أولا : مفهوم رأس مال العامل.
وقبل التطرق
لتعريف رأس مال العامل نتعرض لهيكل الأصول والخصوم والذي يساعد على تحديد مستوى
رأس المال العامل.
أ. هيكل الأصول: إن عناصر الأصول تترتب حسب مبدأ السيولة والتسوية ويمكن
تقسيمها إلى:
1- الأصول
الثابتة: وهي العناصر التي تكون مدة بقاءها في المؤسسة أكثر من سنة ودرجة سيولتها
جد منخفضة وتشمل الاستثمارات:
- قيم مادية: تجهيزات إنتاج,
تجهيزات الاجتماعية...الخ
- قيم معنوية: براءات الاختراع...الخ
- ديون
الزبائن التي تفوق السنة
- سندات المساهمة
- استثمارات أخرى(مخزون الأمان...)
ب. الأصول المتداولة: وتشكل مجموع العناصر المتجددة وفي حالة تغيير مستمر
ودرجة سيولتها مرتفعة وتشمل ما يلي:
قيم استغلال: المتمثلة في المخزونان, مواد أولية, بضائع, منتجات نصف
مصنعة, منتجات تامة.
القيم المحققة: تمثل الحسابات المدنية كالعملاء, أوراق القبض, سندات
التوظيف
القيم المتاحة(الجاهزة): الحسابات الجارية, الصندوق..
ثانيا هيكل الخصوم: تدرج حسب تاريخ استحقاقها, وتنقسم إلى:
1- الخصوم
الدائمة: وتشمل مساهمة الشركاء, العلاوات, الاحتياطات, فوراق إعادة التقييم, رأس
المال الخاص, القروض المتوسطة وطويلة الأجل.
2-
الخصوم المتداولة: وتسمى كذلك بديون قصيرة الأجل وتشمل التزامات المؤسسة
في المدى القصير(سنة أو أقل) وأهم عناصرها:
-
سندات وقروض قصيرة الأجل تستحق الدفع خلال سنة
-
الدائنون(موردون, بنوك تجارية, أو قروض قصيرة الأجل أو
تسبيقات مصرفية)
-
أوراق الدفع
-
ضرائب الاستغلال واجبة الأداء(الرسم على القيمة المضافة)
المطلب الثاني: تعريف رأس المال العامل وكيفية حسابه
أولا: تعريف رأس المال العامل.
هناك العديد
من التعاريف إلا أنها تشير جميعها إلى معنى واحد وسنتطرق إلى أكثرها شيوعا.
التعريف الأول:رأس المال العامل هو الفائض الأموال الدائمة على الأصول
الثابتة لتغطية أصول متداولة(قصيرة الأجل).
إن الأصل في التوازن المالي أن يؤدي إلى تجانس بين وقت
تحول الأصول إلى سيولة ووقت تسديد الديون, ولكي نحدد هذا التوازن علينا أن نوجه
هيكل كل من الأصول والخصوم أي انه من المفروض الأموال الدائمة تستعمل في تمويل
الأصول الثابتة في حين أن الخصوم المتداولة تمول الأصول المتداولة والعكس صحيح, أي أنه من
المفروض أن تمول الخصوم طويلة الأجل من جراء الاستثمار في العملية الإنتاجية,
وتسدد خصوم قصيرة الأجل عن طريق الأصول المتداولة بعد تحولها إلى سيولة في الأجل
القصير, لكن في الواقع قد يصعب تحول الأصول قصيرة الأجل إلى نقد في الوقت المناسب,
مما يستدعي تكوين رأس المال العامل الذي يمثل هامش الأمان marge de sécurité .
التعريف الثاني: رأس المال العامل هو الفائض الأصول المتداولة على ديون
قصيرة الأجل, إن هذا التعريف يعطي الطابع الديناميكي لرأس المال العامل بحيث يسمح
لنا بملاحظة الفرق بين الأصول المتداولة والديون بقصيرة الأجل في وقت معين, من هذا
يستنتج أهمية رأس المال العامل في:
-
كونه مؤشر يهدف لتجسيد التوازن المالي
-
كونه هامش أمان يحقق الملاءة(قدرة المؤسسة على التسديد)
على المدى القصير
ثانيا: حساب راس المال العامل.
يمكن حساب رأس المال العامل وفقا للطريقتين التاليتين:
رأس المال العامل= أموال دائمة – أصول ثابتة
أو
=
أصول متداولة – خصوم متداولة (ديون قصيرة الأجل)
ويمكن توضيح
ذلك عن طريق الجانب العلوي من الميزانية أو الجانب السفلي منها, كما هو موضح في
الجدول الأتي (الشكل رقم 01):
3. العوامل المؤثرة على حجم رأس مال العامل
إن هذه العوامل تدل على أن رأس المال العامل لا يكون
ثابتا بل متغير حسب نشاط المؤسسة فمنها ما يزيد حجمه، ومنها ما ينقض منه.
العوامل التي تزيد من حجم رأس المال العامل:
- زيادة الأموال الدائمة
- نقص الأصول الثابتة نتيجة
التنازل أو البيع
- زيادة الأصول المتداولة
- زيادة الخصوم المتداولة
المطلب الرابع: الاحتياج من رأس المال العامل
يعرفDEPALLENS احتياج رأس المال العامل على أنه
المقارنة بين من جهة الاحتياطات المرتبطة بالاستقلالية ومن جهة أخرى الموارد
المقابلة لها
أماVIZZAVONA يعرف على أنه النقد الذي تتوقف
عليه المؤسسة وليس الذي تحتاجه المؤسسة من أجل تغطية استحقاقاتها
في حالة ما إذا كان الاحتياج الناتج على الاستغلال أكبر
من الموارد المقابلة تأتي أهمية احتياج رأس المال العامل في تحقيق التوازن على
مستوى دورة الاستغلال.
فحساب رأس المال العامل يعطينا فكرة حول العناصر
الثابتة, ولكن تكون فكرته غامضة حول العناصر المتغيرة باستمرار.) أصول متداولة, خصوم متداولة(. من أجل هذا يكون احتياج من رأس
المال العامل عنصر مكمل لقياس رأس المال العامل بهدف تحقيق التوازن الإجمالي
ويمكن حساب الاحتياج من رأس المال العامل بالعلاقة
التالية:
احتياج رأس المال العامل= ) الأصول المتداولة ما عدا القيم
الجاهزة (-
)الخصوم المتداولة ما عدا السلفات المصرفية(.
أو
=) قيم الاستغلال+ قيم غير جاهزة( – )ديون قصيرة الأجل ما عدا السلفات المصرفية( .
v إن رأس المال
العامل يتميز بالثبات إلى حد ما في الأجل القصير, بينما احتياج رأس المال العامل
يتميز بالتغير المستمر, وللحصول على التوازن يجب أن يكون رأس المال العامل المخصص
لمواجهة احتياجات الدورية أكبر أو يساوي على الأقل من الاحتياج الأكبر لرأس المال
العامل خلال فترة من الدورة.
v إن زيادة رأس
المال العامل على احتياج رأس المال العامل تعطي التوازن, إلا أن هذه الزيادة في
فترات معينة )عندما لا تكون الحاجة إليها( تعبر عن تكلفة إضافية باهظة,
ولتفادي هذه التكلفة أو على الأقل تخفيضها نقبل برأس المال العامل يغطي متوسط
الاحتياجات.
في هذه الحالة يظهر عجز في بعض فترات الدورة أين يكون
الاحتياج من رأس المال العامل أكبر من رأس المال العامل وتستطيع المؤسسة تمويل
العجز عن طريق اللجوء إلى قروض قصيرة الأجل للمحافظة على التوازن
ثانيا: أهمية إدارة رأس مال العامل
إن تخصيص باب مستقل لتناول رأس المال العامل
يعتبر مؤشرا لأهمية هذا النوع من رأس المال بالنسبة للمنشأة. فطبقا لما تشير إليه
بعض الدراسات فان قيمة الأصول المتداولة تمثل ما يزيد عن 50% من القيمة الكلية للأصول
في العديد من الصناعات. يضاف إلى ذلك أن 60%
من وقت المدير المالي يكرس لأمور تتعلق بالأصول المتداولة والخصوم المتداولة، نظرا
لأن البحث والتفاوض مع مصادر تمويل خارجية- في ظل التقلب المستمر في أسعار الفائدة
منذ الستينات- أصبح عملية غير يسيرة. كذلك ترجع أهمية رأس المال العامل إلى أن
القرارات بشأنها لا تحتمل التأجيل، فبينما يمكن تأجيل الاستثمار في الأصول
المتداولة قد يلحق بالمنشأة اضرارا جسيمة. فتأجيل استثمار إضافي في النقدية قد
يترتب عليه نقص خطير في السيولة، كما أن تأجيل استثمار إضافي في الذمم والمخزون
السلعي قد يترتب عليه فقدان المنشأة لبعض عملائها الرئيسيين.
إن الأصول المتداولة و الخصوم المتداولة،
يتميزان عن الأصول الثابتة والخصوم طويلة الأجل بما يوفرانه للمنشأة من مرونة. مثل
هذه المرونة ينبغي أن تستغل إلى أقصى حد، لما لها من تأثير على الهدف المنشود.
فالمنشأة تستطيع إلى حد كبير التحكم في حجم الاستثمار في الأصول المتداولة ليتمشى
مع التغيرات الموسمية والدورات التجارية، بينما لا يمكنها عمل ذلك بالنسبة للأصول
الثابتة.
وإذا ما حصلت المنشأة على قرض قصير الأجل
بسعر فائدة معين ثم أخذت أسعار الفائدة في الهبوط، ثم تقوم بسداده والتعاقد على
قرض جديد بسعر فائدة منخفض. مثل هذه المرونة يصعب أن تتحقق في ظل القروض طويلة الأجل.
وتزداد أهمية رأس المال العامل بالنسبة
للمنشآت صغيرة الحجم، فنظرا للصعوبة التي تواجهها تلك المنشآت في الحصول على
احتياجاتها من التمويل طويل الأجل. فإنها تضطر إلى الاعتماد بدرجة كبيرة على مصادر
التمويل قصيرة الأجل، وهذا بدوره يضطرها إلى الاعتماد بدرجة اقل على الأصول
الثابتة في عملياتها. إذ قد تفضل هذه المنشآت شراء بعض المنتجات في صورة منتجات
نصف مصنوعة بدلا من شرائها في صورة مواد خام. وهذا بالطبع يقتضي استثمار اقل في الأصول
الثابتة ( التي تحتاج إلى مصادر طويلة الأجل لتمويلها) واستثمار اكبر في الأصول
المتداولة وعلى الأخص المخزون السلعي.
ثالثا: أنواع ونسب رأس المال
العامل
2. أنواع رأس المال العامل:
يمكن تصنيف رأس المال العامل إلى:
1/ رأس المال العامل الخاص:
هو الجزء من
رأس المال العامل الدائم المشكل من الأموال الخاصة.
إن وجود
رأس المال العامل الخاص يدل على أن كل الأصول الثابتة ممولة من الأموال الخاصة،
كما أنه يمكن من قياس مرونة المؤسسة فيما يخص المديونية ويحسب بالعلاقة التالية:
رأس المال العامل الخاص= أموال خاصة – أصول ثابتة.
الأموال الخاصة وتضم:
- أموال جماعية المساهمين
-
الاحتياطات.
-
المؤونات التي ليس لها مقابل فعلي.
-
علاوات المساهمة.
-
فارق إعادة التقدير.
أو رأس المال العامل الخاص = أصول متداولة – مجموع
الديون.
وذلك من
العلاقة التالية: الأموال الخاصة = الأصول – مجموع الديون.
الأصول الثابتة =
الخصوم – الأصول المتداولة.
فنحصل على: رأس المال العامل الخاص = أصول متداولة –
مجموع الديون.
2/ رأس المال العامل الإجمالي:
هو مجموع
الأصول المتداولة التي تتصف بالحركة والنشاط المستمرين ويحسب بالعلاقة التالية:
رأس المال
العامل الإجمالي = مجموع الأصول المتداولة.
والأصول المتداولة تضم: - قيم الاستغلال المخزونات.
-
الحقوق قيم غير جاهزة.
-
القيم الجاهزة قيم نقدية.
3/ رأس المال العامل الأجنبي:
هو مجموع الديون طويلة ومتوسطة الأجل ويقيس مدى
استقلالية المؤسسة ماليا ويمكن حسابه كما يلي:
رأس المال العامل الخارجي= مجموع الخصوم – الأموال
الخاصة – ديون قصيرة الأجل
أو
= رأس المال العامل الإجمالي – رأس
المال العامل الخاص – ديون قصيرة الأجل.
4/ رأس المال العامل الصافي الدائم:
كما
سبق وأن أشرنا إلى أن رأس المال العامل الصافي يتمثل في فائض الأموال المتداولة عن
الخصوم المتداولة أو فائض الأموال الدائمة عن الأصول الثابتة, أي أن ذلك الجزء من
الأصول المتداولة الممول عن طريق الأموال الدائمة, ولهذا التعريف أهمية كبيرة في
التحليل المالي إذ أنه يعد مقياس لقدرة المؤسسة على الوفاء بالتزاماتها قصيرة
الأجل, فكلما زادت الأصول المتداولة عن
الخصوم المتداولة كلما كان ذلك مؤشرا على زيادة مقدرة المؤسسة على الوفاء
بالتزاماتها قصيرة الأجل
رأس المال العامل الصافي=
أموال دائمة – أصول ثابتة
المطلب الثاني: نسب رأس المال العامل:
يمثل
رأس المال العامل أحد مؤشرات السيولة, وهو مرتبط بنسب تستخدم للمقارنة بين وضعية
المؤسسة بأوضاع مؤسسات أخرى ومن بين هذه النسب نذكر:
رأس المال العامل
الصافي
نسبة السداد قصير الأجل =
الديون قصيرة الأجل
كلما انخفض مقدار الديون قصيرة الأجل يزيد راس المال العامل وبالتالي تزيد
الثقة في مقدرة المؤسسة على التسديد.
رأس المال
العامل الصافي
نسبة تمويل الأصول المتداولة =
الأصول المتداولة
تسمح هذه النسبة بقياس مدى تغطية رأس المال العامل
الصافي للخسارة التي قد تنجم على المخزونات غير المباعة والحقوق غير المحصلة ,
والارتفاع المبالغ في هذه النسبة يؤدي إلى زيادة النقدية المتاحة لدى المؤسسة,
وبالتالي تفويت فرصة الربح في حالة عدم استثمارها لهذه المبالغ.
رأس المال العامل
الصافي
نسبة تغطية المخزونان =
المخزونان
تتغير هذه النسبة حسب نشاط المؤسسة وأهمية المخزون لديها ( تجارية أو
صناعية)
الأموال الدائمة
نسبة تمويل الاستثمارات=
الأصول الثابتة
الصافية
إذا كانت هذه النسبة = 1 فإن المؤسسة في أدنى
توازنها المالي
إذا كانت النسبة < 1 فإن رأس المال العامل موجب أي
أن الأصول ثابتة وجزء من الأصول المتداولة يمول على طريق الموارد الثابتة ( أموال
دائمة)
إذا كانت النسبة > 1 عجز المؤسسة على التسديد قصير
الأجل
الأموال الدائمة
نسبة
تمويل الذاتي =
الأصول الثابتة الصافية
إذا كانت هذه النسبة = 1 فإن
الأصول الثابتة مغطاة بالأموال الخاصة
إذا
كانت النسبة <
0 فهذا يعني أن الأموال الثابتة ممولة بأموال خاصة وهناك فائض في رأس المال العامل
الخاص بتمويل الأموال المتداولة إضافة إلى الديون طويلة الأجل إن وجدت
المبحث الرابع: إدارة تمويل رأس المال العامل
المطلب الأول: سياسات تمويل رأس
المال العامل:
من
المؤكد وفي ضوء اختلاف سياسات الاستثمار في راس المال العامل أن تختلف السياسات
التي تلجأ إليها الإدارة المالية لتمويل هذه الاستثمارات, وهنا يمكن أن نطرح –وفي
ضوء العرض السابق- ثلاث سياسات بديلة لتمويل الاستثمار في رأس المال العامل هي:
السياسة المثالية (المعتدلة), والسياسة المحافظة, والسياسة الجريئة.
·
السياسة
المثالية المعتدلة:
إن حدود هذه السياسة في التمويل يعني أن كل موجود داخل
المؤسسة يمول بمصدر يتلاءم وطول الحاجة إليه ويعني ذلك بضرورة مواءمة توقيت
التدفقات النقدية المتولدة من أي موجود مع توقيت استحقاق مصادر التمويل المستخدمة
في تمويله وطبقا لهذا المدخل, فإن الاستثمارات القصيرة الأجل أو التغيرات الموسمية
في رأس المال العامل ينبغي تمويلها بمصادر تمويل قصيرة الأجل.
وهي عادة ما تكون مطلوبات متداولة بينما الاستثمارات في
رأس المال العامل الدائم وكذلك الاستثمارات في الموجودات الثابتة ينبغي تمويلها
بمصادر تمويل طويلة الأجل( قروض طويلة الأجل وحقوق الملكية).
ويظهر بوضوح
أن الموجودات الثابتة ورأس المال العامل الدائم قد تم تمويلها بالكامل من خلال
مصادر تمويل طويلة الأجل سواء كانت مقترضة أو أسهم ممتازة أو حقوق الملكية. في حين
استعملت مصادر التمويل القصيرة الأجل وهي مصادر مقترضة أساسا لتمويل الاحتياجات
الاستثمارية القصيرة الأجل ممثلة برأس المال العامل المؤقت. فمن غير المنطق-من
الناحية التحليلية- أن تمول الإدارة المالية هذه الاستثمارات القصيرة الأجل
والمتقلبة أساسا بمصادر تمويل طويلة الأجل وان تم ذلك-بافتراض- فانه يعني إن تتحمل
الإدارة المالية تكاليف إضافية ممثلة بدفع فوائد باهظة الأمر الذي يترك آثارا سلبية
على مستوى ربحية الاستثمار أي ربحية المؤسسة.
ومن جانب آخر
فليس من الحكمة أن يتم تمويل الاستثمارات الدائمة أي رأس المال العامل الدائم
والموجودات الثابتة بمصادر تمويل قصيرة الأجل إذ أن هذا يعني أن تتعهد الإدارة
المالية بسداد القرض المستخدم في تمويل الاستثمارات الدائمة المطلوبات بأنواعها
بمعدل أسرع من المعدل الذي تتحول فيه هذه الموجودات إلى نقدية, انطلاقا من فكرة أن
رأس المال العامل الدائم-وبسبب طبيعته- يجب أن يتحول إلى نقدية أما الموجودات
الثابتة فإن هناك تدفقات نقدية متولدة عنها.
وبعبارة أخرى تحليل سلوك هذه السياسة التمويلية تعني أن
الزيادة المتوقعة في رأس المال العامل المؤقت هي الأساس في إيجاد مصدر التمويل
المقترض القصير الأجل أي المطلوبات المتداولة، وهذا يعني اختفاء الحاجة إلى
المطلوبات المتداولة المؤقتة.
ورغم سلامة
وصراحة هذه السياسة من ناحية تأثيرها على ربحية المؤسسة إلا أن هذه السياسة تتجاهل
مدى ميل إدارة المؤسسة لتحمل المخاطر, إذ من غير المتوقع أن تتبع المؤسسة التي
تهيمن على مقاليد الأمور فيها إدارة محافظة نفس سياسة التمويل التي تتبعها أخرى
تهيمن عليها إدارة تتسم بالمغامرة, لذا يصبح من المنطقي إدخال متغير جديد في قرار
تمويل رأس المال العامل وهو مدى استعداد إدارة المنشأة لتحمل المخاطر، وهذا
المتغير سوف يقودنا إلى فحص السياسات الأخرى.
·
السياسة المحافظة:
تشير هذه السياسة إلى أن الاستثمار في
الموجودات الثابتة ورأس المال العامل المؤقت يتم تمويله بمصادر تمويل طويلة الأجل
سواء كانت مقترضة أو أسهم ممتازة أو حقوق ملكية, في حين يتم تمويل الجزء الباقي من
رأس المال العامل المؤقت بمصادر تمويل قصيرة الأجل.
والملاحظ أن
الموجودات الدائمة والتي تنمو عبر الزمن سوف يتم تمويلها كليا بمصادر تمويل طويلة
الأجل مع استخدامه أيضا لتمويل جزء من الموجودات المتداولة المؤقتة, ولهذا فإن هذه
السياسة تعتبر محافظةConservative لأن الإدارة المالية تسعى على
تمويل جزء من الموجودات المتداولة المؤقتة بمصادر تمويل جزء من الموجودات
المتداولة المؤقتة بمصادر تمويل قصيرة الأجل, وهذا التصرف يعني انخفاض حجم
الالتزامات المستحقة على المؤسسة مما يعني تعزيز لسيولة المؤسسة.
ويساعد هذا النمط التمويلي أيضا في الحصول على
مصادر التمويل طويلة الأجل في الأوقات المناسبة عندما تنخفض تكلفتها, ومن جانب آخر
فإن الاعتماد على مصدر التمويل الطويل الأجل واستخدام جزء منه في تمويل رأس المال
العامل المؤقت الذي يتطلب زيادة أو نقصانا, فإن ذلك يعني أن هناك فائضا منه يتولد
عبر الزمن, بما لا يزيد عن حاجة المؤسسة، مما يدفع الإدارة المالية إلى توظيف مؤقت في الاستثمارات
القابلة للتسويق, وعندما ترتفع الحاجة إلى الأموال بسبب التوسع الموسمي في رأس
المال العامل المؤقت, فإن الإدارة المالية تبيع الاستثمارات القابلة للتسويق,
وتحصل على التمويل المضاف المطلوب من المصادر قصيرة الأجل.
وعموما فإن درجة المخاطرة في هذه السياسة سوف تكون بحدودها
الدنيا إلا أن ربحية المؤسسة سوف تكون أيضا منخفضة بسبب الارتفاع في تكاليف القروض
الطويلة الأجل.
·
السياسة الجريئة:
بموجب هذه السياسة فإن كل رأس المال العامل المؤقت وجزء
من رأس المال العامل الدائم سوف يتم تمويله بتمويل قصير الأجل مطلوبات متداولة.
في حين يتم تمويل المتبقي من رأس المال العامل الدائم
وكل الموجودات الثابتة بمصادر تمويل طويلة الأجل القروض والأسهم الممتازة وحقوق
الملكية.
إن النتائج المترتبة على اختيار مصدر التمويل القصير
الأجل في تمويل كل رأس المال العامل المؤقت وجزء من رأس المال العامل الدائم, سوف
تبرز من خلال التأثير المباشر على ربحية المؤسسة، حيث أن مميزات هذا المصدر أنه ذو
تكلفة منخفضة ممثلة بالفائدة, لذلك فإن التكلفة التي تتحملها المؤسسة في التمويل
سوف تكون منخفضة إلى أبعد حد مما يزيد من مستوى ربحية الاستثمار.
وبالمقابل تسبب هذه السياسة تزايد حدة المخاطر التي
تتعرض لها إدارة المؤسسة بسبب ارتفاع حجم القروض القصيرة الأجل مما يزيد من حالات العسر المالي.
2. المقارنة بين السياسات الثلاثة:
أشرنا سابقا إلى اختلاف ميل الإدارة نحو تحمل المخاطر,
فهناك مؤسسات تهيمن على مقاليد الأمور فيها إدارة محافظة, وأخرى تتمتع بالجرأة,
وثالثة تتعلق بالاعتدال, ومن المؤكد أن هذه الفلسفة الإدارية سوف تنعكس على تصرف
الإدارة المالية داخل المؤسسة عند اختيارها لسياسة تمويل رأس المال العامل.
وحتى نعزز ملاحظاتنا حول الآثار التي تتركها كل سياسة من
السياسات الثلاثة لتمويل الاستثمار في رأس المال العامل. نطرح التحليل الآتي
لمؤسسة أعمال مفترضة, تمتلك موجودات قيمتها20 ألف دينار موزعة مناصفة بين
الموجودات الثابتة والموجودات المتداولة. ولنفرض أن هذا المقدار من الموجودات وهذا
التوزيع يبقى مستقرا وثابتا في ظل السياسات الثلاثة.
ولنفرض أيضا أن أسعار الفائدة في السوق على القروض
القصيرة الأجل تبلغ 2% والقروض الطويلة الأجل تبلغ 12% من خلال المثال البسيط
نستطيع أن نقدم التحليل الآتي الذي يصور تأثير كل سياسة من السياسات المطروحة على
درجة المخاطرة ومستوى الربحية من خلال بعض المؤشرات المالية نحصرها بنسبة التداول
ومقدار صافي رأس المال العامل والقابلية الإرادية لحقوق الملكية أي معدل العائد
على حقوق الملكية.
والتحليل الآتي يصور النتائج التالية بافتراض أن معدل
القابلية الإرادية للمؤسسة أي ربحية الاستثمار تبلغ 20%.
جدول رقم 1:
الفترات
|
المحافظة
|
المعتدلة
|
الجريئة
|
الموجودات المتداولة
الموجودات الثابتة
|
10000
10000
|
10000
10000
|
10000
10000
|
مجموع الموجودات
|
20000
|
20000
|
20000
|
قروض قصيرة الأجل بفائدة 2%
قروض طويلة الأجل بفائدة 12%
حقوق الملكية
|
----
10000
5000
|
5000
10000
5000
|
10000
5000
5000
|
مجموع المطلوبات
|
20000
|
20000
|
20000
|
العائد والمصروفات:
العائد قبل الفائدة والضريبة
|
5000
|
5000
|
5000
|
فائدة القروض القصيرة الأجل --- 300 200
فائدة القرض الطويلة الأجل
1700
1200 200
صافي العائد بعد الفائدة 3200
3500
3800
-
الضريبة40% (1270) (1400) (1520)
صافي العائد بعد الفائدة
والضريبة 1920
2100 2280
بعض المؤشرات المالية:
نسبة التداول 2/1 1/1
صافي رأس المال العامل
10000 5000 صفر
معدل العائد على الحقوق الملكية
38.4% -42% 45.6%
من تحليل الكشف أعلاه يظهر بوضوح تأثير التشكيلية من
مصادر التمويل المقترضة القصيرة الأجل والطويلة الأجل على صافي العائد بعد
الفائدة, حيث بلغ (3200) دينار في السياسة المحافظة و(3500) و(3800) دينار في
السياسة المعتدلة والجريئة على التوالي.
وقد نشأ هذا الاختلاف بسبب الاختلاف في الاعتماد على
مصادر التمويل المقترضة القصيرة الأجل. ويعزز ذلك الاختلاف أيضا اختلاف أسعار
الفائدة.
إن تأثير سياسة التمويل يتعزز ظهورها أكثر من خلال بعض
المؤشرات المالية التي أشرنا إليها مثل:
مؤشر(نسبة) التداول, ومؤشر(نسبة) صافي رأس المال العامل,
ومؤشر(معدل) العائد على الحقوق الملكية, حيث يمكن من خلال المقارنة بين نتائج
المؤشرات التي توصلنا إليها بيان اثر كل سياسة من السياسات التي تم عرضها على كل
من المخاطرة والعائد.
الخلاصة :
تنصرف إدارة رأس المال العامل على إدارة الاستثمار في
الأصول المتداولة وإدارة استخدام الخصوم المتداولة كأداة رئيسية لتمويل تلك
الأصول. وتعتبر الكفاءة في إدارة راس المال العامل عنصرا حاكما يحدد بقاء المؤسسة
واستمرارها في ميدان الأعمال. فعلى جانب الأصول نجد أنه بينما يمكن تأجيل
الاستثمار في الأصول الثابتة , فإن تأجيل الاستثمار في بعض عناصر الأصول المتداولة
قد يكون له أثارا خطيرة على السيولة, الأمر الذي قد يؤدي إلى خروج المؤسسة من
السوق. وفيما يتعلق بالخصوم نجد أنه بينما يتاح للمؤسسة متسع من الوقت لتدبير
الأموال اللازمة لسداد الالتزامات طويلة الأجل, الأمر الذي قد يصعب معه تدبير
الأموال اللازمة لسدادها, وهو ما قد يؤدي أيضا إلى خروج المؤسسة من السوق.
هذا ويتحدد الحجم الأمثل للاستثمار في الأصول المتداولة
عند النقطة التي تساوي عندها تكلفة الاحتفاظ باستثمار إضافي من هذه الأصول , مع
الأرباح التي يمكن أن تحققها المؤسسة من وراء ذلك الاستثمار الإضافي, أما
الاستثمار الفعلي في تلك الأصول فقد يكون أقل أو أكثر من الحجم الأمثل تبعا لمدى
ميل الإدارة لتحمل المخاطر. أما بالنسبة لمدى اعتماد المؤسسة على الخصوم المتداولة
في تمويل الأصول المتداولة فإنه يتوقف على مدى ميل الإدارة الإدارة لتحمل المخاطر,
كما يتوقف على هيكل الأصول المتداولة ذاتها.
قائمة المراجع
1.
د.
منير إبراهيم هندي, الإدارة المالية مدخل معاصر 1999
2.
حمزة الشمخي , إبراهيم الجد راوي, الإدارة المالية
الحديثة، دار الصفاء للطباعة والنشر والتوزيع, عمان- الأردن 1198
3.
حسين عطاء غنيم,
دراسات في التمويل، المكتبة الأكاديمية 2005
4.
محمد
سراي, التحليل المالي وترشيد تسيير المؤسسات الصناعية , مذكرة
ماجستير علوم اقتصادية، معهد العلوم
الاقتصادية, جامعة فرحات عباس سطيف 1997.
1.
Jean – Morie Gagnon, nabil khaury, traite
de gestion financière, gretau marin 1981 .
2.
P-
Conson, la gestion financière de l’entreprise, tome1,
dunoud 1979
3.
O. Boukhazer, equilibere financière, o p u, alger,1983.
4.
R.Larant, P- Conson, fonds de routement et politique
financière,Dunond 1982.
5.
O. Boukhazer, P- Conson, gestion financière, O P
U , Dunond Paris 1984.
6.
G de Pallent, la gestion
financière de l’entreprise , 6 emeedition, sire y,1977.
7.
Vizzavona, Pratique de
gestion,analyse prévisionnelle,Berti edution, tome 2, Alger 1991.