28‏/01‏/2013

هديه في الأمانة باختيار القائد أو الأمير



بسم الله الرحمن الرحيم
السيرة - هدي النبي صلى الله عليه وسلم
هديه في الأمانة باختيار القائد أو الأمير .
الحمد لله رب العالمين، و الصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
الأمانة من أخطر الموضوعات في الدين :
عن أبي ذر رضي الله عنه قال, قلت:
  (( يا رسول الله , ألا تستعملني؟ معنى الاستعمال هنا أن يجعله عاملاً, والياً, حاكماً, موظفا كبيراً, رجل مسؤولية-, قال: فضرب بيده على منكبي -تحبباً, وترفقاً, وتلطفًا- ثم قال: يا أبا ذر, إنك ضعيف - أي القيادة تحتاج إلى خصائص- وإنها أمانة, وإنها يوم القيامة خزي وندامة, إلا من أخذها بحقها, وأدى الذي عليه فيها)) [أخرجه مسلم في الصحيح وأبو داود والنسائي في سننهما عن أبي ذر] .
    هذا حديث دقيق بمعنى أن الذي يتولى أمر عشرة عليه مسؤوليات جسام؛ عليه أن يكون قوي الشخصية, عليه أن يكون جازماً, عليه أن يكون ذا بصيرة, عليه أن يؤدي هذه الأمانة, لأن كل شيء الآن, كل شيء الله عز وجل أناطه إليك, سيحاسبك عنه, أنت مخير, وُضعت تحت يدك هذه الأمانة؛ طلاب الصف أمانة في عنق الأستاذ, المريض أمانة في عنق الطبيب, الموكل أمانة في عنق المحامي, البناء أمانة في عنق المهندس, هذا الذي يقف أمامك يشتري أمانة في عنقك, هل بعته سلعة جيدة بسعر معقول أم غششته أم أخذت من ماله أكثر مما أعطيته؟
قضية الأمانة أيها الأخوة من أخطر الموضوعات في الدين:
﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا﴾ [سورة النساء الآية:58]
   الأمانات ؛ ابنك أمانة, زوجتك أمانة, جسمك أمانة بين يديك, الإنسان حياته فيما يتوهم ملكه هي ملك المسلمين, ملك أسرته, ملك أولاده, إذا دخن مثلاً ضيع الأمانة, أتلف قلبه, أتلف أوعيته, أتلف جسده, فأي شيء ملَّكته ولم تُحسن التصرف به سوف تحاسب عليه, هذه الأمانة التي أرادها أبو ذر أمانة كبرى, أمانة الولاية, هناك أمانات أصغر, التي أكبر منها أمانة الرسالة, النبي عليه الصلاة والسلام بلغ الرسالة, وأدى الأمانة, هناك أمانة التبليغ أمانة العلماء, و أمانة الواجب, كل إنسان له اختصاص عمل, و أمانة المجالس, و أمانة الأسرة, و أمانة العمل.
أكبر أمانة يحملها الإنسان هي نفسه التي بين جنبيه :

على كلٍّ؛ موضوع الأمانة هي أخطر ما يتمتع به الإنسان, أكبر أمانة هي نفسه التي بين جنبيه:
﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا*وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا﴾  [سورة الشمس الآية:9-10]
الأمانة بالمعنى البسيط أنا أودعت عند إنسان مبلغاً, ثم أداه لي بالتمام والكمال, هذا معنى  ضيق جداً للأمانة, لو فهمنا الأمانة بالمعنى الواسع لكنا في حال غير هذه الحال.
((...يا أبا ذر, إنك ضعيف، وإنها أمانة, وإنها يوم القيامة خزي وندامة, إلا من أخذها بحقها, وأدى الذي عليه فيها))
كل شيء يأتي من قلب كبير بأسلوب لطيف و بعبارة رقيقة يُقبل :
  هناك شيء بالسنة دقيق, هناك معلومات جاء بها النبي, أعطانا إياها في السنة هي حقائق.
   هذه الحقائق كيف أداها لنا النبي؟ ما الطريق لها؟ الطريق منهج النبي في الدعوة, هذا الشيء مستقل , لن تجد هذا إلا في ثنايا الأحاديث.
   مثلاً هناك رواية أخرى: عن أبي ذر رضي الله تعالى عنه, أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
 (( يا أبا ذر إني أراك ضعيفاً وإني أحب لك ما أحب لنفسي)) [ مسلم عن أبي ذر]
 هذا تلطف, ترفق, هذا من قوله تعالى: ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً﴾ [سورة البقرة الآية:83]
 أنت ممكن أن ترفض بأسلوب أديب, بأسلوب لطيف, بأسلوب فيه جبر خاطر, بأسلوب فيه  نعومة:
(( يا أبا ذر إني أراك ضعيفا وإني أحب لك ما أحب لنفسي لا تأمرن على اثنين ولا تولين مال يتيم ))
نصيحة, فكل شيء يأتي من قلب كبير, بأسلوب لطيف, بعبارة رقيقة, يُقبل.
 أحياناً موظف, يأتي مواطن يقدم استدعاء, يطلب شيئاً, لا يوجد, ممنوع, بغلظة, بجفوة, نفس الجواب ينتقل بشكل آخر, يقول له: هناك مادة لا تسمح لي أن أوافق لك, أرجو الله أن يكرمك في موطن آخر, هذا غير مقبول, الفكرة نفسها أديتها بشكل أخرق.
قال له:(( يا أبا ذر إني أراك ضعيفاً وإني أحب لك ما أحب لنفسي لا تأمرن على اثنين ولا تولين مال يتيم ))
بطولة الإنسان أن تنبع إمكاناته من ذاته لا من الآخرين :
وهناك حديث آخر مطلق يقول عليه الصلاة والسلام: ((إنكم ستحرصون على الإمارة, وستكون ندامة يوم القيامة, فنعمت المرضعة, وبئست الفاطمة)) [أخرجه البخاري في الصحيح والنسائي في سننه عن أبي هريرة]
الإنسان إذا ألف أن يكون أميراً على عشرة أشخاص, شيء مغر جداً, الذي يحدث الكل يعظمونه, يمجدونه على غير استحقاق, يحيطونه بهالة من التعظيم, شيء مريح, أما حينما تُنزع منه هذه المهمة فيتمزق.
((....فنعمت المرضعة, وبئست الفاطمة))
فالإنسان سهل عليه أن يأخذ شيئاً, أما الحرمان منه فصعب جداً.
من الأدعية المأثورة: "اللهم إنا نعوذ بك من السلب بعد العطاء, ومن عضال الداء, ومن شماتة الأعداء".
فالنبي عليه الصلاة والسلام بين هذه الحقيقة, قال: ((نعمت المرضعة))
الأخذ سهل, أما السلب فصعب جداً, لذلك أحياناً الإنسان يختل توازنه.
أعرف رجلاً مدير مدرسة ابتدائية, ما هذا المنصب؟ شيء كله متاعب, فلما أحيل على التقاعد اختل توازنه النفسي, وصار يحتاج إلى طبيب نفسي.
 فالإنسان حينما يتوعد يعطي أمراً, يتلقى تعظيماً, هذا منزلق خطير, هذا المنزلق يصبح يتعلق بالوظيفة تعلقاً جنونياً, وكأنه تعود على أن يجلس في مكان ويعطي أمراً؛ لذلك أصعب الأشخاص الذي يكون له رتبة معينة, ثم يحال على التقاعد, يفقد كل شيء في يوم واحد؛ فقد الاحترام, فقد التعظيم, فقد التبجيل.
   هناك نقطة دقيقة أن بطولة الإنسان أن تنبع إمكاناته من ذاته لا من الآخرين, إذا نبعت من ذاته هذه معه دائماً, لا يتأثر, لا يجعل بطولته تأتيه من الخارج؛ من سيارة, من منصب, من عمل, يجعل بطولته أخلاقية من الداخل أينما ذهب.
   أي هناك إنسان يملأ من حوله سعادة, وهناك إنسان لذائذه تأتيه من آلة, من مركبة, من منصب, من مكانة, من رتبة؛ فكلما حرصت على أن تنبع السعادة من الذات فهذه ملكك, لا يستطيع أحد أن يأخذها منك, أما إذا حرصت على لذائذ تأتيك من الخارج, فأنت عبد لها, حينما تُنزع منك, هذه الطامة الكبرى حينما تنزع منك.
للمنصب وجهان؛ وجه نفعي ووجه أخلاقي :
  الحديث الأخير: عن عبد الرحمن بن سمرة رضي الله عنه قال, قال عليه الصلاة والسلام:
((يا عبد الرحمن لا تسأل الإمارة فإنك إن أعطيتها من غير مسالة أعنت عليها, وإن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها)) [البخاري عن عبد الله بن سمرة]
   شخص يتولى مدير مدرسة ابتدائية, له غرفة خاصة, طاولة, هاتف, أمامه المعلمون, فإذا أرادها بهذه الميزات, معنى هذا أن هذا الإنسان يحب الدنيا, يركن إلى نفسه فلا ينجح, أما إن أرادها لخدمة الطلاب, ولتحقيق رسالة, اختلف الأمر فأعانه الله عليها, للمنصب وجهان؛ وجه نفعي, ووجه أخلاقي, الوجه النفعي أن تنتفع بهذه الميزات, وأن تتمتع بهذا التعظيم, النفع الآخر الأخلاقي هو أن تحقق رسالة بهذا المنصب, فالقوة أساسية لتحقيق أي شيء.
 ((....فإنك إن أعطيتها من غير مسالة أعنت عليها, وإن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها))
 لذلك ورد أن طالب الولاية لا يُولَّى, ما دام قد طلبها فقد أرادها لذاتها, أما إن لم يطلبها فأرادها لغيرها.
لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي- تاريخ 13-07-1998م
والحمد لله رب العالمين

27‏/01‏/2013

هديه في حسن الظن بالله


بسم الله الرحمن الرحيم
السيرة هدي النبي صلى الله عليه وسلم
هديه في حسن الظن بالله.
الحمد لله رب العالمين، و الصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
حسن الظن بالله ثمن الجنة :
    أيها الأخوة الكرام: حسن الظن بالله ثمن الجنة, الإنسان ينبغي أن يؤمن بالله, لكن الذي ينبغي أن يفعله أيضاً أن يحسن الظن بالله, فكم من مؤمن بالله, مؤمن بوجوده, لا يحسن الظن به, مؤمن بوجوده, ليس مؤمناً بأسمائه الحسنى, وصفاته الفضلى.
أحياناً الإنسان يجد شخصاً أمامه, يسأل عن اسمه, لا يكتفي بأن يأخذ اسمه, لا بد من أن يعرف حرفته, ثقافته, اختصاصه, أخلاقه.
من لوازم معرفة الرجل أن تعرف أخلاقه, وأن تعرف اختصاصه, وأن تعرف ثقافته, فلذلك الإنسان مطالب أن يعرف الله عز وجل بأسمائه الحسنى, وصفاته الفضلى.
فهناك كلمات يطلقها العامة, هذه الكلمات تدل على جهلهم بالله عز وجل, يقول لك أحدهم: إن الله خلق الناس ليعذبهم, يقول لك: سبحان الله! لا يوجد أحد مرتاحاً؛ الله عز وجل خلق الناس ليرحمهم, خلق الناس ليسعدهم, خلقهم لجنة عرضها السموات والأرض, فالإنسان إذا فهم بعض المعاني التي لا تليق بالله عز وجل يكون قد أساء الظن به, وحسن الظن بالله ثمن الجنة, ثمن دخولك الجنة أن تحسن الظن بالله عز وجل:
﴿يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ﴾ [سورة آل عمران الآية:154]
الإيمان بكمال الله و وجود الله و وحدانية الله :
   الذي يظن أن الله أجبره على المعصية, ثم قدر عليه النار إلى أبد الآبدين, هذا الإنسان يسيء الظن بالله عز وجل, إذا تكلم هذا الكلام أبعد الخلق عن ربهم, نفرهم منه, أعطى صورة لا تليق بالله عز وجل, أنه خلقهم وقدّر عليه المعصية والكفر, ثم أدخله النار إلى أبد الآبدين:
ألقاه في اليم مكتوفاً وقال له            إياك إياك أن تبتل بالماء
***
هؤلاء الجبريون وما أكثرهم قد تستمع إلى آلاف الكلمات من قبل المسلمين بمعنى الجبر أن الله عز وجل أجبر الناس على أفعالهم, مع أن الله عز وجل يقول:
﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ [سورة الأعراف الآية:28]
ويقول :
﴿سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آَبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ﴾ [سورة الأنعام الآية:148]
الإنسان إذا آمن أن لهذا الكون خالقاً, ليس هذا هو الإيمان المنجي, لا بد من أن تؤمن بوجود الله, ولا بد من أن تؤمن بكمال الله, ولا بد من أن تؤمن بوحدانية الله, أي الأسماء الحسنى يمكن أن تضغط إلى ثلاث كلمات؛ موجود, واحد, كامل.
على الإنسان ألا يسيء الظن بالله عز وجل :
    في درس الجمعة ذكرت أن الإنسان يتقي أسماء الجلال بأسماء الجمال, أسماء الجلال؛ الله عز وجل مهيمن, والله عز وجل قهار, الله عز وجل جبار, منتقم, هذه أسماء الجلال.
والإنسان أحياناً حينما يرى ظالماً استشرى ظلمه, ثم ينتقم الله منه, يشعر براحة ما بعدها راحة, هذا الانتقام هو عين الكمال.
فالإنسان لماذا يستقيم على أمر الله؟ يتقي أسماء الجلال, ويرجو أسماء الجمال؛ الله رحيم, الله عز وجل لطيف, الله حكيم, قريب، سميع، مجيب, هذه أسماء الجمال, فلا ملجأ من الله إلا إليه, نفر منه إليه, نتقي أسماء جلاله, ونرجو أسماء جماله.
فالحديث الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه, عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يقول الله عز وجل:
(( أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي...))  [متفق عليه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ]
لذلك نحن بعلاقاتنا الاجتماعية نسمع قصصاً كثيرة جداً, المشكلة أن معظم هذه القصص نستمع إلى آخر فصل فيها, فلان مثلاً انتحر, فلان فلس, فلان مرض, فلان صار معه حادث, آلاف القصص نستمع إلى الفصل الأخير, والفصل الأخير يدعو إلى التساؤل, يدعو إلى الحيرة, يدعو إلى الاستفهام, أما لو أتيح لنا أن نعرف هذه القصص من أول فصل فيها حتى آخر فصل, لوجدنا حكمة ما بعدها حكمة, ورحمة ما بعدها رحمة, وعدلاً ما بعده عدل.
فالإنسان لئلا يسيء الظن بالله, ولئلا يحمل الناس على أن يسيئوا الظن بالله, لا ينبغي أن يذكر قصة لا يعرف فصلها الأول والأخير, إن عرف فصلها الأول والأخير يعرف أن حكمة الله مطلقة, وعدله مطلق.
المصائب التي يسوقها الله للخلق هي مصائب تربية وعلاج وليست مصائب قسوة وانتقام:
    العبرة أنه عليك ألا تكون سبباً ليسيء إنسان الظن بالله عز وجل, بيّن له حكمة كل شيء, بيّن له حكمة الأوامر, بيّن له علة الخلق, بيّن له أن هذه المصائب التي يسوقها الله عز وجل للخلق إنما هي مصائب تربية وعلاج وليست مصائب قسوة وانتقام:
(( أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي...)) [متفق عليه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ]
وعن جابر رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم قبل موته بثلاثة أيام يقول:
((لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بربه)) [مسلم عن جابر]
    لذلك الناس هناك مقرِّب وهناك مبعد, هناك منفر وهناك محبب، فإذا رويت قصة دون أن تعرف فصولها, ربما تركت انطباعاً عند هذا الإنسان, أن  الله عز وجل قسا عليك, والله عز وجل على أنه مستقيم حرمه الدنيا, وفلان على أنه فاجر أعطاه الدنيا, فهذا كله يحتاج إلى تعليم, وإلى تدريس.
الطريق الآمن أن تعرف الله من خلال خلقه :
     لذلك الإنسان إذا بدأ بمعرفة الله من خلال خلقه أأمن وأسلم له من أن يتعرف إلى الله من خلال أفعاله, اجعل معرفة الله من خلال أفعاله, في المرحلة الثالثة اعرف الله من قرآنه, من كلامه, اعرف الله من خلقه, إن عرفت الله من خلقه, ومن كلامه, يمكنك أن تعرف الله من أفعاله, عندك الإمكانية أن تفسر أفعاله, أما أن تبدأ بأفعاله فقد تجد مجاعات, قد تجد شعوباً مقهورة, وشعوباً ظالمة, قد تجد مصائب كبيرة جداً؛ من زلازل, من فيضانات, من براكين, من إتلاف محاصيل.
هناك قصص من دون تعليل كثيرة جداً, هذه إن رويتها دون أن تعللها تكون قد أسأت الظن بالله عز وجل.
العبرة أن يمشي الإنسان في الطريق الآمن, تفكروا في مخلوقات الله ولا تفكروا في ذاته فتهلكوا, تمشي في الطريق الآمن, أن تعرف الله من خلال خلقه:
﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ *الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾  [سورة آل عمران الآية:190-191]
الطريق الثاني:
﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾  [سورة محمد الآية:24]
من عرف الله عليه تنفيذ أمره :
   الآن بعد أن عرفت الله من خلال خلقه, ورأيت الكمال المطلق, ورأيت الإعجاز, ورأيت الحكمة, ومن خلال قرآنه, ورأيت حكمة هذا القرآن, لك أن تنفذ أمره تعالى:
﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ﴾ [سورة الأنعام الآية:11]
أذكر مرة زرت قريباً لي في العيد, فحدثني عن شخص تزوج على كبر زوجة ثانية, وأحبها حباً جماً, واستجاب لرغبتها, فتنازل لها عن بناء يملكه في المهاجرين, بناء من ثلاثة طوابق, بعد أن تنازل لها عن هذا البناء, هي تحب غيره, طردته من البيت, وتزوجت من الذي تحبه.
قال لي: مصيبة أن الإنسان فجأة فقد كل شيء - قصة لا أذكر تفصيلاتها- قلت له: هذه القصة لا بد لها من فصل لا تعرفه أنت, قال لي: كيف؟ قلت له: هكذا بهذه البساطة إنسان في سن متقدمة, له مكانة اجتماعية, امرأة بسيطة, صغيرة, تضحك عليه, وتجعله خارج المنزل!! ثم انتبه فجأة, قال لي: والله الآن تذكرت, هذا ورث ورثاً كبيراً من والده, و له خمس أخوات, هو أحدهم, فأخذ المال كله وحده, فكان هذا الفصل الأخير عقاباً عادلاً من الله عز وجل على اغتصاب أموال أخواته.
الآن مثلاً أحياناً تقع جريمة ليست جريمة إذا المجرم لم يلق القبض عليه يصير هناك قلق, أما حينما تقرأ عن جريمة عن عمل عملاً سيئاً ثم ألقي القبض عليه, وسيق للمحاكمة, تجد عدالة, وهذا شيء مريح.
على الإنسان ألا يحمل فكرة غير صحيحة عن الله عز وجل :
    العبرة أن الإنسان لا يحمل فكرة غير صحيحة عن الله عز وجل, لا يتحدث حديثاً يكون سبب تنفير الناس من الله عز وجل, أو سبب بعدهم عنه, وهناك قصص كثيرة, و تفسيرات.
أي:
(( إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع ثم يدركه ما سبق له في الكتاب فيعمل بعمل أهل النار)) [رواه البخاري ومسلم عن عبد الله بن مسعود ]
الحديث من دون تفسير صعب جداً؛ هذا يحتاج إلى تفسير, هذا ليس من أهل الجنة, إنه يعمل بعمل أهل الجنة, هذا منافق, هو يعيش في مجتمع مسلم من أجل تحقيق مصالحه فعل هذا العمل.
الناس يفهمونه فهماً آخر: أن الله عز وجل يجعل الشخص يطيعه كل حياته, ثم يزحلقه زحلقة فيضعه في النار, هذا مستحيل:
﴿وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ﴾ [سورة سبأ الآية:17]
﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا﴾ [سورة فصلت الآية:46]
﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ* وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ﴾ [سورة الزلزلة الآية:7-8]
﴿وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ﴾ [سورة الأنبياء الآية:47]
آيات كثيرة جداً تدل على حكمة الله المطلقة, وعلى عدله المطلق, ورحمته المطلقة.
على الإنسان الابتعاد عن الكلام الذي لا يعرف مؤداه :
أنا قصدي من هذا الدرس محور واحد أن الإنسان لا يتكلم كلاماً يعطي الآخرين انطباعاً أن الله ليس حكيماً, ليس عادلاً, خلقنا ليتعبنا, خلقنا ليعذبنا, القضاء والقدر منته, أي الله عز وجل قدّر على الكفار الكفر, وقدّر عليهم المعاصي, وقدّر عليهم دخول النار إلى أبد الآبدين, من دون اختيار منهم. الله عز وجل قال:
﴿لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ﴾ [سورة البقرة الآية:286]
﴿إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً﴾ [سورة الإنسان الآية:3]
﴿سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آَبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ﴾ [سورة الأنعام الآية:148]
فأنا قصدي إياك أن تقول كلمة لا تعلم مؤداها.
علامة المؤمن أنه يسأل :
    القرآن الكريم ذكر المعاصي في القرآن بشكل تصاعدي؛ ذكر الفحشاء والمنكر, والإثم والعدوان, والشرك والكفر, أما أعلى معصية جاءت في قمة هذه المعاصي, فهي:
﴿وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾[سورة الأعراف الآية:33]
قال:
﴿فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً﴾ [سورة الفرقان الآية:59]
وقال:
﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [سورة النحل الآية:43]
أهل الذكر؛ في أي موضوع بالدنيا اسأل أهل الذكر, الذي يذكرون الحقيقة, أما في أمور معرفة الله, فقال:
﴿فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً﴾[سورة الفرقان الآية:59]
أما أن تقول بما لا تعلم, أن تحدث بما لا تعرف, فهذا ينطبق عليه قول النبي عليه الصلاة والسلام فيما يرويه عن ربه:
(( أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي...))  [متفق عليه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ]
و:
 ((لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بربه))  [مسلم عن جابر]

لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي- تاريخ 12-07-1998م

والحمد لله رب العالمين

توقيت مكة المكرمة: هل هو حقيقة علمية؟

هناك العديد من الفرضيات المزعومة حول مكة المكرمة، ومنها ما هو خطأ علمي، ومنها ما هو مجرد فرضيات تحتاج إلى برهان ودليل، لنقرأ....

 إنها أم القرى وأفضل بقاع الأرض وأشرفها عند الله... فيها أول بيت وُضع للناس، وفيها وُلد خير البشر صلى الله عليه وسلم، وإليها تتوجه قلوب المسلمين وعقولهم ووجوههم... إنها مكة المكرمة التي اختارها الله لتكون قبلة المؤمنين وملاذ المشتاقين وأمان الخائفين.

وبما أنني مسلم فإنني أتلهف لأي معجزة تتعلق بهذا المكان المقدس، وبخاصة إذا تعلق الأمر بمركزية هذا البيت العتيق، وأن مكة تتوسط اليابسة وأن توقيتها أدق من غيرها، لأنه لا يوجد فيها أي انحراف مغنطيسي... ولكن المشكلة أن لغة الحقائق العلمية تختلف عن لغة العواطف.
فالملحد يتربص بأي معجزة يتم نشرها ويبدأ بمهاجمتها على الفور، ولذلك نحرص كل الحرص على أن تكون المعلومة التي نبثها تمثل حقيقة علمية، وليس مجرد محاولة أو نظرية أو فرضية. مع العلم أننا نستأنس بالمحاولات والفرضيات إذا كانت تتفق تماماً مع ما جاء في كتاب الله وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام.
هل ينطبق الشمال المغنطيسي لمكة على الشمال الجغرافي؟
يقول بعض علمائنا "وللأسف" إن منطقة مكة المكرمة لا يوجد فيها أي انحراف مغنطيسي، أي أن الشمال المغنطيسي ينطبق على الشمال الجغرافي، ولذلك فإن مكة يجب أن تكون هي مركز التوقيت العالمي بدلاً من غرينتش؟!
وسبحان الله، كيف يصدر مثل هذا الكلام عن علماء متخصصين في العالم الإسلامي دون دراسة أو بحث علمي، إن الشمال المغنطيسي يتغير من سنة لأخرى، ومن مكان لآخر، وهناك مناطق كثيرة في العالم لا يوجد فيها انحراف مغنطيسي! ولذلك فإن القول بأن الشمال الحقيقي ينطبق على الشمال المغنطيسي لمكة المكرمة هو خطأ علمي واضح. وأقول: ما هي علاقة التوقيت بالانحراف المغنطيسي لمدينة ما، فأي مدينة على وجه الأرض تصلح لاعتبارها مرجعاً للتوقيت وتبقى المسألة نسبية.
 
الانحراف المغنطيسي لأي بقعة على الأرض هو الفرق بين الشمال الحقيقي أو محور دوران الأرض وبين الشمال المغنطيسي حيث تتوجه الإبرة المغنطيسية (البوصلة). ويتغير هذا الانحراف ببطء بمرور الوقت، ولذلك نجد أن الخرائط الجغرافية التي تحدد خطوط الانحراف المغنطيسي يتم إرفاقها بالتاريخ الذي رُسمت فيه هذه الخريطة، لأن الخطوط تتغير من سنة لأخرى بسبب الحركة المعقدة لنواة الأرض الحديدية.
 
خريطة المجال المغنطيسي للأرض وذلك لعام 1995، فهذه الخريطة تختلف من عام لآخر، ونلاحظ أن منطقة مكة المكرمة يوجد فها انحراف مغنطيسي أكثر من درجتين، وهناك مناطق كثيرة في أفريقيا والهند وأمريكا وأوربا، يكون الانحراف المغنطيسي لها صفر، وهذا الانحراف يتغير من سنة لأخرى. وهذه الخريطة العالمية تكفي لدحض المزاعم التي تقول بأن مكة لا يوجد بها انحراف مغنطيسي.
ولذلك فإن الشمال المغنطيسي لمكة المكرمة لا ينطبق على الشمال الجغرافي، ولو بحثنا عن الدليل العلمي على ذلك نذهب لأحد المواقع العلمية المتخصصة بإعطاء الانحراف المغنطيسي لأي مكان في العالم، وعند البحث عن الانحراف المغنطيسي لمكة المكرمة عام 2008 مثلاً نجد النتائج الآتية في الصورة:

هذه صورة نتيجة البحث في أحد الواقع العلمية عن الانحراف المغنطيسي لمدينة مكة المكرمة، يمكن الحصول على هذه النتيجة بإدخال خط الطول وهو أقل من 40 درجة بقليل (39 درجة و58 دقيقة و 25.5 ثانية)، وخط العرض وهو 21 درجة و 33 دقيقة و 14.4 ثانية، وهذه إحداثيات مدينة مكة المكرمة، وقد كان الانحراف المغنطيسي لهذه المدينة هو 2 درجة و 50 دقيقة، أي أنه ليس صفراً. وهذا الانحراف في عام 2008 ويختلف من عام لآخر. المرجع http://geomag.nrcan.gc.ca/apps/mdcal_e.php
النتيجة: القول بأن مكة لا يوجد لها انحراف مغنطيسي هو خطأ علمي، ولا توجد علاقة بين التوقيت وبين الانحراف المغنطيسي.
وأخيراً يا أحبتي يمكنني أن أقول:
إنني شخصياً أحب مكة المكرمة وأي شيء يرتبط بها، وأتمنى أن يتبع العالم الإسلامي كله توقيت مكة المكرمة، وأميل بفطرتي نحو هذه البلدة الطيبة، ولكن عندما نقدم للناس أمراً كهذا (الاعتماد على توقيت مكة المكرمة) ينبغي أن نربطه بقدسية المكان وليس بالنظريات العلمية الخاطئة، أو أننا ننتظر حتى نحصل على حقيقة علمية صحيحة ونقدمها للناس، لأن الهدف من علم الإعجاز بالدرجة الأولى خطاب غير المسلمين، وهؤلاء عندما يكتشفون بأن مكة ليست مركز العالم مثلاً، أو أن النظريات العلمية المتعلقة بها غير صحيحة، فستكون ردة فعلهم سيئة تجاه الإسلام، ولا نريد لأحد أن ينتقد الإعجاز العلمي، فهذا العلم تعرض للكثير من الانتقادات مما جعل بعض علمائنا ومشايخنا ينفرون منه.
وحبذا لو اعتمد العالم الإسلامي توقيت مكة المكرمة، ليس لاعتبارات علمية، بل لأنها أقدس مكان على وجه الأرض، وأن ننتظر حتى نجد دليلاً علمياً على ذلك، ولا نتسرع فنسيء لعلم الإعجاز بدلاً من أن نخدمه. ولا نجد خيراً من دعاء الحبيب صلى الله عليه وسلم:
اللهم اهدنا لما اختُلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.
المراجع
- عز الدين كزابر: حول مركزية مكة لليابسة وإشكالات الاستدلال عليها
- كتاب العلوم المعاصرة في خدمة الداعية الإسلامي للدكتور محمد جميل الحبال، 2006.
- دراسة للدكتور حسين كما الدين حول مركزية مكة المكرمة: إسقاط الكرة الأرضية بالنسبة لمكة المكرمة وتعيين اتجاه القبلة، مجلة البحوث الإسلامية، 1395-1396هـ، الجزء 2، ص 292-293.
- مقالة للدكتور زغلول النجار، من أسرار القرآن، جريدة الأهرام المصرية، تاريخ  7/7/2003.
- قرص مضغوط بعنوان المعجزة الخالدة 1998.
- عز الدين كزابر: حول ادعاء عدم انحراف المجال المغناطيسي على خط طول مكة المكرمة.
- محاضرة للدكتور زغلول النجار حول مركزية مكة المكرمة، مؤتمر قطر 19 أبريل  2008.
Muslim call to adopt Mecca time, http://news.bbc.co.uk/2/hi/middle_east/7359258.stm
http://www.elnaggarzr.com/index.php?l=ar&id=2093&cat=120
http://www.spacecom.com/customer_tools/html/body_mag_dec_map.htm
http://www.magnetic-declination.com/?go=SEARCH# 

Magnetic  Declination, 

Magnetic http://geology.isu.edu/geostac/Field_Exercise/topomaps/magnetic_declination.htm
www.magnetic-declination.com
http://geomag.nrcan.gc.ca/apps/mdcal_e.php
http://geomag.usgs.gov/
National Geophysical Data Center
http://www.disitron.com/freeresources/earthcolor.gif
م. عبد الدائم الكحيل

السـبـع المـثانـي والقـرآن



الأحرف الـ (21) المكونة لسورة الفاتحة ترتبط ارتباطًا مذهلاً بكلمات القرآن وآياته وفق نظام يقوم على الرقم (7), وسوف نضرب مثالاً من مقدمة سورة البقرة حيث يقول الله تعالى: (ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ) [البقرة: 2/2]. لنكتب هذه الآية ونكتب تحت كل كلمة رقمًا يمثل عدد أحرفها عدا حرف الفاء في كلمة (فيه) فلا نحصي هذا الحرف (لأنه غير موجود في سورة الفاتحة):

الآية                           ذلك  الكتب    لا    ريب    فيه   هدى   للمتقين
عدد الأحرف
عدا الفاء                        3      5        2       3       2      3          7

العدد (7323253) هو عدد مكون من (7) مراتب وينقسم على (7) تمامًا:
7323253 = 7 × 1046179
الناتج أيضًا عدد مكون من (7) مراتب ومجموع أرقامه (28=7×4).
يرتبط هذا النظام بالمعنى اللغوي لأجزاء الآية, فالآية يمكن تقسيمها إلى مقطعين, ومع ذلك يبقى النظام الرقمي قائمًا:
الآية                    ذلك الكتب لا ريب فيه               هدى للمتقين
عدد الأحرف عدا الفاء        15                           10
العدد (1015) من مضاعفات الرقم (7) أيضاً:
1015 = 7 × 145
حتى عندما نجزِّئ الآية إلى ثلاثة مقاطع (لغويًا) فإن النظام الرقمي يبقى مستمرًا (حرف الفاء لا يُحصى لأنه غير موجود في سورة الفاتحة), نكتب المقاطع الثلاثة وتحت كل مقطع عدد حروفه عدا الفاء:
الآية                                         ذلك الكتب          لا ريب فيه        هدى للمتقين
عدد الأحرف عدا الفاء                      8                   7                  10
                        
وهنا نجد العدد (1078) من مضاعفات الرقم  (7) بالاتجاهين:
                    1) ـ العدد:           1078 = 7 × 7 × 22
                    2) ـ مقلوبه:          8701 = 7 × 1243
وهكذا لو سرنا عبر آيات القرآن لوجدنا نظامًا متكاملاً يقوم على هذه الحروف, وهذا النظام يكشف لنا سر تسمية الفاتحة بأم القرآن, وهو ارتباطها الوثيق مع القرآن كله, والله تعالى أعلم.
آيـة ـ كلمـة ـ حـرف
من عجائب سورة الفاتحة ارتباط رقم الآية بعدد كلمات هذه الآية وعدد حروفها, كما يلي: نعبِّر عن كل آية بـ (3) أرقام, الأول يمثل رقم الآية, الثاني يمثل كلماتها, الثالث يمثل حروفها:
بسم الله الرحمن الرحيم        الحمد لله رب العلمين                 الرحمن الرحيم      
1           4         19         2      4        17             3     2     12 
ملك يوم الدين        إياك نعبد وإياك نستعين                  اهدنا الصرط المستقيم
  4   3      11  5         5         19               6           3              18
صرط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين
7                 10          43
عندما نقرأ هذا العدد بشكل كامل نجده من مضاعفات الرقم (7):
1941 1742 1223 1134 1955 1836  43107
= 7 × 6158169088507304874616774563
ثم إن هذه النتائج الرقمية لو كانت عن طريق المصادفة، لما رأينا هذا الإحكام المُعجز، وقد حاولتُ جاهداً الحصول على أي نظام في مقاطع من الشعر والأدب ولكن لم أحصل على ذلك. فقد تجد أن مقطعاً من قصيدة يقبل القسمة على سبعة بالمصادفة، وقد تجد في المقطع ذاته عملية قسمة ثانية على سبعة، ولكن الثالثة تكاد تكون مستحيلة، وهيهات أن تحصل على عشر عمليات قسمة على سبعة مثلاً. فكيف إذا علمنا أنه في سورة الفاتحة التي لا تتجاوز الثلاثة أسطر مئات العمليات الرياضية، وجميعها جاءت منضبطة مع الرقم سبعة، والسؤال: مَن الذي ضبط هذه الأرقام جميعاً
عَظَـمَة فاتحـة الكتـاب          
تتجلّى عظمة هذه السورة أنك كيفما نظرت إليها تجدُها مُحكمة, تتعدَّد طرق العدّ والإحصاء ويستمر النظام المحكم, ليشهد على أن كل حرف في القرآن هو من الله سبحانه وتعالى, ونطرح سؤالاً على كل من يشكّ بالقرآن: هل يستطيع البشر أن يأتوا بـ(31) كلمة مثل الفاتحة؟ قطعًا لا يستطيعون!
لمـاذا (31) كلمـة
سورة الفاتحة رقمها (1) وآياتها (7) وكلماتها (31), هذه الأعداد الأولية عند صفِّها بهذا الترتيب تشكل عددًا هو: (1 7 31) من مضاعفات السبعة:
3171 = 7 × 453
ولو قمنا بترقيم كلمات الفاتحة برقم متسلسل يبدأ بـ (1) وينتهي عند آخر كلمة بـ (31), يتشكل لدينا عدد ضخم جدًا هو:
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31
هذا العدد يقبل القسمة على (7) تمامًا وبالاتجاهين!! والأعجب من ذلك أن عملية القسمة على (7) تنتهي (7) مرات في كل اتجاه!!! ويحضرني قول الله تعالى مخاطبًا الإنس والجن: (فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَان)، ِهذه الآية العظيمة نجدها مكررة في القرآن (31) مرة أيضاً في سورة الرحمن, والعجيب جدًا أن أرقام هذه الآيات الـ (31) عندما نقوم بصفِّها فإنها تشكل عددًا من مضاعفات الرقم (7) وبالاتجاهين أيضاً:
13 16 18 21 23 25 28 30 32 34 36 38 40 42 45 47
49 51 53 55 57 59 61 63 65 67 69 71 73 75 77
هذا العدد الضخم الذي يمثل أرقام الآيات حيث وردت هذه الآية يقبل القسمة على (7) تمامًا وبالاتجاهين! أليست هذه النتيجة المذهلة دليلاً صادقًا على أنه لا تكرار في القرآن, بل نظام مُحكَم ومتكامل؟
إن الأرقام الأولية المفردة التي نراها تتكرر كثيرًا (الرقم 7 والرقم 19 والرقم 23 والرقم 31...) دليل على أن القرآن منَّزل من الواحد الأحد, ولذلك جاء ترتيب الأحرف والآيات والسور متناسبًا مع هذه الأعداد, ولو أن الأمر يتم عن طريق المصادفات لما رأينا أبحاثًا كهذه, بل لو فتشنا في أي كتاب في العالم عن أدنى نظام لا نجده أبدًا مهما حاولنا, لأن المنطق يفرض وجود منظِّم وراء أي نظام, والآن سوف نتأمل كلمة (الله) تعالى الذي نظّم سورة الفاتحة وكيف جاءت حروف هذه الكلمة بنظام مُحكَم.
اللّـه . . . . يتجـلّى في أعظـم سـورة
عَظَمة سورة الفاتحة تعبر عن عظمة مُنَزِّلها: إنه الله سبحانه وتعالى, أنزل هذه السورة ورتَّب أحرف اسمه الأعظم فيها بشكل يدل دلالة قاطعة لكل ذي بصيرة على أن الله هو منِّزل هذه السورة. ونثبت هذه الحقيقة بلغة الأرقام التي لا ينكرها جاهل ولا عالم. لنكتب سورة الفاتحة وتحت كل كلمة رقمًا يمثل ما تحويه هذه الكلمة من أحرف لفظ الجلالة (الألف واللام والهاء):
 بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب  العلمين  الرحمن الرحيم
0     4       2        2      2     3    0      3           2       2
ملك يوم الدين إياك نعبد و إياك نستعين اهدنا الصرط المستقيم
      1 0  2      2    0   0    2     0       3       2         2
صرط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم  و  لا  الضالين
  0       2       1        2     0        2           2     0  2     4
إن العدد الذي يمثل توزع أحرف لفظ الجلالة عبر كلمات السورة هو:
 (4202202120223020022012230322240), هذا العدد يقبل القسمة على (7) تمامًا. ولكن المذهل حقًا أن عدد أحرف لفظ الجلالة في سورة الفاتحة: (أ =22), (ل =22), (هـ =5), مجموع هذه الأحرف هو: (22+22+5=49) حرفًا أي (7×7): أليس هذا عجيبًا؟
من عَظَمَة الإعجاز القرآني أن هذا النظام المحكم لأحرف لفظ الجلالة لا يقتصر على سورة الفاتحة, بل يشمل القرآن العظيم.
ونظـام تراكـمي أيضـًا . .
في كتاب الله, كيفما نظرنا وكيفما توجَّهنا إلى هذا القرآن نجده منضبطًا ومُحكمًا. فهذه سورة الفاتحة عجائبها لا تنقضي, والرقم (7) هو أساس ومحور هذه العجائب. لنكتب السورة وتحت كل كلمة عدد حروفها (مع الكلمة التي قبلها) بالطريقة التراكمية, فنرى عددًا شديد الضخامة من مضاعفات الرقم (7) أيضًا، مع ملاحظة أن طريقة العد التراكمي أو المتزايد أو المستمر هي طريقة معروفة جداً في علم الرياضيات تستخدم مع الأشياء المترابطة والمتماسكة، ووجود هذا النظام التراكمي لحروف القرآن يعني أنه كتاب مترابط ومتماسك!ولو نقص حرفاً أو زاد حرفاً لانهار هذا النظام بالكامل.  
ويجب أن نذكِّر كل من لديه شك بهذا القرآن: هل كان محمد  يمتلك حاسبات إلكترونية وبرامج متطورة لمعالجة مثل هذه الأعداد الضخمة؟
بسم  الله  الرحمن  الرحيم  الحمد  لله  رب  العلمين     الرحمن     الرحيم       ملك 
3     7      13       19     24   27  29    36         42     48         51
يوم  الدين  إياك نعبد   و    إياك  نستعين  اهدنا  الصرط  المستقيم        صرط 
54    59   63  67    68  72      78       83       88         96          99
الذين  أنعمت  عليهم  غير  المغضوب  عليهم   و        لا     الضالين
104   109    114    117    124      129  130    132    139
(نظام  العدّ التراكمي لحروف كلمات سورة الفاتحة كاملة)
إن العدد الضخم جدًا الذي يمثل أحرف الفاتحة تراكميًا هو (69 مرتبة):
(837872686763595451484236292724191373
139132130129124117114109104999688)
هذا العدد من مضاعفات الرقم (7) تمامًا!!‍
توزع الشدَّات في الفاتحة
في فاتحة الكتاب (14) حرفًا مشددًا (7×2), وهذه حقيقة ثابتة لأن هذه الشدَّات الـ (14) مثبتة في كتاب الله تعالى. نكتب سورة الفاتحة كاملة وتحت كل كلمة ما تحويه من هذه العلامة (الشدة).
إذا قمنا بإحصاء الشدّات في كل آية نجد عددا من مضاعفات الرقم (7) أيضًا:
                                 (3121223) = 7 × 445889
بسم الله الرّحمن الرّحيم الحمد لله ربّ    العلمين        الرّحمن     الرّحيم
0     1       1        1        0     1  1     0           1        1  
ملك يوم الدّين إيّاك نعبد و إيّاك نستعين اهدنا  الصّرط       المستقيم
0       0   1      1    0     0    1     0       0      1          0
صرط الّذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم  و  لا     الضّالّين
0         1      0         0        0      0         0      0  0       2
إن العدد الذي يمثل توزع الشدَّات عبر كلمات الفاتحة هو: (2000000010010010011001101101110) هذا العدد من مضاعفات الرقم (7). أليست هذه معجزة مادية تستحق التدبر؟
إن توزع الشدّات على كلمات السورة من مضاعفات السبعة، وتوزع الشدات على آيات السورة من مضاعفات السبعة أيضاً، وعدد هذه الشدّات في السورة من مضاعفات السبعة!!!.
تتعــدد الطـرق والنـظام واحـد
كثير من أصحاب اللغة لا يعدُّون واو العطف كلمة, بل يلحقونها بالكلمة التي بعدها. ومع ذلك يبقى النظام الرقمي قائمًا ليشهد بأن هذا القرآن لا خلاف فيه ولا تناقض، لنكتب سورة الفاتحة وتحت كل كلمة عدد حروفها (مع ضمّ واو العطف للكلمة التي بعدها):
بسم الله الرحمن   الرحيم     الحمد لله رب العلمين الرحمن الرحيم
3     4       6        6      5     3    2      7         6      6 
ملك يوم الدين إياك نعبد وإياك نستعين اهدنا الصرط المستقيم
3  3     5      4 4    5      6         5      5  8             
صرط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم  ولا  الضالين
3         5      5         5        3      7         5      3        7
إن العدد في هذه الحالة يقبل القسمة على (7) تمامًا:
73573555385565445336672356643 =
= 7 × 10510507912223635048096050949
تجدر الإشارة إلى أن هذا النظام يبقى مستمرًا مع البسملة أو بدونها, وهذا يوافق قراءات القرآن, فسواء اعتبرنا البسملة آية أم لم نعتبرها آية يبقى العدد الذي يمثل حروف السورة من مضاعفات السبعة في كلتا الحالتين!! وهذه معجزة بحدِّ ذاتها، أنك تجد الأرقام تتغير من قراءة لأخرى ويبقى النظام قائماً، وهذا مزيد من الإعجاز الذي يصعب بل يستحيل الإتيان بمثله.
تتعــدد القـراءات والنـظام واحـد
المرجع لجميع هذه الحقائق الرقمية هو القرآن الكريم برواية حفص عن عاصم, ولكن هنالك مصاحف لا ترقم البسملة فيها, ومع ذلك يبقى عدد آيات سورة الفاتحة (7) لأن الآية الأخيرة منها تصبح آيتين في هذه المصاحف. فهل يبقى النظام الرقمي قائمًا في هذه الحالة؟
العدد الذي يمثل أحرف لفظ الجلالة في كلمات الفاتحة (عدا البسملة) هو: (420220212022302002201223032) هذا العدد يقبل القسمة على الرقم (7) بالاتجاهين!!!
والعجيب أنه في هذا التوزع لأحرف لفظ الجلالة يظهر نظام لنهايات الآيات, فنحن أمام (7) آيات كل آية انتهت بكلمة. نكتب هذه الكلمات السبعة وتحت كل كلمة ما تحويه من (ا ل هـ):
العلمين     الرّحيم    الدين   نستعين   المستقيم    عليهم   الضالين
3           2        2         0         2           2        4
إن العدد (4220223) يقبل القسمة على (7) بالاتجاهين:
1) العدد:          4220223 = 7 × 7 × 86127
2) مقلوبه:                 3220224 = 7 × 460032 
ونتساءل: هل نحن أمام مفهوم جديد لمعنى: السبع المثاني؟ وهل يمكن لنا أن ندرك جزءًا من سرّ تسمية هذه السورة بالسبع المثاني؟ لا يزال أمامنا عدد كبير من الأسرار القرآنية أيضًا لم تكتشف, تتعدد قراءات القرآن لحكمة عظيمة ومعجزة ربما تكشفها لنا الأيام القادمة إن شاء الله تعالى. ولابد أن تكون لوجوه القراءات هذه معجزة يراها أي إنسان, حتى طريقة رسم كلمات القرآن أيضًا فيها معجزة عظيمة... وغير ذلك كثير.
الرحـمـن . . يتـجلّى
في هذه السورة (عدا البسملة) تكررت أحرف كلمة (الرحمن) كما يلي: 
ا    لـــــر  حـــمـــن 
19   18        6    3   12 10
العدد (1012361819) من مضاعفات الرقم (7)
1012361819= 7 ×144623117
يقول عز وجل: (قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَـنَ أَيّاً مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى) [الإسراء: 17/110], لنكتب سورة الفاتحة (عدا البسملة), وتحت كل كلمة ما تحويه من أحرف (الرحمن) ـ (ا ل ر ح م ن):
الحمد لله رب  العلمين  الرّحمن  الرّحيم  ملك  يوم  الدين  إيّاك  نعبد و إياك   نستعين    
4      2    1    5       6        5      2    1      3   
    2  1    0   2      2
اهدنا  الصرط المستقيم  صرط  الذّين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا  الضالين
3          3      4       1    3     3     2    1     3         2       20    5
إن العدد الذي يمثل توزع أحرف كلمة (الرحمن) في هذه السورة هو: (520231233143322012312565124) هذا العدد يقبل القسمة على (7) تمامًا.
ونتسـاءل. . .
بعد هذه الحقائق المبهرة عن سورة هي أعظم سورة في القرآن هل نزداد يقينًا وإيمانًا بصدق قول الرسول الكريم : (ما أنزل الله في التوراة والإنجيل مثل أم القرآن, وهي السبع المثاني, وهي مقسومة بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل) [الترمذي].
هل ندرك أن كلام الله أعظم وأكبر مما نتصور؟ في سورة واحدة لا تتجاوز (3) أسطر معجزة رقمية مذهلة, وأرقام لانهاية لها, جميعها تتناسب مع الرقم (7), هل يمكن للبشر ولو اجتمعوا أن يأتوا بـ (3) أسطر كالفاتحة؟ فكيف لو وقفنا أمام القرآن كله, فهل نتخيل مدى الإعجاز في كتاب الله؟
إن أي إنسان يدَّعي أنه يستطيع أن يأتي بمثل القرآن لا يعرف شيئًا عن عَظَمة هذا القرآن. بل إن كل من يقول إن القرآن ليس كتاب رياضيات أو ذرَّة أو غيرها من العلوم, لم يدرك بعد ثِقَل كلام الحقّ عزَّ وجلّ, وحجم العلم الإلهي الموجود في القرآن, والذي رأيناه في هذا البحث, أليس أرقى مستويات الرياضيات؟
خـاتـمة
ويخطر ببال من يقرأ هذا البحث سؤال: لماذا وضع الله تعالى لغة الأرقام في كتابه, وإذا كان القرآن كتاب هداية ورحمة, فما حاجة المؤمن إلى هذه المعجزة؟ وماذا يمكن أن يستفيد من هذا البحث؟ إذا كان مؤمناً أصلاً؟
قبل كل شيء يجب أن نعلم بأن المؤمن الذي رضي بالله تعالى ربًا وبالإسلام دينًا وبالقرآن إمامًا, وبمحمَّد  نبيًا ورسولاً, لابد أنه في حالة شوقٍ دائم لمعرفة أسرار كتاب ربه, ورؤية عجائبه التي قال عنها الرسول الأعظم: (ولا تنقضي عجائبه) [رواه الترمذي], وما المعجزة الرقمية إلا إحدى عجائب هذا القرآن في عصر الرقميات الذي نعيشه اليوم.
وهذا نبي الله موسى عليه السلام يُلقي بعصاه فتنقلب ثعبانًا حقيقيًا, يجعل من السَّحرة الذين هم أشدُّ كفرًا ونفاقًا عبادًا مخلصين لله, يخِرُّون سُجَّدًا أمام عَظَمة معجزة الله تعالى, فهل كانت العصا هي الهدف؟ إن العصا هي مجرد وسيلة لرؤية الحقّ, كذلك لغة الأرقام عسى أن تكون وسيلة نرى من خلالها نور الحقّ والإيمان، بل نزداد إيماناً بمحصي هذه الأرقام جلَّ وعلا.
فالمعجزة هي تذكرة للمؤمن قبل الكافر, أليس الله تعالى هو القائل: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) [محمَّد: 47/24], وهل يقتصر تدبّر القرآن على البلاغة فقط؟ وهل نزل القرآن ليتحدّى علماء اللغة فحسب؟ أليس الله تعالى هو القائل: (ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) [النحل: 16/125], أليس من الحكمة أن نخاطب كل قوم بلغتهم التي يفقهونها جيدًا؟ ولغة الأرقام, أليست هي لغة العلم الحديث؟ بل لغة العالم الحديث؟
إذن الإعجاز الرقمي هو أفضل لغة في القرن الواحد والعشرين يمكن للقرآن أن يتحدَّى بها البشر على اختلاف لغاتهم وعقائدهم.
ونختم هذا البحث بمعجزة نبوية, فهذا رسول الخير  يحدثنا قبل أكثر من (1400) سنة عن علاقة القرآن بالرقم (7) فيقول:(إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف) [البخاري ومسلم], فمن الذي أخبر هذا النبيّ الأميّ  بمعجزة الرقم (7) في القرآن؟ أليس هو رب السماوات السبع عزَّ وجلّ؟
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
المـراجـع
1 ـ القرآن الكريم ـ بالرسم العثماني ورواية حفص عن عاصم.
2 ـ المعجم المفهرس لألفاظ القرآن ـ محمد فؤاد الباقي.
م. عبد الدائم الكحيل