراجعة غير المنتظمة لملفات التوطين؛
-                                    غياب المتابعة والرقابة؛
-                                    عدم احترام قواعد الحذر.
وقد واجه بنك الخليفة وضعية صعبة فيما يتعلق بحركة الودائع والوضعية المحاسبية وبالتالي عدم القدرة على سداد مستحقات الزبائن. لهذا قامت السلطات بعد اتخاذ قرار تصفية البنك بالعديد من الإجراءات لغرض ضمان حقوق المودعين، حيث قامت شركة ضمان الودائع(Société de Garantie des Dépôts )   بتقديم تعويضات بقيمة 600.000 دج لجميع المودعين، وهو ما لم يكن كافيا، مما اضطر مصفي البنك للقيام بإجراء ثاني وهو تطهير الحسابات وبيع أصول البنك .
نفس الشيء حدث مع البنك الصناعي والتجاري الجزائري B C I A الذي تم اعتماده في سبتمبر 1998 من طرف بنك الجزائر. وفي إطار برنامج الرقابة، قامت الجهات المعنية ببنك الجزائر بالرقابة الشاملة Contrôle Intégral  سنة 2001 بالعديد من عمليات الرقابة بعين المكان Contrôle Sur Place  على مستوى بنك B C I A ، حيث وجد المفتشون العديد من التجاوزات للقواعد القانونية والتنظيمية الخاصة بالنشاط البنكي من بينها:
-                                    عدم احترام التسيير الجيد للمهنة (التسيير البنكي ) ، خاصة فيما يتعلق بمعالجة الشيكات غير المدفوعة؛
-                                    عدم كفاية الحساب الجاري للبنك لدى بنك الجزائر؛
-                                    غياب الاحتياطي الإجباري؛
-                                    تجاوزات لقوانين الصرف.
إن سهولة حصول هذين البنكين على الموارد وغياب رقابة بنك الجزائر دفع بهما للقيام بعمليات غير مدرة لعائد كتمويل النوادي الرياضية ،منح المسيرين والمساهمين في البنك قروضا ذات مخاطر تتجاوز في كثير من الأحيان الحدود التي نصت عليها القوانين (كأن لا يتجاوز القرض 20% من الأموال الخاصة وغيرها) أضف إلى ذلك غياب الخبرة في مجال التسيير البنكي وغياب الرقابة داخل البنك وكذا رقابة بنك الجزائر ،حيث أرتفع إجمالي القروض المقدمة من طرف البنوك الخاصة من  39.7  مليار دج سنة  2001  إلى 181.3 مليار دج سنة 2002  أي ارتفاع بنسبة356.6 %. إضافة إلى ذلك هناك عوامل أخرى كالتوزيع الضعيف لمخاطر المحفظة وتمويل الاستثمارات  عن طريق قروض قصيرة الأجل  وبمعدلات فائدة غير مناسبة وهو ما كان من أهم أسباب الأزمة المالية  لهذين البنكين (Guernaout,2004,P.40). لهذا قامت السلطات بتصفية هذين البنكين بعد إعلان عدم قدرتهما على السداد. ولازالت متاعب القطاع المصرفي الخاص متواصلة إذ أصدرت اللجنة البنكية ،وهي إحدى هيئات بنك الجزائر إلى جانب  مجلس القرض والنقد، مقررا يوم 27 ديسمبر2005  يقضي بسحب الاعتماد الممنوح لـ " الشركة الجزائرية للبنك" بموجب المقرر رقم 02/99    المؤرخ في 28  أكتوبر1999 الصادر عن محافظ بنك الجزائر ، ووضع قيد التصفية البنك المذكور وتعيين مصفين للقيام بعمليات التصفية ،و يشير ذلك البيان أن اللجنة عاينت عدم ملاءة  هذا البنك التي تفاقمت باعتراف مساهمي البنك بعدم قدرتهم  على تكوين رأس المال  المطلوب، وعاينت اللجنة أيضا استمرارية حالة عدم  سيولة البنك وبالتالي أثبتت حالة توقف هذا البنك عن الدفع .
ويعد هذا القرار الجديد الصادر عن اللجنة البنكية القرار الخامس من نوعه الذي يمس بنكا خاصا بعد كل من "بنك الخليفة "و"البنك  الصناعي والتجاري الجزائري" و" يونيون بنك" وأخيرا" البنك الدولي الجزائري" ليتقلص عدد البنوك الخاصة برأسمال جزائري إلى بنكين أساسيين هما "أركو بنك" و "مونا بنك" (الخبر، 2005). كما أن المتتبع لأداء البنوك العمومية في الجزائر يجد أنها ليست على أحسن حال ،إذ تعاني باستمرار من إشكالية القروض المتعثرة التي تجاوزت  1200  مليار دج والممنوحة للمؤسسات الاقتصادية العمومية كما تعاني من ضعف الرقابة الداخلية و الخارجية. و ما تطلعنا به الصحف من عمليات مشبوهة  في هذه البنوك لخير دليل على ذلك(قضية الأوراق التجارية  "المجاملة" التي خصمها بنك الفلاحة والتنمية الريفية BADR التي  تجاوزت قيمتها 1000  مليار سنتيم (الخبر،2005)) .كما يشير البعض إلى أن مشكل البنوك في الجزائر يرجع إلى المحيط و السياسات المطبقة في المجال المصرفي و المالي، وأنها لا تطبق كامل قواعد الحذر المعتمدة بما فيها" نسبة كوك" و أن هناك بنوكا عمومية بلغت حد الإفلاس طبقا للقواعد المعمول بها دوليا،مما يجعلها تقع تحت طائلة المادة 715 مكرر20 من القانون التجاري الجزائري الذي ينص على أن المؤسسة تصبح مفلسة إذا أضحت أصولها الصافية أقل من ربع رأس مالها(الخبر،2005).
خاتمـة
إن التجارب العملية في الولايات المتحدة الأمريكية و روسيا و دول جنوب شرق آسيا قد أظهرت أهمية الالتزام الجاد بمفهوم الحكومة المؤسسية الجيدة. كما بينت أن توفر نظام مالي سليم و معافى يتطلب توفر إطلاع و فهم ودراية بأنظمة الحكومة المؤسسية الجيدة و إدارة المخاطر لدى إدارات الشركات،خاصة البنوك، الأمر الذي يساهم في دعم سياسات الشركات و يساعد على تعزيز ثقة المستثمرين و توفير بنية استثمارية أكثر استقرارا.
و بالنسبة للحكومة في البنوك فإنه الأمر يتطلب من الدول النامية ومنها العربية :
- تطوير تشريعاتها وفقا لأفضل الممارسات الدولية و إعداد الأطر القانونية و الرقابية اللازمة لتطبيقها خاصة فيما يتعلق بإرشادات لجنة بازل ذات الصلة؛
- تعيين أعضاء مستقلين غير تنفيذيين في مجلس الإدارة بالعدد الكافي الذي يضمن التوازن داخل المجلس ،على أن لا يكونوا خاضعين لسلطة البنك ،أو المساهمين الرئيسيين فيه .و عليهم أيضا المحافظة على حقوق أقلية المساهمين و الأجانب ؛
- تكوين لجان منبثقة عن مجلس الإدارة مثل لجنة التدقيق، ولجنة التعيينات و لجنة المكافآت على أن تكون مكونة  من الأعضاء المستقلين (غير التنفيذيين )؛
- تقديم تقارير مالية عن المركز المالي ونتائج الأعمال للمساهمين والمستثمرين على أساس نصف سنوي وتقارير سنوية؛
- ضرورة إبلاغ السوق المالي عن أية تطورات هامة حديثة، وكذلك نشرها في الجرائد وعلى موقعها الإلكتروني؛
- دور البنوك المركزية بالتركيز على تشجيع البنوك بالكشف عن مدى تطبيقها لمبادئ الحوكمة الجيدة الصادرة عن لجنة بازل؛
- إعداد و تنفيذ برامج تكوين و تدريب  للأفراد في الحوكمة، و ذلك على مستوى البنوك و البنوك المركزية؛
- عدم اكتفاء الحكومات على إصدار القوانين الخاصة بالحوكمة المؤسسية بل ينبغي الاهتمام بإيجاد البيئة السياسية والاقتصادية المناسبة لتطبيقها، أي تلك البيئة التي تؤمن سيادة الشفافية ودولة القانون.

المراجع: 
-  عبد الرزاق خليل ، أستاذ مشارك، جامعة الأغواط، الجزائر ، الطيب داودي ، أستاذ مشارك، جامعة بسكرة، الجزائر.
 _ السويطي سلامة موسى،إعادة بناء الثقة في البيانات المالية المنشورة ،مجلة المدقق، جمعية المحاسبين الأردنيين ،العدد 21-22 ،أكتوبر 2005،ص ص27-28.
- المجمع العربي للمحاسبين القانونيين،نشرة إلكترونية شهرية ،عدد 53،فيفري 2004.
_ بنك الإسكندرية،دعم الحوكمة في الجهاز المصرفي،النشرة الاقتصادية ،المجلد الخامس و الثلاثون ،2003،ص ص1-11.
_ حشاد نبيل ،دليلك إلى اتفاق بازل2،موسوعة بازل ،الجزء الأول ،اتحاد المصارف العربية ،بيروت 2004،ص ص 189-190.
_ دهمش نعيم ،اسحق أبو زر عفاف،تحسين و تطوير الحاكمية المؤسسية في البنوك،مجلة البنوك في الأردن،العدد العاشر ، المجلد الثاني و العشرون،ديسمبر 2003،ص ص 27-30.
_ سابا خوري نعيم ،الحاكمية المؤسسية و دور أعضاء مجلس الإدارة المستقلين في الشركة ،مجلة المدقق،جمعية المحاسبين الأردنيين ،العدد 21-22 ،أكتوبر 2005،ص ص 38-40.
_ يومية الخبر الجزائرية ،يوم 28/12/2005.

_ يومية الخبر الجزائرية ،يوم 13/10/2005.

-Bancel  Franck  , La gouvernance des entreprises ,Economica ,Paris,1997.
-Ghernaout ..M   ,Crises financières et faillites des banques algériennes, Edition GAL,Alger , 2004.
-Oman Charles , Blume Daniel ,La gouvernance d’entreprise, :un défi pour le développement , Repères n°03, Centre de développement de L’OCDE,pp.1-4,www.usinfo.state.gov./journals/ites/0205/,consulté le 07/01/2006.
-Simon Yves , Joffre Patrick(sous la dir.) , Encyclopédie de gestion, 2ème éd, Economica ,Paris , 1997.
-Wray Christopher, La répression de la délinquance financière des sociétés,
www.usinfo.state.gov./journals/ites/0205/,consulté le 07/01/2006.